السعودية تشهد حركةً شبابية مبدعة في مجال الأزياء تنافس العالمية

شهدت منطقة الشرق الأوسط عموماً، والسعودية بشكل خاص خلال عام 2020 حركةً شبابية قوية على يد جيلٍ مبتكر، هدفَ إلى تغيير نظرة العالم للمنطقة، في تحدٍّ لنظرة نمطية التصقت بها طويلاً على أنها تميل إلى الاستهلاك، وتفتقد للإبداع، لاسيما في مجال الموضة.


وبحسب "الشرق الأوسط"، علَّقت على هذه الحركة الأميرة نورة بنت فيصل، مؤسِّسة أسبوع الموضة السعودي، التي تعمل حالياً في هيئة الأزياء، قائلةً: "بعيداً عن مسألة الاستهلاك والتبعية، وجودُ حركةٍ شابة مهتمة بالأزياء ليس بالغريب في بلد ينمو ويتطور بشكل رائع مثل المملكة العربية السعودية، فالشباب السعوديون اليوم يعملون بحماس كبير وبإلهام من رؤية 2030 على التعبير عن أنفسهم وعن إبداعاتهم في مختلف المجالات، وليس في مجال الأزياء فقط، وهذا خلق موجاتٍ، أو مجتمعات فنية داخل بلادنا، تسعى إلى الإعلان عن ذاتها. وفيما يتعلق بالشباب السعوديين المهتمين بالأزياء، فهم يستندون إلى إرث ثقافي عريق، يتمثل في اللباس الوطني التقليدي، والتنوع الهائل في الأزياء السعودية، التي تختلف من منطقة لأخرى، وهذا كله يبعث في داخلهم الرغبة في التعبير عن هذا الإرث بقوالب إبداعية جديدة، وبهويات جمالية مختلفة، تجعل السعودية منافساً مُهماً ومُلهماً في عالم الأزياء إقليمياً ودولياً، ودون شك هذا أمر رائع وهدف نسعى له جميعاً".


وأضافت "المصممون السعوديون على المستوى الفردي يبحثون عن أصواتهم الخاصة في قطاع ناشئ مثل قطاع الأزياء، ورحلة البحث هذه قد توحي لمَن يراقب من الخارج أن القطاع بشكل عام يبحث عن شخصيته، وأنه متأخر في ذلك. أنا أرى أن الحراك الراهن طبيعي ورائع، والمطلوب هو صنع مصممين أفراد يتمتعون بالشخصية والاستقلالية الإبداعية بحيث يضيفون للأزياء محلياً ودولياً".


بينما ذكرت المصممة أروى العماري، وهي واحدة من أهم المصممات في الساحة السعودية حالياً، إلى جانب دعمها مبادرات عدة في قطاع الأزياء أن "هذه الحركة هي حالة تعبيرية عن واقع جديد، إذ لا يجب أن ننسى أنه أصبح لدينا الآن تشريعات حقيقية وملموسة بعد أن كان كل ما يتعلق بالفنون من مسرح وموسيقى وإخراج وغيره بشكل عام، يتعرض إلى هجوم، ويُنعت بأنه إسفاف بالأخلاق. جزء من رؤية السعودية حالياً هو التعامل مع كل الفنون بوصفها ثقافة وأسلوب حياة، وهو ما تؤكده نحو 15 مبادرة تخص الأزياء والمسرح والآثار والأدب والموسيقى تحت رعاية وزارة الثقافة".


وأوضحت أنه "مما لا شك فيه أن رؤية 2030، شكَّلت محفزاً كبيراً لهذه الحركة، حيث إن بوادرها بدأت تظهر وتتبلور منذ سنوات لتقوى في زمن كورونا بسبب عدم إمكانية السفر، واضطرار الجميع إلى التعامل مع محيطه القريب، والنتيجة كانت تكاتف جهود كل صنَّاع الموضة من مصورين وعارضي أزياء ومصممين للانخراط في هذه الحركة، والاحتفال بكل ما هو محلي، وقد توضحت رسالتهم بتنظيمهم فعاليات محلية غير مسبوقة، مثل أول عرض أزياء لخط الكروز، كانت كل العارضات فيه سعوديات، كذلك المصورون والمخرجون وخبراء الإضاءة والموسيقى".


في حين، قالت علاء بلخي، إحدى رواد الحملة وسيدة أعمال تعمل في مجالات إبداعية عدة منها تقديم الاستشارات لبيوت الأزياء والظهور في حملاتها الإعلانية: "أعتقد أنه علينا أن نكفُّ عن التفكير في أن مسؤولية تغيير تلك النظرة النمطية القديمة التي ارتبطت بنا تقع على الغرب. علينا نحن أن نتحمَّل هذه المسؤولية". وأضافت "نعم، من واجبهم أن يبذلوا جهداً أكبر لفهم ثقافة المنطقة، وقراءتها بشكل موضوعي، والتعاون مع مبدعين محليين بروح منفتحة على الاختلاف، لكن علينا نحن أن نرفع أصواتنا ليسمعونا بوضوح".


وأشارت إلى أن "الهدف من هذا الحراك الشبابي، إن صحَّت تسميته بذلك، إبرازُ طاقاتنا وإمكاناتنا. مشكلة النمطية التي عانينا منها طويلاً، كانت بسبب أن لا أحد تعامل معنا بشكلٍ مباشر، أو حاول التعرُّف علينا بشكل حقيقي وواقعي. كان أسهل لهم أن يطلقوا العنان لخيالهم، ويتبنوا ما كان مناسباً لهم ولخطابهم". ولم تنسَ علاء أن تشير إلى أن "فضلاً كبيراً في هذا التغيير، وفي القدرة على مخاطبة الغرب مباشرة، يعود إلى وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، إذ أصبح من السهل التواصل مع بيوت الأزياء، وصنَّاع الموضة عموماً من خلال إنستجرام، أو زووم، وغيرهما من الوسائل المتوفرة بحيث لم يعد لنا أي مبرر".


فيما أكدت الأميرة نورة بنت فيصل، أن "قطاع الأزياء السعودي لا يمكن حصره بشخصية واحدة، فالسعودية متنوعة الثقافات، ولكل ثقافة أو منطقة طابعها الخاص المستمد من عاداتها وتقاليدها في اللبس والأزياء، إضافة إلى أن لكل مصمم أو مصممة شخصية مستقلة، تسعى إلى إثبات ذاتها بعيداً عن الهوية العامة للبلد، لذا فإن الحديث، أو البحث عن شخصية واحدة لقطاع أزياء سعودي كبير غير صحيح بالمعنى الحرفي، وهو ليس ضرورياً بأي حال، باعتبار أن الثقافة كائن عابر للحدود، ويؤثر ويتأثر بالعالم، خاصةً في عصر العولمة الذي نعيش فيه الآن".


ولفتت الأميرة نورة إلى أن "هذه الحملة لن تتوقف عند هذا، وبالطبع له مبرراته، لأن الحماس دائماً ما يترافق مع الشغف، وفي مجال الأزياء يندر أن نجد مَن يدخله من غير الشغوفين والحالمين، كونه مجالاً يرتكز على كمية ومخزون الإبداع لدى الشخص، وقدرته على الابتكار والتجديد كل يوم، ناهيك عن أن مجال تصميم الأزياء لا يزال حقلاً جديداً في السعودية، والمساحة للخلق والإبداع فيه كبيرة جداً".