منذ اللحظة الأولى التي تكتشف فيها المرأة خبر حملها، إلا وتبدأ مشاعر غريبة تتكون بداخلها؛ تجمع بين الفرح والدهشة والقلق أحياناً، وبمرور الأسابيع يتشكل الجنين، وتحسه الأم ليس فقط في بطنها، بل في خيالها وأفكارها ووجدانها.
هنا يطل سؤال: هل يمكنني التواصل مع الجنين قبل الولادة؟ هل يسمعني أو يشعر بي؟ الجواب نعم! خاصة بعد أن أثبت العلم أن الجنين قادر على الاستجابة لصوت الأم ولمساتها، وحتى لحالتها العاطفية، هذه القدرة تبدأ منذ منتصف الحمل تقريباً، حيث تتطور حواس الجنين تدريجياً وتجعله يتفاعل مع ما يدور حوله داخل الرحم.
في هذ التقرير نتعرف من الدكتورة آمال عبد الوهاب أستاذة طب النساء والولادة؛ إلى طرق عملية وبسيطة تساعد الأم على التواصل مع الجنين في رحمها -أجمل حوار- ليصبح أساساً لعلاقة مليئة بالحب والطمأنينة بعد الولادة.
معلومات تهمك

- التواصل مع الجنين قبل الولادة ليس رفاهية، بل هو استثمار عاطفي ونفسي له آثار طويلة الأمد في الأم والطفل معاً.
- نعم، تستطيع الأم التحاور مع الجنين قبل أن يخرج إلى الحياة، إنها اللغة الفطرية، لغة الحب التي لا تحتاج إلى ترجمة.
- الأم هنا تدرك أن طفلها يستمع إليها ويتأثر بها، بعدها يتحول الحمل من فترة انتظار إلى أجمل حوار، وذكريات تبقى محفورة في القلب إلى الأبد.
متى يبدأ الجنين بسماع صوت الأم؟

تبدأ حاسة السمع لدى الجنين بالتطور ما بين الأسبوعين الـ16 والـ18 من الحمل، حيث يبدأ في سماع الأصوات الداخلية مثل دقات قلب الأم وصوت حركة الدم داخل الأوعية.
مع مرور الوقت، والوصول إلى الأسبوع الرابع والعشرين، تصبح الأذن أكثر نضجاً ويبدأ الجنين في الاستجابة للأصوات الخارجية، مثل نبرة صوت الأم أو موسيقى يسمعها من حولها.
في الثلث الأخير من الحمل، يمكن ملاحظة أن الجنين يتحرك أو يهدأ استجابةً لصوت مألوف، بل يتمكن من تمييز صوت أمه عن بقية الأصوات.
هذه المرحلة الذهبية تُعَدُّ فرصة ثمينة للأم كي تبدأ أول حوار صامت مع طفلها المنتظر، ليس بالكلمات فقط، بل بالمشاعر واللمسات والنغمات التي تبني جسراً من الألفة والطمأنينة.
طرق التواصل مع الجنين قبل الولادة

تحدثي مع الجنين واحكي تفاصيل يومك
هل تعلمين أن صوتك أجمل موسيقى يسمعها الجنين؟ الصوت الذي يمنحه الأمان والراحة، التحدث مع الجنين لا يحتاج إلى نصوص جاهزة أو جمل معقدة، يكفي أن تخبره الأم عن يومها، أو تعبر له عن حبها، أو حتى تهمس له بأحلامها، وهل تصدقين أن صوتك المألوف يساعد الجنين على تهدئة نفسه حتى بعد الولادة؛ لأنه يتذكر ذلك الإحساس المألوف الذي رافقه في الرحم.
قومي بالغناء ومعه استمعي للموسيقى
الموسيقى البسيطة والهادئة قد تكون وسيلة رائعة للتواصل؛ هيا، جربي ترديد أغنيتك المفضلة في أثناء الحمل، وستلاحظين بعد الولادة أن طفلك يهدأ عند سماعها؛ ما يؤكد أن ذاكرة الجنين السمعية تحفظ تلك الألحان، ولا مانع من اختيار موسيقى هادئة، مثل الأناشيد المخصصة للأطفال أو المقطوعات الكلاسيكية، يمكن أن يكون وسيلة ممتعة لبناء رابط عاطفي!
المسي بطنك واضغطي برفق عند حركته
حركات الجنين داخل الرحم هي إشارات طبيعية على تواصله مع أمه، عندما تضع الأم يدها على بطنها وتضغط برفق في مكان حركة الجنين، كثيراً ما يستجيب الجنين بحركة أخرى وكأنه يرد التحية، هذا النوع من التدليك الخفيف يمنح الجنين شعوراً بالأمان، ويساعد الأم أيضاً على الاسترخاء وتقليل التوتر.
تواصلي مع الجنين عبر المشاعر
الجنين لا يسمعك فقط، بل يشعر بحالتك النفسية؛ عندما تكونين هادئة وسعيدة، ينعكس ذلك عليه في شكل ضربات قلب أكثر استقراراً وحركات أكثر انتظاماً، في حالات التوتر والقلق المستمر، قد يزداد نشاط الجنين بطريقة غير منتظمة؛ لذلك يُنصح الأمهات بممارسة تمارين الاسترخاء، والتنفس العميق، واليوغا المخصصة للحامل؛ لأنها تفيد الأم والجنين أيضاً.
اقرئي القصص بصوت مسموع
عادة قراءة القصص القصيرة أو مقاطع من القرآن أو الأدعية بصوت مسموع في أثناء الحمل؛ تمنح الأم شعوراً بالطمأنينة، وتسمح للجنين بالتعرف إلى إيقاع صوتها في جو هادئ ومكرر، وبعد الولادة، يمكن استخدام النصوص أو القصص نفسها لتهدئة الطفل؛ لأنه يربطها بالراحة والأمان التي كان يشعر بها قبل الولادة.
الفوائد النفسية والعاطفية للتواصل

التواصل مع الجنين قبل الولادة ليس مجرد نشاط عاطفي جميل، بل له فوائد مثبتة علمياً:
- تعزيز الارتباط العاطفي: عندما تشعر الأم بأنها قريبة من طفلها، يقلل ذلك من مخاوف الحمل ويزيد من استعدادها النفسي للأمومة.
- تقليل التوتر والقلق: التحدث والغناء للجنين يساعد على إفراز هرمونات السعادة مثل الأوكسيتوسين، التي تهدئ الأم وتنعكس إيجاباً على الجنين.
- تحفيز النمو العقلي للجنين: الأصوات المتكررة والمألوفة تساعد على تحفيز الدماغ السمعي للجنين، ولها دور في مهارات اللغة والتعلم لاحقاً.
- تسهيل الانتقال بعد الولادة: الجنين الذي تعود على صوت أغنية محددة في الرحم، يجد في ذلك طمأنينة عند سماعها بعد الولادة؛ ما يقلل من البكاء ويعزز النوم.
دور الأب والأسرة في التواصل مع الجنين

نعم، سيدتي، التواصل مع الجنين لا يقتصر عليك وحدك، الحقيقة أن الأب له دور مهم أيضاً؛ صوت الأب مألوف بالنسبة للجنين، ويمكنه أن يشارك بالتحدث أو الغناء للجنين خلال الحمل.
مشاركة الأب في هذه التجربة تقوي العلاقة الأسرية منذ البداية، وتمنح الأم دعماً عاطفياً يزيد من ثقتها وسعادتها، حتى الأشقاء أو أفراد العائلة يمكنهم المشاركة عبر التحدث للجنين أو لمس بطن الأم بلطف؛ ما يعزز شعور الانتماء الأسري.
نصائح عملية للأم الحامل
- خصصي وقتاً يومياً، حتى لو كان عشر دقائق، للجلوس بهدوء والتواصل مع جنينك بالكلام أو الغناء.
- قللي مصادر الضجيج؛ فالأصوات العالية والمفاجئة قد تزعج الجنين، بينما الموسيقى الهادئة تريح الأعصاب بشكل منتظم.
- سجلي مشاعرك وأفكارك في دفتر الحمل؛ فقد ترغبين يوماً أن تروي لطفلك ما كنتِ تشعرين به وهو في بطنك.
- لا تنسي العناية بنفسك جسدياً ونفسياً؛ لأن راحتك هي المفتاح الأساسي لراحة جنينك.