انطلق مهرجان الدرعية للرواية في نسخته الثانية، تحت شعار "للسرد ملفى وللقصة مكان" كأحد أبرز برامج موسم الدرعية 25/26، ونجح في أن يكون منصة لتجمع أبرز الكتّاب والمؤلفين المحليين والعالميين.
حيث يقدم المهرجان على مدى أسبوعين مزيجاً ثريّاً من البرامج الثقافية والتفاعلية، التي تحتفي بجماليات السرد وأبعاده الفكرية والفنية، وأكثر من 40 ورشة عمل وجلسة حوارية باللغتين العربية والإنجليزية، وما يزيد على 20 محاضرة، وأمسيات ملهمة، يشارك فيها أكثر من 30 متحدثاً من الأدباء والمتخصصين في القصة والسرد.
استهل مهرجان الدرعية للرواية أولى برامجه بجلسة حوارية بعنوان "المرأة السعودية تُعيد تخيل الحكاية والمجتمع" بمشاركة كل من الروائية الدكتورة بدرية البشر والروائية أميمة الخميس والروائية الدكتورة رجاء الصانع، ودار محور الجلسة حول الرقابة والرواية السعودية والتحولات والتحديات التي شهدتها الرواية.
المرأة السعودية في جلسة حوارية

حظيت الجلسة التي احتضنها حي البجيري التاريخي ضمن مهرجان الدرعية للرواية، والتي كانت بعنوان "المرأة السعودية تُعيد تخيل الحكاية والمجتمع" بمشاركة فارسات الرواية السعودية، تتقدمهن الدكتورة بدرية البشر والروائية أميمة الخميس، وشهدت الجلسة عودة الروائية الدكتورة رجاء الصانع بعد غياب عن الساحة الأدبية، وتميزت الجلسة بحضور كبير من الأدباء والمثقفين والمواهب السعودية في مجال الكتابة. وتطرقت الجلسة للعديد من القضايا والمحاور التي تتعلق بالرواية السعودية والفرص والتحديات التي واجهت الكتاب والكاتبات وحضور المرأة السعودية في المشهد الروائي السعودي.
بدرية البشر: الروائية السعودية حاضرة بوعي

وعن دور المرأة السعودية في المشهد الروائي السعودي وإبراز قضايا المجتمع أكدت الروائية الدكتورة بدرية البشر في تصريح خاص لـ"سيدتي"، دور المرأة السعودية الفاعل والمهم في المجال حيث قالت: المرأة كالرجل تماماً، تملك هذا الإحساس الفطري بأهمية دورها ونعتقد أن الدور مضاعف أيضاً؛ لأن المرأة تلعب دور الأم، وهي تعرف تماماً حجم التحديات على العائلة، وحجم التحديات على المجتمع، وهي تؤمن أن لديها مهمة، وإذا كانت تملك هذه الموهبة أعني موهبة الكتابة، بالتأكيد ستكون في خدمة هذا النوع من القضايا. وطوال عملي في الصحافة أو طوال عملي في الكتابة أعتقد بأن المرأة كانت دائماً حاضرة بوعي متقدم، وعبرت عن نفسها وعن قضايا مجتمعها بطريقة رائعة.
التحديات والفرص
عن أبرز التحولات التي شهدتها الرواية السعودية خلال رحلتها الإبداعية الممتدة لأكثر من 30 عاماً: أعتقد بأن كل مرحلة لها فرصها ولها تحدياتها، وبالتأكيد أنا عندما بدأت الكتابة من ثلاثين عاماً كانت الفرص أقل، وكان اتصالنا بالمعارف أقل، حتى توفر الكتب كان أقل، يعني كان لدينا تحديات، لكننا أيضاً في مرحلة الشباب كنا مؤمنين بالمستحيل أنه يمكن أن يحدث، وكنا مؤمنين بقدراتنا أيضاً، وكنا مؤمنين بأصواتنا، هذا الإيمان هو الذي جعلنا نستمر.
وأضافت: أعتقد بأن حظي كان جيداً؛ لأنني كنت من ضمن الذين تمكنوا من الوصول إلى دور النشر اللبنانية، وأن ينجح كتابي في أن يصل للناس وبأعداد جيدة، ولكن اليوم عندما أقارن الفرص التي كانت متاحة لنا بالفرص المتاحة الآن أجد أن الكاتب اليوم ومن خلال النشر الإلكتروني أصبح قادراً على أن ينشر في كل مكان ودون الحاجة إلى ناشرين. وكما أصبح لدينا اليوم نهضة نشر في السعودية، ولم تعد هناك حاجة للكاتب للسفر لعرض كتبه على دور نشر في الخارج.
واستدركت: لكن في المقابل التحديات اليوم أصبحت أكبر أيضاً، فمعدل القراءة يتراجع ومعدل الجلوس على الأجهزة والشاشات أكبر، فبالتالي صار الروائي اليوم يحتاج إلى جهد مضاعف حتى يتمكن من الوصول للناس، ودائماً أقول الفرص تزداد، ولكن التحديات أيضاً تزداد، لكن أنا مؤمنة أن الكتاب هو خير جليس كما يُقال، ودائماً الكتابة عمل غني جداً يعطي فسحة للخيال، وبما أنني من جيل منْ يمارسون القراءة أعتقد بأن القراءة متعة، وإن شاء الله تستمر دائماً.
شارع الأعشى
وكشفت الدكتورة بدرية البشر في سؤال عن تفاصيل الجزء الثاني لمسلسل شارع الأعشى جانباً من الأحداث وقالت: الحقيقة أنه من حسن الحظ أن الرواية تحولت إلى مسلسل، وتمكنها من كشف العطش لمفهوم الهوية المحلية، وأنا أعتقد بأن شارع الأعشى لبى هذا النوع، ودليل أنه جذب كثيراً من الشباب والشابات لمشاهدة هذه الحقبة الزمنية بأزيائها، وبأغانيها، وبتحدياتها، وبغرامياتها أيضاً، هذا العمل عندما نجح سار بالعرف العالمي في استثمار نجاح الجزء الأول لعمل الجزء الثاني، والحقيقة أن العمل لم يكن صعباً لتأسيس جزء ثانٍ؛ رغم أن الرواية انتهت لكن الأبطال لا زالوا موجودين، سنصنع لهم مجموعة من الأحداث الشيقة، ستكون فيها نسبة من الإثارة والتشويق، وأبطالنا لا زالوا كما هم ولابد من أن نحتفظ ببعض السرية حتى يستمتع المشاهدون، وإن شاء الله تنال إعجابهم .
أميمة الخميس: الكم المعرفي والوقت أهم أسلحة الكتابة
أشارت الروائية أميمة الخميس خلال الجلسة الحوارية إلى أهم المهارات والمتطلبات التي لابد أن تتوفر في المواهب الشابة للانخراط في مجال الكتابة حيث قالت: الكتابة تحتاج إلى طقوس معينة، وتحتاج إلى الوقت وإلى كمّ هائل من الوحدة التي تصل إلى حد الوحشة، وتحتاج إلى الهدوء والانقطاع عما حولك؛ لذا أعتقد أن أهم تحدٍّ قد تواجهه الكاتبة هي الخصوصية الخاصة بالكاتب، أعرف بعض الكتاب منْ يذهب إلى كهوف، ويذهب إلى أديرة في أعالي الجبال؛ لكي يختلي بنفسه وأفكاره ومنهم الكاتب أمين معلوف الذي يعيش في فرنسا، ويذهب للبقاء وحيداً في جزيرة؛ لكي يستطيع أن ينصت إلى صوت أفكاره وينصت إلى شخصيات روايته.
وتابعت: الكتابة متطلبة تحتاج إلى لياقة عالية، وتحتاج إلى أن تكرس لها الكاتبة جلّ الوقت وجلّ الحياة؛ لذا يجب ألا تدخل مضمارها إلا وهي في كامل لياقتها، وعلى رأسها الكم المعرفي الهائل الذي لا بد أن يكون أهم أسلحتها وأدواتها.
مداخلة الروائية أميمة الخميس وحديث عن دخولها لمجال الرواية من بوابة الشعر وأهم طقوس وأدوات الكتابة. pic.twitter.com/frnUUFJ3yb
— مجلة سيدتي (@sayidatynet) November 16, 2025
رجاء الصانع: الرواية السعودية في أزهى مراحلها

وبدورها أكدت الروائية الدكتورة رجاء الصانع لـ"سيدتي" أن الرواية السعودية تمر بأزهى مراحلها وقالت: لاشك أن الرواية السعودية تمر بأزهى مراحلها، والكاتبة السعودية الآن على المنابر والمنصات تأخذ كل تقدير ودعم، وهو ما لم تكن تحصل عليه ربما في السابق بشكل واضح وجلي، لذا أعتقد بأننا نمر في زمن جميل ورائع ويومياً نصبح على خبر أسعد من اليوم الذي يسبقه عن تطور السعودية، ولعل مهرجان الدرعية للرواية هو مجرد شاهد على هذا النجاح.
وعن غياب الدكتورة رجاء عن المشهد الروائي السعودي قالت: في الحقيقة لم أنقطع عن الكتابة، الكتابة مستمرة بعد رواية "بنات الرياض" والهاجس ما زال موجوداً، لدي حالياً روايتان لم يتم نشرهما بعد، ولكن نظراً لالتزاماتي المهنية كوني طبيبة أسنان في مستشفى الملك فيصل التخصصي فهذا يأخذ الكثير من الوقت، فضلاً عن الإجراءات الطويلة التي يستغرقها الكتاب للنشر حتى الوصول للقارئ، ولكن بإذن الله، ستظهر إحدى هذه الروايات قريباً.
الدكتورة الروائية رجاء الصانع وحديث عن بداياتها المبكرة وشغفها بكتابة الروايات وأهم ما يميز الروائية السعودية. pic.twitter.com/2PK8Sp6rq6
— مجلة سيدتي (@sayidatynet) November 17, 2025
مهرجان الدرعية للرواية

يأتي موسم الدرعية 25/26 استمراراً لرؤية هيئة تطوير بوابة الدرعية في تعزيز مكانة الدرعية كمهد للدولة السعودية ومنصة دائمة للتفاعل الثقافي؛ حيث يتضمن الموسم برامج تعكس القيم السعودية الأصيلة بأسلوب معاصر، بما يتماشى مع المستهدفات الثقافية والسياحية اللتين تعدّان من ركائز التنمية المستدامة في رؤية السعودية 2030. ويسهم مهرجان الدرعية للرواية في تعزيز الهوية الثقافية الأصيلة لحيّ البجيري التاريخي، من خلال الاحتفاء بالقصص التي تعكس التجارب الإنسانية المحلية والعالمية. ومن أهم البرامج التي يحتضنها المهرجان في نسخته الثانية:
- معرض مجلــس الراوي: رحلة حسية تجمع بين الضيافة النجدية والأداء الصوتي حيث تروى القصص وسط عبق العود والّبن.
- قص لنا قصة: مساحة مخصصة لتوثيق الحكايات الشخصية والذكريات المجتمعية؛ لتكون جزءاً من أرشيف المهرجان القادم.
- من الراوي؟: تجربة مبتكرة تدعو الزوار لاكتشاف كتب مجهولة العنوان؛ حيث تكون كل قراءة كمغامرة جديدة.
- رف العطاء: عبارة عن عربة مخصصة للتبرع بالكتب.
- المســرح: تشمل عروضاً غامرة تمزج بين الشعر النبطي ومسرح الظل والأفلام الصامتة؛ لتجسد القصة بأبعادها الأدائية والبصرية.
- الدرعية بين السطور: تجربة تفاعلية تكشف جماليات السرد، وتقّّدم لحظات اكتشاف سريعة تربط الزوار بروح الحكاية والمكان، كل كبسولة تحمل لمحة من قصة ُتعيد للزوار مشهداً أو معنى أو شعوراً يأخذهم إلى عالم جديد.
- مركز برنامج الــروايـــة: تجربة فنية بصرية ُتبرز عوامل الرواية العربية والعالمية، وتعيد تشكيل علاقتها بالفن والمكان.
- ملتقى الرواة: زاوية أدبية سهلة الوصول، تضم 6 أجنحة توفّر فرصاً للاكتشاف والتصفح والتفاعل المباشر في أجواء ثقافية ثرية مع الكتاب ودور النشر، وفرصة للاطلاع على أحدث الإصدارات.
اقرأ المزيد: ضمن موسم الدرعية 26/25.. سوق الموسم ينطلق من منطقة الطوالع التاريخية بالنجناج





