"ساوا ديبي ماي": عبارة تهديك السعادة في "بانكوك"!

تختلط أمور جمّة في ذهن المرء، عندما ينوي زيارة "تايلند". فهل سيرى الطبيعة، أم سيتسوّق، أم سيدخل منتجعاً صحياً، أم سيستمتع بالشواطئ الساحرة والجزر الدافئة، أم...ففي "بانكوك"، يكمن عالم مختلف داخل عالم آخر!

"سيدتي" تزور العاصمة التايلندية أثناء أبرز مناسباتها، رأس السنة الخاص بالتايلنديين.   

 

يشكّل المقر الملكي السابق (غراند بالاس) وجهة السائح الأولى، حيث الرسومات الزيتية (الرامايانا) الساحرة، والتي تحيل إلى الحضارة السنسكريتية ذات الهياكل متعدّدة الأدوار. وبعد أخذ قسط من الراحة في "فندق مندرين أورينتال" الذي يحتضن 400 غرفة، تمنح تلك القابعة في الطوابق العلوية متعة مشاهدة الحديقة الخضراء التي تلفّ الفندق والإطلالة على "نهر كروز" الذي يضمّ قوارب تقليدية تسمح بزيارة المدينة القديمة. يمتدّ هذا الفندق على مساحة 52 فداناً وسط الطبيعة الخلابة وحقول الأرزّ، ويتألف من 142 جناحاً وفيللات مصمّمة وفق الطراز التقليدي، وتشغل 3100 كيلومترمن المساحة الكاملة ملاعب لكرة المضرب و"الاسكواش" ومنتجع صحي.

وبين الفريق الصحافي الزائر الذي لم يتجاوز عدد أعضائه الثمانية ينتمون إلى دول عربية مختلفة، كان يتبادر إلى الأذهان الفيلم السينمائي "الشاطئ" الذي لعب بطولته الممثل ليوناردو دي كابريو في شارع "كاوسان" أحد أشهر شوارع "بانكوك"، والذي يجذب عشرات البائعين والفنّانين، وتسنح فرصة زيارته بملاقاة كلّ جنسيّات العالم. وتمتدّ إلى جانب هذا الشارع الحدائق على ضفة النهر والتي تستضيف الاحتفالات المسرحية والرقص والموسيقى.

 

سوق "شاتوشاك"

صودف يوم زيارتنا الأول لـ "بانكوك" مع العطلة الأسبوعية التي تشكّل فرصةً لا تعوّض لزيارة "سوق شاتوشاك" الذي يضمّ ما يزيد عن 15 ألف محل تنتشر على 35 فداناً! هناك، تكثر المحال التي تعرض الأعمال الفنية والملابس والتذكارات والهدايا... مشينا بشكل شعرنا فيه أن شيئاً لن يوقفنا، وكنّا نلاحظ وجوهاً عربية وخليجية تحديداً تسير في هذه السوق الطويلة. ولعلّ ما يمكن تسجيله في الذاكرة وسط هذا الزحام هو الأمان، فلا يمكن لامرأة أن تشعر بمضايقة من يد أو نظرة، إذ يبدو كل شيء طبيعياً. ولكن أهمّ ما في الأمر يكمن في أن يرسم السائح لنفسه خريطة للعودة إلى المكان الذي تقف فيه حافلة الفريق، لأنه ربما تنقضي نصف ساعة لتجد أحداً يصرف نظره عن بضاعته ليدلّك على طريق العودة...هذا إن فعل!  

في المساء، بدا التعب جلياً على وجوهنا، واعتقدنا أن الفندق سيكون ملاذنا، لكنّ شيئاً ما أيقظ الرغبة فينا للاستيقاظ عندما قيل لنا إن عرض "خون هون لاخون لاك" أي "دمية تايلند التقليدية"، في "مسرح جولويس للدمى" بانتظارنا.

قبل العرض، تقدّم إدارة المسرح عشاءً مؤلفاً من أطباق تايلندية تتجاوز العشرين، ليشعر المرء للوهلة الأولى، وهو يقف أمامها، أنه بحاجة لتذوّقها كلّها حتى يقول رأيه! وفيما تمّ عرض فيلم داخل المسرح يشرح أهمية بعض الحركات والرقصات وتفاصيل الأقنعة والزركشة، عشنا بعدها ساعتين من المتعة عدنا فيهما إلى "سيام" القرن الخامس عشر في عرض استخدم تقنية "إف إكس" واعتمدت تفاصيله على أساطير "الرامايانا" شارك فيه 600 عارض.


السوق العائمة

في اليوم الثاني، قصدنا "فينيسيا الشرق الأقصى"، تلك السوق العائمة التي تسير بسبب القنوات المائية التي ترتبط بالشريان الرئيس الممثّل في "نهر الملوك". هناك، كلّ يبيع ثمرة أعماله، ويقبل مفاوضة الأسعار.   

وبعد عناء نصف يوم من المجادلة، توجّهنا إلى مركب كبير عند ضفاف النهر وتناولنا غداءنا فيه، ولفتتنا عبارة "حلال" في غالبية المطاعم التي تعمل وفق نظام "البوفيه" المفتوح. ومن بين الأطباق التي تستحقّ تجربة تذوّقها: "توم يوم كونغ" الحساء البحري المعدّ بأعشاب تايلندية خاصّة مع الروبيان الطازج و"بات تاي" المعكرونة المعدّة وفق الطريقة التايلندية و"سلطة البابايا الحارة" التي طالما شرحت المرشدة السياحية عنها، على أنها طبق "تايلند" التقليدي.

 

أهميّة الماء

تبيّن الاحتفالات في "تايلند" أهمية الماء في مجتمع تنتمي جذوره إلى الأراضي الزراعية. ففي اليوم التالي، قصدنا مدينة "تشيانغ ماي" للاحتفال برأس السنة التايلندية، حيث يقوم الناس بنثر الماء على بعضهم، معبّرين عن فرحهم بالعام الجديد في احتفال يمتدّ على أيّام ثلاثة. ولبلوغ هذه المدينة، قطعنا مسافة 700 كيلومتر بالطائرة في رحلة لم تستغرق ساعة كاملة...

"تشيانغ ماي" هي حقاً وردة الشمال كما تعرف شعبياً، وذلك لجمالها الطبيعي! فقد كانت عاصمة لمملكة "لاننا" التايلندية الأصلية، كما شرح لنا المرشد السياحي.

استأذننا الناس، بلطف، للسماح لهم برمينا بالماء. ولكن بعد يوم، لم ينج أي عابر في الطريق من جردل ماء يرمى عليه أو رشّاش ماء يسلّط نحوه بدون توقف، بينما الرامي يقول باللغة التايلندية: "ساوا ديبي ماي" أي "سنة سعيدة".فما عليك سوى أن تبتسم وتشكره، مهما كان مزاجك!

وفي اليوم عينه، دخلنا "حديقة رويال" حيث كانت المناظر ساحرة بخضرتها، وقد لفتنا السكان الذين يستخدمون الدراجة الثلاثية "سام لور"، وعندما رغبنا باستئجار إحداها علمنا أن تكلفة الواحدة حول المدينة، تتراوح بين 20 إلى 30 بات، بينما بدا الـ "توك توك" وهو عبارة عن سيارات مجهّزة بمحرّك وعجلات ثلاث الوسيلة الأكثر شعبية للرحلات القصيرة والسريعة، ولكن يجدر بالسائح أن يساوم الأجور مقدّماً.

وتملأ كلّ أنواع الزهور هذا المتنزّه الذي جلنا فيه بواسطة الـ "توك توك"، والذي بنت فيه دول العالم معالم تذكارية لها، كلّ واحدة وفق نمط معمارها.

ولا ننسى ذلك العشاء الساحر الذي اضطررنا حتى نصل لمكانه أن نقطع غابة وجبالاً، لنرى على جانبي الطريق شلالات ترحّب أصوات انهدار مائها بالضيوف!   

 

الحظ السعيد

في داخل متجر الصناعات الجلدية، وقعت خيارات الغالبية على الحقائب المصنوعة من جلد الفيل التي قيل إنها تجلب الحظ السعيد لحاملها وتجعله غنياً، وذلك حسب موروث الثقافة التايلندية.

وبعدها، توجّهنا إلى حديقة للفيلة، وعلمنا أنه يمكن للسائح أن يدخل دورات تدرّبه على أن يصبح "ماهوت" أيّ راكباً للفيلة الضخمة، حتى أنها تمكّنه من النوم معها في الأدغال. ولكننا اكتفينا بقبول دعوة الفيل والجلوس في حضنه، وأخذ صور تذكارية معه، ولكن ما أدهشنا هو الفيلة الرسامون الذين يثيرون التساؤلات حول كيفية تدريبهم.

ومهما طال تجوالنا، فإن مصيرنا هو الشارع دائماً للوصول إلى الحافلة تحت جرادل الماء التي ترمى علينا!

 

 

عناوين هامّة في "بانكوك"

_"المتحف الوطني": يفتح أبوابه يومياً من الثامنة والنصف صباحاً وحتى الثالثة والنصف من بعد الظهر.     

_ مسرح "سالا شالير مكرونج الملكي".

_ سوق زهور بانكوك: يقع قرب "نهر شاوبرايا".

 

4 نشاطات في "تشانغ ماي"

1- التسجيل في "مركز تشيانغ داو" لتدريب الفيل.

2- ركوب الدراجات الجبلية.

3- الإقامة في "بان ماي كامبونغ"، وهي قرية جبلية تقع في غابة قرب الشلالات، تسمح بالتعرّف إلى حياة القرية التايلندية.

4- رحلات الجبال نحو قبائل الهضاب الذين تختلف عاداتهم في الزواج والحياة. وتتمّ هذه الرحلات عادةً بواسطة القوارب أو على ظهر الفيلة أو بسيارات رباعية الدفع. وينصح بتسجيل الرحلات لدى الشرطة السياحية.