mena-gmtdmp

هل وظيفة المعلم ما زالت إنسانية؟.. 4 صدمات تُغيّر نظرتك للمهنة للأبد

مهنة المعلم وما تخفيه من صراعات لا يراها أحد
مهنة المعلم وما تخفيه من صراعات لا يراها أحد - المصدر: freepik by stockking


في سنوات الطفولة، بدا لنا المعلم هو النموذج الأسمى، صاحب السلطة والمعرفة والشخصية المؤثرة. كبرنا، فاكتشفنا أن المعلم نفسه كان يعيش صراعاً يومياً مع متغيرات لم نرها. في زمن ازدادت فيه الضغوط على هذه المهنة، لم تعد الرسالة كافية للصمود، بل أصبحت المهمة ثقيلة، يواجه فيها المعلم تهميشاً متصاعداً، وتغيراً عميقاً في نظرة المجتمع. فهل ما زالت هذه المهنة إنسانية كما اعتدنا أن نراها؟ أم أن وراء الصمت وقوفاً طويلاً أمام واقع جارح؟ إليك أربع صدمات قد تغير فكرتك عن التعليم إلى الأبد. بحسب المعلمة أبرار المعايعة خريجة أكاديمية الملكة رانيا.

التقييم الإداري أصبح أهم من جودة التعليم

لم تعد قدرة المعلم على إيصال الفكرة وتشكيل الوعي هي المعيار الوحيد لنجاحه. بل أصبحت تقارير الإنجاز، والملفات المليئة بالجداول والنماذج، هي المرجع الأول لتقييمه. يقضي المعلم ساعات طويلة في مهام توثيقية تستهلك طاقته الذهنية، وتسرق من وقته المخصص للإعداد والتفكير التربوي الحقيقي. هذا الانشغال بالتقارير بدلاً من العقول يجعل من مهنة التعليم أقرب إلى إدارة ملفات بدلاً من بناء أجيال، ويخلق شعوراً داخلياً بأن القيمة الحقيقية للمعلم لم تعد في عطائه، بل في اكتمال أوراقه.
لجذب الأنظار: طرق مهمة للتغلب على روتين العمل ومنطقة الراحة الخاصة بكِ

الطالب أصبح صاحب اليد العليا في العلاقة التربوية

تغيّرت موازين السلطة في الصف الدراسي. لم يعد الطالب يتلقى التوجيه فقط، بل أصبح يقيّم ويراقب ويحاكم في بعض الحالات. في ظل دعم مفرط من بعض الأنظمة التعليمية والمجتمعية، تحول بعض الطلاب إلى عناصر ضاغطة، قد تهدد المعلم بالشكوى أو الإساءة أو حتى التجاهل الكامل. هذه العلاقة المشوشة تؤدي إلى ارتباك في الدور التربوي، وتجعل المعلم حذراً من ممارسة دوره التوجيهي خوفاً من ردة فعل تخرج عن حدود الصف، وتصل إلى مكاتب الإدارات أو حتى الإعلام. في هذا المناخ، يصبح التعليم مرهوناً بردّات الفعل، لا بنضج الفكرة.

المعلم يتحمل مسؤولية فشل ليس له فيه يد

حين يتراجع مستوى التعليم، أو تتدهور نتائج الطلاب، غالباً ما يُلقى اللوم المباشر على المعلم. يتم التعامل معه كأنه المسؤول الوحيد عن تدهور المنظومة، رغم أنه الحلقة الأخيرة في سلسلة طويلة، تبدأ من السياسات وتنتهي بالمناهج وظروف البيئة المدرسية. يتحمّل المعلم وحده الضغط، ويتلقى النقد، دون أن يملك سلطة التغيير الحقيقي. هذا الوضع يخلق داخله شعوراً بالظلم المتكرر، ويدفعه إلى الانغلاق والانكفاء بدلاً من التطور، وكأن المجتمع يحمّله نتائج معارك لم يُستشر فيها أصلاً.

جفاف العلاقة العاطفية بين المعلم والتعليم

التعليم كان في الماضي فعلاً عاطفياً وإنسانياً قبل أن يكون مهمة مهنية. العلاقة بين الطالب والمعلم كانت تنمو على أساس من الثقة والمودة والتقدير. اليوم، تحت ضغط المهام الإدارية، وكثرة المتطلبات، وتراجع التقدير المجتمعي، بدأ كثير من المعلمين بفقدان هذه العلاقة الروحية بالمهنة. تحوّل التعليم إلى روتين يومي لا يتسع للمشاعر، ولا يمنح فرصة لبناء علاقة شخصية مع الطالب. الجفاف في المشاعر يؤدي إلى فتور في الأداء، ويحوّل المهنة إلى عمل وظيفي خالص يخلو من الإلهام والتأثير الحقيقي.

فهل ما زالت مهنة التعليم إنسانية؟

رغم كل التحولات التي طرأت على المهنة، ما زال هناك منْ يحمل شعلة الشغف في قلبه، ويقاوم الانحدار رغم الظروف. لكنّ كثيراً من المعلمين اليوم يعملون وسط بيئة لا تمنحهم فرصة للعودة إلى جوهر المهنة الإنساني. أصبحت ضغوط الإدارة، وضعف الدعم، والمكانة المتراجعة، كلها عوائق تسحب منهم الروح التي تجعل التعليم رسالة لا وظيفة. استعادة إنسانية التعليم ليست مسؤولية المعلم وحده، بل مسؤولية مجتمع يعيد له مكانته، ويمنحه البيئة التي تتيح له أن يربّي لا أن ينجو فقط.
تعرف إلى: 4 أسئلة يطرحها المدير الناجح دائماً.. هل تعرف الإجابات؟