يبدو أن جيل زد يرسم طريقاً جديداً في الساحات المهنية، لأنه يختلف كثيراً عن الأجيال التي سبقته من حيث الصفات والسلوك أيضاً. فإن جيل زد، المولودين بين أواخر التسعينيات وبداية العقد الثاني من الألفية، هو أول الأجيال التي نشأت بالكامل في العصر الرقمي ما رمى بظلاله على كامل سماتهم الشخصية.
يمكن القول إن جيل زد آثر كثيراً على بيئات العمل، من خلال مجموعة من القيم والسلوكيات والتوقعات و التي جاءت مختلفة تماماً مقارنة بالأجيال السابقة، مثل جيل الألفية وجيل إكس.
إعداد:إيمان محمد
صفات جيل زد في العمل
تكشف أبحاث جامعة ستانفورد، عن ملامح دقيقة لسمات جيل زد في العمل، وكيف يمكن للمؤسسات الاستفادة منها أو التعامل مع تحدياتها؟
الرغبة المستمرة في التغيير
جيل زد نشأ في عالم رقمي اتسم بسرعة وتيرة التغيير، وهو إيقاع فرضته التكنولوجيا وكذلك التغيرات الاجتماعية المتسارعة. بالنسبة لهم (جيل زد)، التغيير ليس استثناءً بل هو القاعدة الطبيعية. وأرجعت الدراسات هذه السمة إلى التطورات التقنية المتلاحقة التي باتت جزءاً طبيعياً من حياتهم، مما جعلهم أكثر مرونة وقدرة على التكيف مع التحولات. تقول الباحثة روبيرتا كاتس من ستانفورد إن هذه الخلفية جعلتهم يتساءلون دائماً عن طرق العمل المتبعة، ويبحثون عن أساليب أكثر كفاءة وابتكاراً.

جيل براغماتي
جيل زد عملي لا يعرف إلا الحقائق ويبحث عنها بنفسه من ثم لا يمكن التهاون بقدراته، أيضاً هذا الجيل عادة لا يعتمد في حل المشكلات على آراء الخبراء أو النماذج التقليدية. هم عمليون بطبيعتهم، لا يقبلون الأمور كما هي من دون بحث وأسئلة تحقق الاقتناع، كما يميلون إلى اختبار صحة أي معلومة أو أسلوب عمل قبل الالتزام به.
الرغبة في التأثير
لا يبحث جيل زد عن وظيفة توفر راتباً جيداً فقط، بل يريدون أن يكون لعملهم هدف أوسع وفائدة مجتمعية. إنهم يفضلون الشركات التي تتبنى مواقف واضحة من القضايا الكبرى مثل تغير المناخ، والمساواة، والعدالة الاجتماعية. لكن التجارب العملية تحذر من أن هذه التوقعات قد تضع المؤسسات في مواقف صعبة، خاصةً عند التعامل مع قضايا سياسية أو اجتماعية حساسة.
التعاون في العمل
واحدة من تأثيرات العصر الرقمي والتواصل المستمر على جيل زد، أنهم أصبحوا أكثر ميلاً للتعاون وروح الفريق في العمل. بالنسبة لهم، النجاح لا يتحقق بالجهود الفردية فقط، بل بروح الفريق المتكاملة.

التمرد على التسلسل الهرمي
على عكس الأجيال السابقة التي كانت أكثر تقبلاً للتسلسل الهرمي التقليدي، يفضل جيل زد أن يقود العمل من يمتلك الخبرة المناسبة للمهمة، حتى لو كان ذلك بشكل مؤقت أو متناوب. إنهم يفضلون ما يُعرف بـ”القيادة التعاونية”، حيث تتخذ القرارات بشكل جماعي ويراعي مبدأ الشفافية، مع تقدير القادة الذين يعملون في خدمة الفريق لا العكس.
التوازن بين الصحة النفسية والعمل
الجيل السابق لجيل زد، وهو جيل الألفية، اعتادوا على الاحتراق من أجل العمل، ويبدو أن جيل زد تعلم الدرس وصار في مسار مختلف. حيث يولي جيل زد أهمية كبيرة للحفاظ على التوازن بين العمل والحياة الشخصية. نشأوا في فترة شهدت انكسار نموذج "الدوام من 9 إلى 5" وصعود أساليب العمل المرنة، مثل العمل من المنزل، مما جعلهم واعين لمخاطر العمل المستمر على الصحة النفسية.
الولاء بشروط
كما سبق وذكرنا، فإن جيل زد معروف بأنه عملي، من ثمّ لا يعطي الولاء لأية شركة أو مؤسسة إلا بشروط، مثل التزامها بتوقعاتهم فيما يخص الاستقرار، والمرونة، وفرص التطوير. إذا لم تتحقق هذه المعايير، فهم لا يترددون في الانتقال إلى مكان آخر.
اقرئي أيضاً: تعرفي إلى أبرز نقاط القوة والضعف لدى جيل زد
الثقة والشفافية
الثقة بالنسبة لجيل زد ليست مجرد شعور، بل تتجسد في التوافق بين الأقوال والأفعال. إنهم يقدرون المؤسسات والقادة الذين يتحلون بالشفافية والصدق، ويرفضون المظاهر الزائفة. التواصل القائم على الاحترام المتبادل والانفتاح على الأفكار الجديدة عنصر أساسي في علاقتهم بالعمل.
الرقمنة والابتكار
جيل زد هو الأبرز في التعاطي مع التكنولوجيا، وبسبب هذه السمة فهو قادر على الابتكار وإنجاز المهام من خلال تطويع الأدوات التقنية الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي. أيضاً جيل زد يمكنه التعلم سريعاً من خلال منصات رقمية، كل هذا يؤثر على بيئة العمل ويجعل لجيل زد طابعاً خاصاً.
التواصل السريع
جيل زد في العمل لا يعرف الطرق التقليدية مثل كتابة المذكرات، بينما يفضل الرسائل الفورية والمباشرة، كما لا يفضلون الإجراءات المفرطة في الرسمية، ويميلون إلى بيئة عمل مفتوحة تتيح لهم التعبير بحرية وتبادل الأفكار من دون قيود جامدة..
استراتيجيات للتعامل مع جيل زد
تشير التقارير إلى أن المؤسسات التي ترغب في جذب جيل زد والاحتفاظ به، عليها تبني استراتيجيات واضحة، مثل:
- توفير ساعات عمل مرنة وخيارات للعمل عن بُعد.
- ربط المهام اليومية برؤية وأهداف ذات أثر مجتمعي واضح.
- الاستثمار في برامج التطوير والتدريب المستمر.
- تبني الشفافية في القرارات والإدارة.
- ترسيخ ثقافة التنوع والشمول.