mena-gmtdmp

ما أنواع الحدود في العلاقات الاجتماعية من وجهة نظر مختصة؟

الحدود في العلاقات الاجتماعية
الحدود في العلاقات الاجتماعية- مصدر الصورة freepilk

في قلب كل علاقة صحية، سواء كانت علاقة عائلية، صداقة، علاقة عاطفية، أو حتى مهنية؛ يوجد عنصر غير مرئي لكنه أساسي: الحدود.

الحدود في العلاقات ليست حواجز تقطع التواصل أو تصنع العزلة، بل هي مساحات نفسية وعاطفية وجسدية ننشئها لحماية أنفسنا، وتنظيم تفاعلنا مع الآخرين بطريقة تحترم كرامتنا وسلامتنا وطاقتنا.

تُشبه الحدود الجدران المرنة: ليست صلبة بحيث تمنع الحب والقرب، لكنها متينة بما يكفي لحماية ما هو ثمين في داخلنا. إنها التي تُميز بين ما هو "لي" وما هو "للآخر"، بين ما أقبله وما لا أقبله، بين ما يدعمني وما يستنزفني.

العديد من المشكلات التي تظهر في العلاقات، مثل الاستغلال، الإرهاق العاطفي، السيطرة، القلق المزمن، الغضب المكبوت، أو حتى الانفصال المفاجئ، غالباً ما تكون نتيجة لغياب أو ضعف الحدود. ومن المهم أن ندرك أن الحدود لا تقتصر على بُعد واحد، بل تشمل مجموعة من المجالات التي تؤثر بشكل مباشر في جودة حياتنا. وكل نوع منها يساهم في بناء علاقة متوازنة وآمنة.

عندما يصرخ نظامك العصبي: كفى!

اختصاصية الصحة النفسية ساندرا فاعور اللقيس

اختصاصية الصحة النفسية ساندرا فاعور اللقيس تلخص هذا الموضوع لـ"سيدتي" من وجهة نظرها.

هناك صوت داخلي يعرف الحقيقة، يعرف حدودك، يعرف متى يكون كرمك قد تحول إلى استنزاف، ومتى تحولت "نعم" إلى خيانة للنفس.

ولكننا غالباً لا نسمع هذا الصوت إلا حين يكون الوقت قد تأخر. حين ينهار الجسد، وتضعف الروح، وتصبح الابتسامة عبئاً ثقيلاً.
ما رأيك بمتابعة: كيف أكون ذكية مع أهل زوجي؟

لم نتعلم كيف نضع الحدود

لم يتعلم معظمنا كيف نضع الحدود في أثناء نشأتنا، بل تعلمنا أن نُرضي وننجو وأن نكون "أبناء طيبين" و"فتيات مثاليات". تعلمنا قول "نعم" حتى عندما كانت أرواحنا تصرخ من الداخل "لا"، حتى جاء اليوم الذي لم يعُد فيه الجسد قادراً على التعاون.

حين تتحول العطاءات إلى مرارة

من خلال عملي مدربة ومعالجة، لا يلجأ الأشخاص إليَّ في البداية طلباً للتطوير أو التحسين، بل يأتون عندما ينهار نظامهم العصبي، وعندما يفيض خطهم الزمني بلحظات من التنازل عن الذات، ويصبح العقل الباطن حلقة تكرار واحدة:

  • إذا وضعت حدوداً؛ فسيتركوني".
  • إذا قلت لا؛ فسأبدو أنانياً".
  • إذا اخترت نفسي؛ فسأخسرهم".

دعوني أقول هذا بوضوح: الحدود ليست جدراناً، إنها أبواب. الحدود لا تُفرض على الآخرين، بل تُستعاد من أجل الذات، وهي ليست قيداً بل حماية، وليست عزلاً، بل توازن. هي الهيكل المفقود تحت كل إنهاك نفسي، وتحت التفكير المفرط ومشاعر الاستياء والمرارة.

أنواع الحدود وكيفية استعادتها

الحدود العاطفية

عندما تبدأ في وضع الحدود العاطفية؛، فأنت تعيد تعليم جسدك وعقلك أن السلام الداخلي أهم من إرضاء الجميع. تتوقف عن امتصاص غضب الآخرين، وتتوقف عن تبرير مشاعر ليست لك.

تتعلم قول:

  • "أنا أسمعك، لكن أحتاج لمساحة".
  • "أنا أهتم، لكن لا يمكنني تحمل هذا الآن".
  • "أنا موجود، لكن ليس على حسابي".
  • الحدود الجسدية.
  • يتحدث جسدك ويشعر بالثقل.

كل هذا ليس "دراما"، إنها بيانات دقيقة يخبرك بها جهازك العصبي.

كل مرة سمحت فيها لشخص بالاقتراب أكثر مما تريد، كل مرة قلت فيها "أنا بخير" في حين جسدك يصرخ، فتتراكم تلك اللحظات كعبء داخلي.

"

وقتك هو مصدر طاقتك. إن لم تحمه؛ فسيتبخر في كل الاتجاهات، وسيتلاشى إحساسك بذاتك.

تعلم أن تقول:

  • "لا يمكنني الحضور اليوم".
  • "أحتاج إلى تأجيل هذا".
  • "هذا ليس وقتاً مناسباً لي".

وقتك يعلم عقلك الباطن مدى تقديرك لنفسك.

الحدود النفسية والفكرية

  • ليست كل الأفكار بحاجة للنقاش.
  • وليس كل الأشخاص مؤهلين للوصول إلى أعماقك.
  • فقط لأن شخصاً ما يتحدث بصوت أعلى، لا يعني أنه أحق بالاستماع.
  • الصمت يمكن أن يكون أعظم حدودك.

حدود الطاقة

بعض الأشخاص يُرهقونك لمجرد وجودهم، ليس لأنك حساس، بل لأن طاقتك تتحدث. هل تشعر بالارتياح معهم؟ أم بالاستنزاف؟المسافة أحياناً، هي أوضح طريقة للحب الصادق.

التحول الحقيقي يبدأ من هنا:

عندما تبدأ في ممارسة الحدود، سيبدأ عالمك في التغير.

  • البعض سيتأقلم.
  • البعض سيختفي.
  • وكلاهما يُعتَبر فرزاً صحياً.
  • الحدود لا تطرد الناس، إنها تُرشدك من يستحق البقاء، وتجذب من يحترمك. كما تبني علاقات اجتماعية لا تُكلفك نفسك.

نصائح تساعدك على وضع الحدود

  • جرب شيئاً بسيطاً لكنه جذري.
  • قل "لا" لما لا يناسبك.
  • تنفس قبل الرد.
  • لاحظ أين تشعر بالإرهاق، واسأل: هل أحتاج إلى حدود هنا؟
  • احذف، ألغِ، ابتعد، أعِد ترتيب أولوياتك.
  • جهازك العصبي يعرف.
  • عقلك الباطن يعرف.
  • كفى تصرفاً "بأدب" على حسابك!

يمكنك الاطلاع على الحدود في العلاقات بين الأشخاص

نحن لا نضع الحدود لأننا لا نحب الآخرين، بل لأننا لا نريد أن نفقد أنفسنا ونحن نحبهم. الحدود هي الطريقة التي نبقى فيها، ونُعطي بها من دون أن نفرغ، ونحب بها من دون أن نضيع.