2 صور

فتاة في الربيع العشرين من عمرها، كغيرها من الفتيات تحلم بفارس يخطفها على حصانه «الفيراري»، حيث إنها لا تحبذ الأحصنة؛ كي لا تغرق في الأحلام! أما «الفيراري» فهي تشاهدها كل يوم لدى جيرانها، وتشعر بأنها لو كانت فيها ذات يوم ستستغل سرعتها في الابتعاد عن إحباطات الحاضر وقيوده التي لا تنتهي!

من أهم تلك الإحباطات الغمز واللمز الذي يحاصرها من عائلتها وأقاربها وصديقاتها بسبب وزنها الزائد، وكان لوالدتها دور كبير في تضاعف حساسيتها من تعليقاتهم، فقد كانت تنتهز كل فرصة لإشعارها بالذنب وتشبيهها ببعض الحيوانات، ما أدّى إلى كراهيتها للحيوانات عموماً، لدرجة أنها ذات مرة ركلت قطة سمينة دون وعي! فقد كانت في داخلها تركل شعورها بالسمنة وتشبيهات والدتها التي لا تنتهي!

ريجيم بلا جدوى
لم تدّخر جهداً في تجربة وصفات الريجيم وبرامج التخسيس والحبوب المذيبة للدهون، لكن النتائج كانت متواضعة جداً! كانت مُحاطة بأسوارٍ مرعبة من الخرافات التي رسخت –عبر التكرار– في عقلها الباطن! ومن ذلك أن شرب الماء البارد هو سبب ظهور «الكرش»، وأن كثرة شرب الماء ستزيد من الوزن بشكل كبير! عانت كثيراً في فصل الصيف الماضي؛ لامتناعها عن شرب الماء البارد وشرب رشفات قليلة من الماء المعتدل؛ تفادياً للمزيد من التعليقات والتشبيهات المثيرة للغيظ!، لكن هذا أدّى بها للإغماء بسبب الجفاف بدلاً من أن يقودها للرشاقة!.

خرافات
في المستشفى اكتشفت أن الماء البارد ليس له أي آثارٍ سلبية؛ لأن الماء حالما يدخل الجسم تصبح حرارته بنفس درجة حرارة الجسم!، كما أن كثرة شرب الماء والسوائل سلوك صحي، خصوصاً في الصيف ولا يسبّب زيادة في الوزن نهائياً، بل هو عامل مساعد في عملية «الأيض». أخبرها الطبيب أيضاً أن الامتناع قدر الإمكان عن الأكل ليس وسيلة صحيحة لخسارة الوزن، بل هو مؤذٍ للجسم!.

عشرات المعلومات المُخزّنة في عقلها كانت «مقلوبة»، وهذا أصابها بصداعٍ خفيف وطاقة غضبٍ داخلية هادرة! وعندما سألها الطبيب مبتسماً عن مصدر معلوماتها أجابت وهي ساهمة «أمي»، عندها سألها الطبيب عن مصدر معلومات والدتها فأجابت ممتعضة «هكذا تسمع.. هذا ما قالوه لها»!.

عتاب
هنا عاتبها الطبيب قائلاً: أنتِ فتاة متعلّمة ومثقّفة يجب أن تكون مصادركِ علمية وموثقة! عبر بعض المواقع المعتمدة على الإنترنت وعيادات التغذية تستطيعين معرفة الحقائق وتصحيح المعلومات وتجربة آخر ما توصّل له العلم في تخفيف الوزن!.

وتوالت الأحاديث بينها وبين الطبيب الذي نصحها بقراءة بعض الكتب وتجربة تعديل بعض سلوكيات حياتها، أصبحت تهتم بوجبة الإفطار، وتناول التمر صباحاً، والإكثار من الماء والسوائل، وعدم تناول أية وجبات بعد السابعة مساءً سوى السلطة والفواكه، كما أنها بدأت برنامجاً رياضياً يومياً، واستبدلت «بالفيراري» المشي السريع في أغلب مشاويرها؛ مما أشعرها برشاقة نفسية لذيذة، وخفة في الحركة، وتحسّن ملحوظ في الحالة المزاجية.

كيف التهمت أخي؟
وخلال حضورها لبعض الدورات التدريبية التي نصحها بها الطبيب استفادت كثيراً من تقنية مميزة في طرق التفكير، وهي «إعادة تأطير المعنى»! فلم تعد تتضايق من تعليقات صديقاتها، بل أصبحت ترد عليهم بثقة ومرح: «سوف أصبح من أشهر عارضات الأزياء قريباً»!، أما والدتها فلم تتوقّف عن تشبيهاتها المزعجة، لكن ردود ابنتها تغيّرت تماماً!.

- تبدين اليوم كفيلٍ صغير!
- بل كبير يا أمي.
- لماذا؟!
- ألا تلاحظين غياب أخي الصغير منذ الصباح؟!
- نعم.. أعتقد أنه في النادي!
- لا.. لقد أكلته..
- أيتها الماكرة..

هل نسيت أن أخبركم أن تشبيهات الأم خفّت تدريجياً بعد ذلك؟؛ لأنها شعرت بأن ابنتها لم تعد تأخذها بجدية! كما أن هناك سبباً آخر. لقد بدا الفارق يظهر يوماً بعد يوم على وزن ابنتها! وعلى مزاجها ونفسيتها أيضاً؛ لأنها عرفت أن الحالة المزاجية الجيدة والتعامل مع الحياة بمرح يساعد الجسم على حرق سعراتٍ حرارية أكثر.. والعكس صحيح.