في الوقت الذي يرفض الكثير من الطلاب إعادة الثانوية العامة بعد رسوبهم فيها لأول مرة، وينتحر البعض خوفاً من عائلاتهم أو وصمهم بالفشل، اشتهرت وتميزت المكسيكية المسنة غوادالوبه بالاسيوس بإصرارها وعشقها للعلم، وحلمها بالحصول على الثانوية العامة في عيد ميلادها المائة، وهي تبلغ الآن عامها السادس والتسعين، لكنها لم تجعل سنها المتقدم يقف عائقاً أمام طموحها التعليمي، فسجلت وهي بهذا السن بالصف الأول الثانوي لتبدأ رحلتها التعليمية نحو حلمها الكبير إلى الصف النهائي للثانوية العامة والنجاح فيه بعيد ميلادها المائة.
وفي خبر صحفي نقلته بي بي سي – bbc البريطانية صرحت المكسيكية غوادالوبه بالاسيوس بأيام دراستها الأولى في ولاية تشياباس الجنوبية بالمكسيك: أنا مستعدة أن أبذل قصارى جهدي، وإنه ليوم رائع جداً.
وبالطبع بعث التحاقها بهذا السن بالصفوف الثانوية تقدير أهالي هذه الولاية، ومنح الطلاب الصغار الثقة بالنجاح ليحققوا حلمهم مثلها.
واستقبلت «دونا لوبيتا» كما تلقب تحبباً في أول يوم دراسي لها بتصفيق حار من زملائها الصغار في المدرسة الثانوية رقم 2 في مدينة توكستلا غوتييريس عاصمة الولاية، عند قدومها للمدرسة مرتدية الزي المدرسي الموحد المكون من قميص أبيض، وتنورة سوداء، منحتها لمستها الخاصة بارتداء كنزة وردية اللون.
وتابعت بانتباه كبير حصص الكيمياء والرياضيات، واستعرضت مع زملائها مهاراتها الخاصة في حصة الفن والرقص.
ولم تختر غوادالوبه بإرادتها عدم مواصلة تعليمها، بل إنها اضطرت إلى ذلك مرغمة؛ لنشأتها في بلدة فقيرة، فأمضت فترة طفولتها وصباها وهي تساعد أهلها في تدبير نفقات المعيشة بدلاً من مواصلة تعليمها للنهاية، كحال معظم الفقيرات في مثل حالتها ووضعها الاجتماعي.
لكنها في عامها الـ 92 من عمرها، أدركت أن الوقت المناسب لها قد حان لاكتساب هذه المهارات التعليمية من خلال ارتيادها المدرسة، فالتحقت ببرنامج محلي لمحو الأمية، ولم تكتف بهذا القدر القليل من الدراسة، فشاركت في برنامج تعليم المرحلة الابتدائية للبالغين. وأنهت مرحلتي الابتدائية والمتوسطة في أربع سنوات فقط، وهي فترة قياسية مثالية لمن هم في سنها عادةً.
ولما لم تجد برنامجاً للتعليم الثانوي للبالغين من عمرها، قررت بدون تردد الالتحاق بمدرسة عامة عادية إلى جانب زملاء يافعين يصغرونها بـ 80 سنة.
غوادالوبه فخر أبنائها وأحفادها الـ 160
وأصبحت غوادالوبه بنجاحها المتواصل في مراحل التعليم فخر أبنائها وأحفادها الذين يبلغ عددهم الـ 160 فقالت: أنا سعيدة جداً بفخر عائلتي بي، وسعيدة أكثر بأني صرت قادرة على قراءة الحكايات لأحفادي في المنزل بسهولة.
وأكدت قائلة: أنا أتمنى أن أنهي مرحلة الثانوية العامة وربما الجامعة، إن أعطاني الله عمراً.
وقصة غوادالوبه بالاسيوس في المكسيك أصبحت مثالاً حياً وقوياً على أن الأوان لم يفت بعد لتعلم القراءة والكتابة بأي عمر.