mena-gmtdmp

مقال طويل// هل تتعرض للإهانة أو الظلم في العمل؟.. طرق لتستعيد كرامتك دون خسارة وظيفتك

كيف تتعامل مع الظلم دون أن تفقد وظيفتك؟
كيف تتعامل مع الظلم دون أن تفقد وظيفتك؟ - المصدر: freepik by rawpixel.com


انتبه: الإهانة والظلم والاستغلال ليست مجرد مواقف عابرة، بل تجارب مؤلمة قد تترك أثراً عميقاً في نفس الموظف، وتُضعف حماسه تجاه العمل. حين تُهمّش جهودك أو تُقلّل قيمتك أو تُستغل قدراتك دون تقدير، من الطبيعي أن تشعر بالإحباط وربما تفقد الدافع. لكن الأهم هو أن تعرف كيف تتعامل مع هذه المواقف دون أن تفقد توازنك أو كرامتك. تحكّم في أعصابك، وثّق ما يحدث، وعبّر عن موقفك بثبات واحترام، ولا تتردد في طلب الدعم من الإدارة أو الموارد البشرية. يوضح الخبير في مجال شؤون تطوير الموظفين، مسؤول الرقابة، رامي الجرزي أدق التفاصيل حول ذلك.

5 أساليب لإهانة الموظف داخل العمل:

إهانة الموظف لا تقتصر على الكلمات الجارحة فقط، بل تشمل أي سلوك أو تصرف ينتقص من كرامته، أو يُقلل من قيمته في مكان العمل، سواء صدر ذلك من مدير أو زميل. هذه الممارسات تخلق بيئة مليئة بالتوتر والضغط النفسي، وتؤدي مع الوقت إلى تراجع الأداء وفقدان الحافز. وتتعدد صور الإهانة وأساليبها، وفيما يلي أبرزها:

الإهانة اللفظية

هي أكثر أشكال الإهانة وضوحاً وتأثيراً، وتتمثل في استخدام عبارات جارحة أو أسلوب ساخر يقلل من شأن الموظف، ويضعه في موقف محرج أمام الآخرين. قد تكون على شكل سخرية من لهجته أو مظهره، أو انتقادات لاذعة لآرائه واقتراحاته دون مبرر، أو حتى تلميحات مهينة تمس ثقافته أو معتقداته. هذا النوع من السلوك يترك أثراً نفسياً عميقاً ويفقد الموظف ثقته بنفسه مع الوقت.
ما رأيك: 5 زملاء عمل يعيشون في رأسك.. هل تعلم أنهم يدمرون يومك؟

التجاهل والتهميش

يحدث التهميش عندما يتم استبعاد الموظف عمداً من الأنشطة الاجتماعية أو النقاشات المهنية، أو عندما يُتجاهل رأيه في الاجتماعات والمشاريع. وقد يأتي هذا السلوك من الزملاء أو من الإدارة نفسها، كعدم دعوته للاجتماعات أو تجاهل إنجازاته. هذا النوع من الإهانة صامت لكنه قاسٍ؛ لأنه يوصل رسالة خفية مفادها أن وجود الموظف غير مهم أو غير مؤثر.

التوبيخ العلني

من أكثر التصرفات التي تُهين الموظف وتكسر هيبته أمام الآخرين هو توجيه اللوم أو النقد أمام زملائه. عندما يوبَّخ الموظف بصوت مرتفع أو بأسلوب جارح بسبب خطأ بسيط، فإنه يشعر بالإحراج والعجز، مما يُضعف ثقته بنفسه، ويؤثر على علاقته بزملائه. النقد البنّاء يجب أن يكون على انفراد وبأسلوب يحفز على التحسين لا على الإذلال.

نشر الشائعات المغرضة

الشائعات في بيئة العمل شكل خفي من الإهانة، لكنها تدمّر سمعة الموظف وتؤثر على صورته أمام الآخرين. قد تنتشر معلومات كاذبة عنه بهدف الإساءة أو الغيرة أو حتى المنافسة غير الشريفة. مثل اتهامه بالحصول على امتيازات خاصة أو ترويج أخبار شخصية عنه. هذه الأفعال تزرع انعدام الثقة داخل الفريق، وتؤدي إلى عزلة الموظف وإضعاف مكانته المهنية.

الإدارة الدقيقة والمفرطة

حين يراقب المدير الموظف في كل خطوة، ويتدخل في أدق تفاصيل عمله، فإنه يرسل رسالة غير مباشرة بعدم الثقة في قدراته. هذه الممارسات تُشعر الموظف بالاختناق والإرهاق، وكأنه تحت مراقبة مستمرة، مما يحدّ من قدرته على الإبداع ويُضعف حماسه. الإدارة الناجحة هي التي توازن بين المتابعة والتفويض، وتمنح الموظف المساحة الكافية للعمل بثقة واستقلالية.

5 طرق لظلم الموظف:

توزيع غير عادل للمهام

يحدث الظلم عندما يُكلف الموظف بمهام تفوق طاقته وقدراته، في حين يحصل زملاؤه على مهام أقل وأخف، أو العكس تماماً حين يُحرم من المهام التي تتناسب مع خبراته، فيُقصى عن الفرص التي تتيح له التطور وإثبات ذاته. هذه الممارسات لا تُضعف أداء الموظف فحسب، بل تخلق داخله شعوراً بعدم التقدير وفقدان الحافز، مما يؤدي إلى التراجع في الإنتاجية والرغبة في الانسحاب من العمل تدريجياً.

المواعيد النهائية غير المنصفة

عندما تُمنح بعض المهام مهلاً زمنية غير واقعية أو قصيرة جداً مقارنة بصعوبتها، فإن ذلك يُعتبر شكلاً من أشكال الظلم المقصود. هذا النوع من الضغوط يولد لدى الموظف شعوراً بالعجز والتقصير، خاصة عندما يستخدم المدير هذه الظروف كذريعة لتوبيخه أو تقييمه بشكل سلبي. ومع تكرار هذا السلوك، يبدأ الموظف بفقدان ثقته بنفسه، ويعيش تحت توتر دائم قد يدفعه لمغادرة العمل بحثاً عن بيئة أكثر احتراماً وعدلاً.

الحرمان من الحقوق الأساسية

يتمثل هذا النوع من الظلم في انتقاص حقوق الموظف المالية أو الإدارية بطرق مباشرة أو غير مباشرة. مثل تأخير صرف الرواتب، الخصم من الدخل دون مبرر قانوني، رفض منح الإجازات المستحقة، أو تجاهل ترقيته رغم استحقاقه لها. كما يشمل أيضاً تكليفه بمهام إضافية دون مقابل أو حرمانه من التقدير المناسب لجهوده. هذه الممارسات تولد شعوراً بالاستغلال وتؤثر على التزام الموظف وانتمائه للمؤسسة.

التمييز والمحاباة

حين تُبنى القرارات الإدارية على العلاقات الشخصية أو الأهواء بدلاً من الكفاءة، يشعر الموظفون بالظلم والانكسار. التمييز في الترقيات والمكافآت، أو تفضيل بعض الأفراد في توزيع المهام والتدريبات، أو حتى في الرواتب بناءً على نوعية الجنسي، تشكل صوراً من المحاباة التي تزرع الانقسام داخل الفريق. هذا الجو المسموم يُضعف روح التعاون، ويخلق حالة من التنافس السلبي الذي يضر بالمؤسسة قبل الأفراد.

حجب المعلومات المهمة

من أساليب الظلم الخفية التي تُمارس داخل المؤسسات، أن يُحرم الموظف من المعلومات الأساسية التي يحتاجها لإنجاز مهامه بالشكل المطلوب. قد يكون ذلك بتجاهل إبلاغه بمواعيد الاجتماعات أو التفاصيل المهمة للمشروعات، مما يؤدي إلى ظهوره بمظهر المقصر. هذا السلوك يُفقده الثقة بزملائه، ويجعله يعيش حالة من الشك والارتباك الدائم، وكأنه يُعاقب على ذنب لم يرتكبه.

الفصل التعسفي

الفصل المفاجئ دون مبرر واضح أو دون احترام الإجراءات القانونية هو أكثر صور الظلم قسوة؛ لأنه لا يسلب الموظف وظيفته فقط، بل يحرمه من الأمان المهني والمعنوي. يحدث هذا أحياناً بدافع الانتقام أو لاستبداله بموظف آخر، وهو تصرف لا يضر بالفرد فحسب بل يشوه صورة المؤسسة، ويجعلها بيئة طاردة للكوادر المتميزة. المؤسسات الناجحة لا تبني قوتها على الإقصاء، بل على العدل واحترام الكفاءات.

6 ممارسات لاستغلال الموظف في العمل:

ظلم المدير واستغلال الموظف - المصدر: freepik

المهام الإضافية دون مقابل

يبدأ الاستغلال في كثير من الأحيان بتكليف الموظف بمهام تفوق ما هو متفق عليه في توصيفه الوظيفي، سواء بإسناد أعمال إضافية أو تحميله مسؤوليات لا تخصه، مثل تدريب زملاء جدد أو تغطية عمل قسم آخر، دون منحه تعويضاً مادياً أو تقديراً معنوياً. ومع تكرار هذا السلوك، يشعر الموظف وكأن جهده يُستهلك بلا مقابل، فيفقد الحماس والدافعية تجاه العمل، ويبدأ في الانسحاب الصامت.

استغلال الخوف من فقدان الوظيفة

بعض القادة يلجأون إلى استغلال خوف الموظف من فقدان مصدر رزقه، فيجعلونه يعمل تحت ضغط التهديد المستمر. قد يُطلب منه البقاء لساعات طويلة بعد الدوام، أو تنفيذ مهام شخصية لا تمتّ لعمله بصلة، مع التلميح بأن الرفض قد يُكلّفه وظيفته. الأسوأ من ذلك هو استخدام عبارات مثل "هناك غيرك كثيرون ينتظرون مكانك"؛ لتخويفه ودفعه للقبول بأي شيء. مثل هذا السلوك يزرع الرعب في بيئة العمل، ويقضي على الشعور بالأمان المهني.

الحرمان من الحقوق القانونية

يُعد تجاهل حقوق الموظف القانونية أحد أكثر أشكال الاستغلال وضوحاً. يحدث ذلك عندما تتعمد الإدارة عدم توقيع عقد رسمي معه أو عدم تسجيله في التأمينات الاجتماعية أو الصحية، أو تحرمه من إجازاته المستحقة، أو تتأخر في صرف راتبه دون مبرر. هذه الممارسات تضع الموظف في وضع هش لا يشعر فيه بالأمان أو الاستقرار، فيبقى عالقاً بين الحاجة إلى العمل والخوف من الظلم المستمر.

استغلال الانتماء والالتزام

أحياناً يُستغل الموظف المخلص الذي يسعى لإنجاح المؤسسة بكل طاقته. فبدلاً من مكافأته على تفانيه، تُمارس عليه ضغوط نفسية لإجباره على بذل المزيد من الجهد دون مقابل، وكأنه مدين للمؤسسة بولائه. ويُطلب منه العمل في العطلات أو تأجيل إجازته بدعوى أن الفريق بحاجة إليه، أو يُغرق بالمديح الزائف لإقناعه بالعمل الإضافي دون اعتراض. بمرور الوقت، يتحول هذا التفاني إلى إنهاك واستنزاف عاطفي، يجعله يفقد الثقة في نوايا الإدارة.

تجاهل الإبداع وعدم مكافأة الجهود

من أكثر صور الاستغلال قسوة أن يُقدّم الموظف أفكاراً مبتكرة أو حلولاً فعالة تساهم في تطوير العمل، ثم تُنسب جهوده للمدير أو للمؤسسة دون أي اعتراف أو مكافأة. فقد يُطلب منه إعداد استراتيجية جديدة أو تطوير مشروع مهم دون أن يُذكر اسمه في التقرير النهائي، أو تُسجل براءة اختراعه باسم الشركة. هذه التصرفات لا تحبط الموظف فحسب، بل تقتل روح الإبداع داخل المؤسسة، وتجعل الكفاءات تفكر بالرحيل.

مضايقات الطرف الثالث

في بعض البيئات، يمتد الاستغلال إلى تعاملات الموظف مع أطراف خارجية مثل العملاء أو الموردين. فقد يتعرض للإهانة أو المضايقة اللفظية من أحدهم، بينما تلتزم الإدارة الصمت خوفاً من خسارة العميل. ومع غياب الدعم، يشعر الموظف بأنه بلا حماية، مما يضاعف الضغط النفسي عليه، ويجعله أكثر عرضة للاستغلال المستمر.

كيفية تعامل الموظف مع الإهانة والظلم والاستغلال:

إذا كنت موظفاً وتتعرض للإهانة أو الظلم أو الاستغلال في مكان العمل، بما يؤثر على صحتك النفسية ومستقبلك المهني، فإليك بعض الخطوات التي تساعدك على مواجهة الموقف بثقة وحكمة:

  • حافظ على هدوئك: لا تدع الغضب يسيطر عليك عند مواجهة الإهانة أو الظلم؛ لأن الانفعال قد يفاقم الموقف. الأفضل أن تردّ برد هادئ أو تبتعد مؤقتاً حتى تستعيد توازنك وتفكر بعقلانية.
  • تحدث بحزم واحترام: إذا وُجهت إليك إهانة، لا تصمت ولا ترد بانفعال. استخدم عبارات هادئة وواضحة مثل: "أفضّل أن نتحدث بطريقة أكثر احتراماً"، أو "يمكننا مناقشة الموضوع بطريقة بنّاءة". هذا الأسلوب يعبّر عن رفضك للإهانة دون خلق صدام مباشر.
  • وثّق كل موقف مسيء: احتفظ بالأدلة مثل الرسائل أو الملاحظات أو الشهود، مع ذكر التواريخ والأماكن. التوثيق يحميك إذا قررت تقديم شكوى أو المطالبة بحقوقك لاحقاً.
  • اطلب الدعم من الإدارة أو الموارد البشرية: إذا استمر الظلم أو الاستغلال، قدّم شكوى رسمية مدعّمة بالأدلة. ذلك يُظهر جديتك، ويدفع الإدارة لاتخاذ إجراءات تحميك من التعدي أو التعسف مستقبلاً.
  • ناقش الأمر مع مديرك المباشر: تحدث بطريقة مهنية لمعرفة أسباب الظلم أو غياب التقدير. الهدف من النقاش ليس الجدال بل الفهم، حتى تتمكن من تحسين وضعك أو أدائك إن لزم الأمر.
  • ضع حدوداً واضحة: لا تسمح باستغلالك. إذا كُلّفت بمهام إضافية خارج نطاق عملك، عبّر عن رفضك بأدب مستخدماً عبارات مثل: "أقدّر ثقتك بي، ولكن هذه المهام ليست ضمن مسؤولياتي"، أو "يسعدني تنفيذها بعد الاتفاق على التعويض المناسب".
  • كن جريئاً في المطالبة بحقوقك: سواء كان الأمر متعلقاً بالراتب، أو ساعات العمل الإضافية، أو المكافآت، تحدّث مع الإدارة بطريقة احترافية وواضحة. المطالبة بحقك لا تقلل من احترامك بل تؤكد وعيك بقيمتك.
  • ابحث عن بيئة عمل تحترمك: إذا فشلت كل محاولاتك في تصحيح الوضع، واستمرت المعاملة الظالمة أو المستغِلة، غادر دون تردد. لا تجعل الخوف من التغيير يمنعك من البحث عن بيئة تقدّر جهودك وتحترم إنسانيتك.

ساعد نفسك بالآتي: هل تلاحظ هذه الإشارات؟ قد تكون المفتاح لتحسين علاقتك مع مديرك