السعودية تحتفي بلغة الشعر والفنون بفعاليات ثقافية متنوعة

من فعالية لغة الشعر والفنون لوزارة الثقافة ومجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية - تصوير عبير بو حمدان
من فعالية لغة الشعر والفنون لوزارة الثقافة ومجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية - تصوير عبير بو حمدان


أعدته: عبير بو حمدان
يتزامن احتفال هذا العام باليوم العالمي للغة العربية مع الذكرى السنوية الخمسين لإعلان اللغة العربية لغة رسمية في الأمم المتحدة، وقد تقرر أن يكون شعار الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية لعام 2023 هو العربية: لغة الشعر والفنون. وتأتي هذه التسمية انطلاقاً من مساهمة اللغة العربية في إلهام الإبداع في الشعر والفن لعدة قرون، وفي تشكيل فضاء لغوي زاخر بالتنوع بجميع أشكاله وصوره، بمختلف أشكالها وأساليبها. الشفهية والمكتوبة والفصيحة والعامية، ومختلف خطوطها، وفنونها النثرية، والشعرية، والتأثير في العديد من اللغات الأخرى.

برامج وفعاليات احتفاء باللغة العربية

من فعالية لغة الشعر والفنون لوزارة الثقافة ومجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية - تصوير عبير بو حمدان


وفي هذه المناسبة حرصت المؤسسات الثقافية والعلمية والاجتماعية في المملكة العربية السعودية على إعداد برامج وأنشطة وفعاليات خاصة لإذكاء الوعي بتاريخ اللغة العربية وثقافاتها وتطورها، لا سيما وأن المملكة تحتفي أيضاً بـ عام الشعر العربي 2023 الذي أطلقته وزارة الثقافة، حرصاً منها على ترسيخ الشعر كمكون حضاري، وجعله حاضراً في الحياة اليومية للثقافة السعودية والعربية.

"نؤمن في منظومة الثقافة بالمكانة الحضارية المهمة للجزيرة العربية، ودورها المؤثر في نشأة الشعر العربي ونهضته الكبرى التي جعلت من هذا الفن البديع ديواناً للعرب، ومجنى لثمر العقول، ببحوره وفنونه وأساليبه وقصائده، التي وثقت المعاني الجليلة، ونقلت مآثر العرب، وصاغت مشاعرهم وأفكارهم وتطلعاتهم نحو الخير والحياة والجمال."
من كلمة وزير الثقافة، بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، على موقع وزارة الثقافة


العمق الثقافي والتاريخي


تأتي وزارة الثقافة السعودية في مقدمة المؤسسات التي تولي اهتماماً كبيراً بهذا التوجه، وفي هذا السياق أحيت وزارة الثقافة السعودية خلال الفترة من 17 إلى 19 ديسمبر فعالية "لغة الشعر والفنون"، وذلك بالتعاون مع مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، وسلطت الفعالية الضوء على تنوع مجالات اللغة العربية وكيفية توظيفها؛ حيث تمثلت في عدد كبير من الخطب والحكم والقصائد الشعرية، ومن أهم الصور التي تم تجسيدها في هذه الفعالية الخط العربي ودمجه بالفن الموسيقي، وكيفية نطق حرف الضاد لغير الناطقين باللغة العربية، كما هدفت الفعالية إلى إبراز العمق الثقافي والتاريخي للغة العربية وإحياء لغتنا العربية بالمشاركة بطابع إبداعي حديث.

 


وكانت الوزارة قد أطلقت على عام 2023 اسم عام الشعر العربي ونظمت تحت هذا المسمى الكثير من الفعاليات من خلال هيئاتها المختلفة، أبرزها فعالية "رسوم وطلل" وهي عرض مسرحي غنائي يقتفي آثار شعراء العرب وتبدأ الفعالية بالتزامن مع يوم اللغة العربية، كما وكان من الفعاليات منتدى الشعر العربي بالتعاون مع هيئة الأدب والنشر والترجمة وأكاديمية الشعر العربي، ومهرجان امرؤ القيس (شاعر الغزل) في الدرعية، ومسابقة تجسيد التي تقوم على تجسيد القصيدة العربية بطريقة مبتكرة، ومسابقة "قافية الوطن"، وفعالية قافلة تراحيل وهي عبارة عن خمس ليال حافلة بالشعر، ومهرجان الشعر النبطي، وأسبوع الطفل الأدبي الذي يركز على علاقة الطفل بعوالم الأدب وتنمية الشغف الأدبي لديه، بالإضافة إلى ورش عمل في مواضيع الخط العربي وتوظيفه إبداعياً في صناعات مختلفة مثل الأزياء والمجوهرات وغير ذلك.

لغة الفخر والاعتزاز


«مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية»، والذي أنشئ في عام 2020، في إطار اهتمام ورعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بخدمة اللغة العربية الفصحى إقليمياً وعالمياً ونشرها وتمكينها، وكإحدى مبادرات الإستراتيجية الوطنية لوزارة الثقافة، فيلعب دوراً أساسياً في تعزيز دور اللغة العربية إقليمياً وعالمياً، وإبراز قيمتها المعبّرة عن العمق اللغوي للثقافة العربية والإسلامية، فيحرص في كل عام على أن يواكب هذه المناسبة وعادة ما ينظم فعاليات ملهمة، كمسابقات شعرية ومؤتمرات وندوات علمية متخصصة.
ولعل هذه العبارات التي نشرت على صفحات المجمع عبر منصات التواصل الاجتماعي تعبر أصدق تعبير عن الرؤية التي يحملها المجمع، وتقول: "لغةٌ حلقت في سماء الفخر والاعتزاز، ومدّت حروفها جسور تواصل مع العالم، وخلّدت فخرنا بموروثنا، وستخلُد بجهودنا وإخلاصنا".

 


وإلى جانب الفعالية التي يشارك فيها مع وزارة الثقافة، احتفى المجمع بهذه المناسبة في مواقع وفعاليات متنوعة، منها ما هو خارج المملكة كاحتفائه في منظمة الأمم المتحدة في نيويورك، كما كانت له فعاليات متنوعة في هذا السياق داخل المملكة منها فعالية مع مؤسسة الأميرة العنود الخيرية ومع المؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني وفعالية مع منظمة التعاون الإسلامي.
هذا بالإضافة إلى فعاليات أخرى متنوعة تحتفي باللغة بشكل عام منها "مؤتمر الاختبارات اللغوية" وهو في سياق المؤتمرات السنوية التي يقيمها المجمع للاحتفاء باللغة العربية، وكان للأمين العام للمجمع الأستاذ الدكتور/ عبدالله بن صالح الوشمي كلمة في افتتاحه هذا العام قال فيها: "يأتي هذا المؤتمر لتفعيل دور اللغة العربية محلياً وعالمياً وترسيخ اللغة والهوية العربيتين المعبرتين عن العمق اللغوي، والثراء التاريخي والثقافي".

 


ومن الفعاليات أيضاً "مسابقة المعجم العكسي"، و"مؤتمر الطرق التجريبية في معالجة اللغة الطبيعية"، و"معرض اللغة العربية للطفل"، و"اختبار كفايات اللغة العربية للناطقين بغيرها"، وندوات علمية منها ندوة في "جامعة الملك فيصل" و"ندوة في جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل" و"جامعة الملك سعود" و"جامعة الملك عبدالعزيز" و"الجامعة الإسلامية" وغيرها من المشاركات المثرية التي يستهدف فيها مجمع الملك سلمان العالمي، المتخصصين في اللغة العربية، والعاملين في مجالات التقنية وإنتاج المحتوى التعليمي، والمتعلمين للغة العربية من غير أبنائها، كما وأطلق المجمع النسخة الثانية من "الحقيبة الرقمية" لليوم العالمي للغة العربية.

رحلة التأثير


المتحف الوطني السعودي نظم لقاءً أدبياً بعنوان "انعكاسات حدث الهجرة على الشعر العربي، تحدث عن رحلة التأثير بالشعر العربي التي صنعتها الهجرة النبوية الشريفة، وأتى هذا اللقاء بالتزامن مع إقامة معرض "هجرة" الذي يستعرض بداية تأسيس حضارة إنسانية جديدة بزغت شمسها بهجرة الرسول ﷺ.
أما "مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي" وهو مركز سعودي عالمي لتعليم الخط العربي تتولى وزارة الثقافة مهمة الإشراف عليه بالتنسيق مع دارة الملك عبدالعزيز، فيمثل بمحتواه الدائم قيمة كبيرة يجعله منصة ترسيخ عالمية لدعم الخط العربي وفنونه المتعددة، ويحتوي المركز على متحف ومعرض ومعهد للخط العربي، كما يتضمن ملتقى للخطاطين العرب والمسلمين، ويقدم المركز برامج متنوعة تتمثل في: وحدة البحث والأرشفة المتخصصة في محاور متعلقة بالخط العربي، ووحدة تطوير المعايير المتعلقة بالخط العربي، وبرنامج تعلم الخط العربي، ومِنح «دار القلم» للدراسات والأبحاث، ومتحف الخط العربي الدائم والمعارض المصاحبة والمتنقلة، وبرنامج الأنشطة المجتمعية ذات الصلة بالخط العربي، والجمعية الدولية للخط العربي، وملتقى ومقرّ أعمال «دار القلم» للخطّاطين في المدينة المنورة، وحاضنة للأعمال المرتبطة بالخط العربي، ووحدة الابتكار والتكنولوجيا في مجال الخط العربي.

مبادرات لافتة

  • ومن الفعاليات اللافتة في سياق احتفاء المؤسسات بيوم اللغة، ندوة حوارية بعنوان "تعليم اللغة العربية للصم وضعاف السمع في العصر الرقمي"، رعتها مؤسسة الأميرة العنود الخيرية بالتعاون مع مبادرة تعليم اللغة العربية للصم وضعاف السمع، وشارك فيها 5 من المتخصصين في مجالات اللغة والتعليم وتعليم الصم وضعاف السمع.
  • أما مركز توثيق سيرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود فاحتفى باليوم العالمي للغة العربية بأمسية شعرية شارك فيها كل من أ.د. الجوهرة بنت بخيت آل جهجاه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ود. سعاد بنت شرف أبوشال من جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، والأستاذ حمد بن محمد العمار من الهيئة الملكية في الجبيل، وقدمت الأمسية د. دخنة بنت علي العمري.
  • وفي احتفالية نور الرياض، كان لافتاً تضمن برنامج الورش والندوات لورشة بعنوان "رواية القصص العربية عبر العصور"، وهي ورشة مستلهمة من تاريخ رواية القصص العربية والتقاليد.
  • أما برنامج أوتاد بجامعة أم القرى التابع للنادي الطلابي الطبي، فقدم لقاء بعنوان "حكاية الشعر" رافقته أمسية شعرية لشعراء بارزين. وقدمت "مكتبة كان ياما كان" حلقة نقاش بعنوان "أطفالنا واللغة العربية" قدمتها د. وفاء السبيل مع عرض لكتب تقوية اللغة العربية.
  • كما وقدمت بعض النوادي والمؤسسات الفنية ورش عمل حول أسس الخط العربي، وأعلنت بعض المؤسسات التعليمية عن مسابقات متنوعة تهدف لتحفيز الإبداع لدى الطلاب في التعبير عن تعلقهم باللغة العربية وكان ملفتاً أن بعض المسابقات ربطت موضوع اللغة بمواضيع معاصرة كالذكاء الاصطناعي والفنون الحديثة وغير ذلك.

اقرؤوا المزيد: سر أهمية اللغة العربية ومراحل تطورها