في سوق المال... ماذا بعد الربع الأول؟

أصيبت أسواق المال في الربع الأخير من العام الماضي بمجموعات متتالية من الهزات التي أفقدتها توازنها وقد كان السبب وراء هذه الهزات في كثير من الأحيان واضحا ولكنه غير مبرر بمعنى أننا نعلم لماذا تهبط الأسواق ولكننا لانعلم الرابط الحقيقي بين المؤثر وأسواق المال, ولماذا تتأثر هذه الأسواق بتلك السرعة وهذه الحدة؟ وقد كان المسبب الرئيسي وراء كل ما حدث في أسواق المال والأسهم بدون شك هو تأثرها بالأسواق العالمية, والتي عانت بشكل مباشر من الأزمة المالية التي ألقت بظلالها على كل الأسواق، ولكن السؤال الذي كان ولايزال مطروحاً هل لا يزال هذا التأثير موجوداً على أسواقنا؟ وهل سيكون الربع الثاني أفضل حالاً من الربع الأول؟ هذا هو السؤال الذي توجهنا به لمجموعة من رواد سوق الأسهم لمعرفة توقعاتهم عن الفترة القادمة وكيف يصنفونها.

 


سلطان العتيبي محلل فني ومرتاد لسوق الأسهم السعودي يقول:

في مثل هذه الأجواء دوماً تصعب التنبؤات، ولو قلنا أننا نعمل وفق دراسة وتحليل فني وليس وفق التنبؤات فإنّ الدراسة قد تخطئ كثيراً الآن، والسبب ليس عيباً في الدراسة أو ضعفا في التحليل أو المحللين، وإنما السبب يكمن في أنّ العوامل التي تدفع السوق للتحرك سواء للأعلى أو للأسفل وهي أخبار السيولة العالمية والعملات ونتائج الشركات كثرت في الأوقات الحالية، وبالتالي فإنّ المؤثرات زادت, مما يعني بدون شك حدة أكثر في التأثر مع زخم بالأخبار المؤثرة، وبالتالي فإنّ معامل دراسة وتوقع النتائج في الفترات القادمة يبقى أضعف مما يجب أن يكون عليه بالنسبة لنا. الصورة أوضح الآن من ذي قبل ولكنها لا تزال ليست الصورة التي يُعتمد عليها للتحليل الفني الدقيق، وعليه فإنّ جواب السؤال أننا لا نستطيع أن ندرك كيف ستكون الصورة في الربع الثاني».

 

خسائر قليلة

عبد الرحمن الغامدي محلل فني ومساهم في سوق الأسهم: نحمد الله دوماً على أننا في السعودية لأنها وبقية الدول المحيطة بها في أوضاع أفضل بكثير منها في الكثير من دول العالم، وعلى الرغم من أن تلك الدول من الدول الصناعية الكبرى وذات الاقتصاديات الضخمة إلا أننا بفضل الله بحال أفضل وننعم بالقليل من الخسائر فقط، بل إننا لو قارنّا أنفسنا بهم نستطيع القول إننا في كثير من الأحيان نجني الأرباح وليس الخسائر، خسائرهم تجاوزت آلاف المليارات فيما الكثير من الشركات لدينا لا تزال تحقق الأرباح ولو أنها بسيطة. وأستطيع القول إننا تجاوزنا حدة الأزمة المالية، ولست أقصد هنا أنّ الأزمة بدأت بالانحسار، وإنما أقصد أنّ معالم الأزمة بدت واضحة أمام الجميع، وأنّ الآثار التي انعكست على الاقتصاد في كل دول العالم بدون استثناء أكبر بكثير مما هو واقع عليها بمعنى أنّ المتوقع في البداية كان أكبر بكثير لأنّ الجميع لم يكونوا يعلمون حدود هذه الأزمة، وبالتالي فأنا شخصياً ووفق التحرك المحلي والدولي العالمي لمحاربة الأزمة أظن أنّ التقدم فيها سيكون بسيطاً ومحدوداً لكن وبإذن الله فالتراجع أيضاً سيكون غير وارد، أظن من وجهة نظري أنّ الأسوأ قد جاء وانتهى وأننا الآن في مرحلة جديدة من رص الصفوف وتجهيز الخطط للمراحل القادمة والمليئة بدون شك بالتحديات، فكوننا اقتصادا بسيطا وناشئا بجانب اقتصاديات عالمية ضخمة تحارب من أجل الصمود والنجاة فبالتالي هذا هو التحدي بالنسبة لنا، وأن نثبت وجودنا ونبقي صادراتنا منافسة ومطلوبة عالمياً وسط هذا الكم من المنافسة من شركات عالمية ضخمة تسعى لأنّ تُبقي صادراتها ومنتجاتها على السطح بل إن مبيعاتها هي طوق النجاة لها، هذه هي المرحلة الصعبة في الربع الثاني، إذاً في المحصلة أتوقع أن يكون الوضع أفضل في الربع الثاني على اعتبار أنّ الصورة أصبحت أوضح ولكن التحدي أيضاً سيكون أصعب.

 

الحذر مطلوب

 سعود سعد العسيري المتداول في سوق المال ومدير مجموعة محافظ لمستثمرين يقول:

لا نزال في وسط دوامة غير واضحة المعالم، ولا تزال المخاطر قائمة وعلى كل من يفكر أن يدخل في سوق المال أن يضع أمام عينيه الخسارة قبل الربح، لا أقصد أن أبث صورة تشاؤمية عن الوضع، ولكن بما أنّ الحذر والحرص كانا دوماً مطلوبين في سوق المال والأسهم فإنّ الظروف الآن أدعى أن تجعلنا حريصين بصورة أكبر، ومن وجهة نظري فالقادم لن يكون سهلاً وبسيطاً, ولكنه بإذن الله سيكون أسهل من الذي مضى فالأزمة لن تنتهي بين ليلة وضحاها فهي بحاجة لسنوات ولكن معرفة حدود الأزمة سيسهل بدون شك التعامل معها، وسيجعل ممن يدخلون المعترك محترفين بصورة أكبر من السابق حتى ولو تعرضوا للخسائر، الربع الثاني سيكون بإذن الله أفضل من الربعين الرابع والأول، وأظن كذلك أنّ الربع الثالث سيكون أفضل من الثاني وهكذا فوجود بعض الشركات التي أعلنت عن نتائج أرباحها والجيدة في الربع الأول ستبث نوعاً من الثقة بالأسواق, وستجدد الأمل للجميع سواء شركات أو متداولين ومستثمرين فوجود رابحين يعني ببساطة أنّ الربح ممكن ممّا سيحفز الجميع لتحقيقه، كما أنني أعتقد وبالنسبة للسوق السعودي مثلاً أنّ الربح دوماً ممكن حتى في مثل هذه الحالات وحتى لو كان المؤشر أقل من الخمسة آلاف نقطة، فبما أنّ السوق يرتفع ويهبط فهذا يعني أننا دوماً نستطيع الشراء ثم البيع مما يعني أن نحقق أرباحاً حتى لو كانت بسيطة، مع الأخذ بالاعتبار الظروف السيئة التي تطغى على الأسواق ككل، وبالتالي فالعمليات السريعة هي الحل الأمثل في مثل تلك الظروف والرضى بالربح البسيط أفضل من جني الخسائر الكبيرة لا قدر الله.