الحلم المؤجل
سيدتي أنا سيدة في الثلاثين، متزوجة وأم، كنت أدرس حين تزوجت، وشاءت ظروف زواجي أن أنتقل مع زوجي إلى بلد آخر بسبب عمله، وهناك اضطررت أن أعمل لكي أساعده على تحسين أوضاعنا، وجرفني العمل والإنجاب وهموم الاغتراب، فلم أكمل دراستي، علمًا بأنني حين تزوجت كنت في السنة الثالثة من دراستي الجامعية، وبرغم مضي السنين مازلت أشعر بالحسرة لأنني لم أكمل دراستي، وكلما قررت أن أستأنف الدراسة، تضطرني الظروف أن أؤجل لأسباب لها علاقة بمسؤولياتي كزوجة وأم، والمشكلة هي أنني برغم عملي في عدة مواقع، أشعر داخليا بأنني أقل من زملائي؛ لأنني لم أكمل الدراسة، أشعر بالدونية وكأنني مخطئة، وازدادت همومي حين انقطعتُ عن العمل، ثم حاولت أن أحصل على عمل آخر، وأدركت أن جميع الوظائف تتطلّب شهادة جامعية، وتعقدت أوضاعي حين حاولت أن أستأنف الدراسة في البلد الذي نقيم فيه؛ لأن الجامعة اشترطت أن أبدأ من السنة الأولى، وبالطبع هذا يتطلب وقتا ومالا وجهدا ليس بالقليل.
الحياة مع زوجي جميلة، ونحن متحابان وننعم بالهدوء، ولكنني أنظر إليه فأجده يتقدم ويكبر وينجح، وبرغم أنني أفرح لنجاحه، لكن تغلبني الأنانية أحيانا لأنني لم أحقق شيئا، وعندما يقول لي إنني وراء كل نجاحاته لأنه مرتاح ومستقر، أفاتحه في أمر دراستي، فيقول الشهادة ليست كل شيء، وإنه بإمكاني أن أطوّر نفسي في ظل الظروف التي أعيش.
ولكنني مازلت أشعر بالحسرة، وأحتاج إلى نصيحة مخلصة.
المعذبة س.س.
عزيزتي صدق زوجك، وقد تظنين أنني لا أقدّر إحساسك بالخسران؛ لأنك كنت قاب قوسين أو أدنى من التخرج ثم تزوجت، وتغيرت ظروفك، ولكنني أذكرك بأن الله يطلب منا أن نشكر النعمة فيزيدنا، تخيلي بدائل واحتمالات، وهي أن تكوني تخرجت قبل الزواج ثم تزوجت وسافرت؛ لتكتشفي أن الحياة مع الزوج غير سعيدة وغير مستقرة، فهل كانت الشهادة وأعلى الوظائف تغنيك عن الاستقرار العاطفي والأسري الذي تتمتعين به باعترافك؟ زوجك يكبر ويزداد نجاحا ويعترف لك بالفضل، وأولادك بحاجة إليك والثقافة متوفرة للجميع مجانا، ولكن إذا وسوس لك الشيطان بضرورة الحصول على صك ورقي يفيد بأنك تخرجت، وكأننا نسير في الطرقات وكل منّا يحمل صكوك التخرج ليحتمي به من العدو المجهول.. أنصحك بمراسلة الجامعة التي تعلمت فيها، وشرح ظروفك والسؤال عن إمكانية إكمال السنة الدراسية المتبقية لك عن بعد، وإن لم تقبل الجامعة، تفاهمي مع زوجك على إمكانية السفر إلى بلدك أنت وأولادك لعام دراسي واحد، لكي تحصلي على المؤهل الذي تتمنين، وإن لم يقبل، استفسري عن برامج الجامعة المفتوحة التي تتيح الدراسة عبر برامج تليفزيونية.
إن كنتِ تحلمين بالسير على خطى والدك، رحمه الله، والذي كان كاتبا معروفا، فاعلمي أن أستاذنا الكبير عباس محمود العقاد لم يحصل على شهادة جامعية، ولكنه كان ينهل من الثقافة بحرية، استزيدي من الثقافة بالقراءة والاطلاع، ولا تنتظري أن تفشل مساعيك من قبل أن تبدئي، نحن مأمورون بالسعي، ومطالبون بالإيمان بأن الله يهيئ لنا النجاح في المسعى..
قدّري نعمة الله عليك، وحاربي شيطانك بالشكر والدعاء وطلب الهداية.
نار الغيرة
سيدتي أمر بظروف شديدة الصعوبة، وأتمنى أن أجد لديك حلا لمشكلتي، أنا زوجة تحب زوجها وتتفانى في الحب، وفي خدمة البيت والزوج والأولاد، أقيم مع زوجي خارج الوطن بسبب العمل، والآن كبر الأولاد وتفرغت لأسرتي.. مشكلتي أنني اكتشفت أن زوجي وزوجة شقيقه، يكثران من الأحاديث الهاتفية، ولا تظني أنني أبالغ؛ لأن الاتصالات تجري من الصباح المبكر من قبل أن يخرج إلى العمل، وتتكرر عدة مرات يوميا، وقد حاولت مرارا أن أوضح له أن هذا السلوك لا يجوز، ولكنه يعتذر بأنها تثق به وأنه يشفق عليها ليس إلا.
زوجي لا يقصّر معي في الماديات، ولكن انشغاله بأمورها أفقدني إياه كحبيب.. ماذا أفعل؟ هل أتصل بزوجها؟ هل أتمرد على زوجي؟ أخشى أن أفقده، ولكنني لا أستطيع أن أعيش عمري بقلب كسير من أجل أخرى يتمنى زوجها رضاها، وأنا يا سيدتي إنسانة عفيفة لا يمكن أن أبحث عن ملء الفراغ العاطفي خارج بيتي وزواجي، ولا أفكر في ترك زوجي، كل ما أفكر فيه هو التخلص من المشكلة، فهل من نصيحة؟
عزيزتي أحترم شعورك.. ولكنني لمست ميلا لديك للمبالغة، فهمت من رسالتك أن زواجك دام زمنا طويلا، بما أنك أم لأولاد كبار، وهذا يعني أن زوجك ليس من نوع الرجال الذي يبحث عن متعة خارج زواجه، الأمر إذن طارئ، وقد يكون لكثرة الاتصالات سبب، ولكن تفكيرك في الاتصال بزوجها قد يتسبب في كارثة عائلية لا داعي لها، والتمرد على زوجك بعد العِشرة الطويلة قد يفقدك محبته ويولد بينكما شقاقا لا داعي له، قلت في رسالتك إنك عاتبته على كثرة الاتصالات، وأكد لك أنه يشفق عليها لا أكثر، ومعنى ذلك أنه لم ينكر ولم يتوارَ، ما أنصحك به هو الاتصال بها في وقت تكون فيه وحدها في المنزل من باب التواصل الأسري، وتخبريها بأن زوجك لم يُخف عنك أمر الاتصالات، وأعرضي عليها أن تكوني أنت ناصحة لها، ومستمعة لمشاكلها بحكم أنك امرأة تربط بينك وبينها صلة عائلية، وأنك تفضلين ذلك على أن تشعري بأنك مستثناة من الموقف، وليكن موقفك من زوجك موقفا هادئا، وهو أنك تريدين أن تكوني شريكة في كل شيء، وأنه من الأفضل أن تحملا مسؤولية الإشفاق عليها معا، حتى لا تتطور الأمور إلى علاقة مسببة للمشاكل الاجتماعية المخربة.
كونك إنسانة عفيفة هو الأمر الطبيعي، ولا يمكن لامرأة عفيفة يتعرض زواجها لعثرة طارئة كتلك، أن تفكر في ملء الفراغ خارج إطار حياتها الزوجية التي امتدت طويلا.
لا تفكري في الثأر لكرامتك بالتردي في أي خطأ.. فكري في إصلاح شأنك وشأن زوجك بأقل الخسائر الممكنة لجميع الأطراف.
زوج الاثنتين
سيدتي أنا امرأة في الثامنة والعشرين.. تزوجت رجلا متزوجا، وأبا لأربعة أولاد، قبلت به لأنه كان يتظاهر بالالتزام الديني، ويستعرض ثقافته، وبعد زواجنا اكتشفت أنه تزوجني باتفاق مع زوجته، شريطة أن يعيش أولاده معنا وأقوم على خدمتهم برغم وجود أمهم ووجود خادم تخدمها، بعد ثلاثة أيام من الزواج جاء الأولاد، وهددني بأن أقبل أو أن أعود إلى أهلي، وتكون عودتي لهم بعد أيام من الزواج فضيحة تمسني وتمس أهلي أيضا.
اكتشفت أيضاً أنه لا يؤدي الصلاة، ويمتلك عدة شرائح للهاتف الجوّال للاستعمال في مخاطبة النساء خارج البيت.
حين أشكو يقول إنه تزوجني لخدمته وخدمة أولاده، وإن طلبت مصروفا قال لي إن حقي عنده هو الأكل والنوم، ولم يُضفني إلى بطاقة العائلة حتى الآن، أين حقي كزوجة؟ أرجو الإجابة..
الحائرة دلال
عزيزتي لقد قبلت به.. وأنت تعرفين أن له زوجة وأولادا، وكان الأجدر بك وبأسرتك أن تحددوا معه قبل الزواج، لا بعده، صيغة للحياة والعدل بين زوجتين، عدم التزامه بالصلاة أمر يتعلق به وبعلاقته مع ربه؛ لأن الله شهيد والحساب يوم الحساب. إذا قال لك إنه تزوجك لخدمته وخدمة أولاده فقط فهو ظالم لك، وعليك أن تستعيني بوساطة من أهلك وأهله، والآن وقد مرت فترة على إتمام الزواج، أصبحت في مأمن من تهديده لك بالفضيحة، أنت في مفترق الطرق، وعليك أن تفكري مليا في مستقبل هذا الزواج، قبل أن يثمر عن أطفال لا ذنب لهم، يمكنك طلب الانفصال، وانتظار فرصة أفضل إن نصحك أهلك بذلك، ولكن العاقل يتعلم من أخطائه، إذا انفصلت وتقدم لك خاطب آخر، لا يكفي أن تؤخذ الأمور بسطحية، يجب التحري الكامل عن طالب الزواج، ومعرفة أدق التفاصيل، فالزوجة أمانة في بيت زوجها، وإن لم يكن طالب الزواج أمينا، فعلى دنياها السلام.