mena-gmtdmp

خطوات تُواجهين بها غضب ابنتك وابنك المراهق.. ومتى يتحول إلى خطر؟

صورة لأم ومراهقة غاضبة
أم تخفف من حدة غضب ابنتها المراهقة
الغضب في سن المراهقة ليس عيباً أو انفلات أعصاب من جانب المراهق أو المراهقة، بل هو رد فعل طبيعي على التغيرات الجسدية والعاطفية، التي يعيشها المراهق في هذه المرحلة الحساسة من عمره. لكن إن تخطى الغضب حدوده الطبيعية، وتحول إلى سلوك عدواني أو انعزال مؤلم أو تمرد دائم ينذر بالخطر، فهنا يجب الانتباه والتدخل الواعي من الأسرة.
في هذا التقرير يقترب الدكتور أحمد المهدي أستاذ طب النفس من عالم المراهق الداخلي لمحاولة فهم أسباب غضبه، إشارات الخطر التي تنذر بانفجاره، وكيف يمكن للأسرة أن تحتويه بدلاً من الاصطدام به.

غضب المراهق

مراهِقة في حالة غضب

المراهقة مرحلة تغيرات متسارعة، فيها يكتشف الشاب أو الفتاة ذاتهما، وتبدأ الأسئلة عن الهوية والقبول والمستقبل؛ لذا فغالباً الغضب هنا ليس مجرد انفعال، بل لغة نفسية يحاول المراهق من خلالها التعبير عن خوفه أو شعوره بالإحباط أو لرغبته في لفت الانتباه.
قد يغضب لأنه يشعر بأنه غير مفهوم، أو لأنه يعيش صراعاً بين ما يريده هو وما يفرضه الأهل أو المجتمع، ورغم أن الغضب في هذه المرحلة يمكن أن يكون طبيعياً، إلا أن تراكمه دون تفريغ صحي له، قد يؤدي إلى انفجار داخلي يتخذ أشكالاً خطيرة.

لكل أم: كيف تتجنبين الصدام مع المراهق؟ الخطوات كثيرة تعرفي إليها!

متى يصبح الغضب طبيعياً؟

أم تُعاتب ابنتها المراهقة الغاضبة

قبل الحكم على المراهق بأنه عدواني أو متمرد، يجب أن نعرف أن هناك نوعين من الغضب:
غضب صحي مؤقت:
يظهر كرد فعل لموقف معين مثل الظلم، أو القيود المفرطة، أو النقد الجارح. وهذا النوع لا يستمر طويلاً، وغالباً يعبّر عنه المراهق بالكلام أو البكاء أو الانسحاب المؤقت.
غضب مرضي مزمن:
هو الغضب الذي يتحول إلى حالة مستمرة من التوتر والرفض والعنف اللفظي أو الجسدي، ويبدأ يؤثر في علاقات المراهق اليومية والدراسية وصحته النفسية. وهنا يبدأ الخطر.

لمزيد من المعرفة: متى يجب أن تشعري بالقلق على ابنك وابنتك المراهقة؟

إشارات لا يجب تجاهلها

مراهق ونوبة غضب شديدة تتكرر

هناك علامات تحذيرية يمكن للأهل ملاحظتها بسهولة، وتشير إلى أن الغضب لم يعد مجرد انفعال، بل تحول إلى خطر يحتاج لتدخل متخصص.
  • تكرار نوبات غضب عنيفة دون سبب واضح.
  • كسر الأشياء أو استخدام العنف الجسدي ضد نفسه أو الآخرين.
  • الانعزال المفاجئ عن الأسرة والأصدقاء.
  • التهور في السلوك مثل القيادة بسرعة، أو الدخول في شجارات.
  • العدوان اللفظي واستخدام كلمات جارحة بشكل متكرر.
  • تراجع دراسي واضح أو فقدان الاهتمام بالأنشطة التي كان يحبها.
  • اضطرابات في النوم أو الأكل.
  • تهديد النفس بالأذى أو الحديث المتكرر عن فقدان المعنى.
هذه الإشارات لا يجب أبداً تجاهلها؛ لأنها قد تكون بداية اضطراب سلوكي أو اكتئاب خفي يعبّر عن نفسه بالغضب.

الأسباب الخفية وراء غضب المراهق

مراهق غاضب

كثير من الأهالي يظنون أن غضب المراهق ناتج عن قلة أدب أو تربية، لكن الحقيقة أكثر تعقيداً؛ فالغضب في الغالب له جذور نفسية واجتماعية وعاطفية، منها:
الشعور بعدم التقدير
عندما لا يجد المراهق منْ يستمع له أو يقدّر إنجازاته الصغيرة، يتحول الغضب إلى وسيلة لطلب الانتباه.
الضغوط الدراسية
كثرة المقارنة مع الآخرين أو الخوف من الفشل تجعل المراهق في توتر دائم يترجم إلى غضب.
الخلافات الأسرية
رؤية الصراخ أو المشاجرات بين الوالدين تزرع بداخله غضباً مكتوماً وشعوراً بعدم الأمن.
استخدام التكنولوجيا المفرط
الألعاب العنيفة ومواقع التواصل قد تغذي العدوانية وتزيد من التوتر والعزلة.
أصدقاء السوء أو التنمر
تعرض المراهق للسخرية أو الرفض من أقرانه يولد بداخله شعوراً بالانتقام أو الاحتقار الذاتي.
تغيرات الهرمونات
في هذه المرحلة يحدث اضطراب هرموني طبيعي، لكنه يؤثر على المزاج والانفعالات بشكل حاد.

كيف تواجه الأسرة نوبات المراهق الغاضب؟

أم تخفف عن ابنتها أسباب الغضب
  • الاحتواء لا المواجهة هو المفتاح الحقيقي، الغضب يُطفأ بالحنان والفهم، لا بالصراخ والعقاب، لا تردي بغضب أكبر ولا تقولي ابني اتغير، بل قولي ابني بتحول لإنسان جديد ويحتاج لدعم.
  • امنحيه الأمان بدل الخوف، وبدل التوبيخ، والحوار بدل الأوامر، المراهقة ليست تمرداً على الأهل بقدر ما هي صرخة بحث عن الذات، بهذا يهدأ الغضب ويتحول إلى طاقة إيجابية تبني لا تهدم.
  • استمعي له بصدق، ودعيه يتحدث حتى لو كان صوته مرتفعاً، شعوره بأنك تستمعين إليه بصدق يخفف نصف الغضب، ولا تقللي من مشاعره.
  • قومي بتحديد ونقد السلوك لا الشخص؛ قولي "تصرفك غلط" وليس "أنت غلطان”، الفارق كبير في وقع الجملة على المراهق، واستخدمي أسلوب الحوار بدل الأوامر القاطعة، والتفاوض لا الفرض.
  • اعطيه مساحة تفريغ لطاقاته؛ بتشجعيه على ممارسة الرياضة، أو الكتابة أو الرسم، أو العزف، فكلها وسائل آمنة لتفريغ الغضب، وكوني القدوة الهادئة، الأهل الغاضبون يربّون أبناء غاضبين، التوازن النفسي يبدأ من البيت.
  • لا تتأخري عن طلب المساعدة النفسية عند الحاجة، إذا تكرر الغضب العنيف أو صاحبه أذى للنفس أو الآخرين، فلا عيب في استشارة مختص نفسي مراهقين، فالعلاج المبكر يمنع المضاعفات.

نتائج الغضب على مستقبل المراهق

  1. الغضب الذي لا يُعالج قد يتحول إلى اكتئاب أو اضطراب في الشخصية في المستقبل.
  2. المراهق الذي لم يجد من يستوعب مشاعره سيتعلم كتمانها، ثم يفقد الثقة فيمن حوله.
  3. الغضب المزمن يرهق الجهاز العصبي، ويزيد احتمالات الإصابة بالأرق، وضعف التركيز، والقلق الدائم.
  4. يصبح المراهق أكثر عرضة للانعزال أو الدخول في علاقات مؤذية؛ لأنه لم يتعلم التعبير السليم عن مشاعره.

احتياجات المراهق الغاضب:

أم تدعم ابنتها المراهقة بالحب والتفاهم والأمان

المراهق ليس بحاجة إلى محاضرات، بل إلى قلب يفهمه، يحتاج إلى أن يسمع كلمات تطمئنه، إلى بيئة آمنة تسمح له بالخطأ دون تهديد، وبالحوار دون خوف.
المراهق الغاضب إنسان مجروح في العمق ، يبحث عمن يلمّ شتاته ويُعيد إليه الإحساس بالأمان، وبطبيعة الحال لا يمكن للأسرة وحدها أن تتحمل مسؤولية احتواء المراهق الغاضب.
المدرسة تلعب دوراً مهماً عبر برامج الدعم النفسي وأنشطة التعبير الذاتي، كما أن الإعلام عليه واجب في تقديم قدوات واقعية للمراهقين، وليس صوراً مثالية مضللة، المجتمع الذي يفهم المراهق هو المجتمع الذي يحمي مستقبله.
*ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.