النمو العاطفي للأطفال عملية تشمل تدرج الطفل في فهم مشاعره وتعبيره عنها، وقدر تفاعله مع الآخرين وبناء علاقات اجتماعية معهم، وهذا التطور يعتمد على مجموعة من المهارات؛ أهمها قدرة الطفل على تمييز مشاعره ومشاعر الآخرين، بينما تتمثل أعراض نقص هذا الهرمون في صفات سلبية كثيرة، وأخطرها قِصَر القامة أو حالات التقزُّم النفسي أو الاجتماعي لدى بعض الأطفال.
"سيدتي" التقت الدكتورة علياء المغربي أستاذة طب نفس الطفل لتوضيح دور الآباء بتفاعلاتهم العائلية بالمنزل مع أطفالهم، مشيرة إلى أنه "بتحسن الوضع العاطفي للطفل يعود هرمون النمو لمستوياته الطبيعية، وتصبح نتائجه مُذهلة على صحة الطفل النفسية والاجتماعية معاً".
ما النمو العاطفي للطفل؟

النمو العاطفي للطفل يتمثََّل في تجارب الطفل، وطريقة إدارة عواطفه وقدراته لإقامة علاقات إيجابية مع الآخرين، وهذه المهارات العاطفية للطفل التي تهيئها تفاعلات الأسرة بالمنزل معه، تُساعده في النهاية على تطوير علاقاته الاجتماعية مع الأصدقاء وأفراد العائلة، ومعها يتعلم الطفل التسامُح والاستجابة لمشاعر الآخرين.
بينما إذا أظهر الأهل عدم الاهتمام بمشاعر الطفل أو النظر إليه على أنه مخلوق ليس له مشاعر، ولم تكن هناك تفاعلات بينهم وبينه -وكثيراً ما تكون وسط الأسر كبيرة العدد- حيث لا يُعطى الطفل اهتماماً خاصاً، ولا يُسأل عن شؤونه الخاصة أو يُوجه له اهتمام ما؛ فيعاني الطفل من الكثير من المشاكل النفسية صغيراً كان أو كبيراً، منها الرغبة في العزلة أو الشعور بالوحدة.
تأثيرات نفسية لتعرُض طفلك للإهمال العاطفي هل تودين التعرف إليها؟
دور الأهل في النمو العاطفي للطفل

- النمو العاطفي أكثر ما يميز سمات الإنسان، وينشأ مع الطفل وينمو مع الإحساس بحب الأم والأب مند مولده، ولهذا فإننا نحكم على الطفل السوي بأنه من يقف وراءه أم وأب يراقبان ويدققان، ويحللان كل تصرف يقوم به أمامهما أو وسط الآخرين.
- إتاحة الفرصة لتطور نمو الطفل العاطفي بشكل صحي، وألا يختلف عن أقرانه ممن في عمره، وتنمو هذه القدرات بشكل سريع ابتداءً من لحظة الولادة، وتستمر معه خاصة في أعوام الطفل الأولى.
- تقوم التفاعلات العائلية بدور كبير في تنمية هذه القدرات الاجتماعية والعاطفية داخل المنزل؛ بقضاء وقت كافٍ مع أطفالهم؛ لمساعدتهم على تنمية مهاراتهم بالتدريب والممارسة والاحتكاك، ما يعزز صحة الأطفال النفسية وقدراتهم العاطفية.
- الاهتمام بنوعية الأنشطة التفاعلية التي يمارسونها مع أطفالهم، مع تخصيص وقت للابتعاد عن المؤثرات الخارجية والتركيز على بعضهم بعضاً، وهذا النشاط العائلي يساعد على تحسين القدرات العاطفية والمهارات الاجتماعية وتطوير القدرات اللغوية أيضاً.
- تسهم تصرفات الأهل في تنمية التوازن العاطفي عند الطفل وتعزيز قدرته على التفاعل مع الآخرين بشكل مناسب، وهذه الرعاية العاطفية والاجتماعية المناسبة تؤهل الأطفال في مراحل لاحقة ليصبحوا شباباً ناجحين في العمل وقادرين على بناء علاقات دائمة.
مراحل النمو العاطفي للطفل

كل مرحلة من مراحل نمو الطفل لها معالم تختلف عن المرحلة التي قبلها، وهنا نطالع معالم التطور المُعتاد ظهورها في الأطفال في كل مرحلة:
في عُمر ثلاثة أشهر:
- يستمتع باللعب مع الوالدين، وقد يُضطر للبُكاء عند توقف اللعب معه.
- يُحاول التواصُل بالوجه والجسم مع الآخرين.
- يُمكنه تقليد تعابير الوجه.
في عُمر سبعة أشهر:
- يستجيب عندما يسمع اسمه.
- يستجيب لصوت الأم ويتأثر بمشاعرها.
- يستمتع برؤية نفسه في المرآة.
عند إتمامه عامه الأول:
- يبدأ في إظهار الخجل عند وجود أشخاص غير معروفين له.
- يُفضِّل الوجود حول أشخاص مُعينين وفي وجود ألعاب مُعينة.
- يبدأ باختيار الطعام ورفض بعض أنواعه.
- سيكون قادراً على تكرار بعض الأصوات والإيماءات.
قد يخفق طفلكِ في بعض هذه التطوُرات، أو تتأخر عنه بضعة أسابيع، في حين يصل بعض الأطفال إلى هذه المراحل في وقت أقرب من غيرهم، الأطفال يختلفون ولكن لا تحزني أو تقلقي.
وبمرور السنوات يستمر الطفل في تطوره، بما يمتلك من نمو عاطفي وشعور بالحب والاحترام من جانب والديه، بجانب عمليات الثناء والتشجيع من والديه، أمام كل فعل حسن ومشاعر طيبة يظهرها في تعاملاته .
علامات تكتشفين بها تأخر النمو العاطفي

- انعدام الرغبة في التواصل الاجتماعي: علمياً تنمو قدرات الطفل الجسدية في مرحلة منتصف الطفولة، وهي الفترة التي يتسع فيها عالم الطفل بالأصدقاء والتجارب، ويحتاج إلى تواصل إيجابي مع العالم من حوله؛ لتعزز ثقته بنفسه. الطفل في هذا العمر قد يتعرض لمضايقات أو اعتداء من بعض زملائه، فإذا كانت استجابة الطفل لهذه الظروف هو رفض لإقامة العلاقات الاجتماعية وتجنب تكوين صداقات؛ فهذا يُعَدُّ علامة على التأخر في النمو العاطفي. من هنا كانت أهمية اشتراك الطفل في أي عمل جماعي أو تعاوني وسط الآخرين، سواء أفراد الأسرة أو الأصدقاء؛ ما يمنع اهتزاز الثقة بالنفس، وممارسة السلوك العاطفي والاجتماعي السليم.
- ميل الطفل للعدوانية: عند وصول الطفل إلى سن 8 سنوات، واكتمال عضلات جسمه ونمو مهاراته وقدراته الحركية، كثيراً ما يلجأ إلى إمكانية الدفاع عن النفس وتوجيه عدوانيته إلى من يضايقه.
- ويترتب على هذه العدوانية ورفضه التواصل مع الآخرين، إلى الشعور بالوحدة والفراغ، والجلوس وحده لساعات طويلة يومياً؛ ما يزيد من عدوانيته تجاه الآخرين.
- ضعف الثقة بالنفس: ومع افتقاد الثقة بالنفس والميل للعدوانية في علاقاته الاجتماعية نجده يصل إلى مزيد من انعدام الثقة بنفسه، أو القدرة على مواجهة الأصدقاء من جديد، والاستمتاع معهم بوقت طيب جميل، أو حتى المشاركة في أي لعبة أو مناسبة جماعية، ولدرجة تصل إلى نوع من التقزم النفسي والاجتماعي.
- الاستهانة ورفض تطبيق القوانين: لكل أسرة قواعد ونظام خاص، ومن الطبيعي أن يزداد وعي الطفل بهذه القوانين التي تضبط السلوك، سواء في البيت أو المدرسة، واستهانة الطفل بهذه القوانين وبالعواقب المترتبة على مخالفته لها، تُعَدُّ علامة على تأخر نموه الإدراكي والعاطفي. وقد تكون هذه السمة من علامات اضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه؛ لذلك على الأبوين الانتباه مبكراً لهذه العلامة، والتفريق بينها وبين صفات أخرى، وطلب المساعدة النفسية والتربوية؛ لتجنب تورط الطفل في مشاكل ذات صلة بالعنف.
* ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.