لماذا تنتشر الفيديوهات عديمة المعنى؟!

بيكوتارو يتسلّم جائزة غينيس
تغريدة المغني جستن بيبر
من أغنية Pen Pineapple Apple Pen
سعيد باعقيل، مستشار العلامات التجارية و التسويق.
4 صور

خلفية بيضاء، شخص يرتدي بذلة صفراء و يرقص بطريقة غريبة أثناء غنائه باللغة الإنجليزية: "لدي قلم، لدي تفاحة. أوه، قلم تفاحة."


كان هذا شكل أغنية ""Pen Pineapple Apple Pen لكوميديان ياباني، و التي نجحت بالدخول في موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأقصر أغنية، و تمكّنت من أن تقتحم لائحة "بيلبورد هوت 100 " الأمريكية، حيث حصلت على أكثر من 181 مليون مشاهدة منذ نشرها على يوتيوب في أغسطس من عام 2016.


قد نختلف على طرافة الرقصة، أو فيما كان ذوق المغنّي قد خذله أم لا عندما اختار تلك البذلة، لكنّ شيئا واحدًا يمكننا الاتفاق عليه و هو عدم وجود معنى يُذكر في تلك الـ45 ثانية. كما أنَّ سِرَّ الانتشار المفاجئ للأغنية لم يكُن محتواها، حيث بدأ عدد المشاهدات يزداد عندما غرَّد مغنّي البوب الشهير "جستن بيبر" برابط الأغنية في تويتر، واصفًا إياها بـ"أفضل فيديو على الإنترنت"، ممَّا دفع المتابعين إلى المسارعة بمشاهدته لمعرفة سر إعجابه به.


صاحب الأغنية الذي يُدعى "بيكوتارو" و الذي يبلغ من العمر 53 عامًا، كان مصدومًا من هذه الشعبية المفاجئة كما ذكر لوسائل الإعلام. موضّحًا أنه من دون تأثير "جستن"، كان سيكون هناك 4 أشخاص فقط في هذه الغرفة، وذلك خلال مؤتمر صحفي.


آلية انتشار أي فيديو
في محاولة لتفسير هذا الانتشار العالمي بشكل علمي، و كشف أبعاده، التقت "سيدتي.نت" بمستشار العلامات التجارية و التسويق، سعيد باعقيل، و الذي يملك وكالة باعقيل و ديوغو المتخصِّصة في العلامات التجارية بالبرتغال، و الذي وضّح أنَّ سلوكياتنا و اهتماماتنا تغيّرت بشكل كبير، و أنّه عندما يشارك شخصٌ مُلهم فيديو – و هذا المُلهم قد يكون سخيفًا – فيرى آخرون الفيديو من متابعي الصيحات أو "التريند"، و هم غالبًا ما يشاركون فيديوهات بلا معنى، ثم يقومون بالإعجاب بالفيديو و مشاركته ليس لأنَّه أعجبهم بل لأن أحدًا ما شاركه. كما أن هناك نوعًا آخر من المتلقّين على ساحة الإنترنت، و هم شبه - المهلمين "Semi influential "، و نسمّيهم ""People Pleasers و هم الذين يسعون لإرضاء الآخرين بالتفاعل مع الفيديو الذي شاركه أصدقاؤهم أو الملهِمون، عن طريق إعادة نشره، الإعجاب به أو حتّى التعليق عليه. و هكذا يبدأ مجتمعٌ افتراضي بالتكوّن. حيث يُصبح الفيديو أساسًا لذلك المجتمع!


سبب انتشار الفيديوهات عديمة المعنى
و أضاف أننا نعيش في عالم افتراضي اليوم و لذلك أصبحت الأمور أقلَّ إنسانية، فبدأت الأمور تفقد قيمتها و تصبح بلا معنى، بعكس ما كانت عليه في السابق. و السبب الرئيسي في هذا الانتشار للفيديوهات عديمة المعنى هو أنه ليس لدينا الذكاء العاطفي الكافي لندرك أن ما نشاهده ذا قيمة أم لا. مُشيرًا أيضًا إلى أن رسائلنا في وسائل التواصل الاجتماعية المختلفة، ينقصها الذكاء العاطفي و الجانب الإنساني، لذلك قد يفسِّرها الآخرون بطريقتهم الخاصّة مما يجعلهم يسيئون تفسير كلامِنا.


إلى جانب ذلك، أشار إلى أن الأسباب أيضًا تتلخّص في أننا نعيش اليوم في عالم افتراضي يؤثِّر على حياتنا و جوهرنا، و قد أصبحنا مجتمعات تتّبع الصيحات و لا تصنعها. و أضاف: "نحن لا نفكّر في الأمور و نحلّلها، نحن نقدِّرها و نحتفي بها كما هي فقط لأنَّ أحدهم قام بتقديرها."


و من الجدير بالذكر أنَّ الكثيرين يعتقدون بأنَّ الذكاء العاطفي هو أساس النجاح في الحياة، فقد فصلوا الذكاء العاديَّ والذي يقاس بما يعرف باختبارات الذكاء (IQ) عن الذكاء العاطفي، و من أشهر تعريفاته ما عرّفه دانيال كولمان: القدرة على التعرف على شعورنا الشخصي وشعور الآخرين، وذلك لتحفيز أنفسنا، ولإدارة عاطفتنا بشكل سليم في علاقتنا مع الآخرين. و يُعد الوعي الذاتي جزءًا هامًّا منه.