في منزلِ الفنَّانةِ المصريَّةِ فدوى عابد، تستقبلك أوراقُ الشجرِ في كلِّ ركنٍ، هي إما مرسومةٌ على كاملِ الحائطِ المواجه لبابِ المنزل، أو حقيقيَّةٌ، تتدلَّى من الرفوفِ في غرفةِ المعيشة. وفي صالةٍ ملوَّنةٍ بدرجاتِ الأزرقِ الملكي، استقبلتنا فدوى بالقهوةِ والكعك، وجلست معنا في حديثٍ من القلب، كشفت خلاله عن المعنى وراءَ كلِّ واحدةٍ من لوحاتها المعلَّقةِ على الجدران، وكواليسِ ما لقَّبته بأجمل يومِ تصويرٍ في حياتها.
حوار | ندى محسن Nada Muhsen
تصوير | يحيى أحمد Yehya Ahmed
سيظن القراء أنني أبالغ
ظهرتِ في النصفِ الثاني من شهر رمضان، لكنَّ النصفَ الأوَّلَ، لم يخلُ من إطلالةٍ لكِ في مسلسلِ «أشغال شقة» حيث قدَّمتِ دوراً مثيراً للجدل لسيدةٍ، تبحثُ عن هويَّة والدِ جنينها، ويساعدها الطبُّ الشرعي في المهمَّة، كيف كان شعوركِ عندما قرأتِ النصَّ للمرَّةِ الأولى، وهل خفتِ من تقديمِ هذا الدورِ الشائك؟
خفتُ، وتحمَّستُ في اللحظةِ نفسها. كنت أشهقُ في صدمةٍ من جرأةِ الأحداث، وأضحكُ تالياً من كوميديا المواقف! لم يأخذ الأمرُ أكثر من خمسِ دقائقَ قبل أن أقول: «هل حقاً سأفعلُ ذلك؟!». وفي النهايةِ وافقت على أداءِ الشخصيَّة، وكان التوفيقُ حليفي. شخصيَّةُ «سناء»، أصبحت مادةً دسمةً للصورِ الساخرة التي يتمُّ تداولها بشكلٍ مستمرٍّ في مواقعِ التواصل الاجتماعي حتى بعد نهايةِ شهرِ رمضان، وهذا أمرٌ يجعلني في غايةِ السعادة.
في النصفِ الثاني من رمضان، وقفتِ أمامَ دنيا سمير غانم، وقدَّمتِ دوراً كوميدياً، وهذه المرَّةُ الأولى التي تكسرين فيها قالبَ أدوارِ الشرِّ والعمق، كيف كان إحساسكِ؟
كنت أسعى لهذا الأمرِ منذ أعوامٍ. ناشدتُ في عديدٍ من البرامج أن يتمَّ تجربتي في عملٍ كوميدي، فإن لم أصل لدرجةِ الكوميديا، فسأكون عاديَّةً، أو مقبولةً، وبالفعل أشعرُ بأن 2025 كان العامَ الذي تحقَّقت فيه أمنيتي، ووجدتُ الأدوارَ التي لطالما بحثتُ عنها.
حدِّثينا عن كواليسِ العملِ مع دنيا سمير غانم، وكيف كانت أجواءُ المسلسلِ، خاصَّةً مع ظهوركِ في أحدِ كليبات إيهاب توفيق ضمن أحداثه؟
سيظنُّ القرَّاءُ أنني أبالغ، لكنْ دنيا، هي واحدةٌ من ألطفِ الشخصيَّات، وأكثرها موهبةً على الإطلاق. لقد وافقتُ على دوري قبلَ قراءته، بل حتى من المكالمةِ الأولى التي طلبني فيها المخرجُ أحمد الجندي، وقال لي: إن المقابلةَ ستكون حول مسلسلِ دنيا سمير غانم الجديد. ذهبتُ إلى هذه المقابلةِ وأنا موافقةٌ بالفعل.
أمَّا عن كليبِ أغنيةِ «هلي يا فرحة هلي»، فأستطيعُ وصفَ هذا اليومِ بأنه أسعدُ يومِ تصويرٍ في حياتي. كل ما احتواه من تصويرٍ، وملابسَ، ورقصاتٍ، وتفاصيلَ، أدخلت البهجةَ في قلبي، وبالمناسبة، ما شاهدتموه، كان ارتجالاً من المخرجِ أحمد الجندي، ولم يكن موجوداً في النصِّ الأصلي. كان ضيفُ الحلقةِ إيهاب توفيق، وهو مطربي المفضَّل منذ الطفولة، وكان في غايةِ التعاونِ واللطف، وكنت أتمنَّى ألَّا تنتهي هذه الحفلةُ أبداً.
من عالم الفن ما رأيك بالاطلاع على هذا اللقاء مع الفنانة المصرية داليا مصطفى
أكثري من الأخطاء
قبل أن نترك المسلسل، قدَّمتِ دورَ فتاةٍ في سنِّ الثلاثين، ما زلت تبحثُ عن شريك حياتها، هل لديكِ أي نصيحةٍ، ترينها مهمَّةً للفتياتِ في مثل هذا العمر؟
لن أقدِّمَ نصيحةً في الزواجِ، واختيارِ الشريك، لكنْ سأقولُ ملحوظةً، أراها مهمَّةً جداً، وتناسبُ كلَّ سنٍّ في رأيي: ركِّزي في حياتكِ، وفي أمنياتكِ، وطموحاتكِ، وما تريدين تحقيقه، وما تسعين للوصولِ إليه. أكثري من الأخطاءِ، فهي معلِّمنا الأوَّلُ الذي يكشفُ لنا عن الآخرين، وعن أنفسنا حقائقَ مهمَّةً. أدخلي نفسكِ في مغامراتٍ، وتجاربَ متنوِّعةٍ، ولا تأخذي مواقفَ عنيفةً من الأشياءِ والأشخاص. أضمنُ لكِ أن ما لا يُعجبكِ اليوم، سيتغيَّرُ رأيكِ فيه خلال خمسةِ أعوامٍ، لذا كوني مرنةً في أحكامكِ.
"هذه الجملة تمثّلني الآن: ستبقى الأشياء دون جهدٍ منك، أو سترحل على الرغم من كل الجهود"
يكتبون فدوى قالت وأنا بريئة

قرأتُ في عديدٍ من مواقعِ الأخبارِ أنكِ في انتظارِ عرضِ فيلمكِ الجديد مع كريم عبدالعزيز «المشروع X»، حدِّثينا عن العمل؟
وأنا قرأتُ الأخبارَ نفسها، وتتمُّ الإشارةُ إليَّ في عديدٍ من المنشوراتِ التي تتحدَّثُ عن الفيلمِ لدرجةِ أنني من كثرتها، اقتربتُ من تصديقِ الخبر! هو خبرٌ غير صحيحٍ، ولا علاقةَ لي تماماً بالفيلم، ولستُ من فريقِ عمله! مع الأسف هذا ما يحدثُ معي، يكتبون فدوى قالت، بل ويأتون بعديدٍ من التصريحاتِ على لساني، وأنا بريئةٌ تماماً منها! الفيلمُ الوحيدُ الذي سأشارك فيه فعلاً، ووقَّعتُ عقده، هو «السلم والثعبان» في جزئه الثاني.
هذا خبرٌ مهمٌّ للغاية، حدِّثينا عن تفاصيلِ الفيلمِ، وهل سيكتبه محمد حفظي، مؤلِّفُ الجزءِ الأوَّل، وهل أحداثُه ممتدَّةٌ منه؟
في الحقيقةِ، سيكتبه المخرجُ طارق العريان إلى جانبِ المؤلِّف أحمد حسني، وهي قِصَّةٌ جديدةٌ، وليست تكملةً للجزءِ الأوَّل، وعنوانها «أحمد وملك»، وسأقدِّمُ في العملِ دوراً رومانسياً.
المرَّةُ الأخيرةُ التي شاهدنا فيها لقطاتٍ رومانسيَّةً لكِ في عملٍ، كانت في أوَّلِ أعمالكِ «سابع جار»، كيف أثَّر فيكِ هذا المسلسلُ الذي يعدُّ بوَّابتكِ للشهرة؟
سأظلُّ طوال حياتي ممتنَّةً لهذا العملِ الذي كان بمنزلةِ مدرسةٍ حقيقيَّةٍ لي، ورحلةٍ لاكتشافِ نفسي وقدراتي في هذا المجال. خرجت منه بأصدقاءِ عمرٍ، ما زالوا موجودين في حياتي حتى اليوم، وتعلَّمتُ فيه الكثير من ثلاثِ مخرجاتٍ، لا تشبه إحداهن الأخرى. كلما تذكَّرتُ هذا العمل، شعرتُ كم أنا محظوظةٌ.
يمكنك أيضًا الاطلاع على لقاء سابق مع الفنانة هنا شيحة
الجانب الخفي من فدوى عابد
بعيداً عن التمثيل، مَن يدخلُ منزلكِ، يكتشفُ أنكِ موهوبةٌ، ومشروعُ فنَّانةٍ تشكيليَّةٍ، متى بدأت علاقتكِ بهذا الفنِّ؟
قبل أن أنطقَ بأولى كلماتي، كنت أرسمُ، وأتواصلُ مع القلم. في الحقيقةِ، لا أعرفُ دون الرسمِ ماذا كنت سأفعلُ في حياتي. أنا أرسمُ في أي وقتٍ لا أصوِّرُ فيه. أرسمُ في كلِّ حالةٍ نفسيَّةٍ وذهنيَّةٍ ممكنةٍ. أرسمُ حتى ولو على البحر، فالرسمُ هو الوسيلةُ التي تُخرِج مني أي شعورٍ محبوسٍ في داخلي، لذا لا يوجدُ له وقتٌ مناسبٌ، أو أسلوبٌ محدَّدٌ، أو فكرةٌ واضحةٌ، أبدأ عملي انطلاقاً منها.
متى سنرى لكِ معرضاً خاصاً للوحات؟
لا أعرف. قدَّمتُ معرضاً واحداً في حياتي، ولا أظنُّ أنني سأكرِّرُ التجربةَ قريباً. فكرةُ المعرض، تعني أن أكون مستعدَّةً بعددٍ من اللوحات، تناسبُ فكرةً معيَّنةً، وذات موضوعٍ موحَّدٍ. أنا لا أرسمُ بهذه الطريقة، وفي نظري كلُّ رسوماتي لم تكتمل بعد، وفي أي وقتٍ، يمكن أن أضيفَ لأي رسمةٍ تفاصيلَ جديدةً، أعيد صياغتها بها.
ما أكثر أعمالكِ تعبيراً عنكِ؟
لدي مجموعتان من الأعمالِ إحداهما لشخصيَّةٍ كرتونيَّةٍ، تشبه الماعز، وهي واحدةٌ من الشخصيَّاتِ التي هاجمتني فجأةً، فقرَّرتُ أن أرسمها، لتتوالى اللوحاتُ التي رسمتها عنها، ومع الوقتِ أدركتُ أن هذه اللوحات، تُمثِّلني، وهي ما أحبُّه، وأبحثُ عنه.
كذلك هناك سلسلةُ لوحاتٍ، رسمتها بقلمِ الحبر، وهي تُمثِّل شكلَ مخي وأنا في حالاتٍ ذهنيَّةٍ ونفسيَّةٍ معيَّنةٍ، وأنا أسمعُ الموسيقى، وأنا أحلُّ مشكلةً ما، وأنا أرسم. أحبُّ هذه السلسلة، ولدي منها خمسُ لوحاتٍ، علَّقتها في أماكنَ مختلفةٍ من المنزل.
قبل أن نغادر، تخيَّلي أنكِ ترسمين لوحةً، تحتوي على حكمتكِ المفضَّلة، ومعها ثلاثةُ عناصرَ مفضَّلةٌ لديكِ، كيف سيكون شكلُها؟
ليست دي حكمةٌ ثابتةٌ مفضَّلةٌ. كلُّ فترةٍ في حياتي ترافقها حكمةٌ ما. في هذا الوقتِ مثلاً، أشعرُ بأن هذه الجملةَ تُعبِّر عني، وأردِّدها لنفسي كثيراً: «بالنهايةِ، ستبقى الأشياءُ دون جُهدٍ منك، أو سترحلُ على الرغمِ من كلِّ الجهود». أمَّا عن العناصر، فلا يحضرني شيءٌ الآن، لكنْ تحضرُ في ذهني ثلاثةُ ألوانٍ، الأزرقُ والأخضرُ والأبيض.
يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط
