mena-gmtdmp

في اليوم العالمي للترجمة: الكاتبة والدكتورة شهلا العجيلي... الترجمة أوصلت صوتي، ورؤيتي للعالم

د. شهلا العجيلي
الكاتبة والدكتورة شهلا العجيلي

الدكتورة شَهلا العُجيلي كاتبة وأكاديميّة، وأستاذة الأدب الحديث والدراسات الثقافيّة في الجامعة الأميركيّة في مادبا في الأردن، حاضرت في جامعات عالميّة عريقة مثل جامعة هارفارد، وجورج تاون، وكورنيل، وصلت روايتها "سماء قريبة من بيتنا" إلى القائمة القصيرة للجائزة العالميّة للرواية العربيّة (البوكر) 2015، ووصلت روايتها "صيف مع العدوّ" إلى القائمة القصيرة للجائزة العالميّة للرواية العربيّة (البوكر) 2019، حصلت روايتها "عين الهرّ" على جائزة الدولة الأردنيّة في الآداب 2010، وحصلت مجموعتها "سرير بنت الملك" على جائزة (الملتقى- الجامعة الأميركيّة في الكويت) 2017، وهي أرفع جائزة عربيّة للقصّة القصيرة، ووصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة بانيبال للأدب المترجم في لندن 2021.
لها في النقد والدراسات الأكاديميّة مجموعة من المؤلّفات، منها: "الخصوصيّة الثقافيّة في الرواية العربيّة"، و"الهويّة الجماليّة للرواية العربيّة/ رؤية ما بعد استعماريّة"، و"رواية الديستوبيا العربيّة/ السياق الثقافيّ والملامح الفنيّة"، ولها كتب مشتركة في الهويّة والسرد، ومجموعة من الأبحاث المحكّمة في المجلاّت والدوريّات العربيّة والعالميّة، وترجمت أعمالها إلى العديد من اللغات، كالإنجليزيّة، والألمانيّة، والإيطاليّة، والإسبانيّة، والفارسيّة.
تولت العديد من ورشات الكتابة الإبداعيّة في المؤسّسات الثقافيّة العربيّة، وبرامج زمالة الكتّاب العالميّة.

الأستاذة الدكتورة شَهلا العُجيلي


بمناسبة اليوم العالمي للترجمة استضافت "سيدتي" الدكتورة شَهلا العُجيلي، في حوار خاص، للإضاءة على كتبها التي ترجمت إلى لغات عدة.

كيف دخلت نصوصك عالم الترجمة، ولماذا؟ وهل يمكن اعتبار الترجمة إعادة خلق للنص في ثقافة جديدة؟

عن طريق الجوائز، والترشيحات لها في القوائم القصيرة، مثل جائزة الملتقى للقصّة القصيرة العربيّة، التي فزت بها في عام 2017، عن مجموعتي "سرير بنت الملك"، وقائمتي (البوكر) القصيرتين اللتين وصلت إليهما في 2016 و2019 عن روايتيّ "سماء قريبة من بيتنا" و"صيف مع العدوّ".
يمكن القول إنّ الترجمة هي إبداع يتيحه كلّ من النصّ الأصليّ، والمعرفة بالسياقات الثقافيّة للغتين، اللغة المصدر واللغة الهدف، وأؤكّد على الحساسيّة اللغويّة والثقافيّة لدى المترجم، وقدرته على البحث والتقصّي.

ثمّة نصوص تقلّل الترجمة من جماليّاتها أو من أهمّيتها، مثل النصوص السرديّة التي تعتمد على شعريّة اللغة، وليس على بناء العلاقات السرديّة

حياة النساء

غلاف سماء قريبة من بيتنا

ما أهميّة الترجمة بالنسبة للكاتب؟

بالنسبة لي بوصفي كاتبة عربيّة، استطاعت الترجمة أن توصل صوتي، ورؤيتي للعالم، وللتاريخ، وللذات، وللآخر، إلى متلقّين كثُرٍ من ثقافات عديدة، وهم يزدادون يوماً بعد يوم. أوصلت أيضاً صورة مختلفة عن الصورة النمطيّة التي يحملها مواطنون من بلاد أخرى عن الثقافة العربيّة وعن الإنسان العربيّ، فالحكايات التي تضمنتها رواياتي وقصصي تشير بشكل واضح إلى الحياة العربيّة، والتحوّلات أو المنعطفات الكبرى التي واجهها البشر في هذه المنطقة، ولعل الناشرين الأجانب والمترجمين الذي يتواصلون معي، يتقصّدون هذا الطابع الحكائيّ في أعمالي، والممتلئ بالتفاصيل وبروح الخصوصيّة الثقافيّة، وبحياة النساء عبر الأجيال، كما في روايتيّ "سماء قريبة من بيتنا" و"صيف مع العدوّ"، أمّا في القصص، فكتبت مترجمتي البريطانيّة "سواد حسين" التي ترجمت مجموعتي "سرير بنت الملك" والتي صدرت عن منشورات جامعة تكساس: إنّها انجذبت إلى قصصي بسبب الروح التجريبيّة الكامنة فيها، وأدوات القصّ المتطوّرة جدّاً، والتي حوّرتها عن تقنيّات الحكاية العربيّة.
أمّا البروفيسورة ميشيل هارتمان، أستاذة الترجمة في جامعة ميغيل، والتي ترجمت لي روايتين صدرتا عن إنترلنك الأميركيّة، فتشير في ترجمتها إلى أنّها أحبّت ذلك التصوير لإشكاليّة الفرد العربيّ التاريخيّة مع السلطة ومع الهيمنة الاستعماريّة، ومع الحروب التي غيّرت حياة النساء بشكل خاصّ، وكان الشكل الروائيّ الذي أعتمده، والمتخذ شكل حكايات متوالدة، بالنسبة لها تحدياً كبيراً كمترجمة تريد أن تقدّم للقارئ الأجنبيّ عملاً يدهشه، ويطوّر ذائقته.

ما أثر الترجمة في بناء الهوية الثقافية للشعوب الناطقة بلغات مهددة بالاندثار؟

لاشكّ في أنّ ترجمة الأدب وانتشاره يدعم الوجود اللغوي لما نسمّيه (ثقافات)، بل هناك ثقافات تعتمد في حضورها العالميّ على النصّ الأدبي، والموسيقى، والفنون، التي تكون أحياناً بديلاً عن الجغرافيا المفقودة، لذا تلعب الترجمة دوراً هامّاً بالنسبة لها في التأكيد على الهويّة واستمرارها، وبالطبع فاللغة العربيّة لا تنتمي إلى هذه المجموعة، لأنّ لها حضوراً عالميّاً قويّاً، وهي من اللغات الست المعتمدة في الأمم المتحدة، ويتكلّم بها حوالي ستمئة مليون شخص حول العالم، أي هي رابع لغة منطوقة في العالم من حيث العدد، وهي اللغة الدينيّة لأكثر من ملياري مسلم.

تمكّن مؤسسة الإمارات للآداب النصوص المبتكرة من الوصول إلى أيدي محررين ومترجمين ودور نشر عالميّة، وهذا جهد يخدم النصّ العربيّ

دلالات لا غنى عنها

غلاف صيف مع العدو مترجم إلى اللغة الإنجليزية

هل توجد نصوص "مستحيلة الترجمة"؟

أعتقد أنّ ثمّة نصوصاً تقلّل الترجمة من جماليّاتها أو من أهمّيتها، مثل النصوص السرديّة التي تعتمد على شعريّة اللغة، وليس على بناء العلاقات السرديّة، وربمّا تقع ترجمة الشعر في هذا الإطار، لأنّ بلاغته صوريّة، وترجمة الصورة هي أعقد من ترجمة الحكاية.

هل يمكن للترجمة الآلية، مثل الذكاء الاصطناعي، أن تحل مكان المترجم البشري يوماً ما؟ وبماذا تفوقت على البشر، وما ثغراتها؟

لا أعتقد بتفوّق ترجمة الذكاء الاصطناعي في المدى المنظور، فالتكنولوجيا مساعد مهم، لكن إذا جرّبت ترجمة نصّ عبر الذكاء الاصطناعي، كمترجمة أو كاتبة، ستجدين كم أنّه يفتقد المعرفة السياقيّة، والمعرفة الثقافيّة، والدلالات، لذا لا غنى عن المترجمين والمحرّرين في هذا الإطار.
وببساطة التكنولوجيا توفّر الكثير من الوقت، وتمنح أفقاً جيداً من الاحتمالات، لكن لا يمكن الاستفادة من ذلك كلّه من غير معرفة عميقة باللغة واستعمالاتها، وبالثقافة، وبعلوم الدلالة، والتحرير، والأدب.
إطلاق مشروع ترجمة خطبة عرفة بأكثر من 34 لغة عالمية

كيف تنظرين إلى نصوصك المترجمة؟ وهل شعرت بأنها غيّرتك شخصياً؟

يمكن أن أتحدّث عن شعوري بالفرح أثناء مراجعة مسودات الترجمة، لأنّني راجعت مع مترجمتي البروفيسورة ميشيل هارتمان النصوص سطراً سطراً، وكنت أرى أبطالي وأحداثي، بل فضاءاتي، وهي تنتقل إلى عوالم أخرى، وتجد طريقها إلى متلقّين آخرين، كان ذلك مدهشاً! ولعلّ ما منحني ثقة أكبر بعملي هو المراجعات التي كتبت عن الترجمات باللغات الأخرى؛ إذ كانت ممتازة في الحقيقة، وكذلك الدراسات الأكاديمية عن نصوصي المترجمة، وذلك كلّه حمّلني مسؤولية مضاعفة تجاه موضوعاتي وأسلوبي في الكتابة.

خدمة النصّ العربيّ

غلاف صيف مع العدوّ مترجم إلى اللغة الفارسية

ماذا يعني لكم شخصياً الاحتفال بيوم الترجمة العالمي؟

لا شكّ في أنّني بمناسبة 30 سبتمبر، اليوم العالميّ للترجمة، أحيي المترجمين إلى كلّ اللغات الذين ترجموا أعمالي، والذين عملت معهم في المسودّات والمراجعات، وتعرّفت من خلالهم إلى كتابتي أكثر، تعرفت إليها بعين ناقدة زادت معرفتي بنفسي، وبطريقتي ورؤيتي في الكتابة، أشكر أيضاً المترجمين الذي نقلوا إلى العربيّة أعمالاً كثيرة فكريّة، وإبداعيّة وعلميّة؛ إذ لولاهم لكان كل منّا إنساناً أقلّ، وأكثر جهلاً، وأكثر نقصاً في المعرفة، والإنسانيّة، والجمال.

ما الذي وفرته مؤسسة الإمارات للآداب، للترجمة بشكل عام في المنطقة؟

سرير بنت الملك مترجم إلى اللغة الإيطالية


من خلال تجربتي مع مؤسسة الإمارات للآداب، بوصفي مدرّبة ومشرفة على الكتابة الإبداعيّة للكتّاب الجدد، ومشاركة في مهرجان طيران الإمارات، وجدت ذلك الاهتمام في إيصال النصوص ومبدعيها إلى العالم، عبر ورشات الكتابة التي يشارك فيها المنتسبون مع كتّاب ومدرّبين عالميين؛ إذ تقدّم المؤسّسة للحاصلين على منحها تجربة الكتابة مع متخصّصين في الكتابة الإبداعيّة والترجمة، يتابعونهم ليصلوا بنصوصهم إلى معايير عالميّة، لدى المؤسسة خطة في هذا البرنامج تمنح المتدربين تجربة الكتابة في بريطانيا أو أميركا مع مختصّين، بحيث يعود الكاتب محمّلاً بمعارف وتجارب توسّع أفقه وتنمّي أدواته في الكتابة، تمكّن المؤسسة النصوص المبتكرة من الوصول إلى أيدي محررين ومترجمين ودور نشر عالميّة أيضاً، وهذا جهد كبير وفريد لخدمة النصّ العربيّ.
اقرئي هذه الكتب الأكثر ترجمة في العالم