لتمكين الباحثين عن العمل، وإعادة تعريف مستقبل الوظائف البحرية، تم إطلاق منصة رحّال، من قِبل سَحر الراستي،المؤسِّسة والرئيسة التنفيذية لمجموعة "إس جي آر" المتخصصة في الأعمال الملاحية، وأول إماراتية تعمل بالمجال الميداني كقبطان سفينة في شركة أبوظبي للخدمات الملاحية «سفين»، التابعة لموانئ أبوظبي، والتي تمكّنت من اجتياز برنامج تأهيل قباطنة لسفن تحت 24 متراً، وتمكنت خلال ستة أشهر من الإبحار لأكثر من 1300 ساعة. كما أنها أول إماراتية تجتاز دورة القانون الدولي للمساعدات والمناورات البحرية للمستويين الأول والثاني في الشرق الأوسط.
إعداد: لينا الحوراني
تصوير: عبدالله رمال
بدأت الراستي رحلتها في عالم السفن والبحار في عام 2015، بالعمل في موانئ أبوظبي، بمنصب مساعدة إدارية، ثم انتقلت لمهمة منسّقة الخدمات الملاحية؛ لتكون أول إماراتية تعمل في هذا المجال. وعن ذلك قالت لـ «سيدتي»: "عشقتُ عالم السفن، وازددتُ شغفاً بالمهنة وللتوغُّل في هذا المجال، واكتشاف أسرار الملاحة البحرية وأحجام السفن وكيفية طفوها، وفنون قيادتها والقوانين البحرية التي يتم اتخاذها لسلامة حركة الملاحة البحرية".
كلام الراستي جاء خلال حفل إطلاقها لمنصة رحّال،وهي أول منصة إماراتية وعالمية متخصصة فقط، بتوفير الوظائف للقطاع البحري، وكان لسيدتي خلال حضورالحدث فرصة اللقاء بعدد من الشخصيات البارزة الحاضرة.
سَحر الراستي: 90% من التجارة اليوم هي من خلال البحر

تحدثت سَحر الراستي، عن تجرِبتها في البحر، وكيف كانت حافلة بالتحديات. وكيف ساهم مرور الوقت، بالتغلب عليها، وعلى مشاعر التردد والخوف؛ لتحل محلها رغبة حقيقية في التعمُّق أكثر في هذا العالم واكتشاف كل جوانبه وأسراره. ثم كشفت عن فكرة إطلاق منصة رحّال لتمكين الباحثين عن العمل، وإعادة تعريف مستقبل الوظائف البحرية، موضحة: "جاءتني الفكرة بعد اجتماعات متكررة مع القباطنة الذين أعرفهم، واتفقنا على أننا نعاني من مشكلة التقديم بوظائف للجهات المناسبة، سواء أكانت خاصة أو حكومية. كنا دائماً نجد أن وسائل التواصل الاجتماعي هي أقرب وسيلة لحل هذه المشكلة، كنا نعاني من طول الوقت بانتظار الرد، وأيضاً كانت كنت أواجه مشكلة عدم توثيق الشهادات، للراغبين بالعمل عندي، فجاءتني فكرة إطلاق أول منصة لتوظيف الخريجين من القطاع البحري".
تسهيل التواصل

تابعت: "فجاءتني فكرة إطلاق أول منصة إماراتية وعالمية متخصصة فقط، بتوفير الوظائف للقطاع البحري. ولا يختلف اثنان على أهمية هذا القطاع؛ حيث إن 90 % من التجارة اليوم هي من خلال البحر، وهذا يحتاج إلى كوادر كثيرة. والمنصة لا تعمل على تسهيل الحصول على وظائف بشكل مباشر ، بل تبني جسراً بين الشركات وطالبي هذه الوظائف؛ حيث هناك ربطٌ بين المنصة والشركات؛ الموثوقة مئة بالمئة، ومنها أكبر الشركات العالمية، التي تؤخذ منها الشهادات الموثّقة للبحارة، وهذا سيساعد على تسهيل التواصل بين الجهتين: الشركات والبحارة؛ لاختصار الوقت".
يذكر أن منصة رحال المواكبة للتقدّم التقني، ستستخدم الذكاء الاصطناعي في خطوتها الثانية، وحول هذا الموضوع، علقت سَحر الراستي،: "نحن في دولة تواكب وتحث على اعتماد الذكاء الاصطناعي في جميع المجالات، وهذا سيسهل التواصل أكثر فأكثر".
الشيخة جواهر بنت خليفة آل خليفة: أستلهم قوتي من العاملات في القطاع البحري

كان حضور الشيخة جواهر بنت خليفة آل خليفة مؤسسة ورئيسة مجلس الإدارة لشركة "فيوتشر 8" وعضو مجلس إدارة وكالة "إنفينيتي 8" دبي،، لافتاً ومميزاً في حفل إطلاق منصة رحّال، وهي المرأة التي تشق طريقها نحو النجاح؛ فأصبحت رائدة أعمال بارزة، و"سيدة ثقافة"، حيث تربّت على حب الفن والثقافة؛ فانعكس كلّ هذا على اكتسابها معرفة واسعة في "العلاقات الدولية"، و"إدارة الأعمال". ودعم حقوق المرأة.
وكان لسيدتي فرصة الحديث معها عن رأيها بإطلاق منصة رحّال، حيث صرحت: "جذبتني فكرة منصة رحّال، وسأتحدث عن نفسي. دائماً ما تلفتني كلمة أول، مثل أول امرأة كابتن، وأول منصة للوظائف البحرية في الإمارات، أعتقد أن هذا ما دفعني للحضور؛ لأكون جزءاً من هذا النجاح الكبير؛ فهذا النجاح، لا يعود للقائمين على القطاع البحري فقط، هو نجاح للدولة الإماراتية كلها".
وعن رأيها بإطلاق المنصة قالت: "كنتُ منذ قليل أتحدث عن فكرة هذا الإطلاق مع بعض الاختصاصيين بالقطاع البحري؛ فسهلٌ جداً أن نكون جزءاً من المشكلة، لكن الأصعب، هو إيجاد الحل أو حتى جزء منه، وهذا بحدّ ذاته لا يُقدّر".
المرأة الإمارتية موجودة في جميع المجالات

وعن مكانة المرأة الإماراتية، قالت: "ترَون اليوم المرأة الإماراتية في القطاع البحري، رغم وجود الكثيرين ممن يستبعدون وجود النساء فيه، ساعات طويلة من العمل، بُعد عن المنزل والأهل بالأيام والشهور. واليوم المرأة الإماراتية صارت حاضرة في جميع المجالات، وهذا أمرٌ لا شك فيه، وأنا اليوم أستلهم، وأستمد قوتي من الكابتن سحر الراستي على سبيل المثال، ومن المهندسة حصة آل مالك، ومن جميع النساء العاملات في هذا المجال، والطالبات اللواتي يتخصصن فيه، واللواتي في يوم من الأيام، كنا نعتقد استحالة وجودهن فيه، ونجزم بأنه مجال للرجال، لكن هذا التجمع أكّد للحاضرين بفضل رب العالمين، والقيادة الإماراتية، أن المرأة الإمارتية موجودة في جميع المجالات، وهي تعمل ليس على الإبداع والحضور فقط؛ بل القيام بصنع التغيير. هذا هو الأهم. وهذا ما وصلت إليه المرأة الإماراتية، وهذا ما أستلهمه منها بكل فخر".
المهندسة حصة آل مالك: استغلّي هذا التمكين وكوني شاكرة لكلّ ما يتم تقديمه لكِ من الحكومة

المهندسة حصة أحمد آل مالك، مستشارة وزير الطاقة والبنية التحتية لشؤون النقل البحري في دولة الإمارات العربية المتحدة. وهي أول امرأة تتولى منصباً قيادياً في قطاع النقل البحري في الشرق الأوسط. تعمل آل مالك على تطوير وتنفيذ الإستراتيجيات البحرية التي تعزز نموّ القطاع، وفي هذا السياق ، علقت :" تعمل دولة الإمارات والوزارة، على تطوير قدراتنا الوطنية في إدارة القطاع البحري وَفق أفضل المعايير العالمية، بما يرسّخ مكانة الإمارات بين أفضل المراكز البحرية في العالم، ويدعم إستراتيجيتنا الوطنية للنقل البحري". وتابعت: "أُثني على منصة رحّال، التي نحضر إطلاقها، وهي فكرة واعدة وجميلة. اليوم، العمل والعاملون في القطاع البحري، يحتاجون لمنصات توصّلهم بالشركات، وتؤمّن لهم فرص العمل، وهذا يحد من المعاناة التي تعيشها شركات الملاحة البحرية، وملاّك السفن، في إيجاد الكوادر الإماراتية من الشباب والشابات، الأكفأء للقيام بأعمال هذا القطاع الاقتصادي المهم، وهذه المنصة، تبني جسور التواصل بين الفرص الموجودة عند الشركات، وطموحات الشباب وقدراتهم".
لا تعتقد المهندسة حصة أن هناك امرأة في العالم نالت هذا القدر من التمكين الحكومي، كما نالته المرأة الإماراتية، التي جابت البحر، ووصلت للفضاء. وتابعت: "اليوم المرأة الإماراتية، بإيمان القيادة، المتمثلة في شيوخ بلدنا، والتمكين الذي نالته في التعليم، وفرص العمل المفتوحة أمامها، أهّلتها للوصول إلى مناصب عليا، ومنها القطاع البحري، الذي تُعتبر القياديات فيه قليلات حول العالم. واليوم عندما أحضر الاجتماعات الدولية، أرى الاستغراب والأسئلة في وجوه مَن حولي، كيف أن امرأة إماراتية، من قياديات هذا القطاع المهم؟ وكلّ قبطانة بحرية، تتسلم زمام مهامها، تعطي مثالاً لتميُّز وتمكن المرأة الإماراتية في هذا الميدان. وأنا دائماً أقول للمرأة الإماراتية، استغلّي هذا التمكين وكوني شاكرة لكل ما يتم تقديمه لكِ من الحكومة. وأنا أعطي وعداً للحكومة، عن جميع النساء الإماراتيات، بأننا سنكون بقدر هذا العطاء، ونرده وفاء وعملاً ونجاحاً".
طالبات البحرية: كلّ ما نحلُم به متوفّر لنا نحن كفتيات
عملٌ يستوجب أن تكون المرأة في المواقع من الصباح الباكر وتبقى لساعات طويلة في عُرض البحر، تحت أشعة الشمس المباشرة وحرارتها المرتفعة والرطوبة العالية طوال العام، بالإضافة إلى عَرَض دُوار البحر الذي يصيب النسبة الكبرى من النساء.
روان محمد: لا حدود لطموحاتنا

رغم ذلك؛ فإن روان محمد، طالبة ملاحة بحرية، تفخر بقدراتها المهنية وتعيد نجاحها إلى الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة. وتتابع: "لقد وفّر لنا كلَّ ما يستلزم من اللوجستيات، والموارد؛ لنعمل نحن كفتيات بجِد ومن دون تقصير. وأنا أرى تجمُّع إطلاق المنصة اليوم أكثر من رائع؛ فهو يختصر على الطلاب والطالبات؛ لنعرف الشركات، وعروضها، وما يمكننا تقديمه بعد التخرُّج".
تمنت روان من كلّ امرأة إماراتية، ألّا تحد من طموحها بنفسها أبداً؛ فكل شيء متوفّر، ويدفع بقوى المرأة إلى الأمام. تعلّق قائلة: "كلّ ما نحلُم به متوفّر لنا نحن كنساء. وهذا الاختصاص الذي أدرسه، كنتُ أراه صعباً، لكنني اكتشفت سلاسته، وسهولة العمل فيه، وأن بإمكان الفتاة تكريس قواها بحماس للقيام بأيّة مهمة من مهماته".
سارة ياسر: لا تفقدي الأمل أبداً

الرغبة في معرفة تفاصيل أمور الملاحة البحرية، جعلتها كثيرة المطالعة واللجوء إلى رؤسائها للاستفسار عن أدقّ التفاصيل؛ بدايةً من كيفية عمل السفينة والأجهزة التي عليها، وحتى آليات تطبيق القوانين البحرية. هذا ما دأبت عليه سارة ياسر، طالبة هندسة بحرية. تتابع سارة: "أنا موجودة اليوم، في أجمل تجمُّع لأتعرّف إلى قطاعات جديدة من الهندسة البحرية، وأكون قريبة من أجواء الشركات العاملة في هذا المجال. وقد تعرّفت إلى أشخاص يعملون بنجاح في هذا المجال، حادثتهم، ودخلت في نقاشات معهم، أعطتني خبرة استفدت منها، ورسمتْ لي آفاق المستقبل؛ لأكون داخل المجال، وأكثر إمكانية وحظاً في البحث عن عمل بعد تخرجي. إطلاق منصة رحّال؛ لتمكين الباحثين عن العمل، وإعادة تعريف مستقبل الوظائف البحرية، أمرٌ لا يمكن وصف أهميته؛ لأن هناك طلاباً كُثر تخرجوا، ولازالوا في طور البحث عن وظيفة، وهذه المنصة، تحقق أحلامنا بشكل واقعي ومفيد".
وتابعت: "لا تفقدي الأمل أبداً، طموحاتك ستتحقق، مادمتِ في هذا البلد الذي يحضن أبناءه بكل حب. هناك فتيات يخشين دخول هذا المجال، يخشين من الرياح العاتية أثناء الإبحار، ومن صعوبة السيطرة على السفينة بسبب ارتفاع وقوة الأمواج التي تضربها من كلّ جوانبها. لكنني أقول لكل هؤلاء، لا تخشين، وأثبتن أنفسكن أمام المجتمع والعالم؛ فبإمكانكن اكتساب مهارات وقدرات تُثبت وجودكن".
موزة راشد: فكرة رحّال تتماشى مع النموّ في الإمارات

موزة راشد، طالبة تخصص ملاحة بحرية، لم يبقَ على تخرُّجها الكثير، كما أنها لم تحد من طموحاتها؛ فقد حرَصت على اكتساب المزيد من المهارات، التي جعلتها تتعرّف إلى كلّ شيء بالسفينة، وكيفية استخدامها، وامتلاك مهارات التعامل مع حالات الطوارئ باحترافية. توضح بعبارات محملة بالثقة: "أرى نفسي بعد سنوات، قبطانة بحرية"، تتابع :"منصة رحال التي نحن اليوم بصدد إطلاقها، ستوفّر عن الطلبة الباحثين عن العمل كلّ مشقة، وستتيح لهم فرصة الحصول على أفضل الوظائف التي تناسبهم. والفكرة بمجملها مبتكرة، وتناسب النموّ الذي تخوض دولة الإمارات طريقه بكلّ ثقة ونجاح".