ما هو التعارف المتبادل بين الأم والرضيع؟/%D8%B3%D9%8A%D8%AF%D8%AA%D9%8A-%D9%88%D8%B7%D9%81%D9%84%D9%83/%D9%85%D9%88%D9%84%D9%88%D8%AF%D9%83/1816628-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D9%84-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B6%D9%8A%D8%B9
التعارف المتبادل يظهر مبكراً عند الرضيع
إذا كانت الأم ترتبط بالطفل الرضيع بعلاقة مميزة، وهي علاقة ليست قائمة من الأساس على تغذية الرضيع منذ ولادته عن طريق الرضاعة الطبيعية، ولكنها تزيد عن ذلك بكثير، وإن كنا لا ننكر فوائد الرضاعة من الأم من الناحية الصحية على الطفل والتي لا يمكن استبدالها بأي وسيلة أو مقارنتها بطرق أخرى لتغذية الرضع. يوماً بعد يوم تظهر الدراسات العلمية والإحصاءات والتجارب المرتبطة ببحث علاقة الطفل الرضيع ومنذ ولادته بالأم، وإذا كانت هذه العلاقة تبدأ منذ اللحظات الأولى لخروج الطفل إلى الحياة فقد توصلت تلك الدراسات التي لا تتوقف إلى أن هناك علاقة من نوع خاص تنشأ مع المولود والأم، ويكون الطفل هو الذي يبدأ بها، ولذلك فقد التقت "سيدتي وطفلك" وفي حديث خاص بها بالدكتورة وفاء أبوالسعيد، استشارية طب الأطفال وحديثي الولادة، حيث أشارت إلى علاقة خاصة بينك وبين مولودك وتعرف بمسمى خاص هو التعارف المتبادل بين الأم والطفل وفوائد هذه العلاقة وطرق لتعزيزها خلال مرحلة الرضاعة خصوصاً في الآتي:
ما هو التعارف المتبادل بين الأم والرضيع؟
التواصل بين الأم والمولود
اعلمي أنك من الطبيعي أن تلاحظي تصرفاً طريفاً يقوم به رضيعك أثناء القيام بعملية الرضاعة الطبيعية وهو أنه يقوم بوضع يده كلها في فمك، وقد تستغربين هذا التصرف، وقد تلاحظين أيضاً أنه يقوم وعلى صغره بدس أصابعه الصغيرة كلها أو أحد أصابعه حين يكبر قليلاً أي بعد عدة شهور من استمرار الرضاعة الطبيعية، وكأنه يطلب منك أن تقومي بمص إصبعه.
لاحظي من خلال قيامك بعملية الرضاعة الطبيعية التي يجب أن تستعدي لها نفسياً وجسدياً أن طفلك الرضيع وعلى صغره أيضاً قد يقوم في بعض الأحيان، وحين تداعبينه وتلاعبينه وتتحدثين معه قد يقوم بدس قدمه الصغرى في فمك، ويبدأ في إفلات حلمة الثدي ويقوم بالضحك والكركرة فتسمعين صوت ضحكاته، وهذا التصرف الطريف الذي يجب أن يطمئن الأم فهو ينبع من شعور الرضيع الجيد والصحي بأن الرضاعة هي عملية تبادلية بينه وبين أمه.
اعلمي أن طفلك الصغير حين يشعر بأن عليه أن يقدم شيئاً أو مقابلاً للأم مقابل ما تقدمه من حب وحنان وغذاء وشعور بالأمان، فعندما يلتقم حلمة ثدي الأم؛ فهو يريد أن يقدم لها ما يقابل هذا العطاء بأن يضع أصابعه في فمها، وتوقعي أنه وحين يكبر قليلاً ويصبح قادراً على الإمساك بالأشياء في قبضته فقد يلتقط قطعة طعام صلب مثل قطع الفاكهة المقسمة على شكل أصابع ويضعها في فم الأم خلال قيامها بإرضاعه أو إطعامه ويبدو مصراً على ذلك ويبكي وتبدو عليه أمارات الحزن حين ترفض الأم ما يفعله أو حين تبدو مشغولة عنه.
أهمية التعارف المتبادل بين الأم ورضيعها
رضيع يضع أصابعه في فمه
اعلمي أن قيام طفلك الرضيع وخلال الفترة التي يقضيها في مرحلة الرضاعة الطبيعية، أي حين تضعينه على صدرك، بأن يضع أصابعه الرقيقة في فمك ويبتسم خلال هذا التصرف فهو يدل على شعور الرضيع بالامتنان لأمه، وعلامة مهمة ودالة على نجاح العلاقة العاطفية معها.
اعلمي أنه وبناءً على ما توصل إليه "زيليكو لوباريك" وهو أستاذ الفلسفة في جامعة Unicamp أنه وعندما يسير كل شيء بين الأم والطفل على ما يرام، أي أن هناك علاقة قبول وتبادل للنظرات بينه وبين الأم من خلال التواصل البصري أولاً وخلال الأيام الأولى للولادة وخروج الطفل للحياة، فالطفل يتعلم ما يطلق عليه مفهوم "التبادلية"، ويسمي العالم وينيكوت هذا التصرف بـ"التعريف المتبادل"، وحيث يتماثل الطفل مع الأم في مبدأي "العطاء والأخذ" وهما مبدآن مهمان ويتطوران مع الإنسان طيلة حياته، وهذا التعارف التبادلي بحسب رأي وينيكوت هو تصرف أساسي ومهم بالنسبة للطفل لبداية حياة اجتماعية خاصة به بحيث تكون حياة صحية خالية من الأنانية على الأقل.
احرصي على اتباع قواعد الرضاعة الصحيحة من أجل أن تلاحظي علامات نجاح الرضاعة الطبيعية وشبع الطفل، ومن هذه القواعد الحرص على تكريع وتجشؤ الرضيع؛ لكي تزيدي من كمية الحليب في صدرك، ويفضل أن يتم التكريع بعد الرضاعة من كل ثدي، وأن تستمر مدة الرضاعة نصف ساعة من الثديين، مع الحرص على التواصل البصري بينك وبين رضيعك لأن انشغال الأم يؤثر كثيراً على نفسية الرضيع، وينعكس ذلك على صحته واكتسابه للوزن وتطور نموه.
فوائد نفسية عامة للرضاعة الطبيعية تعود على الأم والرضيع
أم مع رضيعها
اعلمي أنه قد أثبتت الدراسات العلمية حول العالم أن الرضاعة الطبيعية من الأم تحسّن المزاج بشكل عام والوضع النفسي، وتقلل مستويات التوتر عند الأم وتحميها من أعراض كآبة ما بعد الولادة، وتعزز من العلاقة بينها وبين طفلها كعلاقة وجدانية طول العمر.
اعلمي أن دور عملية الرضاعة الطبيعية في خفض خطر اكتئاب ما بعد الولادة عند الأم ينبع من قدرتها على تحسين كل من مستوى هرموني الأوكسيتوسين والبرولاكتين اللذيْن يفرزهما جسم الأم خلال الرضاعة الطبيعية، مما يسهم بشكل كبير في تعديل مزاج الأم بصفة عامة وحمايتها من مخاطر الاكتئاب، ولذلك فالأم التي ترضع طفلها من ثدييها لن تتساءل لماذا تغيب مشاعر الأمومة بعد الولادة؟ وما هي الكآبة البيضاء؟ حيث إن الرضاعة هي التي تحمي الأم من كل المشاكل النفسية مع مسئولية الأمومة الجديدة.
توقعي أن تعمل الرضاعة الطبيعية واستمرارها لسنة على الأقل على تعزيز التطور العاطفي والاجتماعي لدى الطفل، بعكس الأطفال الذين لم يرضعوا من أمهاتهم وحين يتعرضون للإصابة بالتوحد والانطواء والفشل في بناء علاقات اجتماعية بسهولة.
لاحظي أن الرضاعة الطبيعية تنعكس بأثر إيجابي على الأم المرضع، حيث تشعر وتلاحظ بتحسن في مدة النوم لديها وجودته، وحيث تنخفض لدى الأمهات المرضعات حالات اضطرابات النوم التي تعاني منها الأم النفساء عادة.
اعلمي أنه حسب ما توصلت إليه الأبحاث التي عكفت عليها كل من منظمة الصحة العالمية والمفوضية الأوروبية للصحة العامة، وكذلك الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، فعملية الرضاعة الطبيعية كخطوة وخيار تغذية للطفل تعمل على خفض استجابة الأمهات المرضعات لتعابير الوجه السلبية والسيئة مثل الغضب، بينما تزيد استجابة الأمهات لتعابير الوجه الإيجابية؛ مثل الفرح والتشجيع والتحفيز والشعور العام بالطاقة والنشاط.