أقلام ونجوم

ومضات أوجاع الدمى

الكثير من المعاني التي لا يحصرها ذهني، من أول وهلة ولقاء بيننا.. عندما كان على رفوف الكتب مجاورًا أصحابه... آثرته من بين البقية، لكني لم أكن أنانية لذاك الحد، فقلت لا ضير من أن أبتاعه هو مع بقية عائلته الورقية.

*****

فارقتنا أيام كثيرة، بل أسابيع، وكلما أردت أن أشرب من مكنونه أجدني أبتعد عنه أكثر. يا للأسف، بالتأكيد كان يعاني الفراق، لم أشعر بذلك، متاهات الدنيا لا تنتهي، إن انتهيت من أمر شغلني آخر أهم.

**** *

قصص مؤلمة تحكي عن فتيات تكبدن الألم ومرارته، صغيرات هن.. كبيرات.. بل إن الدمى غدت تعاني حبسها من خلف الزجاج، تنتظر بصيص أمل بطفل لعوب ينقذها بقبضته الشقية، أيًّا كان.. فهي تريد الفرار...من السجن المؤبد..

فاطمة الشحي

 

  ماكدونالد أولى!

عكفت بالأمس على كتاب لإحسان عبد القدوس كانت قد ابتاعته شقيقتي إيمان، التهمته في ليلة واحدة. في البدء لم يغرني العنوان كثيرًا «عقلي وقلبي»، ولا حتى صورة الغلاف، لكني متأكدة من ذوق أختي في صنف الرواية والقصص القصيرة، لذا لم أتردد في إفساح مكان له في حقيبتي، وحمله معي إلى أن تتسنى لي مطالعته!

وكما يقول إحسان نفسه: فهناك كتب تنتظرك عمرًا لكي تقرأها، كلنا ـولا شك- يملك مجلدًا من عدة أقسام لم يفتحه إلا يوم ابتاعه، ولم يلفته إليه إلا غلافه المذهب المنمق، ولا يزال يقنع نفسه أنه سيقرؤه يومًا... سيأتي ذاك اليوم يومًا ما.

لكن كتاب إحسان مختلف؛ فأوراقه من النوع العادي، العادي جدًا، بلون أصفر غير صحي، يخيل إليك أنه قبع سنوات على رفوف تلك المكتبة قبل أن يجتذب سحرُه مشتريًا ما، لكنه من النوع الذي لا يعطيك فرصة لتأجيل قراءته، فالكتب كما البشر؛ بعضها نستسيغ حديثه، وبعضها يصيبنا بدوار، على جمودها تثرثر الكتب أحيانًا أكثر من البشر!

لا أستطيع الجزم بأني أحببت كل قصصه، لكن بعضها كان مبهرًا فعلاً...

يملك إحسان وعيًا عميقًا بالنفس البشرية؛ لذا فهو يرسم شخصياته ببراعة لا متناهية، يغوص في أعماق فضائلها ورذائلها، ينتقل بك من فتى المدارس إلى العمدة، إلى الطبيب، إلى الفلاح، إلى الأعزب، إلى المتزوج. توليفة غريبة لكنها الدنيا كذلك، بل ربما أكثر غرابة أحيانًا!

استمتعت كثيرًا بتلك الرحلة في دواخل النفس البشرية، وفي أزقّة القاهرة وكفورها. وشعرت بامتنان حقيقي تجاه هؤلاء الكتّاب الذين يحملون على عاتقهم مهمة إمتاعنا بثمار أفكارهم.

عندما هممت أن أعيد الكتاب إلى الخزانة لفت نظري الثمن المدون على ظهره؛ 20 درهمًا! ياااااه... أليس هذا ثمن أرخص وجبة عند ماكدونالد!!!

لا أعلم للآن سبب ذاك الشعور بالأسى الذي انتابني، وشعرت للحظة بالهلع من أن أصير كاتبة في وطن، الكتب فيه أرخص من قطعة لحم مشوي، ولا تجد من يقرؤها.

 فاطمة الزهراء جوهري

 

 

 

  قد أكون لشخص ثان

هكذا أرسلت تقول لي، فهل هي بشارة تزفها إليّ؟ أم أنها تعزية مضت تواسي بها قلبي؟ أم هي بداية لأحزان ماطرة؟

هل هو شكر منها أم اعتذار لأنها لم تكن من نصيبي؟ هل هي بداية لزغاريد مباركة أم هو شروق لمعاناة موجعة؟

هل تقصد بذلك أني قد خسرتها أم تعني أنها هي من قد خسرتني؟

فهل يعني ذلك أني قد تأخرت عليها كثيرًا وفاتني القطار، فكان وصولي إليها متأخرًا لم يحدث أي فرق يذكر؟ واعتقدت أن حبي كان مجرد حلم يقظة ترعرع وسط بيئة من ورق؟

«قد أكون لشخص ثان»، فهل هكذا يتكرر القدر أم أنه قدري أنا من يتكرر؟

«قد أكون لشخص ثان»، ثم مضت بهدوء تام، لا أدري ماذا كانت تقصد بقولها «قد أكون»، ولا أدري لأي إنسان كانت تعني بنطقها «شخص ثان»، ومازلت أنا أنتظر إلى هذا اليوم الجواب الشافي، فهل ستأتيني بطاقة دعوتها؟ أم ستعدو إليّ راكضة تزف البشرى إليّ بأن الغيوم قد تلاشت وأنها مازالت ملكًا لنفسها، وبالحرية مازالت تتنفس أوكسجين الحياة، وأن فؤادها مازال مملوءًا بحب كبير... هو فقط ملك لحبيبها.

 عوض مولد آل نصيب - سلطنة عمان