بأذنيها العاليتين المدببتين الشبيهتين بأذني الأرنب، وعينيها المستديرتين الكبيرتين، وابتسامتها المرحة، وأسنانها المسننة الصغيرة تطل علينا "Labubu"، وعلى الرغم من مظهرها المشاغب، إلا أنها "طيبة القلب وترغب دائماً في المساعدة، لكنها غالباً ما تُحقق عكس ذلك عن طريق الخطأ "(كما ذكرت الشركة الصينية، التي تقوم ببيعها، وهي شركة رائدة في توزيع الدمى المحشوة الشهيرة بكل أنحاء العالم.) فمن هي "اللابوبو"؟
دمية تخترق مختلف سياقات حياتنا بلا استئذان

"اللابوبو" هي دمية محشوة مبتكرة انتشرت مؤخراً في مجتمعات الشباب من جيل Z، وجيل ألفا، وحتى الأجيال الأكبر سناً، ولم تتوقف عند حدود اللعب التقليدية، بل اخترقت سياقات مختلفة من الحياة وكل ما يُحيط بنا، فمنذ ظهورها الأول بعالم الألعاب وقصص الأطفال، تلقفتها أيدي كبرى شركات الموضة العالمية فاقتحمت عالم الأزياء وصرعات الموضة من أوسع أبوابه لتتحول إلى ترند تزييني، فوصلت للحقائب حيث تُعلّق على حقائب اليد وحقائب الظهر وحلقات الحزام، والأحذية والساعات ومختلف الأكسسوارات وأدوات التزيين وملابس الأطفال، ووصلت لعالم الديكور والأثاث وتزيين غرف الصغار وطبعات الأقمشة وبالستائر وسجاجيد غرف الأطفال، وصولاً للتحف وبطاقات الهدايا وأدوات الكتابة والكراسات والأغلفة وطبعات الألوان وحاملات المفاتيح، حتى بأدوات الطعام على الكؤوس والأكواب والمفارش بحفلات الصغار وكل ما يحتمل أن يتزين أو يُطبع بشكل وتصميم وسياقات الدمية الترند المدهشة.
كيف بدأت دمية اللابوبو
بحسب موقع .nytimes.com، فدمية اللابوبو، مستوحاة من الفولكلور الشمالي، من الأساطير الإسكندنافية وقد ابتُكرت قبل عشر سنوات كفكرة وتصميم، في عام 2015، من بنات أفكار الرسام الصيني كاسينغ لونغ Casing Long، المولود في هونغ كونغ، والذي نشأ وعاش بهولندا، وقد ابتكرها ضمن مخلوقات أخرى، متأثراً في طفولته بالحكايات الشعبية الأسطورية عن الجان والعمالقة والجنيات، وألّف سلسلة "الوحوش" التي تدور في عالم خيالي يعيش ويتحرك بحكاياته وصراعاته بخيره وشره وفضاءاته في ثلاثة كتب مصورة، إلا أنه بعد أربع سنوات، حصل على ترخيص من شركة الألعاب الصينية بوب مارت فتم تصنيعها وإنتاجها، وكانت هذه نقطة الانطلاق الحقيقية والانتشار.
حصدت شخصيات الوحوش قاعدة جماهيرية واسعة منذ تأسيسها، وعلى رأسها "اللابوبو" حيث تأتي الوحوش عامة في "صناديق عمياء Blind Box" أو ما يعرف بصناديق "المفاجآت" بحجم راحة اليد، فعندما تشترين إحداها لا تعرفين أي دمية ستجدينها بالصندوق، وقد مثلت فكرة الصناديق العمياء عنصر جذب أضاف الكثير لشعبية الدمى، حيث يتوافد الناس على مراكز التسوق وينتظرون لساعات لشراء لابوبو ورفاقه من المخلوقات (والتي تخطى الـ300 كائن) في "صناديق عمياء" غامضة، فما أن يتم طرح مجموعة جديدة منها سرعان ما تُنفذ من الأسواق بطريقة مذهلة، سواء عبر الإنترنت أو عبر منافذ بيع الشركة المصنعة.
(الصناديق العمياء او صناديق المفاجآت هي فكرة شراء شيء موضوع بصندوق دون معرفة محتويات الصندوق بدقة، وقد أثارت الصناديق العمياء موجةً واسعةً من الهوس منذ ظهورها من بطاقات البيسبول إلى ألعاب الفيديو وحتى دمى بيني بيبي في التسعينيات وغيرها)
وإذا تابعت الرابط التالي ستتعرفون إلى: عالم فنان المانجا جيرو تانيجوتشي حرفية وتفاصيل تسافر عبر الزمان
دمية اللابوبو تتحول لصرعة وترند بين المشاهير

زادت شعبية اللابوبو بشكل كبير مؤخراً بعيداً عن عالم الصغار، حيث ظهرت الدمية المحشوة الفخمة، ذات الطابع المرح واللطيف، بألوان وأشكال وأحجام وأطقم متنوعة بين مقتنيات وأشياء المشاهير، ومنذ اللحظة التي أعربت مغنية الراب التايلاندية ليزا، من فرقة البوب الكورية العملاقة بلاك بينك، عن حبها لهذا المخلوق الوحش الطيب "ذو الوجه الغريب" على وسائل التواصل الاجتماعي عندما نشرت صوراً ومقاطع فيديو لها وهي تفتح علبتها، ذاع صيت الدمية بشكل غير مسبوق، وقد كان هذا أحد أهم أسباب تحولها لصرعة رائجة وترند منتشر بين الكثيرين، فقد جذبت الدمية اهتمام الإعلام والمشاهير وجامعي المقتنيات حول العالم حتى أنها أصبحت قطعة مميزة في إطلالاتهم وأيقونة فاعلة في عالم الموضة، فظهرت بنسخة وردية اللون تزين حقيبة لويس فويتون التي تملكها ريهانا؛ ومرة أخرى بشكل ثنائي بحقائب دوا ليبا، وثالثة مع مغني الراب سينش واستخدمها آخرون وكثير من المؤثرين حول العالم في مختلف مناحي الحياة حتى أنها اعتُبرت ظاهرة ثقافية وتجارية عالمية تخطت الأعمار والحدود، فأصبحت رمزاً للتميّز والتجديد في عالم الموضة والأكسسوارات، وتحوّلت من مجرد دمية إلى عنصر أساسي في الإطلالة العصرية، حتى أنها وصلت إلى العالم العربي بشكل سريع ولاحظنا عدداً كبيراً من النجمات ومدونات الموضة يتبنين هذه الدمية الترند كأكسسوار في إطلالاتهن.
كيف وصلت اللابوبو للعالمية؟
تقول أميرة عبدالجليل باحثة بقسم الأنثروبولوجي بكلية الآداب جامعة الإسكندرية لسيدتي: في ظل تحديات التكنولوجيا والرقمنة وعصر السرعة الذي يتخطفنا بسياقاته المادية الجافة الصلبة يبحث الناس عن أي شيء غريب أو مدهش يجلب لهم السعادة فينجذبون لنظرة وتحركهم تدوينة أو تعليق من أحد المشاهير ويسيرون وراءه، وهكذا يُصنع الترند ويمكننا القول إن هذه الدمية وانتشارها الفيروسي بهذا السياق في كل أنحاء العالم بسبب المشاهير وصرعاتهم ومتابعيهم المليونيين، كذلك فإن الدمية عندما ابتكرها كاسينغ لونغ كانت مجرد شخصية في قصة للأطفال إلا أنها انتشرت بسبب جاذبية التصميم، وسهولة دمجها كأكسسوار فريد يعبر عن الشخصية. كما أن تصميمها كان غريباً، فعلى الرغم من أنها دمية وحش ولها أسنان مسنونة، ولكنها وحش طيب فأسنانها صغيرة غير مخيفة، كذلك فأعينها الكبيرة الواسعة وما توحيه من طيبة ورغبة في المساعدة أكسبها قبولاً لدى الصغار والكبار، كما أن الدمية ووجودها في صندوق المفاجآت ظل عامل جذب وغموضاً عند شرائها، إلا أننا بالنهاية نعزو سبب انتشارها وتحولها لصرعة بين المشاهير بسبب استغلال دور الأزياء وصانعي الموضة لها بكل المجالات، كذلك فإن الإنترنت وحوارات التواصل الاجتماعي هي الأساس في انتشار أي محتوى فتخرج الترندات وتشتعل الأجواء بالموضات والصيحات، وتتحول أي ممارسة أو نمط استهلاكي لظاهرة عالمية ويُصاب الجميع بحمى التقليد فيقبلون على شرائها وممارستها واستخدامها.. وهذا ببساطة هو سر غزو دمية لابوبو لكل أنحاء العالم..!
والسياق التالي يعرفكم على: بونراكو فن الدمى الياباني التقليدي إرث تاريخي ممتد الجذور