صدر حديثاً عن دار البيروني للطباعة والنشر في العاصمة الأردنية عمان مجموعة قصصية جديدة هي الثالثة لكاتبة فلسطينية من غزة هي الكاتبة سما حسن.
وقد حملت المجموعة الجديدة عنوان «فوضى ناعمة»، وهي مجموعة قصص قصيرة جداً وهو فن قصصي، قلما ينبغ فيه الكتاب والأدباء.
الكتاب يتكون من 112 صفحة من القطع المتوسط، وقد حملت صورة الغلاف لوحة للفنان الفلسطيني إسماعيل شموط، وتمثل امرأة فلسطينية تعزف وكأننا أمام الكاتبة التي عزفت حياتها رغم قسوتها في غزة خصوصاً.
عفوية محببة
أما الغلاف الأخير للمجموعة، فقد حمل تقديماً وتعريفاً بالكتاب والكاتبة كتبه الكاتب الفلسطيني الكبير محمود شقير، حيث جاء في تقديمه ما يلي: بعفوية محببة تكتب سما حسن قصصها القصيرة جدّاً. وبلغة متخفّفة من البلاغة، وعبر إيقاعات سريعة، ترسل الكاتبة جملها القصيرة إلى قارئ مولع بالإيجاز الذي يحبّذه عصرنا. لكنه الإيجاز الذي يضمر في طياته إيحاءات كثيرة. ولهذا السبب، تبرع الكاتبة في استخدام الفعل الماضي والفعل المضارع والجملة الاسمية في سردها المتقشف، الذي لا تكون القصة القصيرة جدّاً جديرة باسمها من دونه. تكتب الكاتبة بشيء من اللوعة والإحساس بالخسارة عن علاقة الرجل بالمرأة، تلك العلاقة التي يحرسها الصدق والنقاء حيناً، وتكدرها الخيانة والخسة حيناً آخر. وتكتب سما حسن بإحساسها السليم عن هموم غزة المحاصرة وعن مكابدات الناس هناك، لتعطينا شهادة حارّة عن معاناة البشر، وعن رغبتهم في حياة حرّة كريمة لا يعكّرها قمع ولا يؤرّقها عدوان.
من هي سما حسن؟
الكاتبة سما حسن هي امرأة تعرضت للقهر والظلم في غزة، ولكنها تحدت وقاومت، كانت ربة بيت عادية فقررت أن تتعلم وتكتب وتعمل، حتى تربي أولادها الأربعة بعد أن تركهم الأب يعانون ويلات الحياة وصعوباتها في غزة، وقد استطاعت أن تصمد وتنجح، وتصل بأولادها إلى بر الأمان بفضل إصرارها وصمودها.
كتبها وإصداراتها
أصدرت سما حسن ثلاث مجموعات قصصية هي: مدينة الصمت في العام 2008، وقد صدرت عن مركز أوغاريت للنشر في رام الله، ويوميات امرأة محاصرة، وقد صدرت في العام 2012 عن دار الجندي في القدس، وجاءت «فوضى ناعمة»؛ لتصبح الإصدار الثالث للكاتبة التي تحظى بجماهيرية فلسطينية واسعة بسبب قرب كتاباتها من واقع الحياة الغزية، حيث يتابعها القراء بشغف من خلال صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» كما أنها تمتلك مدونتين إحداهما على موقع فلسطيني، واسمها «اخترت أمومتي»، وقد استقطبت ما يقارب ربع مليون قارئ، أما المدونة الثانية فهي على موقع جوجل؛ وتحمل اسم «من يوميات امرأة محاصرة في غزة».
وبقي أن نذكر عن «فوضى ناعمة» أنها قد أهدتها لروح أمها شهيدة حصار غزة ولأولادها، ولغزة نفسها التي حولت حياتها رغم قسوتها لفوضى ناعمة.
من قصص «فوضى ناعمة»
ورق
استيقظت من نومها فلم تجده بجوارها، تحسست موضع نومه فوجدته بارداً، سرت قشعريرة باردة في عمودها الفقري، وقفزت تبحث عنه في كل مكان، طافت أرجاء المنزل ولم تجد له أثراً، باب الشقة موصد من الداخل، وليس للشقة مخارج أخرى، وباب الشرفة أيضاً...
أين ذهب؟
سألت نفسها وهي تتهالك في حزن على الأريكة، حين لمحت كتبه على رفوف مقابلة........
تذكرت فجأة أنها تعشق رجلاً من ورق....
قرار
كان الشجار الأول بينهما.....
صاحت في وجهه غاضبة: يجب أن تقطع علاقتك بصديقك.
رد غاضباً وكأنه بركان: اقطعي علاقتك بصديقتك إذن....
ردت وهي تلوح بسبابتها منذرة بانفجار قريب: الأمر ليس تبادلاً بطرد السفراء بين دولتين....
انتهى الشجار وتباعدت لقاءاتهما.
بعد فترة طويلة علمت أنه ترك صديقه...
أما هي فقد ازدادت التصاقاً بصديقتها....
صديقان
تعرفت عليهما في وقت واحد.
أحبها الأول وهي أحبت فيه طيبته وهمجيته.
وأحبت الثاني بكل عيوبه خاصة غطرسته، ودبلوماسيته.
تعالى الثاني عليها وأوجع قلبها الرقيق.
قررت أن تتركه وتعود لمن يحبها.
حين عادت للأول، اكتشف أنها تحب فيه ما لم تجده في الثاني....
ترشيح
هو كاتب وناقد كبير، وهي ما زالت أديبة ناشئة، كانت فرحة بعلاقتها به رغم أنه لا يعيرها انتباهاً، كتب لها يوماً باقتضاب أنه رشحها لمكانة أدبية رفيعة ستضعها على أولى درجات الشهرة.
لم تفرح كثيراً.
شعرت بالحنق عليه.
لأنها كانت تحلم أن يرشحها لمكانة صغيرة في قلبه...