سيدة الأعمال والمصممة السعودية مي الرفيعي: أحب تصميم أمكنة متحوّرة لا تكبر مع الزمن

تعشق الترتيب والتنسيق منذ طفولتها؛ إذ تركت لها والدتها فرصة التحكم في مساحة غرفتها، ومن هنا كانت الشرارة الأولى لحب التغيير، كان ذلك من دون وعي منها، لم تكن تدرك أن هناك شيئاً اسمه ديكور أو تصميم داخلي، وبالنسبة إليها، أن تعيش في مكان جميل ومرتب، هو ما يريحها ويبعث الاطمئنان في نفسها. هي سيدة الأعمال، ومهندسة التصميم الداخلي، السعودية مي الرفيعي، مؤسسة شركة، «مي إنتيريرز»، التقتها «سيدتي» لتتعرف إلى مخيلتها في ابتكار الأناقة من حولها.

متى دخلت هذا العالم، وما السبب؟

تأثرت جداً بأمي، التي كانت تعشق تنسيق الملابس، وتتابع الموضة، من خلال «الأتيلييه» الخاص بها، كانت دائماً ما تطلق عليّ اسم «مي المرتبة»، ووالدي كذلك كان مهندساً للطيران، وتاجراً للسجّاد والتحف، تأثّرت بنظرته الواقعية للفن، وبعد تخرجي في المدرسة في الرياض، لم يكن في جامعات الرياض تخصص اسمه هندسة التصميم الداخلي، فانتقلت إلى دبي للالتحاق بالجامعة الأميركية للتخصص فيها، وتعلمت التنسيق والأبعاد بطريقة مهنية أكثر، حتى صرت أسير في المكان فأرى عالماً متجانساً في حضور قطع الأثاث مع بعضها.

تابعي المزيد: المصممة سميرة أمير: أعمالي متأثرة بالأسلوب الانتقائي

عشقُ الألوان

أنت تعشقين الألوان، وتضمينها بجرأة داخل أفكارك، ماذا تعني لك؟

الألوان بالنسبة إليّ روح المكان، على الرغم من أن معظم الناس يخافونها، وهذا صحيح، فهي تحتاج إلى خبرة، وتعرّف إلى معانيها، وإذا اجتمع الاثنان، ينطلق السحر والروعة من المكان؛ ما يؤثر إيجابياً في المزاج.

كيف يمكننا تصنيف تصميماتك، وهل لها علاقة بشخصيتك؟

أحب التصميمات المعاصرة، ودمج الأنتيك مع المعاصر، وهو النمط الانتقائي الحديث، معتمداَ على مزيج ديناميكي، من القطع العتيقة والتراثية، مع الأساليب الحديثة، .. أنا أهتم بالجودة وتحقيق الرفاهية وحريصة على منح كل من يحب تصميماتي، ما يفوق توقعاته، وهذا جزء من شخصيتي، فأنا بطبعي أنشد للكمال، وحريصة على أدق التفاصيل.

إلى أي مدرسة تصميم تنتمين؟

من ثقافات عدة، فأنا لست متأثرة بثقافة تصميم، بل بمصمم، مثل الإسباني أنطوني غاودي Antoni Gaudi، من مواليد 1850، فجميع تصاميمه لا تحتوي على زوايا، كلها انحناءات وعلى الرغم من أنه مهندس معماري، لكنه أطلق مجموعات أثاث، وكان يستلهم أفكاره من الطبيعة، ويقول: «في الطبيعة ليست هناك زوايا حادة»، يأسرني هذا النوع من التصميم، وكأنها منحوتات يدوية.

تابعي المزيد: منسّقة الديكور ألينا وقاص: دبي ملعب للإبداع في التصميم

أفكار مجنونة

ما عنصر المفاجأة الذي تخبئينه داخل تصاميمك المعاصرة؟

أحب أن يكون لي بصمة وغرابة في كل تصميم، فأنا أصمم قطعاً تجمع ألواناً لا تخطر على البال، ممكن أن تكون لوحة أو قطعة أثاث، أو طريقة استخدام الرخام الطبيعي، فتقع عين من يرى التصميم أولاً على هذه القطعة، التي تحكي تمازجاً انسيابياً رائعاً، وهكذا صممت مكتب شركة تطوير عقاري في أبوظبي، كان عبارة عن مخزن كبير؛ ولأضفي بعض الدفء على المكان، أدخلت قطعاً من السجاد العجمي، على الرغم من أن أنابيب السقف ظاهرة، لدرجة أثارت استغرابهم وإعجابهم.. كان تصميماً مختلفاً.

كيف إقبال جيل الشباب والشابات الجديد على اختيار التصميم، هل تحوّلت أذواقهم بشكل معقول؟

أعطاني الشباب مساحتي في التصميم، بخاصة عندما يقول أحدهم، أريد شيئاً لم أره من قبل، أو أريد ألواناً مجنونة، وأحياناً يكون عندهم قطع أثاث متفردة، يريدون تصميماً داخلياً يتمحور حولها، إحدى الشابات طلبت تصميماً لصالون تجميل، ليس مؤنثاً ولا ذكورياً، بل محايداً، فيه عنصر واحد فقط أنثوي، أخذت وقتي لأخرج بفكرة، وأخيراً تركت جميع الجدران على المحارة، والأرض إسمنتية رمادية، ولكسر هذا الطابع الرجولي، أدخلت حجراً طبيعيّاً عنّابيّ اللون، وهو عنصر المفاجأة في التصميم، كما وضعت ورداً معتقاً في المدخل، وهو العنصر الأنثوي الوحيد الذي أدخلته.

تابعي المزيد: المهندسان نرمين السلايطة وعمر الدحابرة:تصاميمنا تعكس مدرسة فكرية جديدة

للتصميم وجوه وخبايا

لو طلب منك زاوية تخص أنثى، ألن تنفذينها؟

ببساطة لا، بل أصمم زاوية يمكنها التحور، لكن طبعاً في النهاية يعود إلى طلب العميل، حتى مع الأطفال لا أحب تنفيذ فكرة غرفة لفتاة باللون الزهري، ممكن أن أدخل أشياء تناسب العمر، فأنا أحب تصميم أمكنة لا تكبر مع الوقت، يعني غرفة لطفل عمره 3 سنوات تناسبه عندما يصبح عمره 8 سنوات، ولا يضطر الناس لتغييرها؛ لأنها أصبح موضة قديمة، نحن نستعين بالموضة، لكن على أساس يمكننا فيه تحريكها.

أنت سعودية، كيف استقبلك عالم التصميم في دبي، ماذا استفدت منه؟

أتيت إلى دبي، في وقت كان يُستقبل فيه المهندسون من جميع الاختصاصات.. لو طلب مني أن أختار مكاناً في العالم أتعلم فيه وأدخل في مشاريع عملاقة، ومن غير حدود، لاخترت دبي، هنا يقولون للمصمم اعمل ما تراه مبدعاً في مخيلتك، أنت في دبي.

تابعي المزيد: المصممة Claudia Granberg:المشروع "الفخم" يدمج بين حداثة التصميم والتراث والراحة

جزء منّا فنان

كيف تعيدين شحذ أفكارك؟

نحن المصممون جزءٌ منّا فنان، لذلك نريد مساحة لنشحذ أفكارنا لنستمر في الإبداع، وأنا أقع في هذه الحالة، عند بداية أي مشروع، خوفاً من أن أكرر نفسي بالتصميم، خصوصاً في المشاريع التجارية. وعلى الرغم من أن السفر يعمل فرقاً كبيراً معي، لكن متابعة أعمال المصممين العالميين، خصوصاً في إبداعات الفنادق والضيافة، تملأ رأسي بالأفكار، أحب الذهاب إلى الطبيعة، والمشي وزيارة الأماكن الأثرية والمتاحف أيضاً، فهي تجعلني أحلم قليلاً لأعيد شحن طاقة الإبداع لدي، وأدخل أفكاري في مشاريع جديدة.

ما مساهماتك للمشاركة في رؤية السعودية 2030؟

المستقبل الجميل سيؤثر في التصاميم بالتأكيد، وأنا أحب أن أقوم بخطوتي الثانية من خلال دوري في السعودية أكثر، أثمّن مثلاً ما يقوم به المستشار تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه، من مشاريع خيالية، أحب أن يكون لي دور فيها، لأقدم خبرة عمرها 17 سنة، أريد أن يكون لي بصمة تواكب هذه التطور، أنا سعيدة جداً بهذا الانفتاح. مشروع نيوم بالنسبة إلى أي مهندس هو حلم، وخطوتي القادمة هي مساهمات إبداعية في وطني.

هناك أخطاء تقع فيها المرأة عند تصميم منزلها، بماذا تنصحينها؟

1. استعيني بمصمم، فأنت ستوفرين ميزانية التغيير الدائم لسنوات.
2. خذي المقاسات بشكل جيد قبل شراء الأثاث.
3. لا تشتري كل الأثاث والإكسسوارات من مكان واحد، فهذا يبعد الخصوصية، ويُغيّب الشخصية.
4. اختاري مقاس السجاد الصحيح، ولا تتركي فراغاً بين السجادة وأرجل الكنبة، وكذلك اللوحات، ولا حتى فراغاً كبيراً بين ظهر الكنبة وارتفاع اللوحة.
5. علّقي الستائر من السقف، ولا تظهري الحائط، فهذا يعطي ضيقاً للمكان، ولا يظهر السقف عالياً.

ما هي مقولتك في عالم التصميم؟

دائماً أقول للناس لا تعش أسير الماضي، بل تعلّم منه فقط وامض قُدماً.

مشروع نيوم بالنسبة إلى أي مهندس هو حلم وخطوتي القادمة هي مساهمات إبداعية في وطني

• تم التصوير في معرض مصممة الأزياء مرمر حليم

تابعي المزيد: مهندسة الديكور Melissa Charlier: الأسلوب «المينيمالست» يعزز التجارب في المساحات الداخلية المعيشية