من شغف بفستان الزفاف إلى منصات العرض العالمية، تروي المصممة العُمانية أمل الرئيسي حكاية امرأة حلمت بفستان يعكس هُوِيَّتها، فانتهى بها المطاف بتأسيس علامة أزياء تحمل تراث وطنها إلى العالم. منذ انطلاقتها عام 2006، شكلت أمل نموذجاً للمرأة الطموحة التي تمزج بين الحداثة والأصالة، وبين الأنوثة والقوة؛ لتصبح اليوم واحدة من أبرز المصممات في الساحة العربية، ومن الأصوات التي تسرد قصصاً عُمانية بصيغة معاصرة وأناقة راقية.
في هذا اللقاء، نغوص في بداياتها، ونكتشف أسرار إبداعها، ونتعرف إلى رؤيتها المستقبلية للعلامة التي تحمل اسمها، وعلى طموحها في تمثيل المرأة العربية على خارطة الموضة العالمية.

-ما الذي ألهمكِ للانتقال من عالم الأعمال إلى تصميم الأزياء؟
كنت أبحث عن فستان زفافي، وكان لديَّ تصور واضح عما أريده، لكن لم أتمكن من العثور على التصميم الذي يعكس حلمي. هذا دفعني لتصميم فستاني بنفسي، والبحث عن مشغل مناسب ومطرزين محترفين في الهند لتنفيذه. كانت تجربة ممتعة ومليئة بالشغف، ومع الإطراءات التي تلقيتها من المحيطين بي، شعرت بأنني على الطريق الصحيح.
قد يهمك أيضاً: أسرار نجاح المصممة فيكتوريا بيكهام في يوم ميلادها... كيف حولت الخسارة إلى الربح؟
- افتتاحكِ لبوتيك "دار الأصيل" عام 2010 كان محطة مهمة في مسيرتكِ. ما أبرز التحديات التي واجهتكِ في تلك المرحلة المبكرة؟
كل مرحلة تحمل معها تحدياتها، وفي تلك الفترة كان التحدي الأكبر هو التمويل. كنا بحاجة لتأمين المصاريف والرواتب، وكان هناك طلب متزايد على التصاميم، لكن لتلبيته كنا بحاجة لتوظيف الكفاءات المناسبة، وهذا تطلب دعماً مالياً كبيراً. كانت المرحلة تتطلب إيماناً بالحلم ودعمه بكل الطرق الممكنة.
- مجموعاتكِ مستوحاة بعمق من التراث العُماني. كيف تترجمين العناصر الثقافية إلى أزياء معاصرة قابلة للارتداء؟
كل مجموعة تبدأ بقصة من عُمان سواء من العمارة، الحِرف، أو التقاليد أُعيد تخيلها ضمن إطار تصميم عصري. أبدأ بالبحث المعمق، ثم أُحول هذه العناصر الثقافية إلى تفاصيل دقيقة كالتطريز، القصات، أو الخامات. النتيجة تكون أزياءً تحمل روح التراث العُماني، لكنها أنيقة، معاصرة، وقابلة للارتداء من قبل النساء في أي مكان.

- كيف تحققين هذا التوازن بين تكريم التراث العُماني وجذب المرأة المعاصرة عالمياً؟
من خلال السرد الهادئ والرمزي. أستوحي من التراث العُماني كالأنماط، الأنسجة، أو الرموز الثقافية وأعيد تفسيرها بطريقة راقية وغير مباشرة. هذا يسمح لي باحترام التقاليد دون الابتعاد عن الحداثة؛ ما ينتج تصاميم أصيلة تنتمي لعُمان، لكنها تخاطب المرأة العصرية أينما كانت.

المجموعة الجديدة ومصادر الإلهام

- أخبرينا عن أحدث مجموعاتكِ، ما مصدر الإلهام خلفها؟ وكيف تعكس تطوركِ بصفتك مصممة؟
مجموعة ربيع وصيف 2025، "بطاقة بريدية من مسقط" A Postcard from Muscat، مستوحاة من تاريخ المدينة باعتبارها مفترق طرق ثقافي وبحري. استلهمت من القلاع العظيمة في مسقط، ومن موقعها على طرق التجارة القديمة، ومن جمال الورد الأبيض رموز للقوة، والتبادل، والرقي. تعكس هذه المجموعة تطوري بوصفي مصممة من خلال مزج هذه العناصر التراثية مع رؤية أكثر حداثة وعالمية، وتُظهر كيف يمكن سرد القصص العُمانية بأسلوب عصري وخالد في آنٍ.

- كيف تعبر المواد والزخارف في مجموعتكِ الأخيرة عن الحكاية العُمانية التي تروينها؟
في مجموعتي الجديدة، اخترت الخامات والتقنيات لتعكس تراث مسقط. جاءت القصات المهيكلة والتفصيل الدقيق تجسيداً لحصون المدينة، في حين عكست التطريزات الدقيقة والأقمشة الانسيابية رقة الوردة البيضاء. أما اللمسات المعدنية والتفاصيل المعقدة؛ فكانت إشارة إلى الطرق البحرية التي ربطت عُمان بالعالم. كل هذه العناصر اجتمعت لتشكل مجموعة حديثة، متجذرة في روح مسقط الخالدة.

- من هي "امرأة أمل الرئيسي" التي تُلهم تصاميمك؟
هي امرأة واثقة، راقية، ومتشبثة بجذورها، لكنها تحتضن العالم الحديث بسهولة. تؤمن بالقيم، وتقدر العائلة، وتحرص على تمكين من حولها وهي ترتقي. قد تكون أي امرأة تبحث عن الأناقة ذات المعنى سواء في مسقط، باريس، أو غيرهما. وفي جوانب كثيرة، هي انعكاس لمسيرتي الشخصية: التوازن بين التقاليد والحداثة، الأمومة وريادة الأعمال، والهُوِيَّة المحلية والطموح العالمي.
- كيف تحافظين على هُوِيَّة العلامة وسط هذا التنوع؟
من خلال الالتزام بجوهر العلامة: الأناقة، السكينة، والجذور الثقافية. سواء كانت التصاميم للنساء أو الأطفال أو العرائس، تبقى اللمسات العُمانية، التفاصيل الراقية، والإحساس الزمني الهادئ حاضرة. لكل خط شخصيته الخاصة، لكن جميعها تتحدث بصوت واحد، أنثوي، معاصر، ويحمل قصة متجذرة في هُوِيَّة أمل الرئيسي.
خطط المستقبل

خلال العامين الماضيين، عملنا على تقييم أدائنا ووضع خطط تساعدنا في الوصول إلى جمهور أوسع. عام 2026 سيحمل الكثير من المغامرات الجديدة، ونحن متحمسون جداً لمشاركتها قريباً.
ما الإرث الذي تأملين تركه في عالم الموضة؟
آمل أن يكون إرثي هو إثبات أن المصممات العربيات قادرات على تكريم تراثهن، وفي الوقت نفسه الظهور بثقة على الساحة العالمية. بالنسبة لعُمان، أطمح أن أكون قد فتحت الأبواب وألهمت الجيل القادم ليحلم بشكل أكبر. أما على مستوى العالم العربي؛ فأود أن تُثبت رحلتي أن لدينا قصصاً، وحرفية، وأصواتاً تستحق أن تُروى عالمياً، وأنه من خلال دعم بعضنا بعضاً، يمكننا بناء مستقبل أقوى وأكثر حضوراً للنساء في عالم التصميم.
تابعي ايضاً: تصاميم فدوى باروني.. الأناقة والاحتشام في كل تفصيل