ما هو الارتباط الآمن عند الطفل؟/%D8%B3%D9%8A%D8%AF%D8%AA%D9%8A-%D9%88%D8%B7%D9%81%D9%84%D9%83/%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84-%D9%88%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%82%D9%88%D9%86/1818055-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B1%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%A2%D9%85%D9%86-%D8%B9%D9%86%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84
يبدأ الارتباط الآمن بالأم منذ الولادة
من الطبيعي وبسبب الفطرة الإنسانية وكذلك غريزة الأمومة والطفولة المتبادَلة، أن نرى الطفل يبكي بمجرد أن تبتعد عنه الأم؛ بل تجد أنه يملأ الدنيا صراخاً؛ مما يجعل كلّ مَن يحيط بالأم يصرخ بها ويطالبها بأن تترك كلّ شيء بين يديها وتهرع للصغير لكي تحمله. ولكن هذا الأمر يستمر مع الطفل حتى بعد الفطام، وحتى بعد أن يمُر بسنتي المهد. التعلُّق بالأم والبكاء حين تبتعد عن الطفل، هي ظاهرة يجب أن يتم التعامل معها بشكل جيد وفعال وصحيح؛ لكيلا تترك أثرها مستقبلاً على الطفل. ولذلك فقد التقت «سيدتي وطفلك» وفي حديث خاص بها، بالمرشد التربوي عارف عبدالله؛ حيث أشار إلى تعريف الارتباط الآمن عند الطفل، والسن الذي يبدأ وينتهي عنده، وكذلك أبرز علامات هذا الارتباط، وطرق التعامل الصحيحة معه. في الآتي:
تعريف ظاهرة الارتباط الآمن عند الطفل
طفل غاضب
اعلمي أن ظاهرة تعلُّق الطفل بالأم وأنه يبكي بمجرد أن تبتعدي عنه، هي ظاهرة طبيعية تُعرف عند الخبراء التربويين بمصطلح "الارتباط الآمن بالأم" وهي ظاهرة تستمر منذ الولادة حتى يبلغ الطفل سن ثلاث سنوات.
لاحظي أن الارتباط الآمن عند الطفل، هو شعور يتكوّن لدى الطفل؛ بل إنه يزداد منذ الولادة لأنه يكتشف أن أمه هي مصدر الأمان بالنسبة له، وهي الشخص الوحيد الذي يمنحه الحب والحنان والأمان. ولذلك فهو عندما يولد، يظل مرتبطاً برائحة الأم ولا يهدأ إلا حين تقترب منه، ويعمد الأطباء لتقريب قطعة من ملابس الأم من المولود في حال احتجازه في الحضانة الصناعية؛ لكي يشعر بقربها.
توقعي أن يبكي طفلكِ بمجرد أن تتركيه أو تبتعدي عنه، أو حين تضعينه في سريره حتى بعد أن تقومي بإرضاعه وتغيير ملابسه، وذلك لأن الطفل يكون بحاجة للإشباع العاطفي وليس الإشباع الجسدي. كما أن ما يقوم به الطفل لا يدل على الاتكالية أو الدلال الزائد؛ لأن دماغ الطفل وجهازه العصبي لم يعتَد بعدُ على الغياب المؤقت للأم أو للأشخاص المقربين. فالطفل لم يتعلّم بعدُ أن الأم سوف تختفي وتعود، ولذلك فهو يبكي وبشدة بمجرد أن تتركه أو تُفلت ذراعيها عنه.
كيف تتعاملين مع ارتباط طفلكِ بك حتى سن 3 سنوات؟
اهتمي بأن تقومي بنشر الطمأنينة لدى الطفل عن طريق اللمس والكلام الهامس له؛ لكي يشعر بالحب والحنان والأمان، وذلك منذ الولادة، وحيث يجب أن تعرفي أهمية التواصل البصري مع الطفل حديث الولادة. ولذلك أيضاً يجب أن تخبري الطفل عن المكان الذي سوف تذهبين إليه؛ حتى ولو كنتِ سوف تختفين عنه لمدة دقيقة، وذلك من أجل زرع الثقة بينكِ وبينه.
اعلمي أنه من الضروري أن تستخدمي أسلوب التمهيد للاختفاء عن الطفل؛ خاصة بالنسبة للأم العاملة التي تُضطر إلى ترك طفلها لساعات طويلة في الحضانة أو مع المربية. ولذلك يجب أن تبدأي في التمهيد له بأنكِ سوف تغيبين عنه؛ لأنكِ يجب أن تفعلي ذلك، ولكنك سوف تعودين؛ لكي يطمئن الطفل. ويجب أن تبدأي بتكرار مواقف الاختفاء والعودة؛ بحيث تَزيد المدة في كلّ مرة، مثل أن تتركيه في غرفة المعيشة وتتوجهي إلى المطبخ لمدة عشر دقائق ثم تعودين، وبعد ذلك يمكنكِ زيادة المدة مثل الخروج من البيت لمدة ساعة ثم العودة، وهكذا.
عواقب عدم تحقيق الارتباط الآمن للطفل
طفل منطوٍ
اعلمي أن إهمالكِ لطفلك وعدم الإسراع له لكي يسكت ويتوقف عن البكاء لأن الكثيرين من حولك ينصحونك بأن تتركيه لكي يبكي، سوف يؤدي إلى حدوث ما يُعرف بكسر شعوره وعدم إحساسه بالأمان مع مَن حوله، وسوف يصبح الطفل معرَّضاً للإصابة بما يُعرف بقلق الانفصال، وتكون الأعراض ظاهرة لدى الطفل منذ عمر ستة أشهر حتى ثلاث سنوات. ويمكن تجاوُز أعراضه من خلال التمهيد للطفل عن الاختفاء والظهور.
لاحظي أن طفلكِ سوف يفتقد ثقته بنفسه، وأنه لن يكون لديه استقلالية في حياته، في حال أنه لم يكوّن علاقة آمنة أو ارتباطاً آمناً معكِ. وليس معنى بكاء الطفل لمجرد أن تبتعدي عنه، أنه سوف يكون طفلاً ضعيفاً أو اتكالياً؛ بل على العكس؛ فالطفل حين يبني علاقة قوية مع الأم، سوف يكون لديه شعور داخلي بالأمان، ينعكس على كلّ تصرفاته وسلوكه فيما بعد.
متى تكون علاقة "الارتباط الآمن" مقلقة بالنسبة للطفل؟
طفل متعلق بأمه
توقعي أن تكون هذه العلاقة مقلقة، ويجب أن تلجأي للمرشد التربوي من أجل علاجها في حال تجاوز طفلكِ سن أربع السنوات ولازال متعلقاً بكِ تعلُّقاً مفرطاً، وأنه لازال يملأ الدنيا صراخاً وبكاء بمجرد أن تختفي من أمامه.
لاحظي طريقة بكاء طفلكِ حين تبتعدين عنه؛ ففي حال كان طفلكِ يبكي بطريقة هستيرية بمجرد أن تتركيه، ويستمر ذلك لساعات طويلة؛ فتكون هذه الحالة مقلقة وتستدعي العلاج.
اعلمي أن ظاهرة الارتباط الآمن بين الأم والطفل، قد تكون غير طبيعية في حال أن طفلك يرفض اللعب أو الاندماج مع أطفال آخرين، أو أنه لا يحب اللعب الجماعي ويفضّل أن يبقى قريباً منكِ؛ فهذه مشكلة ويجب علاجها ولا تعَد ظاهرة طبيعية.
توقعي أن طفلك يمُر بحالة نفسية وسلوكية غير طبيعية، ولا يمكنكِ أن تطلقي عليها أنها ظاهرة الارتباط الآمن، في حال كان طفلك قد أصبح يعاني من أعراض مَرضية بمجرد أن تبتعدي عنه، مثل أن يصاب الطفل بالقيء أو المغص أو الصداع. وكذلك قد يصاب الطفل بظاهرة التبوّل اللاإرادي، وهي ظاهرة نفسية في حال غيابك عنه مثلاً لخضوعكِ لعملية جراحية. ففي هذه الحالة يجب أن تلجأي للمرشد التربوي لعلاج حالة طفلك، مع ضرور أن تغمري طفلك في حال ظهور الأعراض المَرضية عليه بالحب والحنان وبثّ الطمأنينة في نفسه؛ لكي تختفي هذه الأعراض من دون علاج دوائي.