الصحفية والناقدة السعودية سهى الوعل: الهولوغرام ونشوة اللحظة!

الصحفية والناقدة السعودية سهى الوعل

عندما أطلت أم كلثوم عبر تقنية الهولوغرام خلال فعاليات مهرجان شتاء طنطورة على المسرح في حفل خاص يحمل اسمها، كان الوطن العربي يعيش حال ترقب كبيرة للحدث الذي يحدث هنا للمرة الأولى، الجميع كان ينتظر أم كلثوم من بعد رحيلها بـ 47 عاماً، حتى من لم يتواجدوا في المسرح، كانوا ينتظرون رؤيتها مباشرةً على شاشة الـ MBC الناقل الحصري لحفلات المهرجان، لينتهي الأمر برؤيتهم لامرأة أقرب من ناحية الشبه والحركات لأم كلثوم التي شاهدوها في مسلسل يحكي سيرة حياتها من بطولة صابرين قبل عشرين عاماً، عن أم كلثوم التي اعتادوا مشاهدة حفلاتها في «اليوتيوب».

بعد مرور شهر على حفل أم كلثوم، عاد الهولوغرام ليجسد فناناً آخر على المسرح، هذه المرة كان أبو بكر سالم رحمه الله، خلال حفل تكريمه الذي شهدته مدينة الرياض وشارك فيه نجوم الخليج، هذه المرة أيضاً رأينا رجلاً يشبه أديب، ابن الراحل أبو بكر سالم بشكل أكبر مما يشبه والده الذي يقوم على تكريمه الحفل كاملاً.

الهولوغرام الذي يجسد شخصيات على المسرح عبر تقنية ثلاثية الأبعاد، تعتمد معادلات معينة كانكسار الضوء والانعكاس الزجاجي وغيرها، ليس أكثر من فكرة تتطلب وبشكل رئيسي وجود جسم حي تقوم عليه التجربة، ولذلك وفي غياب أم كلثوم وأبو بكر سالم رحمهما الله، كان الحل أن تتم محاكاة أشخاص يشبهونهما إلى حد كبير من ناحية الهيئة الشكلية العامة ولغة الجسد، وهكذا كان.. فتم اختيار صابرين التي ارتبطت في أذهان المشاهدين بأم كلثوم بسبب مسلسلها الشهير عنها، وأديب أبو بكر سالم أكثر أبناء الراحل قرباً إليه من ناحية الهيئة الجسمانية العامة والذي حاول جاهداً اقتباس حركات والده وطريقته عندما يغني أو يسلطن على المسرح، ولكن في الحالتين لم ينجح الهولوغرام في أن يكون مقنعاً بشكل كامل، والسبب غياب النموذج الرئيسي الذي يقوم عليه الحفل.

عندما حاورت الأستاذ حسن حينا، المدير التنفيذي للشركة المسؤولة عن الهولوغرام في الشرق الأوسط، والتي تعاونت مع الجهات المعنية في السعودية بغرض تقديم الحفلين الخاصين بأم كلثوم وأبو بكر سالم، أكد لي أن الفكرة التي تعمل عليها الشركة على أشخاص ما زالوا على قيد الحياة، بهدف أرشفة تاريخهم، ستكون أكثر نجاحاً من الفكرة التي تقوم على محاكاة أشباه أشخاص غائبين عن الحياة، إذ لفت إلى أن الهولوغرام غير قادر على تعديل الفروقات الخاصة بالوزن والطول ومقاسات الجسم والملامح وعضلات الوجه، حتى وإن كانت درجة الشبه كبيرة، بل يعمل على محاكاة الجسم الذي أمامه أياً كان، لذلك بدا هولوغرام أم كلثوم أقرب لصابرين التي في المسلسل، وبدا أبو بكر سالم أكثر قرباً لابنه أديب عندما يقلده.

حالياً، يطالب الجمهور بحفل خاص لتكريم الراحل طلال مداح عبر الهولوغرام، علهم يرونه مرة أخرى على المسرح بعد رحيله منذ 19 عاماً، معتقدين أنه لم يكن من أوائل المرشحين لتجسيدهم عبر الهولوغرام في حفل خاص بالسعودية، ولكن الحقيقة أنه أمر يصعب تنفيذه جداً، ليس فقط لتعذر العثور على شخص يشبهه، بل لتعذر إيجاد شخص يشبهه ولديه خبرة جيدة في العزف على آلة العود التي لم تكن تغيب عن أحضان المداح في معظم حفلاته، فيجب أن يكون العازف محترفاً حتى تسهل محاكاته ليتم تجسيد طلال مداح كما يستحق.

تساؤل مهم مررته للمسؤولين عن الهولوغرام، أشاركه معكم هنا. لماذا لم تتم الاستعانة بتسجيلات نادرة من أرشيف التلفزيون المصري الرسمي أو التلفزيون الرسمي السعودي للأغاني التي تم تقديمها بالهولوغرام على المسرح لأم كلثوم وأبو بكر سالم؟ لماذا تم تقديم النسخ المألوفة من تلك الأغنيات، بدلاً من نسخ نادرة غير موجودة أصلاً على الإنترنت، حتى نتمكن من استشعار بعض الاختلاف بصوت أولئك الراحلين الذين تم استحضارهم شكلياً على المسرح، حتى يصبح هناك طعم آخر للحفل على الأقل، يستحق عناء الترقب والانتظار؟!