كيف اختلفت الثقافات الشعبية في رمضان في بلادنا العربية؟

كيف اختلفت الثقافات الشعبية في رمضان في بلادنا العربية؟
كيف اختلفت الثقافات الشعبية في رمضان في بلادنا العربية؟
يأتي شهر رمضان المبارك ويحمل في طياته العديد من الطقوس الروحانية والدينية والسمات المختلفة، التي تكرّس لروح المودة والرحمة والتراحم والتواصل الإنساني، وتركز على الجانب الديني والروحاني بهذا الشهر الكريم. ولاشك في أن لكل بلد عربي طريقته الخاصة في هذا الاحتفال، والتي تُظهر عاداته وتقاليده المختلفة باختلاف الثقافات بالاحتفال بشهر الخير والبركة. بالسياق التالي «سيدتي» التقت الباحث في شؤون التراث أحمد حميدة، في حوار حول: كيف اختلفت الثقافات الشعبية العربية في شهر رمضان.

اختلاف الثقافات الشعبية التي تعبر عن روح رمضان في البلدان العربية

الفانوس أحد أيقونات شهر رمضان الكريم الشهيرة في كل منزل عربي

يقول الباحث في شؤون التراث، أحمد حميدة لـ«سيدتي»: بسبب اختلاف العادات والتقاليد بين الشعوب العربية، تأتي مظاهر الاحتفال بالشهر الكريم بعادات وسمات مختلفة؛ لتُعبّر عن فرحة قدوم شهر الخير والرحمة. حقاً إنه تراث عريق يُبرز تلك العادات والتقاليد التي يتوارثها الأبناء جيلاً بعد جيل؛ حيث يحتفل المسلمون بهذا الشهر الكريم كل عام حول العالم بطرق مختلفة، لكن العادات المشتركة والمتعارف عليها في جميع الدول العربية، هي العبادات، من صلاة، وصيام، وقراءة القرآن الكريم، وصلاة التراويح، والدروس الدينية. وتختلف الثقافات الشعبية التي تُظهر عادات الشعوب الإسلامية وتقاليدها في استقبال شهر رمضان، والتي تُعبّر عن روح الشهر الكريم، والابتهاج بقدومه في شتى دول العالم العربي، عادات مبهجة وتدعو للتسامح والتأمل؛ لأن شهر رمضان عندما يأتي، يحمل معه دائماً هالة من الروحانيات، حاملاً معه الرحمة والغفران والبركات إلى كافة المسلمين في ربوع الأرض.
بالسياق التالي يمكنك التعرف إلى: عادات سلبية يمكن التخلص منها في رمضان

• في المملكة العربية السعودية

تزيين مداخل المنازل احتفالاً بشهر رمضان

لـ"شهر رمضان" في المملكة العربية السعودية جوٌّ روحاني خاص شديد التميُّز، من حيث الصفاء والنقاء والبهجة؛ فالمملكة هي مدينة المقدسات الإسلامية ومهد الإسلام، والسعوديون يستقبلون شهر رمضان المبارك بفرحة كبيرة تعُم الجميع؛ فتتزين البيوت احتفالاً وابتهاجاً بـ"الفوانيس" والزينات والمفارش ذات الطابع الرمضاني. وكذلك يستعمل السعوديون في بيوتهم، أواني وفناجين ذات ألوان خاصة بهذا الشهر، ويزينون مداخل ومخارج بيوتهم بزينة ملونة، وتُعلق الأقمشة المكتوب عليها رمضان كريم والأدعية دينية. ومن أهم عادات سكان المملكة عند الإفطار: "فك الريق"، ويكون بتناول التمر والرُطب والماء، ويُطلقون عليه "فكوك الريق"، وبعده يبدأون في تناول وجبة الإفطار، ومن أشهر الأكلات في رمضان: الشوربة، السمبوسك، واللقيمات، وخبز التميس، والكبسة، والفول، والمكرونة الشعيرية، سلطة الخضروات. وعندما يأتي وقت السحور، يتناولون وجبة تتألف من: لحم مشوي وسلطة خضراء، وسلطة فاكهة، وكوب من اللبن الرائب. ومن العادات المحببة للنفس لديهم أن يبدأ فطورهم بماء زمزم وتمر ولبن رائب، ثم يصلّون المغرب، ثم يكملون الفطور بتجمع الأهل. ومن عاداتهم تبادل أماكن الفطور؛ فكل يوم يكون في بيت أحد الأقارب، ويجتمع الأهل ويقدّمون الحلويات والمأكولات، وبعد صلاة العشاء والتروايح يحفظون القرآن.

• في مصر

بعد ثبوت رؤية هلال شهر رمضان، تبدأ مظاهر الاحتفال والبهجة بقدوم شهر رمضان؛ فنجد الأهل والأصدقاء يتبادلون التهنئة بالطرق والوسائل المختلفة، وتبدأ صلاة التراويح مع أولى ليالي الشهر المبارك. ويتجمع الأصدقاء والجيران لأداء الصلاة في جماعة. من العادات والتقاليد في شهر رمضان، تزيين الشوارع بالورق الملوّن، والعزومات والسهر ليلاً إلى صلاة الفجر. أما أشهر الأكلات في مصر على مائدة الإفطار: المحاشي بأنواعها، والفراخ، والبشاميل، والملوخية. أما العصائر فهي: التمر الهندي، والخشاف، وقمر الدين، والخروب. ومع حلول وقت الظهيرة تبدأ السيدات بالبيوت في تجهيز وإعداد الطعام الرمضاني المميز، والولائم والعزائم، وقد يجتمع بعضهن في بيت كبير العائلة؛ ليتشاركن في إعداد وليمة للعائلة بأكملها؛ فالتجمعات العائلية واللمة والإفطار الجماعي، أهم ما يُميّز شهر رمضان في مصر. أما طبق السحور فهو طبق الفول والزبادي والجبن بأنواعه والسلطة. ثم قبل الفجر بحوالي ساعتين أو ثلاث ساعات، يقوم المسحراتي وهو من أشهر الطقوس الرمضانية في مصر؛ فيبدأ جولته في الشوارع لإيقاظ النائم منبهاً إياه باقتراب وقت السحور. ومن المظاهر الطيبة في الاحتفال بـ"شهر رمضان" في مصر، هي "شنط رمضان"؛ حيث يقوم المصريون قبل شهر رمضان بتحضير وتجهيز شنط رمضان، وتوزيعها على الأسر الفقيرة.

• في الأردن

يحتفل المسلمون بالقيام بتزيين الشوارع والبيوت، وتعتبر من أكثر البيوت الإسلامية التي تزين بيوتها احتفالاً بهذا الشهر، والموائد الرمضانية في المساجد أو في الجمعيات الخيرية، ومن العادات الخيم الرمضانية للسهر فيها بعد الإفطار، رغم أن الأردن يشتهر بالكنافة النابلسية باعتبارها الصنف الأول في الأيام العادية، ولديها زبون دائم بشكل يومي، نجد أن القطايف تنافس الكنافة النابلسية، والتي تمثل تراثاً لدى الشعب الأردني؛ حيث يزداد شراء الأردنيين للقطايف في شهر الخير؛ فنجد الكثير من محلات الحلويات والمخابز تخصص قسماً كبيراً من محلاتهم لعمل القطايف. أيضاً هنالك المسحراتي الذي يجوب الحواري ما قبل أذان الفجر، وتكون معه طبلة كبيرة وينادي بإيقاظ النائمين. ومن العادات دعوة الأهل والأصدقاء لموائد الإفطار، وانتشار محلات وبسطات بيع العصائر الرمضانية بشكل كبير في هذا الشهر. أما عن أشهر الأكلات؛ فشعب الأردن يفضل تناول المنسف، وهو عبارة عن خبز وأرز ولحم، ويضاف إليه اللبن.

• في الكويت

صلاة التراويح إحدى علامات شهر رمضان في كل الأقطار العربية

من عادات وتقاليد أهل الكويت في شهر رمضان المبارك، زيارة الأهل والأقارب، مع تقديم إحدى الهدايا، وهي عبارة عن طبق من الحلوى أو التمر، تسمى "النكَصة" أما ليلة الخامس عشر من شهر رمضان؛ فهي "الكَركَيعان" في الماضي كان الأطفال يطرقون الأبواب ويحصلون على المكسرات، والحلوى، والكاكاو. أما في الوقت الحاضر؛ فيجتمعون في بيت كبير العائلة، وكل عائلة لديها طفل صغير يتم عمل طقوس "الكَركَيعان" له. ومن أطباق الإفطار الضرورية: الكبة، والسمبوسة، والمحلبية، والكاستر اللقيمات، والقطايف. وتكون وجبة السحور خفيفة جداً. ومن العادات أيضاً "الغبكَة" وهي وليمة بين الإفطار والسحور، ويوم "الكريش" هو اليوم الذي يسبق شهر رمضان بيوم واحد، ولهذا اليوم مناسبة؛ فهو آخر يوم يتم من خلاله تناول وجبة الغداء، وتقدَّم وليمة من الغداء الفاخر، ويجتمع حولها كافة أفراد الأسرة. ومن العادات أيضاً وجود المسحراتي الذي يطلَق عليه (أبو طبلة)، وهو الشخص الذي يجوب الشوارع لإيقاظ النائمين لتناول طعام السحور، وعادة ما يقدّم له الكويتيون الطعام والشراب. وقد أُطلق عليه هذا الاسم نسبةً إلى الطبل الصغير الذي يستخدمه.

• في الإمارات العربية المتحدة

تبدأ العادات والتقاليد الرمضانيّة خلال شهر شعبان، في اليوم الخامس عشر من شهر شعبان، والذي يُطلق عليه "حق الليلة". ويقوم الأطفال بارتداء أفضل ما لديهم من الملابس وينتقلون من بيت إلى آخر، ويقومون بإلقاء القصائد والغناء، ويكون في انتظارهم الجيران ومعهم الحلويات والمكسّرات؛ حيث يقوم الأطفال بجمعها في حقيبة مصنوعة من القماش المطرز بأشكال تقليدية وجميلة. ويفطر الصائم على تناول التمر، وشرب الماء واللبن؛ أسوةً بسُنّة النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم)، الذي كان يفطر على تناول التمر واللبن. وفي أول أيام رمضان تجتمع الأسرة في بيت العائلة لتناول الإفطار، ويُعتبر التمر خبز الصحراء وأشهر العناصر الغذائية التي تدخل في تحضير أصناف مختلفة من الحلويات والمعجنات الإماراتية في شهررمضان، مثل القرص وهي عبارة عن قطع صغيرة من الخبز مخلوطة مع التمر والهيل، ولا تخلو موائد الأسر الإماراتية في الشهر الفضيل من أطباق أخرى معروفة مثل: الهريس والثريد. ويُعتبر مدفع رمضان في دولة الإمارات، من أبرز التقاليد المميزة للشهر الفضيل، وتزيين الشوارع كل عام بمختلف أشكال وصور الزينة المضيئة، بما في ذلك فوانيس رمضان في الإمارات والنجمة والهلال والمدافع وغيرها؛ إذ تعكس لوحات الإضاءة هذه الأجواء الرمضانية الجميلة.

• في لبنان

ترتدي شوارع وساحات لبنان العامة ثوباً من الزينة الملونة بمناسبة حلول الشهر الفضيل، والتحضير لموائد شهر رمضان بما يخص الفقراء والمحتاجين. ومن التقاليد التي تعبّر عن فرحتهم، ما يُعرف بسيبانة رمضان، وهي من التقاليد الرمضانية الشائعة في بيروت، ويقوم خلالها اللبنانيون بالذهاب إلى شاطئ المدينة في أواخر شهر شعبان، وقبل يوم واحد فقط من بداية شهر رمضان المبارك؛ احتفالاً بقدوم الشهرالفضيل. وعادة ما تتضمن "سيبانة رمضان" تناول العديد من الأطعمة والحلويات المحلية الشهية؛ استعداداً لشهر الصوم. وتتربع على المائدة اللبنانية أيضاً "الملوخية" والكبة المحشوة باللحم المفروم، وورق العنب والمحاشي؛ إضافة إلى الأكلات الشعبية المعروفة المتوارَثة بين العائلات، والمشروبات الرمضانية، كالجلاب والتمر الهندي، وقمر الدين. ويبرز الكلاج والقطايف وزنود الست والكنافة بالجبن، وحلاوة الجبن والكرابيج والشعيبيات، والأرز باللبن على رأس لائحة أبرز الحلويات الرمضانية اللبنانية.
بالسياق التالي يمكنك التعرف إلى: رمضان، طقوس وعادات وأطباق خاصة بالشهر الفضيل في الدول العربية