mena-gmtdmp

قصة الأخ الأكبر وإخوته في ظل الأب للأطفال من سن 5 حتى 9 سنوات

صورة لجدة وحفيدتها تمسك بالقصة
حكاية قبل النوم تستمتع بها الجدة والطفلة معاً
القصة القصيرة أو حكاية قبل النوم المصورة هي أقرب طريق لقلب الطفل، لهذا تنتهزها الأم والجدة فرصة لتبث فيها خبرتها، حكمتها، نصائح وتوجيهات غير مباشرة، تحمل في ثناياها العبرة والتوجيه والقيم، وربما كان هدفها تصليح لعادات وسلوكيات غير مرغوب فيها.
وقصة اليوم من أجمل ما قرأت، وتحكي عن: الأخ الأكبر "ظل الأب" وإخوته، وبين أحداثها تشرح الجدة قيمة الأخوة والعلاقة الطيبة التي يجب أن تجمع بينهم؛ فالصغير تُلبَّى له طلباته وعليه أن يحترم الكبير، والأكبر عليه أن يتحلى بالصبر وطول البال، وأن يقدم العون لكل صغير، فيكون أشبه بـ"ظل الأب" في المنزل حالة غيابه، وللأخت يكون لها السند والصخرة التي تستند عليها وقت الشدة، وهكذا تمضي الأحداث في القصة.
قصة الجدة:
الأخ الأكبر
تبدأ الجدة الحكاية وتقول: في أحد الأحياء القديمة، حيث تتشابك الأزقة وتنتشر رائحة الخبز الطازج، وتسمع من النوافذ أصوات الراديو القديم يذيع أخباراً متنوعة، عاش الأب شاكر مع أسرته الصغيرة، وهو رجل خمسينيّ، له هيبة في صمته أكثر من هيبة الصوت، يعمل في وظيفة إدارية مرموقة، وكان معتاداً أن يُعامل باحترام أينما ذهب.
في البيت كان للأب شاكر الكلمة الفصل، لا يُجادله أحد، ولا يقابل إلا الهدوء الذي يخيّم على وجوه أطفاله عند حضوره، والأب شاكر له أربعة أولاد: سليم الابن الكبير الذي تجاوز السادسة عشرة، ثم يوسف ذو الحادية عشرة، تليه ليلى وريم، وكان سليم شاباً مختلفاً عن باقي إخوته، وعن كثير من أصدقائه، يحمل في عينيه اتزاناً أكبر من عمره، ودفئاً في صوته يضفي الطمأنينة على قلوب إخوته.

علمي طفلك كيف يتعامل مع أجداده؟ تابعي التفاصيل

قراءة لريم الصغيرة:
أخ يقرأ القصة لأخته الصغيرة
لم يكن صوت سليم يعلو في البيت، لكنه كان حاضراً في كل زاوية؛ نراه في المطبخ يساعد ليلى على إعداد طعامها المفضل، ويتواجد في غرفة يوسف ليشرح له مسائل الرياضيات المعقدة، وعلى سرير ريم الصغيرة يقوم بقراءة حكاية قبل النوم.
رغم كل هذه المساهمات، كان شاكر الأب يتجنّب الاعتراف الصريح بدور سليم؛ والسبب أنه كان يحب أن يراه كابنٍ، وطالب للعلم في صفه يركّز على مستقبله، لا أن ينشغل مع إخوته في مهام يعتبرها "ليست من اختصاصه".
ولهذا كثيراً ما كان يردّد: "الأخ الكبير لا يعني أنه أب، أنتم جميعاً مسئولون بالتساوي، لا تُثقلوا عليه بأدوار ليست له، وكان سليم يسمع ويصمت، ومرات يبتسم في وجه أبيه احتراماً، لكنه كان يشعر في داخله بغضب وانكسارٍ لا ينطق به.
وفي إحدى الليالي، وبينما كان الأب شاكر عائداً من عمله متعباً، دخل إلى البيت ليجد سكوناً غريباً؛ لم يسمع صوت ضحك ليلى، ولا صراخ يوسف المعتاد، ولا ضوءاً منبعثاً من المطبخ.
بكاء الصغيرة:
إنما سمع ريم تبكي في الغرفة، وسليم يحاول تهدئتها بينما يوسف يبحث عن دفتره المفقود، هنا قال بانزعاج: "ما هذه الفوضى؟ أين أمكم؟ ولماذا لا تُنجزوا واجباتكم؟!".
أجاب سليم الذي بدا عليه الإرهاق بهدوء: أمي في المستشفى، منذ الظهيرة، وريم تعاني من حرارة، وكنت معها طوال الوقت، حدّق شاكر الأب في سليم ولده الأكبر للحظة، ثم قال ببرود: "ولِم لم تُخبرني؟"
"اتصلنا بك، ولكن هاتفك كان مغلقاً"، واكتفى الأب بالصمت ودخل غرفته دون تعليق.
مرت أيام بعد تلك الحادثة، ولازالت الأم مريضة بالمستشفى، وبدأت الأمور تتغير ببطء، لاحظ الأب أن أولاده يتوجهون دائماً إلى سليم قبل أيّ قرار؛ يوسف لا ينام دون أن يراجع دروسه مع أخيه، وليلى لا تأكل إلا إذا جلس سليم بجانبها، حتى ريم، كانت تبدأ البكاء إن غاب وجه سليم عن غرفة النوم.
في إحدى الليالي، عاد الأب إلى المنزل متأخراً، وكان سليم نائماً على أريكة غرفة الجلوس، وبين ذراعيه ريم نائمة أيضاً، نظر الأب إليهما طويلاً، ثم جلس بهدوء على طرف الأريكة، يُراقب تنفّسهما المتناغم، وكأنّ العالم كله اختصر في هذا المشهد.
واجبات الأخ:
أخ وأخت يشتركان في القراءة
حينها، بدأ الأب يُدرك ما فاته، تذكّر كيف كان البيت منتظماً دائماً، كيف لم يسمع شكوى من أحد خلال الأسابيع الماضية، رغم انشغاله التام ما بين زيارة الأم بالمستشفى وواجبات عمله.
وبدأت الصور تتسلل إلى ذهنه؛ سليم وهو يحضر الإفطار، يساعد في حلّ الواجبات المدرسية، يربت على كتف يوسف عند الفشل، يمسح دموع ريم بعد الكوابيس.
بدأ الأب شاكر يشعر بالذنب، وكأنّ شيئاً داخله يُعاتبه: "كم مرة نظرت إليه ولم ترَه؟ كم مرة شكرته في قلبك، وبخلت بكلمةٍ واحدة ترفع عنه الحمل؟"
في صباح اليوم التالي، جلس شاكر الأب إلى مائدة الإفطار مبكراً على غير عادته، دخل سليم المطبخ وهو يفرك عينيه، وفوجئ بوالده يقول له: "سليم... تعال، اجلس معي".
تردد سليم، فهو لم يعتد هذا النوع من الحديث، جلس بهدوء، وقال: "هل هناك شيء يا أبي؟"
تنهّد الأب وقال بصوتٍ متهدّج: "أعرف أني لم أكن عادلاً معك"، سليم نظر إليه دون أن ينبس.
فأكمل الأب حديثه وكأنه يعتذر أو يبرر ما كان يفعله: "كنت أظن أنني أحميك من المسؤولية، رغبت أن أتيح لك الفرصة لأن تكون فقط طالباً، لكنك كنت رجلاً بحق في غياب والدتك، وحين لم أكن أنا موجوداً؛ كنت سنداً لإخوتك، وظلّاً لي في غيابي، أراك وقد علمتهم الكثير؛ جعلتهم يحنون على بعضهم البعض، أشاهدهم وقد تفهموا معنى العطف على الصغير واحترام الكبير، أدركت بعقلي كيف نقلت لهم ضرورة تقديم يد المساعدة في كل وقت، مادمت قادراً".
نظر سليم إلى والده، وكانت عيناه تلمعان، لكنه لم يتكلّم، وواصل الأب كلامه: "أشكرك يا بني، وأعتذر إن تأخرتُ كثيراً في قولها، من اليوم لن تكون فقط الأخ الكبير، بل ركيزة هذا البيت، كما كنت دائماً".
لم يُجب سليم، فقط نهض واقترب من والده وعانقه، وكان العناق صامتاً، لكنه حمل كل كلمات الحب والتقدير والامتنان التي لم تُقلْ.
في ذلك اليوم، لم يتغير شيء في البيت ظاهرياً، لكن في أعماق الجميع تغيّر كل شيء؛ شعر سليم أخيراً بأن ما يفعله له أكثر من قيمة، وأن والده قد أصبح الآن نوراً يُضيء له طريق المسؤولية.
ولم يعد سليم فقط الأخ الكبير، بل أصبح قدوةً لإخوته بالمنزل، وصوتاً مسموعاً، ورجلاً أكبر من عمره وأعظم مما توقعوا.
العبرة من حكاية الجدة:
  • كن وسط إخوتك صغيراً كنت أو كبيراً، العين التي تحرسهم والقلب الذي يحبهم ويحنو عليهم، واجعل من حبك لهم دافعاً لتقديم الأفضل دائماً.
  • كن لأخوتك الأب والأخ والمعلم، في حياة الأخت أنت الحضور للصديق الأبدي، ورفيق للطفولة، وحصن الأمان والسند دون خوف.
  • تعلمنا القصة أن وجود الأخ الأكبر يرفع من مستوى تفكير إخوته، وهمومهم وتطلعاتهم وطموحاتهم، الأخ الأكبر له حقّ على أخيه في التوقير والإكرام، والرجوع إليه، والتعويل عليه، وتقديمه في المهمات.
  • الأخ الأكبر يعرف أن الاختلاف لا يقلل من احترام إخوته له، ويكون مخطئاً إن ظن أنَّ ذلك نوع من العناد والتمرد.
  • الأخ الأكبر يتنازل ويتجاهل عن بعض الأخطاء ، وعليه أن يرتدي ثوب الأبوة الحاني ويتقمُّص دوره.
  • الأخ الأكبر يعمل على مد جسور الحب مع إخوته، ويتجنب العداوة والشحناء والخصام مع كل أفراد الأسرة.
سؤال ينتظر جوابك:
  1. هل تنوي التمثل بسليم صغيراً أم كنت الأكبر؟
  2. ما هي صفات الأخ الأكبر سليم كما سمعت بالقصة؟
  3. ما معنى أن يكون سليم "ظل الأب"؟
  4. لماذا غضب سليم في بداية الحكاية، ولماذا فرح في نهايتها؟
  5. هل دخول الأم المستشفى وضّح دور سليم الأخ الأكبر؟
  6. هل أعجبتك القصة؟ وماذا تعلمت منها ياصغيري؟