الإمارات أول دولة خليجية تشغل قطاراً يعبر صحراء الربع الخالي

ربما كان حدثاً مدنياً تقدمياً، لكن مما لا شك فيه أن مشروع قطار الاتحاد الاستراتيجي يعيد كتابة تاريخ المنطقة من جديد، خصوصاً أن العمليات التجريبية بين حبشان والرويس قد بدأت منذ عام تقريباً، في حين سيتم استكمال الجزء الأخير من المرحلة الأولى بين حبشان وشاه قبل نهاية هذا العام، لتكون الإمارات أول دولة خليجية تشغل قطاراً يعبر صحراء الربع الخالي.
التشغيل التجريبي للقطار يمر بقلب واحات ليوا الشهيرة «مزيرعة»، التي تعد بوابة ومدخل الربع الخالي، وهي مساحة شاسعة من الصحراء التي تمتد عبر المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، وتضم أكبر وأجمل الكثبان الرملية في العالم، والتي كانت في الماضي القريب هدفاً لكثير من رحلات المستكشفين الذين جاءوا خصيصاً من أجل الاستكشاف والبحث عن عالم له تاريخ.
حتى بداية السبعينيات من القرن الماضي كانت الواحات الصحراوية لا تعبرها إلا قوافل الإبل، ولكن عندما بدأ المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، يزورها بعد توليه الحكم في إمارة أبوظبي عام 1966، استشعر حاجة المنطقة إلى كسر عزلتها الموحشة، فأمر بشق الطرق وسط الرمال، واستبدلت بالإبل السيارات، وأخذ التطور يدب في الصحراء رويداً حتى أصبح بها حالياً أجمل وأحدث المدن.
ويجد السائح في مدينة أبوظبي إعلانات للوصول إلى تلك الصحراء وعبورها جواً برحلات «الهليوكوبتر» السياحية، التي تنظمها بعض الشركات السياحية في العاصمة حتى أصبحت تلك الصحراء اليوم من أهم الوجهات السياحية خارج العاصمة لمن يريد مشاهدة عظمة صحراء الربع الخالي الساكنة، وأكبر منبسط صحراوي رملي في العالم.
تعبر طائرة الهليوكوبتر الصحراء لتهبط وسط قصر السراب، لكن الآن أصبح هناك أمور جديدة، فعندما تهبط هناك سيمر قطار بجوارك يشق طريقه وسط الرمال المتحركة.
ويقول المواطن محمد بن علي المرر (75 عاماً)، أحد سكان واحات ليوا: «كانت المحاضر محطة مفضلة لتوقف القوافل للاستراحة من عناء الطريق في مزارع النخيل التي تجاورها وفرة المياه العذبة ثم تستكمل الرحلة، وقد كتبت هذه القوافل نوعاً من التواصل لحضارات ظهرت واندثرت بالمنطقة، والعجيب أن التنقل على ظهور الهجن كان لوقت قريب هو أفضل وسائل التنقل والترحال ونقل البضائع في هذه الصحراء» مضيفاً: «في الفترة التي سبقت قيام الاتحاد لم تكن هناك أي طرق آمنة، ولا رجال أمن يوفرون الأمان لعابري الطريق، وكانت الرحلة إلى أبوظبي شاقة ومخيفة وسط الرمال، وتستغرق أسبوعاً كاملاً، لا يخفف من مشقتها إلا المرور على بعض الطوايا فتروي ظمأ الإنسان والحيوان».
ويتابع المرر: «كأن التاريخ يعيد كتابة نفسه في هذه المنطقة، إذ سخر الله لنا الشيخ زايد ليحول مدقات طرق القوافل إلى طرق سريعة بأفضل المواصفات العالمية، واليوم وفي عهد أبناء زايد فقد تم تحويل هذه الطرق والمدقات إلى خطوط سكك حديدية لنصل إلى أبوظبي في أقل من ساعة».