في العشرين من نوفمبر من كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي للطفل، وهو مناسبة تذكّر المجتمعات والأسر بحقوق الأطفال في العيش، والتعليم، والرعاية، واللعب. والهدف من هذا اليوم ليس فقط الاحتفاء بالطفولة، بل التأكيد على تعزيز حقوق الأطفال ورفاهيتهم، وأن لكل طفل الحق في بيئة تُنمي إمكاناته وتوفر له الوقت والمساحة للعب والتعبير عن ذاته.
وبمناسبة هذا اليوم كان اللقاء والدكتور محمد الحسيني أستاذ طب النفس للتعريف بقيمة اللعب كحق أساسي أوصت به المنظمات العالمية للطفل، وأهمية مشاركة الأم اللعب مع طفلها بشكل يومي منتظم- ولو لدقائق-، بجانب شرح العمر المناسب لكل مرحلة عمرية، والفرق بين اللعب الهادف والآخر.. لقضاء الوقت.
أهداف اليوم العالمي للطفل

تذكير باتفاقية حقوق الطفل التي اعتمدت منذ عام 1989، وتعزيز حماية الأطفال من الإساءة والاستغلال وضمان سلامتهم ونموهم.
السعي لضمان رفاهية الطفل، وحصول الأطفال على أبسط الحقوق مثل: الصحة، والتعليم، واللعب، والبيئة الآمنة.
الدعوة إلى العمل لتعزيز رفاهية الأطفال وإعطائهم فرصة للتعبير عن آرائهم في القرارات التي تؤثر عليهم.
هل تودين التعرف إلى..أفكار وأنشطة للاحتفال في يوم الطفل العالمي؟
أولاً: اللعب حق أساسي وليس ترفاً

في زمنٍ تتسارع فيه الخطى، وتنشغل الأمهات والآباء بمتطلبات الحياة اليومية، أصبح اللعب وهو أبسط حقوق الطفل رفاهيةً، حيث تؤكد الدراسات إلى أن طفلًا واحدًا من بين كل خمسة أطفال في سنّ ما قبل المدرسة لا يحظى بوقت لعب مشترك مع والديه في المنزل.
بل إن طفلًا من بين كل ثمانية أطفال لا يمتلك ألعابًا أو أدوات بسيطة للّعب، والمشكلة أن هناك أمهات كثيرات لا يشاركن أطفالهن جو المرح واللعب، ما يشير إلى واقعٍ يحتاج إلى وقفة تأمل وتغيير خاصة في اليوم العالمي للطفل.
اللعب ليس مجرد وسيلة لتسلية الطفل أو لملء وقت فراغه، بل هو الركيزة الأساسية لنموه العقلي والعاطفي والاجتماعي، فهو يساعده على فهم العالم من حوله، وتنمية مهارات التواصل، وبناء الثقة بالنفس واتخاذ القرار.
اللعب يُعلم الطفل كيف يحل المشكلات، وكيف يتعامل مع النجاح والفشل، وكيف يعبّر عن مشاعره بطريقة آمنة. اللعب هو مختبر الحياة الأول، حيث يختبر الطفل ذاته والآخرين في بيئة آمنة ومليئة بالخيال، ولذلك، يُعتبر اللعب حقًا أساسيًا من حقوق الطفل، لا يقل أهمية عن حقه في التعليم أو الصحة.
ثانيًا: اللعب المناسب لكل مرحلة عمرية

كل مرحلة من مراحل الطفولة تحمل طبيعتها الخاصة، وكذلك نوعية اللعب التي تناسبها، وفهم هذه المراحل يساعد الأهل على دعم أطفالهم بطريقة صحيحة وممتعة:
من الولادة حتى عامين:
في هذا العمر يكتشف الطفل العالم عبر الحواس، ويعتمد اللعب على التفاعل البسيط: الابتسامة، الأصوات، الأغاني، ولمس الألوان والأشكال، وعلميا.. الألعاب الآمنة ذات الألوان الزاهية والأنسجة المختلفة تشجّع على نمو الحواس .
من عامين إلى أربعة أعوام:
يبدأ الطفل في تقليد الكبار، ويحب اللعب الرمزي: الطبخ، المدرسة، الطبيب، هذه المرحلة مثالية لتطوير اللغة والتعبير، خاصة عندما يشارك أحد الوالدين في اللعب ويضيف كلمات جديدة إلى الحوار.
من أربع إلى سبع سنوات:
تنمو القدرات الاجتماعية، ويبدأ الطفل في اللعب الجماعي، هنا يظهر مفهوم القواعد، والتعاون، والمشاركة، ويفضل اللعب بالألعاب التي تعتمد على الأدوار أو على حل المشكلات (مثل المكعبات أو القصص التفاعلية) التي تُنمّي التفكير المنطقي.
من سبع إلى عشر سنوات:
يبدأ التفكير المجرد، ويبحث الطفل عن التحدي والإبداع، وهنا يمكن للأهل أن يشجعوا اللعب الذي يجمع بين المتعة والتعلم مثل التجارب البسيطة، الرسم، أو الرياضة الجماعية.
ثالثاً: الأم الشريكة الأولى في عالم اللعب

في اليوم العالمي للطفل: دقائق قليلة من اللعب الصادق تساوي ساعات من الدروس والتوجيه، هيا: أطفئي الهاتف، واجلسي على الأرض، دعي طفلك يقود اللعبة، وشاركيه الضحك. من أجمل صور الطفولة التي لا تزول من الذاكرة؛ حين تنحني الأم لتجلس على الأرض بجانب طفلها، تبني معه برجًا من المكعبات أو ترسم معه سماءً ملونة.
تلك اللحظات القصيرة تُحدث فرقًا كبيرًا في نمو الطفل العاطفي، ومشاركة الأم أو الأب في اللعب تمنح الطفل شعورًا بالأمان والانتماء، وتخلق لغة مشتركة بينهما خارج إطار التوجيه أو التعليم.
فوائد مشاركة الوالدين في اللعب
- تقوّي الرابط العاطفي بين الطفل وأهله.
- تساعد في تنمية اللغة والخيال والقدرة على التعبير.
- تقلّل من السلوك العدواني وتزيد من الثقة بالنفس.
- تتيح للأهل فرصة لفهم شخصية طفلهم بعمق أكبر.
اللعب المشترك حتى عشر دقائق يوميًا يمكن أن تُحدث تحولًا حقيقيًا في علاقة الأم بطفلها، ليس المهم طول الوقت، بل نوعية اللحظة وصدق المشاركة.
الفرق كبير بين اللعب الهادف واللعب لقضاء الوقت

اللعب الهادف هو الذي يشارك فيه الطفل بحرية، فيختار ويكتشف ويتعلم من التجربة، لا يكون الهدف منه إنتاج نتيجة معينة، بل عيش التجربة نفسها.
في المقابل، اللعب الذي يُستخدم فقط لشغل الوقت؛ كالاستخدام الطويل للأجهزة الرقمية أو مشاهدة المقاطع المرئية قد يُضعف خيال الطفل وقدرته على التواصل.
الهدف ليس منع التكنولوجيا، بل موازنتها بأنشطة تحفّز الإبداع والتفاعل الواقعي، هيا: اصنعي لعبة بسيطة من أدوات المنزل، اخرجا للمشي والحديث عن الأشياء في الشارع.
خصّصي ركنًا صغيرًا في البيت يسمّى "زاوية اللعب"، حتى لو كان محدود المساحة، اللعب سيدتي الأم ليس مكلفًا، بل يحتاج فقط إلى نية ووقت قليل؛ فالطفل لا ينتظر ألعابًا فاخرة، بل ينتظر من يشاركه الضحك والدهشة.
خامساً: التحديات اليومية للأهل وحلول بسيطة
كثير من الأمهات يقلن: ليس لدي وقت للّعب، أو طفلي يمل بسرعة، لكن الحلول البسيطة ممكنة، منها:
يمكن اللعب أثناء إعداد الطعام أو ترتيب الغرفة، يمكن تحويل المهمة إلى لعبة صغيرة (عدّ الألوان، تخمين الأشياء).
اللعب قبل النوم بقراءة قصة قصيرة أو تبادل الأدوار في الحكاية.
اللعب في الخارج أثناء المشي إلى المدرسة؛ يمكن أن يتحول إلى وقت ممتع للحديث والاستكشاف.
التعاون بين الأهل، ويتمثل في مشاركة الأب أو الإخوة في اللعب؛ ما يخفف الضغط ويُغني التجربة.
الأطفال الذين يحظون بفرص كافية للعب في طفولتهم يصبحون أكثر قدرة على الإبداع، واتخاذ القرار، وبناء العلاقات.
اللعب استثمار في مستقبل أكثر توازنًا وسعادة، حين نمنح الطفل وقتًا للعب، فنحن نمنحه مساحة ليصبح ذاته، دون خوف أو قيد.
*ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.






