الاعتكاف بمعناه وأسلوبه وجدت حاجته في داخل النفس البشرية منذ بدء الخليقة ، فإذا تمعنّا قليلاً نجدها سمة وسلوك يهوى ممارسته الأنبياء والحكماء .
كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قبل البعثة يعتكف في غار حراء ليبحث ويتأمل ويتساءل ، فالإنسان في زحمة الحياة ومتاعبها ومع الضغوط و الهموم ، تأخذه الدنيا و ينسى سر وجوده و غايته من العيش ، ينسى لماذا خلقه الله عز وجل ؟ ينسى الأمانة التي حمّله الله إياها و، وينسى أنه مكلف بمعرفة خالقه ، و أنه مكلف من ربه كخليفة على الأرض لإعمارها فما هو منهجه ورسالته في ذلك.
الإنسان حينما تأخذه الحياة يصبح دون معنى تائه مهموم تحيطه الفوضى يتخبط في الحياة من كل جانب فتلتبس عليه القرارات ، ويصبح كثير القلق وكثير التسرع والندم وقليل الحكمة، في مثل هذه الأحوال ينبغي أن يتيقظ بهدوء بالخلوة بذاته ويراجع نفسه و يختلي مع ربه وأن يسأل من أين وإلى أين ولماذا من أين جئت وإلى أين المصير ؟ وهذا ما نجده في الاعتكاف
يقول الدكتور محمد راتب النابلسي: "الاعتكاف الانقطاع إلى الله عز وجل، الانقطاع إلى الله متأملاً متفكراً باحثاً دارساً تالياً لكتابه مقيماً لسلوكك باحثاً في العيوب والثغرات باحثاً في العقبات والصوارف عملية إعادة ترتيب عملية سد ثغرات وفتح منافذ إلى الله عز وجل، نحن في العشر الأواخر ينبغي أن نزداد تأملاً ومعرفة بالله عز وجل ، شهر رمضان دورة مكثفة في إعادة تأهيل الذات و مناسبة لقفزة نوعية إلى الله والتوبة النصوح".
الاعتكاف للمرأة
الاعتكاف سنة مؤكدة ومما يدل على ذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم و مداومته عليه، تقرباً إلى الله تعالى، وطلباً لثوابه، واعتكاف أزواجه معه وبعده، أي أن زوجات الرسول عليه أفضل الصلاة السلام كن يعتكفن ،فاعتكاف المرأة في المسجد جائز، وقد ورد عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ، فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَةُ فَأَذِنَ لَهَا.
