الدجل الإلكتروني.. كيف يقعون في فخه؟

الدكتورة نادية نصير
هـ. ش
بيان زهران
الدكتور أحمد بن قاسم الغامدي
5 صور

«الدجل» مهنة من لا مهنة له، يمارسها بعض الناس؛ بحثاً عن الثراء السهل والسريع، وبالمقابل يصدقهم كثيرون، سواء كانوا مواطنين أو وافدين، كلّ حسب حاجته ومشاكله، التي ينحصر أغلبها في الأمور الاجتماعَّية، التي تتعلق بالزواج أو مشاكل أسرية، أو أمور تخص المرض والجنس والعمل. وقد انتشرت الظاهرة بقوة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.


«سيدتي» رصدت قصصاً طريفة لأناس - تحتفظ بأسمائهم لحساسيَّة الأمر - كانوا ضحايا الدجل، فاختاروا صفحاتها للبوح عن تجربتهم مع الدجالين.

استغلال مادي
(فوزيَّة. ع)، سيدة أربعينيَّة، عزباء، موظفة بالقطاع الحكومي، تعرَّضت للاستغلال المادي من قبل شخص دجال، وصلت إليه عبر أحد المواقع الإلكترونيَّة؛ بحثاً عن حلِّ لمشكلة العنوسة التي تؤرقها، وبكل سذاجة تواصلت مع الدجال، وقدَّمت له الأموال، فأرسل لها جملاً عديدة تحمل عبارات غير مفهومة، طلب منها قراءتها على نفسها باستمرار، كما طلب منها أموراً عديدة غريبة ـ على حد قولها ـ من المهم أن تنفذها؛ ومن تلك الطلبات أن تدعو عشر صديقات لها يعانين من مشكلات اجتماعيَّة أو نفسيَّة وحتى مرضيَّة، وذلك على صفحته الشخصيَّة، على برنامج التواصل الاجتماعي الـ«فيس بوك»، وأن تكتب لصديقات أخريات إشارات تنبيهيَّة، أو ما يسمى بـ«منشن»، على صفحاته في برامج التواصل الاجتماعي الأخرى، ومن هنا علمت صديقاتها بذلك، ونصحنها بعدم الانصياع لذلك الشخص والتوقف عن تحويل الأموال له، فهو مجرد دجال.

قراءة الفنجان
«هـ. ش»، (34 عاماً)، علاقات عامَّة، تروي قصة صديقتها التي امتهنت قراءة الفنجان، من باب المصادفة، مستغلة جهل البعض وسذاجتهم وفضولهم. فبدأت بالبحث في الإنترنت حول فك رموز فنجان القهوة، ودلالة كل شكل يظهر فيه، ومن باب التسلية حفظت كل ذلك، وبدأت بقراءة الفنجان لصديقاتها وقريباتها، ومع مرور الوقت تحققت بعض الأمور، أو تشابهت الأحداث التي توقعتها، فاعتبرها كثيرون صادقة وبارعة في ذلك، ومن هنا بدأ بعضهم بتقديم الهدايا لها، ومن ثم تحول الأمر معها إلى تجارة وجني للأموال، فكثرت تجمعاتها مع النساء، كما استخدمتها بعض النساء لأذيَّة غيرها، من خلال الاتفاق معها على كلمات معيَّنة، وأحداث تدّعي رؤيتها في الفنجان، وهكذا أصبحت الصديقة قارئة فنجان تتهافت السيدات لدعوتها والحديث معها.

علاج جنسي إلكتروني
(سمير. ع)، خمسيني، رجل أعمال، حكى لنا قصته، معترفاً بسذاجته وندمه، فقط تعرَّض لمحاولة ابتزاز عن طريق برنامج التواصل الاجتماعي الشهير الـ«واتس آب»، الذي وصلت إليه منه رسالة منمَّقة من رقم دولي لدولة أجنبيَّة، يدّعي مرسلها قدرةً على إعادة شباب الرجال وزيادة القدرة الجنسيَّة، وهنا انجذب سمير من دون تفكير في هذه الرسالة، فتواصل عبر الـ«واتس آب» مع صاحبها، ومقابل مبلغ مالي، وصلته ملفات صوتيَّة تحمل موسيقى غريبة جاذبة للعقل والتركيز، وأنَّ تلك الموسيقى تحفز الدماغ وتنشط مراكز القوى في الجسم، وبدأ سمير طواعية، لا إرادياً، بسماع تلك الموسيقى باستمرار، حتى بدأ يعاني من توتر شديد وحالة اضطراب عصبي، لاحظها عليه زملاؤه، وبات في كل مرَّة يطلب ملفات جديدة ويدفع مقابلها، وبعد ملفات صوتيَّة عديدة؛ طلب صاحب الرسالة مبلغاً مالياً كبيراً مقابل ملف صوتي جديد، وهنا اضطر أن يطلب مالاً من أحد أصدقائه، الذي أصرَّ على معرفة السبب، كونه يشك في أمر غريب يحدث معه جعله شخصاً عصبياً متوتراً، فاعترف سمير لزميله، الذي منعه من التواصل مع الغريب على الـ«واتس آب»؛ إذ إنَّ تلك الملفات الصوتيَّة ما هي إلا نوع من أنواع الإدمان الإلكتروني.

الرأي القانوني
بيّنت المحاميَّة بيان زهران، أنَّ قضايا الدجل الإلكتروني من الجرائم الموجبة للتوقيف، وغالباً ما تتكون الجريمة من طرفين، أحدهما طرف رئيس، وهو القائم بفعل جريمة السحر والشعوذة، والطرف الآخر هو من لجأ له، وأنَّ العقوبات الصادرة بحق مرتكبي هذه الجرائم تكون عقوبات تعزيزيَّة، تصل إلى الجلد والسجن، بحسب حجم ونوع الجريمة، والضرر الحاصل جراء ارتكابها.

الرأي النفسي والاجتماعي
أوضحت المستشارة التربويَّة والأسريَّة النفسيَّة والناشطة الإعلاميَّة، الدكتورة نادية نصير، أنَّه حين يبلغ اليأس والجهل وضعف الوازع الديني بالإنسان مبلغه، يلجأ إلى أي قشة يتمسك بها؛ ليجد حلاً لمشاكله المستعصية من وجهة نظره، لذلك يلجأ إلى الدجل لعله يجد حلاً، الذي وللأسف أصبح ظاهرة في بلاد المسلمين، ولعل أسباب اللجوء إلى الدجل كثيرة، ولكلّ أسبابه، ومن أهمها:


ـ ضعف الإيمان بالله عزَّ وجلَّ.
ـ الجهل بأحكام الإسلام والعلم الشرعي، وأنَّ السحر من المحرمات.
ـ الميل إلى تحقيق الرغبات الشخصيَّة، التي أغلبها يكون لجلب المال أو الأولاد أو الحبيب أو حتى لإلحاق الأذى بالبشر لمجرد أنَّهم لا يحبون بعضهم بعضاً، أو لتفشي الحسد والحقد بين طبقات المجتمع.
ـ انتشار الحالات النفسيَّة مثل الحزن والإحباط واليأس والعقد النفسيَّة المركبة، والغيرة الشديدة، وحب الانتقام من الغير.


رأي الشرع
الدكتور أحمد بن قاسم الغامدي، مدير عام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بمنطقة مكَّة المكرَّمة سابقاً، أوضح أنَّ توجه الإنسان بشكل عام، رجلاً كان أو امرأة، للدجالين يدلُّ على التراجع في التفكير الصحيح، فالأصل في التفكير أن يؤمن الإنسان بالفهم العلمي والمنهج العلمي في حلِّ المشكلات، وأن يوقن ويعمل بما حرَّمه الله من العمل بالسحر والكهانة، ولا يركض وراء التحليل غير المنطقي بالاستعانة بالسحرة والمشعوذين، فنقص العلم الصحيح وضعف الوازع الديني والطمع في تحقيق ما يطمح إليه من أمور عجز عن تحقيقها هو السبب الرئيس للسعي وراء هذه الأعمال المحرَّمة شرعاً، ولعلَّ النساء، نسبة لغلبة العاطفة لديهنَّ، كثيراً ما يستنجدن بالسحرة والمشعوذين؛ ولا شكَّ فهو نكوص وتراجع فكري عن المنهج العلمي والمنطقي في البحث عن الحلول الصحيحة، وضعف إيمان، والمسلم يجب أن يكون وقافاً عند حدود الله فلا يتعداها، وأن يتبع منهج القرآن والسنة الحميدة في التعامل مع مشكلاته.

 

لا يفوتكم.. ملف أكثر الجرائم غموضاً في بريطانيا.. أين اختفت مادلين مكان؟ في عدد سيدتي 1837 المتوافر في الأسواق.