mena-gmtdmp

من أين يبدأ الشباب رحلته؟

رحلة الشباب
رحلة الشباب

في مرحلةٍ حاسمة من عمر الإنسان، يقف الشاب على عتبة الحياة حاملاً آماله، وطموحاته، وأسئلته الكبرى، إنها رحلة تبدأ، لا بخطوة على الطريق فقط، بل بوعيٍ داخلي يُشعل شرارة التغيير، ويحثه على البحث عن هويته، ودوره، ومكانه في هذا العالم المتسارع، فهل تبدأ هذه الرحلة من مقاعد الدراسة؟ أم من أول تحدٍّ يواجهه؟ أم لعلها تنطلق من لحظة وعيه بنفسه، وبما يريد أن يكون؟ في كل الأحوال، تبقى رحلة الشباب غنية بالتجارب، محفوفة بالتحديات، ومليئة بالفرص، حيث يتشكل المستقبل من خلال كل خيار وكل حلم يُولد في القلب.

التحديات التي تواجه الشباب قبل بداية رحلتهم

يواجه الشاب العديد من التحديات التي قد تؤثر على مسار تطوره

قبل أن يبدأ الشاب رحلته الحقيقية في الحياة، يواجه العديد من التحديات التي قد تؤثر على مسار تطوره ونموه الشخصي، هذه التحديات ليست فقط اقتصادية، بل تشمل الجوانب النفسية والاجتماعية والتعليمية.

  • أولاً، التحديات الاقتصادية تعتبر من أبرز الصعوبات التي يواجهها الشباب، حيث يواجهون صعوبة في إيجاد فرص عمل مناسبة تتيح لهم الاستقلال المالي، خصوصاً في ظل الأزمات الاقتصادية التي تعصف بالعديد من الدول، هذا يجعلهم يشعرون بعدم الأمان ويزيد من الضغوط النفسية.
  • ثانياً، يواجه الشباب تحديات نفسية تتمثل في صراعات داخلية متعلقة ببناء الهوية الشخصية، فهم في هذه المرحلة يبحثون عن معنى وجودهم، ويحاولون التوفيق بين توقعات الأسرة والمجتمع ورغباتهم الشخصية، مما قد يؤدي إلى شعور بالقلق والتوتر.
  • ثالثاً، التحديات الاجتماعية تتمثل في بناء شبكة علاقات صحية وإيجابية، فالشباب يحتاجون إلى دعم من الأصدقاء والعائلة، لكن في بعض الأحيان قد يجدون أنفسهم في بيئات سلبية أو غير داعمة تؤثر على ثقتهم بأنفسهم وتوجهاتهم.
  • رابعاً، التحديات التعليمية تشمل الحاجة إلى تطوير المهارات والمعرفة التي تؤهلهم لسوق العمل، والتعامل مع متطلبات الدراسة وصعوباتها، ما يتطلب جهداً كبيراً وتركيزاً مستمراً.
  • في الختام، رغم هذه التحديات، تعتبر مرحلة ما قبل بداية الرحلة فرصة مهمة للنمو والتعلم، ويحتاج الشباب إلى دعم مستمر من الأسرة والمجتمع لمساعدتهم على تجاوز هذه العقبات وبناء مستقبل ناجح.

بداية مرحلة الشباب من وجهة نظر علم النفس

إيمانويل عوض أستاذة جامعية وخبيرة في علم النفس

إيمانويل عوض أستاذة جامعية وخبيرة في علم النفس تشرح لـ"سيدتي" عن مرحلة الشباب وتقول إنها تحدث حين يرغب الشاب تدريجياً، في الاستقلال أكثر قليلاً عن أهله وعائلته، ولهذا السبب، يبدأ أولاً بمناقشة الأمور التي تخص الجامعة، أو مستقبله المهني وما شابه، تدريجياً يصبح أكثر اعتماداً على نفسه، ويبدأ بتكوين شخصيته الخاصة.

ثانياً، يبدأ هذا التحوّل في حياة الشاب عندما يبدأ بتكوين هويته الشخصية، يبدأ بمحاولة فهم ذاته بشكل أعمق، والتعرّف إلى مهاراته، وما يتناسب معها من خيارات أو تحديات، كما يميّز بين ما يناسبه وما لا يناسبه، بين نقاط القوة ونقاط الضعف، فتتشكّل لديه هوية مستقلة وفريدة تعبّر عنه.

ثالثاً، فالشاب بطبيعته، يمرّ بمرحلة يسعى فيها إلى الاستقلال الاقتصادي، يريد أن يحقق دخلاً خاصاً به، ويشعر بأنه يعتمد على نفسه، وهذا يرتبط بشعور عميق بالتحقق والإنجاز، فالمال، بالنسبة لكثير من الشباب، يمثل دليلاً ملموساً على النجاح والاستقلالية.

تتحدث عوض عن مراحل طبيعية يمر بها الشاب في رحلة تحوله إلى شخص مستقل، في البداية يسعى تدريجياً إلى الاستقلال عن أهله من خلال اتخاذ قرارات تخص دراسته الجامعية أو مسيرته المهنية، بعد ذلك يبدأ بتكوين هويته الخاصة، فيتعرف إلى نقاط قوته وضعفه، ويحدد ما يناسبه وما لا يناسبه.

ثم يُطرح جانب اقتصادي مهم، وهو أن الشاب يسعى لتحقيق استقلالية مالية، وهو أمر لا يقتصر على لبنان فقط، بل يحدث في مختلف دول العالم، فالمال يمنح الشاب شعوراً بتحقيق الذات والاعتماد على النفس، ويُعد مؤشراً على النجاح بالنسبة للكثيرين.

وتوضح الأستاذة إيمانويل عوّض أنّه حين يبدأ الشاب رحلته نحو الاستقلال في بناء الشخصية، يبدأ تدريجياً بإدراك وجود ضغوطات نفسية لم يكن واعياً بها من قبل، فربما كان يسمع من والديه عن صعوبات الحياة، لكنه لم يكن يدرك معناها الحقيقي حتى أصبح مسؤولاً عن نفسه، وعندها يواجه هذه التحديات بنفسه، ويشعر بقلق وضغط لم يتخيله من قبل، لأنه بات مطالباً بإيجاد الحلول لمشكلاته دون اعتماد كامل على الأهل، وهنا تبدأ فعلياً رحلة النضج النفسي الحقيقي.

وتضيف أنّ من أبرز التحوّلات المحورية في حياة الشاب لحظة استقراره الاجتماعي؛ إذ ينتقل من بيئة اجتماعية يختارها الأهل -حيث كانوا يحددون من يرافقه ومن يُحيط به- إلى مسؤولية شخصية كاملة عن اختيار أصدقائه والمحيطين به، فيصبح مسؤولاً عن انتقاء الأشخاص الذين يؤثّرون فيه ويشجعونه أو يثبطونه، مما ينعكس بشكل كبير على تطوّره ونضجه.
ما رأيك الاطلاع على كيف تبنين هويتكِ الشخصية في بداية العشرينات؟ تجربة واقعية

وفي سياق هذا التحوّل، تأتي مرحلة العلاقات العاطفية لتشكّل جانباً أساسياً من حياة الشاب أو الفتاة؛ إذ يبدأ التفكير في اختيار الشريك المناسب، والسعي إلى بناء علاقة مستقرة ناضجة، وهو أمر يرتبط مباشرة بالنضج العاطفي والاجتماعي، ويُعد خطوة مهمة في مسيرة الاستقلال وتطوير الذات.