mena-gmtdmp

بمناسبة يوم المرأة الإماراتية: مهام نسائية برؤية شبابية في متحف اللوفر أبوظبي

صورة متحف اللوفر
بمناسبة يوم المرأة الإماراتية: مهام نسائية متعدّدة لها رؤية خاصة في متحف اللوفر أبوظبي

من متحف اللوفر أبوظبي، الذي عرَّفته الموسوعة العربية، بأنه «دار لحفظ الآثار القديمة، والتحف النادرة، وروائع المنحوتات واللوحات الفنية، وكل ما يتصل بالتراث الحضاري، وقد يضم المتحف أعمالاً علمية أو أعمالاً فنية، ومعلومات عن التاريخ والتقنية». وفيه مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية والقطع الأثرية المهمة التي تسلّط الضوء على الإبداع الإنساني عبر العصور. يمتد المتحف على مساحة 6,400 متر مربع، ويقدم المتحف استكشافاً شاملاً للثقافات والحضارات المتنوعة. من الآثار القديمة إلى الروائع المعاصرة، يمكن للزوّار اكتشاف عرض ثري للإبداع الإنساني، حيث للمرأة الإماراتية التي تشكل نسبة كبيرة من القائمين على المتحف، دور كبير في إدارته، وتنظيم فعالياته، ومراقبة مقتنياته، "سيدتي"، وبمناسبة يوم المرأة الإماراتية، والذي تم اعتماده تحت شعار “يدا بيد نحتفي بالخمسين” شعاراً رسمياً ليوم المرأة الإماراتية 2025، قابلت آمنة الزعابي - مساعدة أمين متحف أولى في اللوفر، و شيخة الزعابي - مديرة البرامج الثقافية في اللوفر بالإنابة، وسلطت الضوء على أنشطتهما، ودورهما في هذا الصرح المهيب.

إعداد: لينا الحوراني

آمنة الزعابي: ندمج بين روائع الفن العالمي ومفردات الثقافة المحلية

آمنة الزعابي


تنسج آمنة الزعابي، مساعدة أمين متحف أولى في اللوفر أبوظبي، مسيرتها بين عوالم الآثار، المتاحف، والفن المعاصر. وقد حصلت على شهادة البكالوريوس في تاريخ الفن وعلم الآثار من جامعة السوربون أبوظبي عام 2017، ثم أكملت فيها برنامج الماجستير في تاريخ الفن ودراسات المتاحف عام 2019. وفي عام 2024، تتابع قائلة: "التحقت بمعهد اللوفر في باريس، حيث حصلت على دبلوم ما قبل الدكتوراه، وتعمقت في دراسة تاريخ الفن والآثار والممارسات المتحفية. ركزت أبحاثي بشكل خاص على تطور المتاحف الأثرية في دولة الإمارات، وهو موضوع أرتبط به شخصياً وأسعى من خلاله إلى المساهمة في تطوير وتخيّل مستقبل الإرث الأثري في الدولة.
تتعدّد مهام آمنة، لتشمل التنقيب في أرشيفات الذاكرة، وتفسير طبقات الزمن عبر الأعمال الفنية والقطع الأثرية، تستدرك قائلة: "أعمل على تطوير السرديات المتحفية لتكون أكثر اتساعاً وعمقاً، بحيث تعكس تعددية الأصوات وتقاطعات الحضارات. وأُشرف على تنظيم المعارض المؤقتة والدائمة، وأساهم في صياغة النصوص التفسيرية، والتنسيق مع القيّمين والفنانين والباحثين، إلى جانب تعزيز التعاون الثقافي والعلمي بين اللوفر أبوظبي ومختلف متاحف العالم، بما يضمن بقاء المتحف فضاءً حيّاً ومتجدِّداً للتأمّل والحوار. ومن خلال عملي، أتنقّل بين مهام متعدّدة تتكامل لتُشكّل رؤيتي المتحفية، بحيث يصبح المتحف نقطة التقاء بين الماضي والحاضر، بين المحلي والعالمي. وتمتدّ هذه الرؤية نحو بناء سردية تُجسّد روح المكان، وتحاور العالم من موقعها الخاص، لا على هامشه".
تطمح آمنة لأن تتجاوز المعروضات كونها مجرد مقتنيات مادية، لتغدو شواهد على أسئلة الإنسان الكبرى والتي تتمحور حول الانتماء والهوية والتنقّل.

نُدرك تماماً أهمية الحفاظ على هوية المتحف كمؤسسة إماراتية تتحدّث من هذا المكان وإليه

طاقة سردية قادرة

طاقة سردية قادرة


ساهمت آمنة في تنسيق وصياغة محتوى عدد من المعارض البارزة التي شكّلت لحظات مفصلية في مسيرتها، منها:
طرق التجارة في الجزيرة العربية: روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور" (2018)، وهو معرض كشف عن عمق الروابط التجارية والثقافية في شبه الجزيرة العربية "شاركت فيه ببناء محتوى يعكس تقاطع المسارات والذاكرات من العصور القديمة إلى وقتنا الحالي".
"حكايات الورق وأسراره" (2022)، وهو معرض عملت عليه عن قرب، وتوليت فيه الإشراف على اختيار مجموعة من الأعمال الفنية الإماراتية وتطوير السرد، مستحضرة أسرار صناعة الورق وأبرز سماته، بالإضافة إلى العلاقة المعقدة بين الذاكرة والكتابة على الورق، وعن هذا تقول: "يتم اختيار الأعمال وفق معايير دقيقة تُراعي قيمتها الجمالية والتاريخية، ومدى ارتباطها بموضوع المعرض، وقدرتها على فتح أفق للتأمّل والسؤال. نبحث عن الأعمال التي تحمل طبقات من المعنى، وتملك طاقة سردية قادرة على التواصل مع الجمهور على مستويات متعددة، من دون أن تفقد ارتباطها بسياقها الثقافي الأصيل".
متاحف مميزة يمكنكِ زيارتها في إجازة الصيف

الجذور والامتداد

الجذور والامتداد


من أكبر التحديات، التي واجهت آمنة، هو التنقّل بين منهجيات سردية مختلفة، ومحاولة إيجاد لغة بصرية وفكرية مشتركة بين مؤسسات لها خلفيات ثقافية متنوّعة. فالتنسيق مع المتاحف العالمية يتطلّب الكثير من المرونة والوعي، تعلّق قائلة: "لأننا في الوقت نفسه، نُدرك تماماً أهمية الحفاظ على هوية المتحف كمؤسسة إماراتية تتحدّث من هذا المكان وإليه. لهذا، نسعى لخلق توازن دقيق بين المعروضات العالمية والرؤية الثقافية المحلية، لا من باب التجميل أو التزيين، بل من باب الجذور والامتداد. نحرص على أن تكون المعروضات قادرة على عكس الروح الإماراتية ضمن سياق عالمي، حيث لا يتوارى الصوت المحلي خلف صدى الآخر، بل يحاوره بندّية ووعي.
وفي عام 2021، ضمن احتفالات دولة الإمارات باليوبيل الذهبي لتأسيس الاتحاد، شاركتُ آمنة في تنسيق تجربة عرض خاصة ضمن القاعات الدائمة للمتحف، سلطت الضوء على التنوع الثقافي والتاريخي للدولة من خلال عرض قطع أثرية تمثّل كل إمارة من الإمارات السبع.
قطع فنية من متحف أورسيه الفرنسي في لوفر أبوظبي

استراتيجيتنا

تتمثّل استراتيجية المتحف في إعادة قراءة الهوية الإماراتية، ليس كمفهوم مغلق أو ماضٍ جامد، بل كنسيج حيّ يتفاعل مع العالم، ويتجدّد من دون أن يُفرّط بجذوره. نسعى لتقديم معروضات تُجسّد هذا التوازن، تعلق آمنة: "المهم أن ترى نفسك في مرآة الآخر، بدون أن تغيب ملامحك. من هنا، ندمج بين روائع الفن العالمي ومفردات الثقافة المحلية، ونُعيد تأويل الماضي بما يخدم الحاضر ويُلهم المستقبل".

شيخة الزعابي: تعزيز حضور الهوية الوطنية ضمن سياق عالمي

شيخة الزعابي


يحرص متحف اللوفر أبوظبي على تنظيم برامج ثقافية تُجسّد جوهر المعارض المؤقتة ومجموعة المتحف الفنية، من خلال تقديم جلسات حوارية، عروض فنية، عروض أفلام، وغيرها من الفعاليات التي تجمع بين مختلف الثقافات والتجارب الإنسانية، كما تؤكد شيخة الزعابي، مديرة البرامج الثقافية في اللوفر أبوظبي بالإنابة، وتتابع: " تهدف هذه البرامج إلى تعزيز التفاعل بين الزوار والمحتوى المعروض، مما يُسهم في تعميق فهمهم للتاريخ العالمي المشترك، وتسليط الضوء على الروابط التي تجمع بين الحضارات عبر العصور. ويتم اختيار هذه البرامج بعناية وفق منهجية تستند إلى القيم الأساسية لمتحف اللوفر أبوظبي. كما يُؤخذ في الحسبان التنوع الثقافي والجغرافي لضمان شمولية المحتوى، وتقديم روايات متعددة تُبرز الروابط التاريخية والثقافية التي تجمع بين الحضارات.

نعمل على توفير منصة مشتركة للفنانين الإماراتيين والعالميين ضمن رؤية المتحف كمركز ثقافي عابر للحدود

تنويع محتوى البرامج

تنويع محتوى البرامج


في متحف اللوفر أبوظبي، يحرص، القائمون عليه على تقديم برامج ثقافية تجمع بين الطابع العالمي والهوية المحلية، بما يعكس رسالتنا كمتحف يعبر عن التبادل الثقافي والانفتاح على الحضارات المختلفة. تستدرك شيخة: "ضمن هذا الإطار، نركز على تصميم فعاليات وبرامج ثقافية تستقطب مفكرين وفنانين ومبدعين من مختلف أنحاء العالم، إلى جانب إبراز صوت الفنانين الإماراتيين ومنحهم مساحة فاعلة للمشاركة والتعبير. نقدّم من خلال برامجنا الثقافية منصة حيوية تسمح للفنانين المحليين بالمشاركة في جلسات حوارية، عروض أدائية، وغيرها من الفعاليات، إلى جانب ضيوف عالميين، بما يخلق تفاعلاً حقيقياً بين الثقافات ويتيح تبادل الخبرات والتجارب. ونؤمن أن تمكين الفنان الإماراتي وإدماجه في حوارات ثقافية مفتوحة يُسهم في تعزيز حضور الهوية الوطنية ضمن سياق عالمي أوسع. ونعمل على إعداد برامجنا الثقافية بالتعاون مع عدد من الشركاء المحليين والدوليين، من بينهم مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، ومركز الفنون في جامعة نيويورك أبوظبي، ومركز أبوظبي للغة العربية، إلى جانب عدد من السفارات والمؤسسات الثقافية والتعليمية داخل الدولة. تسهم هذه الشراكات في تنويع محتوى البرامج، وتعزيز التبادل الثقافي، وتوفير منصة مشتركة للفنانين الإماراتيين والعالميين ضمن رؤية المتحف كمركز ثقافي عابر للحدود".
أما عن الخطط المستقبلية لتوسيع نطاق البرامج الثقافية، وإن كان هل هناك توجه أكبر نحو الرقمنة أو الواقع الافتراضي، تقول شيخة: "نعمل في متحف اللوفر أبوظبي على توسيع نطاق برامجنا الثقافية بشكل مستمر، من خلال تنويع المحتوى، توسيع قاعدة الشركاء، وزيادة الوصول إلى فئات جديدة من الجمهور داخل الدولة وخارجها.