mena-gmtdmp

مهن المستقبل في عين المراهق.. وكيف يتم توجيهه إلى الأفضل؟ 

صورة تعبيرية لمجموعة مراهقين
مهن المستقبل في عين المراهق وكيف يتم توجيهه إلى الأفضل؟ 

لا ينسى المراهقون أبداً تلك الأحاديث التي تدور بينهم وبين عائلاتهم، في مواسم العطلات، حول مستقبلهم وكيف سيكون شكله بالنسبة لهما؟ وقد يطرح الأبوان سؤالاً مباشراً "ماذا تريد أن تصبح عندما تكبر؟"
قد يكون التعامل مع تطلعات المراهقين المتقلبة مهمة شاقة لأي والد، خاصةً عندما يكون سوق العمل المستقبلي غير مستقر. وهو يشهد تحولات جذرية في اتجاهات التوظيف، وصعود وهبوط قطاعات الأعمال، والتطور المستمر في الأدوار الوظيفية. إلى جانب أن المراهقين أنفسهم نشيطون، وقد لا يكون توجيههم أمراً سهلاً، تعرفي إلى تغيرات سوق العمل؛ كي تتمكني من توجيه ابنك المراهق إليها، وكيف تفعلين ذلك كما ينصحك خبراء التوظيف؟.

أمور انتبهي إليها حولك

تابعي شغف مرحلة المراهقة


قبل أن تقنعي طفلك بتوجه دراسي معين لضمان مستقبله الوظيفي، هناك أمور عليك أنت استيعابها؛ كي تصلي إلى نتيجة تُرضي الطرفين، وهي:

تابعي تغيرات سوق العمل

العديد من الوظائف التي قد يشغلها أبناؤنا في المستقبل لم تُخلق بعد. فمن التطورات في الذكاء الاصطناعي إلى حلول الطاقة المتجددة، يُمثل سوق العمل المستقبلي لوحةً زاخرةً بالإمكانيات، رُسمت بخطوط عريضة من الابتكار والتكنولوجيا. هذا المشهد المتغير يطرح سؤالاً هاماً: كيف نُوجه أبناءنا المراهقين في الاستعداد لمهن لم تُستحدث بعد؟

اعلمي أن الشغف يلتقي بالهدف

إنّ حجر الزاوية لأي مسيرة مهنية ناجحة هو شغفٌ عميقٌ بالعمل الذي يقوم به المرء. وتحفيز أبنائنا المراهقين على اكتشاف ما يُشعل شرارة شغفهم بات أكثر أهمية من أي وقت مضى. هل هو الرضا الإبداعي لتصميم شيء جديد؟ أم متعة حلّ المشكلات المعقدة؟ أم ربما الدافع لمساعدة الآخرين وإحداث تغيير إيجابي في المجتمع؟ إنّ تحديد هذا الشغف في سنّ مبكرة يُمكن أن يكون بمثابة النجم الهادي الذي يُرشدهم في رحلة حياتهم المهنية المستقبلية المجهولة.

علِّميهم فن حل المشكلات

في عالم يواجه تحديات جمة، من تغير المناخ إلى عدم المساواة الاجتماعية، تبقى القدرة على حل المشكلات عند المراهق وهي مهارة لا تفقد قيمتها أبداً. إن غرس عقلية حل المشكلات في نفوس المراهقين لا يُهيئهم فقط لفرص العمل المستقبلية، بل يُهيئهم للحياة أيضاً. وبصفتنا آباء ومربّين وموجهين، من المهم أن نرعى فيهم حب الاستطلاع والتفكير النقدي والقدرة على التعلّم من الأخطاء والمحاولة مجدداً. هذه هي المهارات الشخصية التي ستصمد أمام اختبار الزمن، متجاوزةً حدود أي مسمى وظيفي أو قطاع.

علِّميهم التكيف والتطور

إذا كان هناك درسٌ واحدٌ رسّخه العقد الماضي، فهو قيمة المرونة! ستتطلب المسارات المهنية المستقبلية عقلية تعلّمٍ مستمر، وانفتاحاً على التطور، ومرونة لتغيير المسار عند الضرورة. ولعلّ تشجيع أبنائنا المراهقين على تقبّل التغيير، وأن يكونوا متعلّمين مدى الحياة، وأن ينظروا إلى مسيرتهم المهنية كسلسلةٍ من التطورات لا كوجهةٍ واحدة، هو من أفضل ما يمكننا تقديمه لهم من استعداد.

قومي بإجراء محادثات مهمة

بصفتنا آباء، يتجاوز دورنا حدود النصائح المهنية التقليدية. إنه يتعلق بالانخراط في حوارات هادفة مع أبنائنا المراهقين (الذين يعتقدون بأنهم يعرفون كل شيء)، والاستماع إلى آمالهم ومخاوفهم، وتوجيههم لطرح الأسئلة الصحيحة. ما المشاكل التي يشعرون برغبة قوية في حلها؟ ما الأنشطة التي تمنحهم شعوراً عميقاً بالفرح والإنجاز؟ في هذه النقاشات التأملية غالباً ما تتضح الأمور.

ادفعيهم إلى الأمام

بينما نقف على مفترق طرق التغيير، تزداد أهمية دورنا كآباء ومختصين أكثر من أي وقت مضى. فمن خلال غرس عقلية تركز على الشغف عند المراهق وحل المشكلات والقدرة على التكيف، نستطيع تزويد أبنائنا المراهقين بالأدوات اللازمة لرسم ملامح المستقبل. إنها رحلة استكشافية زاخرة بالإمكانيات والفرص اللامحدودة لإحداث تغيير إيجابي.
في النهاية، الرسالة الأقوى التي يمكننا توجيهها لأبنائنا المراهقين هي أن مسيرتهم المهنية لا تقتصر على كسب الرزق فحسب، بل تتعداها إلى بناء حياة زاخرة بالمعنى والشغف. وبينما ينطلقون في هذه الرحلة، فإن دعمنا ورؤيتنا وإيماننا بقدراتهم كفيلان بإضاءة الطريق نحو مستقبل مشرق بقدر ما يطمحون إليه.
قواعد تربوية تُشكل مستقبلاً باهراً للمراهق

خطوات أساعد فيها ابني لاتخاذ هذا القرار بمفرده

عالم عمل يختلف تماماً عن العالم الذي قد تكونين على دراية به


يُعدّ اختيار المسار المهني من أصعب القرارات التي يتخذها أي شخص. فكيف تُساعدين ابنك المراهق؟ إليكِ اقتراح الخبراء، خاصة عندما يحاولون ولكنهم لا يستطيعون:

  • تقبّلي حقيقة أن ابنك المراهق يواجه عالم عمل يختلف تماماً عن العالم الذي قد تكونين على دراية به. لذا، بدلاً من الإصرار على مسار وظيفي واحد قد يشمل الجامعة أو الكلية، تحاوري معه حول كيفية رؤيته لنفسه وهو يُساهم في العالم الذي يعيش فيه. إن رغبته في المساهمة تفتح آفاقاً أوسع بكثير من المسارات الوظيفية المحددة.
  • شجّعي ابنك المراهق على مواءمة ما هو مهم بالنسبة له مع ما يستمتع به ويمنحه الطاقة، حتى لو بدا لكِ هذا غير واقعي أو غير عملي. تذكّر أن هناك وظائف لم تُحدّد بعد، وقد تكون هناك وظائف تبدو رائجة ومربحة اليوم، لكنها قد تُصبح مؤتمتة بالكامل أو تختفي تماماً خلال خمس سنوات.
  • لا تتمسكي بمسار وظيفي واحد، فالحقيقة أن قلة قليلة من الناس تستمر في مسار وظيفي واحد. معظم الناس يغيرون مسارهم الوظيفي ثلاث مرات على الأقل خلال حياتهم العملية، وقد يغيرون وظائفهم حتى عشر مرات.
  • شجعي تنمية المهارات القابلة للتطبيق في مجالات أخرى، مثل التواصل، والعمل الجماعي، والتعاون، وإدارة النزاعات، وغيرها. علّمي ابنك المراهق أن يكون مرناً، ومتعدد المواهب، وقادراً على التكيف. شجعيه على تقبّل فكرة أن لكل مشكلة أكثر من حل، وهذا أمر طبيعي.
  • امنحي ابنك أفضل فرصة لحياة ناجحة. والأهم هو أن تدركي أن مفهوم النجاح بالنسبة لنا قد يختلف عن مفهومه بالنسبة لأطفالنا. والأهم من ذلك كله، استمروا في الحوار ولا تفرضوا القرارات. وإذا أظهر ابنك المراهق بالفعل اهتماماً بمجال معين، فشجعيه وادعمي تنمية تلك الاهتمامات والمهارات في مرحلة المراهقة.
  • علِّميه النظر إلى أي تعليم ما بعد المدرسة الثانوية في المقام الأول على أنه تدريب وظيفي. والفتي نظره إلى أن الدراسة الجامعية مكلفة للغاية، وتتطلب الكثير من الوقت والجهد بحيث لا يمكن اعتبارها مجرد "تحسين الذات" أو "تطوير شخصي" وما إلى ذلك.
  • ادفعيه لتعلم مهارات وظيفية مطلوبة في سوق العمل، وتشمل هذه التخصصات على وجه الخصوص اللغة الإنجليزية والتاريخ والفلسفة والعلوم السياسية، من بين تخصصات أخرى.
  • اكشفي له أن أصحاب العمل لا ينبهرون بالادعاء بأنه تعلم "مهارات التفكير النقدي" في تخصص مثل تاريخ الفن أو العلوم السياسية أو دراسات النوع الاجتماعي أو غيرها من التخصصات المماثلة.
  • شجعيه على أن يختار مجالاً يتناسب مع شخصيته ويستخدم مهاراته ومواهبه، ويمكنه الجمع بين ذلك والوظائف المتاحة التي تستخدم تلك المهارات والمواهب.

آراء الخبراء في اختيار الوظائف للمراهقين

آراء الخبراء في اختيار الوظائف للمراهقين

غيّر مسارك المهني باستمرار

يقول خبير في الموارد البشرية: "أشكّ جدياً في وجود "وظيفة مثالية"، إلا إذا كان المرء يعمل لحسابه الخاص مستقبلاً. التغييرات حاضرة دائماً، سواء في مكان العمل أو في حياتنا الشخصية. ونظراً للوتيرة السريعة للتطور التكنولوجي، يُتوقع أن تتسارع وتيرة التغييرات في مكان العمل. يأتي الناس ويرحلون، سواء كانوا رؤساء أو موظفين. أسوأ رؤسائي كانوا منْ رحلوا وحلّ مكانهم شخص آخر. أو قد يكون لديك فريق عمل ممتاز، ثم يرحل أحدهم بحثاً عن فرصة أخرى، فتجد صعوبة في إيجاد بديل له. يتغير الناس، وتتغير نظرتهم إلى الحياة والعمل بمرور الوقت. ما كان يثير اهتمامي قبل أربعين عاماً، قد لا يثير اهتمامي اليوم. وإذا كنت فضولياً وتحب تعلم أشياء جديدة، فقد يقودك ذلك أيضاً إلى تغيير وظيفتك أو مسارك المهني.

المال ليس السعادة

ينصح خبير آخر الأمهات بالآتي: "علِّمي ابنك تحديد أهدافه المهنية بناءً على ما يرغب في فعله وما يريد تحقيقه. هل هو ممكن؟ هل هو مجزٍ مادياً؟ هل يمكنك النجاح فيه؟ والأهم من ذلك، هل سيكون مُرضياً له نفسياً؟ انسَي فكرة الوظيفة المثالية، واسعَي إلى بناء مسيرة مهنية رائعة. عندما يقرر ابنك مساراً معيناً، إليكِ بعض الأمور التي يجب وضعها في الاعتبار:
من الصعب التنبؤ بالوظائف المطلوبة. قد يكون من الأفضل أن يكون عاطلاً ولا تدفعيه إلى مجال لم يكن يرغب فيه أصلاً.
بمجرد وصوله إلى مستوى معين، أفهميه أن المال الكثير بالضرورة لا يعني حياةً أسعد. هذا المستوى يكفي لتوفير سقف فوق رأسه، وطعام على مائدتك، وأحذية لأطفاله مستقبلاً. (دعيه يستوعب أنه قد يُمكّنه من تحقيق بعض الأهداف بشكل أسرع، لكنه لن يكون أسعد حالاً بالضرورة).
بينما لا يزال ابنك المراهق في المرحلة الثانوية، فهو لا يزال في مرحلة التأسيس. وسواءً كان يخطط لأن يصبح محاسباً أو عالم حيوان، فإنه يحتاج إلى اكتساب نفس المهارات المعرفية الأساسية: القراءة والكتابة والرياضيات. ليس من الضروري أن يحدد المراهق مساره المهني النهائي، بل عليه التركيز على بناء أساس أكاديمي متين يُفيده في أي مجال يختاره لاحقاً.
عندما ينهي ابنك المراهق المرحلة الثانوية، ويكون مستعداً للالتحاق بالجامعة أو المدرسة المهنية، فسيكون أقرب إلى مرحلة "بناء المبنى" في مسيرته الأكاديمية. لكنه بحاجة إلى وضع خطة مسار وظيفي، ادفعيه ليقوم بمراجعة هذا الأمر مع شخص مطلع على عالم الأعمال، لأن هناك الكثير من الأشياء التي لن يدركها أو لن يفهمها بمفرده.
*ملاحظة من «سيدتي»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليكِ استشارة طبيب متخصص.