مع مطلع شهر أكتوبر من كل عام تعود جائزة نوبل لدائرة الضوء لتطل على العالم حاملة أرفع سياقات التكريم والتقدير للإنجازات البشرية المتميزة، فتتجه أنظار الأوساط الثقافية والعلمية والأدبية إلى العاصمة السويدية ستوكهولم، حيث من المقرر أن تُعلن الأكاديمية السويدية أسماء العلماء والباحثين والمؤثرين ممن قدموا إسهامات عظيمة للبشرية ليفوزوا بالجائزة المرموقة لهذا العام 2025 .
5 مجالات تُمنح فيها جائزة نوبل
Embed from Getty Images
تعد جائزة نوبل واحدة من أرفع الجوائز الدولية في العالم، إذ تُمنح سنويًا لمن قدموا إسهامات بليغة وانجازات عظيمة وأعمالًا متميزة في خدمة البشرية «تُظهر اتجاهًا مثاليًا»، وفقًا لمخترع الديناميت ألفريد نوبل (1833–1896).
ظهرت جائزة نوبل بفضل وصية ألفريد نوبل، مخترع الديناميت السويدي، الذي خصص في وصيته الأخيرة عام 1895 الجزء الأكبر من ثروته لإنشاء صندوق يهدف إلى منح جوائز سنوية لأولئك الذين يقدمون "أعظم فائدة للبشرية" في خمس مجالات هي:
- الفيزياء
- الكيمياء
- الطب
- الأدب
- السلام
وقد تم تأسيس مؤسسة نوبل في عام 1900 لإدارة أموال نوبل وتنظيم تسليم الجوائز، ومنذ عام 1901، تُمنح هذه الجوائز تكريماً للإنجازات البارزة في هذه المجالات، حيث أضيفت جائزة الاقتصاد لاحقًا في عام 1968، وذلك عندما قام البنك المركزي السويدي بإنشائها، وقد مُنحت لأول مرة في عام 1969. لم تكن هذه الجائزة ضمن الجوائز الأصلية التي أوصى بها ألفريد نوبل في وصيته، ولكن ما الذي دفع نوبل للتخلي عن ثروته ليحولها لجائزة تمنح للغرباء ولم يترك ثروته لعائلته يرثونها بشكل تقليدي.. تابعي السياق التالي لتعرفي القصة..!
الرابط التالي يعرفك على: تسليم جوائز نوبل في أوسلو وستوكهولم
كيف اكتشف نوبل الديناميت؟
بعد كثير من التجارب والأبحاث تمكن ألفريد نوبل، وهو مهندس وعالم كيمياء سويدي، من اكتشاف الديناميت ومواد أخرى يمكن تفجيرها بقوة واستخدامها في التدمير أثناء الحروب، ويخبرنا موقع mcgill.ca، أن قصة الديناميت بدأت في أحد الأيام بالعام عام ١٨٦٦، بداخل معمل أبحاث العالم والكيميائي السويسري ألفريد نوبل عندما قام بخلط النيتروجليسرين، وهو سائل متفجر شديد التطاير، مع مادة ماصة مسامية تُسمى كيسلجور (تراب الدياتومي). وبالتجربة حوّل هذا الاختراع النيتروجليسرين إلى عجينة مستقرة وسهلة الاستخدام، مما جعله أكثر أمانًا وفعالية للاستخدام في عمليات الحفر والتعدين، وهو إنجازٌ سجله نوبل كبراءة اختراع له عام ١٨٦٧. واجه نوبل مشكلة هي أن النيتروجليسرين متفجر قوي، ولكنه غير مستقر وخطير للغاية في حالته السائلة، وغالبًا ما يتسبب في انفجارات عرضية، ومن ثمّ فقد سعى إلى إيجاد طريقة لجعل النيتروجليسرين أكثر أمانًا وسهولة في التحكم للاستخدام التجاري، فأجرى تجارب على مواد مختلفة لامتصاص النيتروجليسرين وتثبيته، بما في ذلك الأسمنت والفحم ونشارة الخشب، إلا أن أيًا منها لم تكن فعالة، حتى جرّب الكيزلجور، وهو تراب ناعم مسامي من السيليكا (طحالب متحجرة)، ووجد أن خلط النيتروجليسرين مع الكيزلجور يُنتج عجينة طيعة مقاومة للصدمات، ولكن يُمكن تفجيرها عند الحاجة.
في خضم تجاربه عام 1863 انفجر مصنعه وتوفي 5 رجال من بينهم شقيقه الأصغر، ورغم المرحلة الصعبة التي مرّ بها نفسيا واصل بحثه حتى اخترع ما يُعرف بالديناميت في عام ١٨٦٧، وهو اسم مشتق من الكلمة اليونانية التي تعني "القوة"، اخترع كذلك كبسولة لتفجير الديناميت بأمان، سجل اختراعه كبراءة اختراع، وقد اعتمدت كبسولته على قوة الاصطدام بدلاً من الحرارة لتنفجر، وقد أدت سلامة الديناميت وسهولة حملها إلى انتشار استخدامها في التعدين وحفر الأنفاق ومشاريع البناء الأخرى، مما جعلها أكثر أمانًا وكفاءة.
جعل اختراع نوبل منه رائد أعمال ناجحًا للغاية، مما أدى إلى تأسيس شركات ديناميت حول العالم، وكون ثروة كبيرة جدًا وبات عام 1893 واحدًا من أبرز الأسماء في عالم صناعة الأسلحة في السويد، إذ اشترى مصنعًا للحديد وحوله لنواة مصنع الأسلحة المعروف "بوفورس"، وطوره فبات مصنع المدافع الشهير.
قد ترغبين في التعرف على: مؤلفون فازوا بجائزة نوبل في الأدب في السنوات العشر الأخيرة
لم يكن عالمًا فقط بل كان أديبًا ومثقفًا
لم يكن ألفريد نوبل عالمًا متخصصًا فقط في الكيمياء فقط بل كان مثقفًا أتقن 5 لغات؛ وهي الروسية والإنجليزية والفرنسية والألمانية فضلا عن السويدية. كما اهتم بالأدب وكتب المسرحيات والروايات والقصائد، وقيل إنه تبادل بعض الرسائل مع الأديب الفرنسي فيكتور هوغو.
حصل خلال حياته المهنية على 350 براءة اختراع، أبرزها عداد الغاز وجهاز تفجير وكبسولة تفجير والديناميت. فتح قرابة 90 مصنعًا في جميع أنحاء العالم، وكون ثروة طائلة تقدر بـ33 مليون كرونة سويدية (330 مليون يورو).
لم يخترع نوبل الديناميت للاستخدامات العسكرية بل لاستخدامه في التعدين وحفر الأنفاق ومشاريع البناء الأخرى، إلا أنه مع الوقت تم استخدامه في المشاريع العسكرية، وبمرور الوقت تسببت اختراعاته في عداء كثيرين له، فوصف بـ"تاجر الموت" وجامع المتناقضين "صانع الموت الداعي للسلام"، خاصة بعد وفاة أخيه. ولأن ألفريد نوبل كان يكره الحرب طوال حياته، فقد صُدم عندما علم بما تطلقه عليه الصحافة فقرر أن يهب ثروته الطائلة لدعم العلم والأدب والسلام ، فأوصى قبل وفاته باستثمار (94%) من ثروته في تأسيس جائزة نوبل، ولم يترك لأقاربه منها إلا مبلغا زهيدا (6%). وهكذا وُلدت جوائز نوبل.
ميلاد جائزة نوبل
اشتملت وصية ألفريد نوبل على إنشاء مؤسسة دولية لتشجيع الإبداع في مجالات علمية خمسة، والاستثمار فيما يخدم الإنسانية وأمنها، ويحقق السلام من دون تحيز لأي جنسية، من ثمّ فقد تم إنشاء مؤسسة نوبل ومعهد لها لإدارة صندوق الجوائز، حيث تُمنح الجائزة لأبرز الشخصيات العلمية في مجالات الفيزياء والكيمياء والطب والأدب، وللعاملين في نزع السلاح وتكريس السلام. وتم منح أول جوائز نوبل في عام 1901.
أصيب ألفريد نوبل عام 1895 بالذبحة الصدرية، وتوفي يوم 10 ديسمبر/كانون الأول 1896 بسبب نزيف دماغي بمقر إقامته في سان ريمو بإيطاليا عن عمر يناهز 63 عاما.
ونحو المزيد تابعي الرابط التالي: معلومات هامة عن جوائز نوبل
