الكويت تودّع احد رواد الاغنية ...حسين جاسم في ذمّة الله

حسين جاسم
الراحل حسين جاسم
حسين جاسم
حسين جاسم
حسين جاسم
حسين جاسم
حسين جاسم
7 صور

انتقل إلى رحمة الله تعالى الفنان الكويتي حسين جاسم، بعد صراع مع المرض، ويُعتبر الفنان الراحل  أحد أهم اقطاب الاغنية الكويتية، حيث ولد في مدينة الكويت بمنطقة شرق عام 1944، وحصل على دبلوم معهد المعلمين شعبة الموسيقى 1967، وعمل مدرّسًا لمادة التربية الموسيقية لأكثر من 20 عامًا، ورُقي إلى أن أصبح مديرًا في الفترة الممتدة بين 1994 و2002.

حياته الفنية

بدأ حسين جاسم حياته الفنية عام1967، من خلال مشاركته الإيجابية في الأنشطة الفنية والموسيقية التي كانت تقام آنذاك في معهد المعلمين، ثم اتّجه بعد ذلك إلى الإذاعة من دون تخطيط مسبّق، حيث شارك في أوبريت غنائي بعنوان "المنبوذ"، قُدِّم على خشبة مسرح معهد المعلمين عام 1967 بحضور وزير التربية آنذاك.

 

ثم انطلق بعد ذلك كمطرب يقدّم الأغنية العاطفية، والوطنية، والدينية التي كان يعشقها، وأول أغنية له كانت بعنوان "يا إله الكون" من ألحان الفنان الراحل عبد الرؤوف اسماعيل، الذي كان أستاذه في تلك الفترة، وما زالت الأغنية تذاع حتى الآن في المناسبات الدينية.

شهرة كبيرة

اكتسب الراحل حسين جاسم شهرة كبيرة من خلال أغنية "أبو الموقه"، وهي الأغنية العاطفية التي أطلقت شهرته في الكويت وأرجاء الجزيرة العربية، وكانت تذاع يوميًّا أكثر من مرة، خصوصًا في الإذاعة، من خلال برامج الطلبات والبرامج المنوعة.

وكان للأغنيات التي أداها الراحل حسين من ألحان غنّام الديكان، وقعها على الجمهور وقوبلت باستحسان كبير ونالت الإعجاب، وذلك لحرصه على تطويعها في قوالب التراث الكويتي القديم، مع الابتكار في الأسلوب، وحداثة الكلمة واللحن المطور.

وكذلك تُعتبر جهود الديكان في جمع التراث الموسيقي وإعادة تسجيله، محاولات جيدة للغاية، ومن الأغنيات التراثية التي لحّنها الديكان وأدّاها جاسم، "حكاية بحار"، من كلمات الشاعر الغنائي الراحل خالد العياف.

 

من الأغنيات العاطفية الأخرى التي غنّاها جاسم ولاقت صدًى واسعًا، أغنية "حلفت عمري"، التي كتبها الشاعر الغنائي الفنان ماجد سلطان ولحّنها القدير يوسف المهنا. يعود نجاحها إلى أنها اعتمدت الصدق في الكلمة واللحن والأداء، ناهيك عن أنها تعكس قصة واقعية يمكن لأي إنسان أن يمر فيها، وعلى الرغم من أنها أُطلقت قبل ثلاثين سنة، إلّا أنّ نجاحها ما زال مستمرًا، وقد صُوّرت بالألوان بعد تحرير الكويت كي يشاهدها الجمهور عبر الشاشة الصغيرة.

 

الاعتزال والعودة

أعلن الراحل حسين جاسم عام 1974 توقّفه عن الغناء نهائيًّا، بعد أن أثرى المكتبة الموسيقية والغنائية بأجمل الأغنيات، وأرجع ذلك إلى أسباب كثيرة، منها: اللحن الرخيص والكلمة المبتذلة، و"عدم وجود الملحن الذي يفهمني جيدًا"، وكان آخر لحن سجّله في إذاعة الكويت قبل اعتزاله، أغنية بعنوان "خلي حسين" من ألحان عبد الرحمن البعيجان.

وبعد تحرير الكويت، قرر العودة إلى الغناء مجددًا من خلال مجموعة من الأغنيات الوطنية، منها: "هلّت أعياد النصر يا كويت" من ألحان البعيجان أيضًا. وكذلك قدّم أغنيتين عن الأسرى، ثم أعاد تصوير بعض أغنياته العاطفية المعروفة، واعتبرت الصحافة آنذاك عودته إلى الغناء حدثًا سعيدًا وأجرت معه لقاءات عدة، بعدها شارك جاسم في أوبريت "القادة" لمناسبة انعقاد مؤتمر "قمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي" في الكويت عام 1991، وأوبريت "سلاحي كلمة الحق"، من إنتاج إذاعة البرنامج الثاني، وقُدّم على مسرح حمد بن يوسف الرومي في الإذاعة، وصُوّر تلفزيونيًا.

 

من أقواله

• "لحظات الغروب تبهرني، وتخدّر إحساسي وتوقظ في نفسي مشاعر قديمة".

• "أنا على استعداد دائمًا وفي أي وقت للمشاركة في المناسبات الوطنية، وقد قمت بذلك وغنيت للوطن والأسرى".

• "هناك أغنيات شبابية جميلة جدًّا يُطرب لها من يسمعها، وثمة أغنيات خفيفة تمر وتختفي".

• "غنيت أغاني سريعة، لكنها معتمدة على فنون التراث، وهذه التي بقيت في ذاكرة الناس، وما زالت قريبة إليّ مثل: الفرحة طابت، ويا ناعم العود، وشدة العربان، ويا معيريس... وغيرها من الأغنيات الخفيفة"

• "أطرب إلى الأغنيات المغنّاة بالشعر الفصيح، والألحان الأصيلة الباقية، ربما لأني عشت في مرحلة فنية ثرية بالغناء الأصيل القوي، وما زلت أطرب لأغنيات تلك المرحلة".

• "ثمة أغنيات جديدة عدة تظهر هنا وهناك يوميًّا من قبل بعض الفنانين الشباب، لكنها تتلاشى بسرعة بسبب ضعف معانيها وألحانها، لذلك أتحاشى مثل تلك الأعمال، وأتّبع أسلوبًا خاصًّا في الاختيار للحفاظ على الأصالة".

• "عندما أجد لحنًا وطنيًّا أو دينيًّا جيدًا، يمكنني أن أفكر فيه، لكنّ رغبتي الحقيقية هي التعامل مع القدماء".

• "أفضّل الأغنية ذات الإيقاع الهادئ، ولا أرغب في الإيقاع السريع، وأحب الأغنية الجيدة لحنًا وإيقاعًا وكلمات"

• "سابقًا لم يكن هناك في المدارس أي نشاط كالمسابقات مثلًا، أما الآن فالأمور تغيرت وأصبحت المسابقات موجودة على مستوى المناطق، وذلك يشجع على فرض المقطوعات والأناشيد التي يشدو بها الطلبة، وتغرس في نفوسهم القيم، كحب الوطن والوالدين، وهذا بحدّ ذاته تطوّر وانتقال".

• "أغنية الطفل التي تقدَّم الآن يغلب عليها جانب التسلية وأهدافها غير واضحة، ومن الواجب على من يعدّ أغنية للأطفال أن يتعايش مع مرحلة الطفولة، كي يخرج بعمل يمتع الطفل وينمّي أحاسيسه، وهذا للأسف غير موجود، بالإضافة إلى أنّ الأداء يجب أن يكون بصوت الأطفال، كي يتعايشوا معه وليس بصوت الكبار".

• "أنصح الفنان بالزواج، لأنه إذا وفِّق بزوجة مثالية ستضفي على حياته جوًّا يجعله معطاءً لفنه. للأسف أنّ البعض يظن أنّ زواج الفنان معناه ضياع جمهوره".

 

ونعى العديد من الفنانين جاسم، حيث رثاه نجله  الفنان الشاب احمد حسين قائلًا: "رحل عن عالمنا والدي ومعلمي الفنان القدير حسين جاسم، إنّا لله وإنّا اليه راجعون.

 

بدوره تحدث الفنان داود حسين متاثرًا: "استاذي والقلب الطيب والانسان الرائع حسين جاسم الى جنات الخلد، لا احتاج الى التعليق فقط الترحّم وقراءة الفاتحة .

 

من جانبه قال الفنان احمد الحريبي: "يتساقطون كأوراق الشجر وهم من صنعوا الفن الكويتي والخليجي والعربي، وبنوا صرحًا عاليًا شامخًا في سماء الفن، وأبدعوا في فنهم الراقي والاصيل، وستبقى اعمالهم خالدة في ذاكرتنا.

 

اما الفنان عبد العزيز الحداد، فقد رثا الراحل بكلمات مؤثرة قائلًا: "نعم الجار (أيا غالي، يا متواضع) قبل خمسين عامًا وبالتحديد في شرق، قرب دروازة عبد الرزاق، ودّعنا جيراننا، لننتقل إلى منطقة الشعب، ومن بين من ودّعنا، كانت أسرة حسين جاسم. نعمَ الأسرة ونعمً الجيران. التقيت به عددًا من المرات بعد أن أفترقنا، ولم ألتقِ بأخيه محمد، الذي كان أقرب لي منه، حيث إنّ حسين جاسم، كان أكبر منّا سنًّا.

أتذكره تمامًا في بداياته وهو يغني جالسًا على عتبة باب بيتهم، يطرب ذاته بأغاني عوض دوخي.

عرفت منه (الهيام)، كان يسير منفردًا، تشعر أنّ التفكير يشع من رأسه، لوضوح قسماته وانفعالاته. لم أكن أدري ما يشغل ذهنه، وكنت أناقش الأمر مع أخيه محمد. كنّا نعتقد، أنه يبحث عن منفذ، ليسلك درب الغناء، لأنه ينتمي إلى عائلة متديّنة جدًّا، وقاده تفكيره إلى أن يظهر للجمهور لأول مرة، بأغنية دينية " يا إله الكون" بعدها، صوته فرض نفسه على أذن المستمع، فأحبّه الناس وشاعت أغانيه وأضاء بريق نجم شهرته.. هذا ما أعرفه عنه، في ما لا تعرفون. أما ما بعد ذلك، فهو تاريخ وثّقته الأعمال التي قدّمها، لينضمّ إلى أحدى الصفحات المضيئة، التي أنارت تاريخ الكويت الفني. رحمك الله رحمة واسعة. وأسكنك فسيح جناته.