لا تزال الأعمال السعودية تواصل مجريات حلقاتها في الدراما الرمضانية، التي تأتي في أوقات الذروة وغيرها، إلا أن هذه المسلسلات أثارت الرأي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولا تكاد تمر حلقة أو حلقتان إلا وتأتي "الهاشتاجات" وتتصدر مدونة تويتر، وهو ما يوزع للنقاد بالحديث عن مجريات وتحليلات المواقف الدرامية في المسلسلات السعودية. ومع انتصافها وقرب نهاية حلقاتها يأتي النقاد ليحللوا طبيعة هذه الأعمال التي تُعرض للمشاهدين. وأوضح الكاتب الدرامي عبد الله الداود لـ"سيدتي"، حول الوجوه الدرامية البارزة في الدراما الرمضانية هذا العام، أن الوهج هذا العام أقل بكثير من الأعوام السابقة، فما زالت بعض الأسماء تكرر نفسها في نمط معين من الشخصيات، ولم يكن لها الجرأة في رمي الملابس القديمة وارتداء حُلَّةٍ جديدة، وذلك لأسباب عدة؛ أحدها ضعف النصوص المقدَّمة، أو بناء النص حسب طلب الممثل المتزعِّم للعمل، أو أن الممثل يطوِّع الشخصية للثوب الذي اعتاد أن يرتديه على الدوام.
وأضاف الداود أنه لا يمكن الجزم بأن اسمًا ما قد حاز على رضا المشاهدين، فتلك أمور تدخل فيها الاستفتاءات والإحصائيات، والمشاهد بطبعه يملك سلاحين حادَّين، أحدهما عاطفي للممثل الذي يحبه، وآخر قاسٍ للشخصية التي كان يأمل منها الكثير ولكنها خذلته.
تابعي المزيد: فيديو: زفة غادة عبد الرازق وهيثم زنيتا برقصة من دينا
وحول أداء عبد المجيد الرهيدي، قال الداود: أخشى عليه أن يقع فيما وقع فيه بعض الممثلين الذين سبقوه، بأن يظل يرتدي تلك الشخصية التي أَحَبَّ أن يلبسها، فصار يظهر بها في كل عمل، لذا عليه إن أراد أن يتميز أن ينتبه لهذا المأزق، وأن ينوع في شخصياته، ولا يستسلم لرغبات المنتج أو المخرج، وإلا أصبح مملًّا وذا دور محفوظ. أما الممثلة إلهام علي فما زالت في بداية الطريق، ويصعُب إعطاء حكم عليها.
وعن راشد الشمراني قال: شخصيته الطيبة جعلت منها ممثلًا ثانويًّا، مع أن قدراته التمثيلية تؤهِّله أن يقود عملًا كبيرًا، ويؤدي شخصية ريادية، ولكنه يبدو أنه اختار هذه المنطقة الآمنة، لذا تجده يراوح في هذه المنطقة دون أن يحاول أخذ خطوات إلى الأمام، وسيفقد وهجه إن استمرَّ في التعامل مع الأدوار المطروحة عليه بهذه الطريقة.
وتحدث الداود عن الممثل عبد المحسن النمر قائلًا: أرى أنه الممثل السعودي الأول، فهو لم يلبس ثوبًا معينًا، بل نوَّع في أدواره وشخصياته، وفي حضوره خليجيًّا وعربيًّا، كما أن لديه القدرة على التمثيل بلهجات عربية مختلفة وعربية فصحى، لذا كان حضوره الأبرز سعوديًّا، وجعله الأكثر تميزًا بينهم.
الدراما السعودية تقدَّمت ثم تراجعتْ
وحول تقييم مستوى الدراما السعودية الرمضانية، أشار الكاتب إلى أنها ما زالت في المربع الأول، وإن كانت تقدمت في سنوات كثيرة مضت، إلا أنها تراجعت لذلك المربع، لأسباب مختلفة؛ منها قِلَّة شركات الإنتاج القادرة على إنتاج أعمال والمغامرة بتنفيذها وطرق أبواب القنوات الفضائية، فما زال مسئولوها يتسوَّلون موافقة قناة هنا أو هناك في مغامرة تُقدم عليها القناة ولا تدري كيف ستكون، كذلك ما زالت النصوص لا تحكي واقع المجتمع السعودي، في خوف من الوقوع في مشكلة ما، أو لعدم وجود الكاتب القادر على استلهام المجتمع وتحوير حكاياه في سيناريوهات مشوِّقة جاذبة.
وأضاف الداود: كما يمكن الحديث عن عدم وجود المخرج النشيط الذي يستطيع أن يبهرك بزوايا التصوير والمؤثرات الصوتية المناسبة، مما يجعل العمل مملًّا مقارنة بغيره من الدراما العربية والأجنبية، كما يفتقد الممثل السعودي النفس الطويل في تقمُّص الشخصية، لذا تجده يحب المسلسلات ذات الأفكار المنفصلة، ويجد نفسه فيها أكثر من تلك التي تمتدُّ إلى عشرين أو إلى ثلاثين حلقة.
نفتقر إلى المعاهد الأكاديمية للتمثيل
وأضاف الداود قائلًا: أغلب الممثلين هواة، لذا يرون التمثيل هواية، يروون شغفهم بها من خلال أدوار بسيطة متواضعة غير مدروسة، وليس لهم هدف للرقي في عملهم، وتحقيق مراتب متقدمة في مجالهم. ويبقي السبب الأبرز عدم وجود معاهد أو أقسام أكاديمية تدرِّس التمثيل والإخراج وكل التقنيات، كي تُخرج لنا فئة تخطَّت الدروس الأولى على الأقل في مهنتها.