نعم هناك بعض من الأمهات يعانين من مشاعر سلبية تجاه المولود بمجرد الولادة، ومن الممكن أن تكره الأم طفلها، وهناك بطبيعة الحال أسباب خاصة تساهم في ذلك التغيرات الهرمونية، وضغوط الحياة، أو تجارب سابقة سلبية، أو قد تكون الحالة وراثية.
كما تشير الإحصاءات إلى أن حوالي 10% إلى 13% من الأمهات يصبن باكتئاب ما بعد الولادة، أو كآبة الأمومة أو ما يسمى بالكآبة البيضاء، وقد تصل بعض الحالات إلى مرحلة إيذاء النفس أو المولود، ولكن هذه المشاعر تكون مؤقتًة.
وهنا تؤكد الدكتورة عالية أيوب، أستاذة التربية والصحة النفسية: أن المشكلة الأكبر في خطورة هذه المشاعر واستمرارها أحياناً، لذلك من المفيد تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأم في هذه المرحلة الجديدة.
أسباب اكتئاب ما بعد الولادة

لا يوجد سبب واضح لحالة الاكتئاب بعد الولادة، ولكن يعتقد أنه مزيج من عوامل متعددة، مثل:
- تغيرات هرمونية مفاجئة بعد الولادة؛ حيث تنخفض هرمونات الحمل بشكل مفاجئ، وتختل التوازنات الكيميائية ما قد يؤدي إلى مزاج متقلب أو اكتئاب مؤقت.
- التعب الجسدي والنفسي الشديد وقلة نوم المرأة نتيجة الاعتناء بالطفل، أو وجود سيرة مرضية للإصابة بالاكتئاب خلال الحمل الحالي أو في حمل سابق.
- وجود سيرة عائلية وراثية للإصابة بالاكتئاب أو المرض العقلي، أو التعرض لحدث صعب خلال فترة الحمل، مثل موت الزوج أو فقدان الدخل.
- عدم وجود دعم عاطفي كافي من العائلة، وقد يكون بسبب حدوث مضاعفات أثناء الولادة، أو ولادة طفل يعاني مشاكل صحية، وربما نتيجة التعرف للعنف الأسري.
- مواجهة الأم لصعوبة في الرضاعة الطبيعية، أو شعرتِ بالألم أو الإحباط، ما يؤثر سلبًا على مشاعرها تجاه الطفل نفسه.
- عدم وجود من يحتويها ويدعمها نفسياً وعاطفيًا، فقد تشعر بأنها وحيدة، وهذا يُضعف قدرتها على تكوين علاقة سليمة بطفلها.
- مرور الأم بتجارب سابقة تأثيرها سلبي على الأم؛ مثل فقدان طفل أو التعرض للعنف، مما يؤثر على مشاعرها تجاه أطفالها.
أعراض الاكتئاب بعد الولادة

الأعراض الخفيفة:
- تغيرات في المزاج.
- اضطرابات في النوم.
- تغير في الشهية.
- قلة الرغبة تجاه العلاقة الزوجية.
الأعراض الأكثر شدة:
- نوبات من البكاء غير المبرر.
- عدم الاهتمام بالطفل، وقلة الشعور برابط معه.
- تنتابها أفكار انتحارية.
- نوبات من الغضب والهياج.
- الرغبة في إيذاء الآخرين.
- الشعور باليأس والإحباط.
- قلة التركيز وعدم القدرة على اتخاذ القرارات.
متى يبدأ اكتئاب ما بعد الولادة وإلى متى يستمر ؟

تبدأ الأعراض الاكتئابية في الظهور على الأم الجديدة خلال الأسبوع الأول من الولادة تقريباً، وإن كان يصعب ملاحظتها في البداية؛ نظراً لما تعانيه السيدة من مشاعر طبيعية بالتعب والإرهاق بعد الإنجاب، و أحيانًا تظهر الأعراض خلال العام الأول وليس الأسبوع الأول.
قد يستمر بالفعل لدى بعض الأزواج لمدة 3 سنوات بعد الإنجاب،؛ إذ أظهرت بعض الدراسات أن كلا الوالدين وليس المرأة فقط من يعاني من أعراض اكتئاب بعد الولادة.
تأثير الاضطرابات النفسية بعد الولادة على الطفل
من المهم المبادرة بعلاج أعراض الاكتئاب بمجرد ظهورها، حيث إن تأخير العلاج قد يعرض الأم وطفلها لعدد من المخاطر:
- بعض السيدات يرفضن إرضاع أطفالهن رضاعة طبيعية بالرغم من أهميتها .
- افتقار الرضيع إلى الاهتمام اللازم من قبل الأم؛ تجاه المشاكل الصحية والأعراض الغريبة التي قد تظهر عليه.
- إهمال الرعاية الصحية الروتينية للطفل؛ مثل الانتباه إلى مواعيد التطعيم والكشف الدوري عند طبيب الأطفال.
ما هي الكآبة البيضاء أو كآبة الأمومة؟

كآبة الأمومة أو الكآبة البيضاء حالة غالبًا ما تعاني منها معظم الأمهات الجدد، وتصيب المرأة خلالها:
- تقلبات مزاجية مفاجئة، مثل الشعور بالسعادة، ثم الشعور بالحزن الشديد، وقد تبكي دون أي سبب.
- فقدان صبرها، وسرعة الانفعال، وقد تستمر حالة الكآبة معها لعدة أشهر من ولادة أي طفل، وليس الطفل الأول فقط. تؤثر غالبًا في قدرة الأم على القيام بأداء مهامها اليومية؛ حيث تشعر بالإحباط بعد أقل مجهود.
- مع شعور برفض للطفل الذي حرمها من حياتها الطبيعية، وقد تضطر إلى إقصائه من حياتها؛ بعدم رعايته وإرضاعه.
أسبابها المباشرة:
- يعتقد أن السبب المباشر لحدوث الكآبة البيضاء أو كآبة الأمومة بأن لها علاقة بالتغيرات الهرمونية التي تحدث خلال فترة الحمل، والتغييرات الهرمونية بعد الولادة كذلك.
- لا يمكن تجاهل التغير المفاجئ على المرأة حديثة الأمومة، حيث يخضع نظام حياتها للكثير من التغييرات بعد الإنجاب، بجانب اضطرابات النوم والتي تساهم ككل في التأثير على الحالة النفسية للمرأة.
- إضافة إلى الحزن والبكاء دون سبب واضح، نفاذ الصبر، الهيجان، عدم الراحة، القلق والأرق حتى عندما يكون الطفل نائماً. ضعف التركيز.التقلب في المزاج.
إجراءات تساعد الأم على التقليل من الأعراض:
- أعطي لنفسكِ الوقت؛ لا تضغطي على نفسكِ لتُحبي فورًا، الحب مثل النبات، يحتاج إلى ماء ورعاية ووقت.
- افعلي "أفعال الحب" حتى وإن لم تشعري به؛ احتضني طفلك، ابتسمي له، الأفعال تقود المشاعر أحيانًا.
- تحدثي مع أم مرّت بالتجربة، الأمومة تُصبح أهون حين تشاركينها.
- لا تقارني نفسك بالأمهات كل أم رحلة خاصة، وكل طفل قصة مختلفة.
- اطلبي الدعم، ولا تخجلي من طلب المساعدة النفسية.
- تحدثي مع شخص موثوق حول المشاعر التي تسيطر عليك.
- حافظي على التغذية المتوازنة الصحيحة والصحية.
- تنزهي للحظات قليلة في الهواء الطلق، بعيداً عن مهام الأمومة، و المسؤوليات الجديدة.
- لا تبحثي عن الكمال في رعاية الطفل والقيام بدورك كأم، خاصة في الأسابيع الأولى، امنحي بعض الوقت لنفسك.
*ملاحظة من"سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.