الإعلامية المغربية سلمى بنسعيد: حان الوقت لترسيخ مبدأ التشارك مع الآخرين

سلمى بنسعيد

تعد المنتجة المغربية سلمى بنسعيد من الأسماء الإعلامية التي برز اسمها عالياً في فن العيش وعالم الديكور، هي صاحبة البرنامج الشهير"دار وديكور"، الذي هو نسخة مغربية منقحة من برامج عالمية عن تزيين البيوت وإعادة تأهيلها وتدبير المجالات، تتم خلالها إعادة تشكيل ملامح غرفة أو صالون أو بيت بأكمله، ويعتمد على تلقي طلبات من المشاهدين لمساعدتهم على إيجاد صيغة أجمل وأجدى لديكور قديم أو لتلبية رغبة منهم في التغيير. توقف البرنامج بعد كورونا وخرجت سلمى التي هي في الأصل مصممة ديكور ومنتجة خريجة مدرسة عليا للتسيير والتدبير، بتصور جديد يثمن التراث والصناعة التقليدية، تحت اسم "ديالنا"، الذي يبث على "السوشيال ميديا".

2 من برنامج ديالنا
من برنامج ديالنا
 

تقول سلمى لـ"سيدتي": "هذا التصور جاء نتيجة اشتغالي الطويل منذ سنوات مع الحرف لتقليدية والتراث المغربي من خلال برنامج "دار وديكور" كما نزور الصناع التقليديين ونشتري منهم ما صنعوا ونمرّ عبر تراث معماري وبيئي متميز وفي مناطق رائعة. فكرة البرنامج هي النهوض بالصناعة التقليدية من خلال حركة "ديالنا" وهي دعوة للإبداع الجماعي للحرفيين، ودعوة لاستهلاك المنتوج المحلي، وتشجيع اليد العاملة المغربية الذي يمثل الحرف التقليدية والهوية والثقافة وحسن التدبيرالخاص بنا، تمثل عملاً مستمراً لعشر سنوات مع الحرفيين والتراث المغربي التي شارك فيها حرفيون من فاس واسفي لتمرير فلسفة الإبداع لمغربي التي يجب الاعتزاز بها في حياتنا اليومية لنوصلها للعالمية، هي دعوة لإبداع جماعي بحيث لا تبقى الصناعة التقليدية منحصرة في أزقة الحرفيين وبعض الأماكن السياحية، بل لتخرج وتنتشر ونتداولها في كل الفضاءات لنعبر بها عن هويتنا وأصالتنا لنمنح صناعتنا القوة الاقتصادية لننافس به العالم. 

"دار وديكور" احتفل بعشر سنوات من العمل المتواصل

وأين وصل برنامجك "دار وديكور"؟
"دار وديكور" احتفل بعشر سنوات من العمل المتواصل، زرنا فيه مناطق المغرب بتنوعها وتعددها وقمنا بزيارات حتى خارج المغرب، لذلك توقفنا للاستراحة والتفكير، لأننا نحترم المشاهد المغربي ونؤمن بالتطور والانفتاح على أفكار جديدة. مع أزمة كورونا تغيرت فكرة البرنامج بشكل تام ووصلت الآن لبرنامج بفكرة مغايرة لكنه سيكون على وسائل التواصل الرقمية هذه المرة وسينطلق بعد رمضان.
ماذا تغير فيك كإنسانة وكإعلامية صانعة محتوى متخصصة في الديكور وفن العيش بعد كورونا؟
 تغيرت نظرتي للحياة، أو في الواقع ليس تغييراً، بل جعلتني أزمة كورونا أفلسف الأمور وأمنح قيمة أكثر للأشياء التي أنا فيها، أزاحت أموراً زائدة. ودفعتني بفضل الوقت الذي توفر لدي أن أطوّر نفسي وأدرس وأتقرّب أكثر من أساسيات الحياة، أي أن أعتني بنفسي وصحتي وعقلي. لذا درست وأعدت تكويني في مجال طاقة المكان، وتعني التخلص مما هو زائد وغير ضروري والتركيز على الأساسيات سواءً بالنسبة لأناس عاديين داخل بيوتهم أو بالنسبة للمشاريع العقارية أي الاعتماد أكثر على الأساسيات، في أي فضاء ليمنحنا الطاقة ونشعر بالراحة والمتعة، وطبعاً الاعتناء بنفسي وعائلتي كانت في عمق هذه الأساسيات.

شعاري هو التعاضد بين الجميع والتضامن النسائي

كيف يمكن إعادة التراث بجماليته وقيمه في زمن استهلاكي؟ 
كنت أستيقظ يومياً على حياة تقليدية جميلة في بيت جدي في طفولتي، وهو عبارة عن رياض جميل، أي دار تقليدية  بملامح عمرانية بالجبص والنقش والزليج، وحتى بيت عمي في مدينة فاس. كنت أشعر بجماليته وحميميته، كما يشعر كثير من المغاربة الذين عاشوا بين دروب المدينة العتيقة وطابعها التقليدي الخاص وأسلوب العيش الذي ضم أجدادنا واستمتعوا به في اعتزاز تام بهويتهم، وهذا ما يجب أن نمضي فيه أي تثمين التراث والهوية من خلال ما هو مادي وملموس، وكذلك عبر ما هو غير مادي أي فن العيش والاهتمام بالعائلة والتآزر مع الآخرين، لذا يجب العناية به أكثر ومنحه القيمة الحقيقية للمضي بثبات نحو المستقبل. 
كيف تتصورين فن العيش المغربي مستقبلاً؟
الإنسان هو من يميز فن العيش المغربي، وكذلك الطاقة والعاطفة والتاريخ الذي نستنشقه حول صينية الشاي والطاجين المغربي والزليج والفخار، كل هذه التفاصيل تحكي ألوان مناطق وجهات كثيرة هي الموروث الثقافي العريق بحكايات إنسانية.
ما هو شعارك في عملك اليومي؟
شعاري هو التعاضد بين الجميع والتضامن النسائي، وللإشارة فالإعلام وسيلة مهمة جداً لإبراز هذا الموروث وفن العيش، والرسالة الأساسية التي أتوخاها هي الجودة فيما نقدمه خاصة في مجال الكتابة. شخصياً أدعو إلى تثمين وسائل الإعلام التقليدية الجادة نحتاج لإعلام كبرنا به ومعه مثل مجلة "سيدتي".
ماذا يعني فن العيش بالنسبة لك؟
فن العيش يكمن في الكيف وليس الكمّ، هو في جودة الحياة التي نمنحها لأنفسنا وليس في كمّ الاستهلاك. يجب أن نحسن الاختيار وأن ننتقي أسلوب حياتنا للحصول على الجودة. أي أن أترك ما هو مهم وأساسي وأفسح المجال لسريان الطاقة في البيت والمكتب والعمل وأستهلك ما يجب استهلاكه في يومه، أو أشتري اكثر مما أحتاجه ويعني كذلك التشارك مع الآخرين، أي أن نبقى في الجودة وننظر للمستقبل بروح التشارك والتضامن.
ما مشاريعك مستقبلاً؟ 
أطلقت برنامجي الجديد الرقمي "هوم" يتناول دراسة وتنظيم وتناغم الفضاءات بديكورات مختلفة، إلا أن التصور أكبر بحضور شركاء ومنتوجات مختلفة وفريق عمل كبير مع اثنين من المتدخلين، والبرنامج يرافق دائماً التراث المغربي، أحمل غيرة على التراث وأريد أن أنقله لأبنائي والأجيال الجديدة التي حتى وإن عاشت خارج المغرب يحق لها أن تفخر بهذا الفن من العيش الأصيل وهو ما خصصت له منصة رقمية خاصة باسم مغربي "ديالنا" وتعني "لنا".