سلط تقرير صادر عن مجلة اليونسكو لشهر يوليو 2025 الضوء على المكانة المميزة التي تتمتع بها العلا ووصفها بأنها "درة الصحراء السعودية"، والتي كانت ملتقى الثقافات القديمة ومحطة استراتيجية تربط بين شبه الجزيرة العربية وكبرى حضارات الشرق والغرب.
واستعرض التقرير جانبًا هامًا من المشروع الطموح الذي أطلقته المملكة العربية السعودية عام 2016، والذي استهدف تنويع الاقتصاد وخلق بيئة ملائمة لجلب المستثمرين، ونقصد هنا "الهيئة الملكية لمحافظة العلا"، وهنا كانت نقطة الانطلاق حيث تم تحويل الموقع لواحة ثقافية على يد مجموعة من الخبراء المحلّيين والدّوليين ولاسيّما علماء الآثار وأخصائيي حفظ الآثار والمهندسين المعماريّين والمؤرّخين الثقافيين.
العلا.. مشروع المملكة الطموح
كان عام 2018 بمثابة نقطة تحول في "العلا" حيث شُيّدت 8 فنادق كبرى وعدد من أماكن الإقامة الأصغر حجماً، في حين ما تزال أخرى قيد الإنشاء استعداداً لاستقبال مليون سائح سنوياً بحلول العام 2030.
بدورها أشارت روت باليستيروس، مسؤولة حفظ التّراث الثقافي، أن العلا منطقة ثرية تحتضن عشرات الآلاف من القطع الأثرية التي تم توثيقها إلى الآن، كما تحتوي مختبرات الهيئة الملكية لمحافظة العلا الواقعة في وسط المدينة على مئات الصناديق التي تحتوي اكتشافات قامت بها مختلف البعثات وما زالت تنتظر تحليلها.
ولعل من أبرز الاكتشافات التي تم التنقيب عنها في صحراء العلا قطعة حرير عمرها 2000 عام متأتّية من قبر من الحِجر، كما اكتشف الباحثون أكبر فأس حجريّة في العالم يقدر عمرها بـ 200 ألف سنة، وكتب علماء الآثار نجاحًا آخر باكتشاف هياكل كبرى من الحجارة، مستطيلة الشّكل، نُصبت لأغراض طقوسيّة ويعود تاريخ البعض منها إلى حوالي 7000 سنة.
العلا.. 5 آلاف سنة من التاريخ
حسب التقرير الصادر عن اليونسكو، فقد وصفت منطقة العلا بأنها تتميز بكثافة النّقوش الصّخرية العائدة إلى عصور ما قبل التاريخ، بداية من الرّسوم الجدارية داخل الكهوف والنّقش على الصّخور ووصولاً إلى الأحرف المنحوتة على الجدران الجبلية،
وفي موقع جبل عِكمة، شمال مدينة العلا، نجد مكتبة حقيقيّة في الهواء الطّلق حيث تحتوي جدران هذا الوادي الصّخري حوالي 300 نقيشة يعود تاريخ معظمها إلى النّصف الثاني من الألفية الأولى ق.م، وقد نجح البروفيسور سليمان عبدالرحمن الدييب، في فك شفرة الكتابة الموجودة على جدران الوادي مشيرًا إلى أنها مدونة باللّغات الآرامية والصّفائية والمعينيّة والنّبطيّة، وجميعها لغات أثّرت في تطوّر اللّغة العربية.
العلا.. محطة الحجاج من دمشق لمكة المكرمة
"بسم الله.. أنا زهير كتبت تاريخ وفاة عمر سنة أربع وعشرين" نقش إسلامي يعود تاريخه لـ644 م، كشف عن ملامح فصل جديد في تاريخ العلا يوضح بداية ظهور الإسلام، حيث أصبحت المدينة محطّة على طريق الحجّ الجديد من دمشق إلى مكّة المكرمة، ثم نشأت في القرن الـ12 الميلادي بلدة جديدة في الوادي؛ وهي بلدة العُلا القديمة.
تجدر الإشارة إلى أن مستشار اليونسكو والبرامج الثّقافية والعلمية والدبلوماسية في الهيئة الملكية لمحافظة العُلا خوسيه إغناسيو غاليغو ريفيّا ، شدد على ضرورة الحفاظ على التراث ضمن رؤية مسؤولة للمستقبل الاقتصادي والاجتماعي، وصرح: "لا يجب ألا نغفل أبدًا عمّا هو مهمّ حقًا؛ أي القيم التراثيّة والقيم الإنسانيّة الأساسيّة والتّداخل الثّقافي وتبادل المعارف فهي وحدها الكفيلة بإحداث الفارق".
تابعي أيضا تدشين منظومة فلكية متطورة تدعم توجهات العلا نحو سياحة واكتشافات مستدامة
يمكنكم متابعة آخر الأخبار عبر حساب سيدتي على منصة إكس