قد تظن أن أداءك في العمل يُقاس بما تقوله أو بما تُنجزه من مهام، لكن الحقيقة أن جسدك يرسل إشارات طوال اليوم، تسبق صوتك، وتكشف عن حالتك النفسية أكثر مما تتوقع. لغة الجسد لا تتوقف عند طريقة الجلوس أو حركة اليد، بل تمتد لتشمل نظراتك، وقوفك، استجابتك للمواقف، وحتى توقيت ابتسامتك أو صمتك. ولأن الزملاء والمديرين أحياناً يقرأون هذه التفاصيل أكثر من كلماتك، فإن إدراكك لها هو أول خطوة لحماية صورتك في المكتب. اكتشف خمس إشارات أساسية من جسدك قد تكون أقوى من أي تبرير منطوق. وفقاً للخبيرة في مجال علم النفس الدكتورة ناديا النصير.
تجنُّب النظر يعكس التوتر
عندما تتحدث من دون أن تنظر مباشرة إلى الطرف الآخر، أو تنقل عينيك بسرعة من دون تركيز؛ فإن ذلك يُفسَّر غالباً بوصفه علامة على القلق أو قلة الثقة بالنفس. في الاجتماعات أو عند الحديث مع المدير، غياب التواصل البصري يُشعر الآخرين بأنك تخفي شيئاً، أو أنك غير واثق بما تقول. هذا لا يعني أن تنظر بشكل ثابت مبالغ فيه، بل أن تحافظ على نظرة هادئة وواضحة تعكس اهتمامك وثقتك، حتى لو كنت لا تملك الإجابات الكاملة.
انتبه من: الزملاء المزيفون.. كيف تحمي نفسك منهم في العمل؟
انكماش الجسد يوحي بالدفاعية
عندما تجلس ويداك مكتوفتان أو كتفاك مائلتان إلى الداخل، فأنت ترسل إشارة غير واعية بأنك في وضع دفاعي أو غير مرتاح. هذا النوع من الجلسات يعطي انطباعاً بأنك إما خائف من النقاش، أو تحاول الانسحاب من دون أن تتكلم. فتح الجسد، وتحرير الكتفين، والجلوس بثبات من دون انكماش، كلها علامات على استعدادك للتفاعل والثقة في ذاتك. لا أحد ينتظر منك أن تكون مستعرضاً، لكن طريقة جلوسك قد تحدد إن كان سيتم الاستماع لك أو لا.
حركة اليدين تكشف التوتر الداخلي
كثرة تحريك اليدين من دون سبب، أو اللعب بالقلم، أو فرك الأصابع بشكل متكرر، كلها علامات تدل على أن ذهنك مشغول أو غير مستقر. في بيئة العمل، هذه الإشارات تُفسَّر على أنك مرتبك أو في حالة عدم يقين. بدلاً من ذلك، استخدام اليدين بشكل طبيعي وموزون في أثناء الحديث يعزز من مصداقيتك، ويمنحك حضوراً أكثر ثباتاً. حين تتوازن بين الصمت والحركة، تُظهر تحكماً في طاقتك بدلاً من أن تفضحها من دون أن تدري.
سرعة الحركة تشير للانفعال
إذا كنت تتحرك بسرعة غير مبررة، تنهض فجأة، أو تُنهي حواراً قبل أن يكتمل؛ فأنت بذلك ترسل رسالة بأنك متوتر أو تحت ضغط داخلي. الموظف الذي لا يتحكم في إيقاع حركته يعطي انطباعاً بعدم الاستقرار، حتى لو لم يخطئ في أي كلمة. البطء المبالغ فيه قد يُفسَّر بوصفه سلبية، بينما الانفعال الجسدي الزائد يربك الآخرين. التوازن الحركي يدل على أنك حاضر ذهناً، لكن من دون فوضى داخلية.
الصمت الطويل يبعث رسائل مختلطة
في لحظات النقاش، إذا سكتَّ أكثر من اللازم أو تأخرت في الرد على سؤال بسيط؛ قد يبدو صمتك كأنك متردد، أو تخفي شيئاً، أو غير مهتم، فالصمت ليس سلبياً دائماً، لكنه يصبح مربكاً حين لا ترافقه تعابير وجه واضحة أو لغة جسد تُكمل المعنى. ردودك القصيرة مع وجه خالٍ من التعبير ترسم صورة باهتة عنك حتى لو كنت تؤدي عملك جيداً. استخدم الصمت في لحظات محددة، لكن لا تجعله وسيلتك الأساسية في التعبير.
لماذا قد تؤثر لغة الجسد في صورتك المهنية أكثر مما تفعل كلماتك؟
- لأن الناس تقرأ الإشارات قبل أن تسمع الكلام
في بيئة العمل، يتم الحكم عليك في لحظات سريعة لا تمنحك دائماً فرصة للشرح أو التبرير أو الاعتذار. الزملاء والمديرون يلتقطون إشارات جسدك فور دخولك الغرفة، من طريقة وقوفك إلى نظراتك الأولى. هذه الانطباعات الفورية تبقى راسخة، وقد تؤثر في تقييمهم لك حتى قبل أن تبدأ بالحديث. جسدك يُكوِّن الثقة أو الريبة في ثوانٍ، ولهذا فإن وعيك بسلوكك غير اللفظي هو مفتاح التحكم بالصورة الأولى التي تتركها.
- لأن الانفعال لا يمكن تغطيته بالكلام
يمكنك أن تقول إنك بخير، أو إنك واثق، أو إنك مسيطر على الموقف، لكن إن كان جسدك يقول العكس؛ فالغلبة ستكون للغة الجسد. العقل البشري مبرمج على تصديق الإشارات غير اللفظية لأنها لا تخضع للتجميل. التوتر، القلق، التردد، كلها مشاعر تنعكس في نبرة الصوت، في الارتباك الحركي، وفي نظرات العين، وتُفهم حتى لو أنكرت وجودها بالكلمات؛ لذلك فإن السيطرة على انفعالات الجسد لا تقل أهمية عن قوة الخطاب المنطوق.
- لأن السيطرة على الجسد تعكس نضجاً داخلياً
الموظف الذي يتقن التحكم بجسده هو شخص يتحكم بنفسه من الداخل. الجلوس بثبات، الرد بنبرة موزونة، الحفاظ على تواصل بصري واضح، كلها إشارات على أنك شخص ناضج، وواعٍ، ولا تترك المواقف تقودك. هذا النوع من الحضور لا يصنع فقط الاحترام اللحظي، بل تُبنى عليه الثقة على المدى الطويل. المديرون يميلون لمن يشعرون أنهم متماسكون تحت الضغط، ولغة الجسد هي أول اختبار غير معلن لهذا التماسك.
وداعاً للتردد: كيف تتفوق في المواقف الحرجة في العمل؟.. أسرار التعامل السريع والدقيق