تعيش الأمهات صراعات يومية كثيرة مع أطفالهن، ومشاكل طعام الطفل هي الصراع الأول والأكثر إلحاحاً، خاصة حينما يرتبط الأمر بصحة الطفل ونموه؛ فكم من وجبة أساسية تمر على الطفل وهو يرفض تناولها، وفي المقابل كم من أمّ قلِقة بسبب وزن ابنها المنخفض أو ضعف شهيته المستمر؟ والتغذية السليمة لا تتعلق فقط بالشكل الخارجي للطفل أو وزنه، بل لأنها تعد دلالة أكيدة على الصحة الجسدية والعقلية للطفل.
في هذا التقرير يتناول الدكتور مصطفى المصري أستاذ التغذية والصحة العلاجية الكلام عن أهمية التغذية الصحية للطفل، والعلاقة بين الغذاء وصحة الدماغ والجسم في 10 نقاط، ثم يقدم حلولاً عملية للمشكلات الشائعة التي تواجه الأهل في تغذية أطفالهم.
التغذية السليمة للنمو: من 6 أشهر وحتى 9 سنوات

احتياج الأطفال للعناصر الغذائية الاساسية أكثر ما يكون في مراحل النمو وبشكل أكثر من البالغين؛ لأن أجسامهم لا تزال في طور التكوين، وأجهزتهم العصبية والمناعية والعضلية في حاجة دائمة إلى دعم غذائي متوازن.
فوائد التغذية السليمة:
- بناء العظام والعضلات.
- من خلال الكالسيوم، البروتين، وفيتامين د.
- تقوية الجهاز المناعي.
- مواجهة الأمراض الموسمية والمزمنة.
- تطور الدماغ والقدرات العقلية.
- تنظيم المزاج والسلوك.
- توازن السكر في الدم والفيتامينات.
- توفير الطاقة اللازمة للحركة والتعلم والنمو.
تأثير التغذية على الدماغ
ربما لا يربط كثير من الأهل بين ما يأكله الطفل، وبين تركيزه في المدرسة أو سلوكه في المنزل، لكن العلم أثبت ذلك بوضوح مثل: الأوميغا 3 الموجودة في الأسماك والمكسرات تُعزز الذاكرة والانتباه.
الحديد وهو ضروري لنقل الأكسجين للدماغ، ونقصه يسبب الخمول الذهني، الزنك: يؤثر على القدرة التحليلية والاستيعاب.
B6 وB12 وحمض الفوليك والفيتامينات، تلعب دوراً رئيسياً في توازن الجهاز العصبي، طفل يتغذى جيداً يعني طفلاً يتعلم أسرع، يركز أكثر، ويتصرف بهدوء.
تجربتي مع نزيف الدماغ عند الأطفال.. تعرفي إلى تفاصيلها
تأثير التغذية على الصحة النفسية والسلوك

- التغذية: لا تؤثر فقط في صحة الجسم والدماغ، بل تنعكس على المشاعر والسلوك أيضاً.
- السكر الزائد: يؤدي إلى نوبات غضب وفرط حركة.
- نقص فيتامين د: قد يسبب الاكتئاب لدى الأطفال.
- الوجبات غير المنتظمة: تُربك المزاج وتزيد القلق
- الجوع المزمن أو النقص الغذائي: يؤدي إلى قلة الثقة بالنفس والعزلة.
في دراسة أجريت على أطفال في المرحلة الابتدائية، وُجد أن الذين يتناولون إفطاراً متكاملاً صباحاً كانوا أقل عدوانية وأفضل تعاوناً مع الآخرين.
مكونات الوجبة الصحية للطفل
ينبغي أن تتنوع وجبة الطفل لتغطي 5 مجموعات غذائية:
- البروتينات: البيض، الدجاج، اللحم، العدس: لبناء العضلات والمناعة
- الكربوهيدرات المعقدة: (الخبز الأسمر، الأرز البني، الشوفان)
- الطاقة مستدامة: الخضروات والفواكه، وهي غنية بالفيتامينات والألياف.
- الألبان ومشتقاتها: لامتصاص الكالسيوم وتقوية العظام.
- الدهون الصحية: زيت الزيتون، المكسرات، الأسماك: ضرورية للدماغ والقلب.
ولا بد من تجنب الأغذية عالية السكريات والدهون المشبعة مثل المشروبات الغازية، الشيبس، والوجبات السريعة، التي تضر أكثر مما تفيد
المشاكل الشائعة والحلول في تغذية الأطفال

- طفلي لا يأكل إلا طعاماً معيناً: يُعرف ذلك بـ"الانتقائية الغذائية"، وهي شائعة في الطفولة، الحل: الصبر والتكرار. قدمّي الطعام بطرق مختلفة حتى 10 مرات على الأقل: اجعلي الطبق ملوناً ومبهجاً، وشاركي الطفل في طهيه.
- طفلي يرفض الخضروات والفواكه: الحل : قطّعيها بأشكال مرحة أو اخلطيها في العصائر والمخبوزات، واجعليها جزءاً من لعب الطفل؛ مثل لعبة "منْ يأكل أكثر لوناً أخضر"؟.
- طفلي يعاني من: فقدان الشهية تأكدي من عدم وجود سبب عضوي (كالديدان أو الأنيميا)، الحل: قللي من الوجبات الخفيفة بين الوجبات، الحل: اجعلي أوقات الطعام منتظمة ومليئة بالأجواء الإيجابية
- طفلي يعاني من زيادة الوزن: قللي السكريات، شجعي على الحركة، وقدمي طعاماً مشبعاً وغنياً بالألياف، ولا تعاقبي الطفل أو تُشعريه بالذنب، بل قدّمي نموذجاً صحياً.
الأهل يشكلون عادات التغذية

الأطفال لا يتعلمون مما نقول، بل مما نفعله. إذا رأى الطفل والديه يتناولان طعاماً صحياً بانتظام، فسيقلدهما.
نصائح للأهل:
- لا تجبري الطفل على إنهاء طبقه، لكن علّميه كيف يُقدّر الجوع والشبع.
- اجعلي أوقات الطعام خالية من الشاشات والمشتتات.
- شاركيه اختيار مكونات الطعام من السوق وطهيها.
- استخدمي أدوات طعام ملونة وشخصيات كرتونية لجذب الطفل.
المكملات الغذائية
في الحالات الطبيعية، الطفل لا يحتاج إلى مكملات غذائية إذا كانت تغذيته متوازنة، لكن في حالات خاصة (كالأنيميا، نقص الشهية المزمن، أو الحساسية من بعض الأطعمة) قد يُوصي الطبيب بمكملات كالحديد، فيتامين د، أو الزنك، ولا يُنصح بإعطاء الطفل أي مكملات دون استشارة طبية، حتى لو كانت "فيتامينات أطفال".
عدم إهمال التغذية بالمدرسة
يقضي الطفل معظم يومه في المدرسة؛ لذا يجب ألا نهمل التغذية المدرسية:
- قدّمي له وجبة إفطار قبل الذهاب للمدرسة
- حضّري له "لانش بوكس" متوازناً: ساندويتش بروتين + خضروات + فاكهة + ماء أو عصير طبيعي
- تجنّبي إرسال النقود، التي قد يستخدمها الطفل في شراء أطعمة ضارة
جدول تغذية الطفل خلال سنوات العمر

من الولادة حتى 6 أشهر
الاعتماد الكامل على الرضاعة الطبيعية، أو الحليب الصناعي عند الضرورة.
من 6 أشهر حتى سنة:
إدخال الطعام الصلب تدريجياً، مع استمرار الرضاع، تنوّع الأطعمة مهم لبناء عادات غذائية سليمة مبكراً.
من سنة إلى 5 سنوات:
بناء أسس الغذاء الصحي، تعليم الطفل الأكل بمفرده واختيار الأطعمة الصحية.
بعد سن المدرسة
زيادة الوعي الغذائي والتثقيف الصحي.
التغذية في الطفولة حجر الأساس للمستقبل
الطفل الذي يأكل جيداً في طفولته، يكون في الغالب:
- أكثر قدرة على مقاومة الأمراض.
- أكثر تفوقاً دراسياً وعقلياً.
- أكثر استقراراً نفسياً وعاطفياً.
- أقل عرضة للبدانة أو أمراض القلب والسكري لاحقاً.
التغذية في الطفولة، بناء مستقبل صحي وسعيد.
*ملاحظة من"سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.