القوى العاملة النسائية السعودية..إمكانات وقدرات ومواهب ترتقي بقطاع الضيافة والفنادق إلى مستويات وآفاق جديدة

أروى الحميدي
أروى الحميدي

         

بقلم هيثم مطر، رئيس منطقة الهند والشرق الأوسط وأفريقيا لدى مجموعة فنادق ومنتجعات IHG  :


تُشكل الإناث أكثر من 40% من سكان المملكة العربية السعودية، مما يعني أن هناك فرصة كبيرة للملايين من الموهوبات والمتعلمات للعب دورٍ مهم في رسم وتشكيل مستقبل المملكة.

وانطلاقاً من فهمها وإدراكها لهذا الواقع ولأهمية ودور هذه المجموعة من المواهب، تواصل المملكة العربية السعودية جهودها للمضي قدماً في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030، والعمل على إشراك المواهب النسائية الواعدة وتمثيلها في كافة الأعمال والقطاعات. وتهدف هذه الخطوة والزخم من قبل أعلى المناصب والمستويات الحكومية، إلى تعزيز نسبة العاملات والموظفات في مختلف القطاعات. وبناءً على ذلك، جرى العمل على وضع السياسات الجدية واطلاق المبادرات، فضلاً عن تخفيف القيود الاجتماعية والاقتصادية، لتشكل جميعها عامل محفز وتساهم في تشجيع النساء على المشاركة في نمو وتطور دولتهن.

حتى الآن، تبدو النتائج واعدة. إذ تشير أرقام نهاية عام 2018، إلى أن ما يقرب من 20% من النساء فى المملكة إما انخرطن في سوق العمل ويمارسن وظائف وأعمال مختلفة أو يبحثن عن عمل. في حين شكلت النساء حوالي 33% من القوى العاملة على الصعيد الوطني و ذلك استناداً إلى أرقام نهاية العام 2020. الأمر الذي يمكن اعتباره نمواً إيجابياً ومميزاً، قد تحقق خلال عامين فقط. وفي المقابل، يحتاج بناء وإرساء بيئة عمل أكثر مساواة بين الجنسين، بعض الوقت، وهذا أمرٌ مفهوم ومبرر. إلا أن هذه الأرقام، تشكل تأكيداً ودلالة واضحة على التقدم الكبير المحرز لتحقيق خطط القيادة الطموحة.

وانطلاقاً من ذلك، تقع على عاتق القطاع الخاص مهمة ومسؤولية لعب دورٍ نشط ليس فقط من خلال توظيف النساء، ولكن في مساعدتهن على تطوير وصقل مهاراتهن وبناء مسيرتهن المهنية في مجالات ووظائف متعددة. وفي هذا الإطار، أعتقد أن صناعة الضيافة على استعداد تام للقيام بمساهمة فعالة.

إذ تُعتبر الحفاوة السعودية، أو الضيافة السعودية متأصلة وراسخة وذات جذور عريقة في الثقافة السعودية وفي عادات وتقاليد شعب المملكة، كما تلعب أيضاً دوراً هاماً، في إطار جهود المملكة وسعيها نحو تنويع اقتصادها وبناء وتعزيز السياحة الداخلية. وفي ظل الجهود المتواصلة للاستفادة واستخدام هذه الثقافة بالإضافة إلى مشاركة وانضمام النساء المتحمسات إلى سوق العمل، فإن قطاع الضيافة من خلال الإمكانيات والقدرات التي يتميز بها، من شأنه أن يصبح من مجالات العمل الرئيسية لمواطني المملكة العربية السعودية، بالإضافة لكونه محركاً أساسياً للنمو الاقتصادي. وكل ذلك، تدعمه مكانة المملكة وموقعها الرائد على المستوى العالمي في نمو العرض الفندقي والمشاريع السياحية، حيث من المتوقع تسجيل زيادة بنسبة 67.1%في حجم الغرف الفندقية الجاهزة خلال السنوات المقبلة، لا سيما مع اكتمال المشاريع القائمة حالياً، والتي تشمل مشروع أمالا، ومشروع البحر الأحمر. و بناءً على كل ما تقدم، تبدو الفرصة واضحة وحقيقة قائمة يمكن اختصارها فى التالي" قطاع الضيافة على أتم إستعداد لاحتضان المواهب السعودية ضمن صفوفه".

وبعيداً عن موضوع التوظيف وسوق العمل، يتيح قطاع الضيافة أيضاً توفير فرص متكافئة وبيئة شاملة من حيث نوع الوظائف المتاحة لكل من الرجال والنساء، أكثر بكثير مقارنةً مع العديد من القطاعات الأخرى.

وتجعل هذه المميزات من قطاع الضيافة في المملكة العربية السعودية، المجال والوجهة الأمثل للنساء للاستثمار وبناء مسيرتهن المهنية. وفي هذا الإطار، تتحمل المجموعات والمؤسسات الفندقية، مسؤولية تمكين النساء وتزويدهن بالأدوات والدعم، لمساعدتهن في الوصول إلى المناصب الإدارية وسدة القيادة.
 

  هيثم مطر، رئيس منطقة الهند والشرق الأوسط وأفريقيا لدى مجموعة فنادق ومنتجعات IHG

 

وتتميز في هذا الإطار، مجموعة فنادق ومنتجعاتIHG، التي تُعتبر من إحدى الشركات الرائدة التي تقود هذا التوجه. وانطلاقاً من موقعنا كمجموعة فنادق عالمية، نركز على توفير الدعم للنساء لتحقيق النجاح في مكان العمل. ويتم تمكين الموظفات لتحقيق إمكاناتهن من خلال مبادرات مثل "Lean In"، وهي عبارة عن منصة لتواصل الموظفات على مستوى الشركة، توفر للزميلات من المبتدئات الجدد و المخضرمات، إمكانية الوصول إلى فرص التطوير الوظيفي وبرامج التوجيه والإرشاد. وعلى نحو مماثل، أطلقنا مبادرة RISE، التي تندرج في إطار فلسفة التنوع والشمول العالمي لمجموعة فنادق ومنتجعات IHG، حيث تقدم برامج التطوير الوظيفي للنساء القياديات، اللواتي يتطلعن إلى الوصول لتولي منصب المدير العام.

ولا يقتصر الأمر على مجرد الكشف الشكلي الخاص بلوائح الموارد البشرية، للمساعدة في تأمين "حصة" للموظفات. إذ أن الأمر يتعدى ذلك، إلى حدود ترسيخ تواجد المرأة وانخراطها في جميع مجالات العمل ومحفظة أعمالنا، وتوفير بيئة محفزة وداعمة وحيوية، تضمن إشراكها ومشاركتها بشكلٍ كبير.

وهذا الأمر ينطبق على عملياتنا في المملكة العربية السعودية أيضاً. فلقد أطلقنا حالياً، حملة #TrueKSATrueHospitality، والتي نسعى من خلالها إلى زيادة وتعزيز الاهتمام وجذب المزيد من المواهب السعودية للتفكير في مهنة الضيافة، مع التركيز بشكل خاص على المواهب النسائية لتقديم تجربة ضيافة سعودية شاملة لضيوفنا من حول العالم.


ويتوجب علينا في هذا الخصوص، تسليط الضوء على قصص نجاحات النساء في قطاع الضيافة في المملكة العربية السعودية، لتشكل مصدر إلهام، وفي الوقت نفسه يجب عدم التعامل مع قصص النجاح هذه والاحتفال بها باعتبارها حالات فردية. بل يجب بدلاً عن ذلك، أن تجسد قصص النجاح هذه وتعكس إمكانات القطاع المليئة بالتنوع والفرص، والتي تحققت من خلال الالتزام بالإدماج، من أعلى الهرم إلى أسفله.

لقد تحول الأمر الذي بدأ، كموجة من التغيير الملحوظ في أماكن العمل في جميع أنحاء البلاد، إلى ما يمكن اعتباره قاعدة ومعيار جديد، لا سيما مع تميّز النساء ونجاحهن في إثبات أنفسهن وقدراتهن على قدم المساواة مع زملائهن الذكور. ويشهد التوجه نحو التنوع بين الجنسين في المكاتب والشركات في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية، خطوات متسارعة، بتشجيعٍ ودعمٍ من قبل قادة المملكة، إلى جانب سعي أصحاب العمل لاعتماد هذا التوجه، على الرغم من أن التقدم في هذا الإطار قد يكون في بعض القطاعات أسرع من غيرها.

مما لا شك فيه بأن المرأة السعودية العاملة، أضافت نوعاً من الشغف والحماسة والطاقة المتجددة للشركات من جميع الأحجام والتخصصات، إلى جانب مساهمتها في دفع عجلة الاقتصاد. كما تتميز المرأة السعودية العاملة بحماستها وتطلعاتها وطموحها نحو استكشاف الفرص الاقتصادية والمهنية، هذا إلى جانب تميزهن المعرفي، من خلال المستوى التعليمي الذي يتمتعن به بدرجة عالية،  حيث أن أكثر من نصف إجمالي الطلاب الذين تخرجوا من الجامعات ومؤسسات التعليم العالي على مستوى الدولة هم من النساء .

في الختام، من المهم الحفاظ على الزخم الذي شهدناه في السنوات الأخيرة، لضمان إشراك المزيد من النساء السعوديات، واستمرارية مشاركتهن في تنويع ونمو الاقتصاد الوطني بطريقة رئيسية وواضحة وقيّمة. مع التأكيد على أن قطاع الضيافة على استعداد دائم و تام لاحتضان المواهب النسائية السعودية الواعدة والقوى العاملة النسائية السعودية المتزايدة.