لم يكن المُخرج داود عبد السيد ممن يقدمون أفلاماً سينمائية اعتيادية أو تهدف فقط إلى إمتاع الجمهور، ولكن كان يمتلك فلسفته السينمائية الخاصة التي نجح من خلالها في أن يكون صوتاً مُعبراً عن الفلسفة السينمائية بشكل عام؛ حيث دوماً ما كانت أفلامه تمتلئ بالشخصيات المُركبة والمُعقدة التي نادراً ما تجد مُخرجاً سينمائياً آخر يُقدمها، وذلك جعله قريباً جداً من الجمهور العادي والمُهتم بـ السينما حد السواء كما كان له صقلاً سينمائياً كبيراً لدى النقاد الذين كانوا يرون في أفلامه فلسفة خاصة أسسها وقدمها داود عبد السيد.
البداية بالأفلام الوثائقية و مساعد يوسف شاهين
يُعَدُّ المُخرج داود عبد السيد من المُخرجين القلائل الذين قد تشبعوا بعشق وحب السينما على مدار سنوات حياته، حيث كان قد تخرج في المعهد العالي للسينما في عام 1967، وعقب مرور عام واحد فقط بدأ في احتراف العمل بالسينما، وذلك من خلال عمله مساعد مُخرج مع عمالقة الإخراج في السينما المصرية؛ ففي عام 1968 عمل مع المُخرج كمال الشيخ مساعداً من خلال فيلم "الرجل الذي فقد ظله"، وشهد عام 1970 تعاونه الأبرز بوصفه مساعد مُخرج مع المخرج العالمي يوسف شاهين من خلال فيلم "الأرض" الذي أصقل موهبته وتجربته السينمائية، كما عمل أيضاً بالعام نفسه مُساعداً للإخراج مع المُخرج ممدوح شكري في فيلم "أوهام الحب".
وعلى الرغم من خبرته التي اكتسبها في الأفلام الروائية الطويلة سواء من خلال دراسته الأكاديمية أو عمله مع كبار المُخرجين؛ فإن أول تجارب داود عبد السيد الإخراجية جاءت من خلال السينما الوثائقية، حيث إن في عام 1979 قدم أول فيلم وثائقي من إخراجه وهو "العمل في الحقل"، ليعقبه في العام التالي 1980 بالفيلم الوثائقي "عن الناس والأنبياء والفنانين".
يُمكنكم قراءة: داود عبد السيد.. صاحب البصمة الخاصة في الإخراج بالسينما المصرية
وظل المُخرج داود عبد السيد على مدار 5 سنوات لا يُقدم أي أفلام جديدة، حتى عام 1985 يُقدم أول أفلامه الروائية الطويلة الذي جاء بعنوان "الصعاليك" والذي جسد بطولته الفنانان الراحلان نور الشريف ومحمود عبد العزيز، وحينها يُدرك الجمهور والنُقاد أننا أمام ميلاد مُخرج سينمائي سيكون له بصمة خاصة خلال السنوات التالية.
رحلة سينمائية من عرض ومُناقشة قضايا الإنسان
المُتتبع للرحلة الزمنية لأفلام المُخرج داود عبد السيد يجد أننا أمام مُبدع سيستغرق سنوات لتقديمه فيلمه السينمائي، حيث يُدرك جيداً أن تقديم فيلم للجمهور لا بُدَّ من أن يُناقش من خلاله قضية ما فكانت أغلب أفلامه السينمائية يُشارك في كتابتها أو من تأليفه، وحينما ننظر الآن بعد مرور سنوات عديدة لتلك الأفلام نجد أنها تناقش فلسفة الإنسان في الحياة بشكل عام، ونستعرض لكم أبرز الأفلام السينمائية التي نجح داود عبد السيد من خلالها في عرض فلسفته الخاصة للتعبير عن الإنسانية والنماذج البشرية المُختلفة.
الكيت كات
يُعَدُّ من أبرز الأفلام السينمائية التي قدمها المُخرج داود عبد السيد، وهو من قصة الأديب إبراهيم أصلان عن رواية "مالك الحزين"، ومن خلال السيناريو والحوار الذي كتبه داود عبد السيد للفيلم نجح في تقديم شخصية "الشيخ حسني" الكفيف الذي يعيش حياته اعتماداً على مشاعره وأن البصيرة تنتصر على البصر، ومن خلال هذا الفيلم نجح داود عبد السيد في تقديم عدد من النماذج البشرية الحقيقية والشخصيات المُختلفة وعرض ما تحمله كل شخصية منهم من معاناة وأزمات.
جسَّد بطولة الفيلم محمود عبد العزيز أمام كل من: أمينة رزق، شريف منير، نجاح الموجي، على حسنين، عايدة رياض.
البحث عن سيد مرزوق
هو واحد من أبرز الأفلام التي عرض من خلالها المُخرج داود عبد السيد فلسفته على الجمهور حيث جاء الفيلم من تأليفه وإخراجه، وخلال أحداث الفيلم طرح داود عبد السيد العديد من الأسئلة حول أهمية الإنسان في الحياة وضعفه أمام العديد من المُتع، وذلك من خلال شخصية الموظف "يوسف" الذي يُقابل خلال يومه العديد من النماذج البشرية، وبالطبع من أبرزها رجل الأعمال "سيد مرزوق" الذي يتم اتهام "يوسف" بقتله فيما بعد خلال أحداث الفيلم.
شارك ببطولة الفيلم عدد كبير من الفنانين، ومن أبرزهم: نور الشريف، آثار الحكيم، لوسي، على حسنين، شوقي شامخ، سامي مغاوري.
أرض الأحلام
تعاون المُخرج داود عبد السيد مع سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة بفيلم "أرض الأحلام" الذي جاء من تأليف هاني فوزي، وسرد الفيلم خلال أحداث حكاية امرأة تكتشف حياتها من جديد بنظرة مُختلفة، وذلك خلال ليلة رأس السنة التي جعلها داود عبد السيد -خلال أحداث الفيلم- ليست بداية عام جديد ولكن حياة جديدة للبطلة نفسها بعد قضائها ليلة تمتلئ بالإثارة بعد أن جمعتها بساحر، ومن خلال هذا الفيلم عرض داود عبد السيد أن الإنسان بشكل حقيقي يسعى للحياة البسيطة التي لا تحمل أي تعقيدات.
جسَّد بطولة الفيلم أمام الفنانة فاتن حمامة كل من: يحيي الفخراني، هشام سليم، أمينة رزق، محمد التاجي وتهاني راشد.
أرض الخوف
يُعَدُّ من أبرز الأفلام السينمائية التي قدمها المُخرج داود عبد السيد خلال مسيرته السينمائية وتعاون من خلاله مع الفنان الراحل أحمد زكي، وخلال أحداث الفيلم الذي جاء من تأليف داود عبد السيد ناقش فكرة أن الإنسان يحمل بداخله الخير والشر، ومن الممكن أن يتحول إلى أيٍّ منهما سواء بسبب ضغوط الحياة أو اختياراته الشخصية، ويظل دوماً عليه مواجهة نفسه.
شارك ببطولة الفيلم: عبد الرحمن أبو زهرة، عزت أبو عوف، حمدي غيث، فيدرا، سامي العدل، أحمد كمال.
مواطن ومخبر وحرامي
مع ظهور ما أُطلق عليه "سينما الشباب" في مطلع الألفية الجديدة نجح المُخرج داود عبد السيد في التعاون مع الجيل الجديد من المُمثلين، ولكن لم يذهب إلى ما يقدمونه من أفلام خلال تلك الفترة كانت الكوميديا هي المُسيطرة عليها، ولكنه تعاون مع الجيل الشاب من المُمثلين في فيلم "مواطن و مخبر وحرامي" لعرض فكرة جديدة من فلسفته التي اعتمدت على طرح سؤال بسيط كيف يتعامل كل من المواطن والمخبر والحرامي مع بعضهم بعضاً؟ ولو تشابكت خطوط الحياة وأصبحوا في دائرة واحدة؛ فماذا سيحدث حينها؟ بتلك الأسئلة البسيطة قدم داود عبد السيد واحداً من أشهر أفلامه التي تناولت الجانب الإنساني بداخل كل شخص، وأنه لا يوجد إنسان شرير في المُطلق أو يُقدم الخير في المُطلق.
شارك ببطولة الفيلم عدد كبير من الفنانين ومن أبرزهم: هند صبري، خالد أبو النجا، صلاح عبد الله، شعبان عبد الرحيم، رولا محمود.
رسائل البحر
خلال هذا الفيلم قدم المُخرج داود عبد السيد فلسفة جديدة من أفكاره من خلال شخصية "يحيي" الذي جعله الحب يتغلب على شعوره بالوحدة وتجنب الناس، وأيضاً كيف أن الحب حين ظهر في حياته جعله يتقبل نفسه التي كان يهرب منها دوماً.
وقد تعاون المُخرج داود عبد السيد خلال الفيلم مع كل من: آسر ياسين، بسمة، محمد لطفي، مي كساب، صلاح عبد الله وعدد كبير من الفنانين.
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا «إنستغرام سيدتي».
وللاطلاع على فيديوغراف المشاهير زوروا «تيك توك سيدتي».
ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر «تويتر» «سيدتي فن».
