كثيرًا ما يحلو للأمهات المزح بشأن عدم نومهن منذ رزقن بالطفل؛ فيرددنها ضاحكات: لم أنم ليلةً كاملة أشعر أنني مرشحة للفوز بجائزة الأرق العالمية، هذه العبارة تعكس معاناة الكثير من العائلات مع نوم الأطفال؛ ما بين طفلٍ يرفض النوم مبكرًا، وآخر يستيقظ مراتٍ عدة في الليل، يجد الأهل أنفسهم أسرى التعب والسهر. لكن خلف هذا المزاح يطل سؤال جاد: ماهي عدد ساعات النوم المثالية لكل عمر، وكم ساعة يحتاجها الطفل لينمو بصحة جسدية وعقلية سليمة؟
هنا يشير الدكتور محسن السيد، أستاذ طب الأطفال، بأن التقديرات الحديثة تؤكد أن أكثر من 40% من الأطفال في سن المدرسة حول العالم لا يحصلون على ساعات النوم الموصى بها، ما يجعل الموضوع ليس مجرد رفاهية بل قضية أساسية ترتبط بالصحة العامة للطفل.
أفكار تعرفي إليها:

- النوم عند الأطفال ليس ترفًا يقدم لهم ولا رفاهية، بل هو أساس للنمو السليم ولصحة الدماغ والجسم، بناء عادات نوم صحية مبكرًا هو مفتاح لحياة أكثر راحة وهدوءًا للأسرة كلها، رغم أن الكثير من الأمهات والآباء يمازحون بعضهم البعض حول معاناتهم مع ليالٍ بلا نوم.
- الاهتمام بعدد الساعات التي ينامها الطفل، ومراقبة أي تغييرات في روتينه، يمثلان استثمارًا حقيقيًا في مستقبل أكثر صحة وسعادة؛ طفل ينام جيدًا يعني أمًا وأبًا أكثر طمأنينة، وربما نومًا أفضل لهم أيضًا.
العادات الصحية التي يجب تعليمها للأطفال منذ الصغر هل تعرفينها؟
أهمية النوم لنمو الأطفال

- النوم ليس مجرد راحة للجسم، بل عملية بيولوجية أساسية تساهم في نمو الدماغ والجهاز العصبي، وفي تعزيز المناعة، وتنظيم الهرمونات، خلال النوم العميق، يفرز جسم الطفل هرمونات النمو التي تساعد على بناء العضلات والعظام.
- الدماغ يعيد تنظيم المعلومات التي تلقاها الطفل خلال النهار، فيتم تعزيز الذاكرة والانتباه، الأبحاث تشير أيضًا إلى أن النوم الكافي يحمي الطفل من مشاكل سلوكية مثل فرط الحركة والاندفاعية.
- المفارقة أن الأطفال الذين لا ينامون جيدًا، قد يظهرون أكثر نشاطًا وليس أكثر خمولًا، ما يجعل الأهل أحيانًا يسيئون فهم السبب الحقيقي وراء حركات أطفالهم الزائدة.
عدد الساعات المثالية حسب العمر

لا يوجد رقم سحري واحد يناسب جميع الأطفال، لكن المؤسسات الصحية العالمية وضعت جداول تقريبية للساعات المثالية لكل مرحلة عمرية
- من الولادة حتى 4 أشهر: يحتاج الرضيع من 14 إلى 17 ساعة يوميًا، موزعة على النوم الليلي والقيلولات.
- من 4 أشهر إلى سنة: من 12 إلى 16 ساعة يوميًا، بما في ذلك القيلولات.
- من سنة إلى سنتين: يحتاج الطفل من 11 إلى 14 ساعة نوم يوميًا.
- من 3 إلى 5 سنوات: حوالي 10 إلى 13 ساعة يوميًا.
- من 6 إلى 12 سنة: من 9 إلى 12 ساعة.
- من 13 إلى 18 سنة: من 8 إلى 10 ساعات.
هذه الأرقام تمثل متوسطًا صحيًا، ولكن قد يختلف طفل عن آخر، بينما انخفاض النوم عن الحد الأدنى بانتظام يستدعي القلق ومراجعة الطبيب.
ماذا يحدث إذا قلت ساعات نوم الطفل؟

قلة النوم لا تتسبب في مجرد تعب مؤقت، بل تحمل آثارًا عميقة على صحة الطفل:
تؤثر على الدماغ والتعلم: الأطفال المحرومون من النوم يعانون ضعف التركيز، صعوبة في الحفظ، وتراجعًا في الأداء الأكاديمي.
تتسبب في اضطرابات المزاج: يمكن أن يظهر الطفل عصبيًا، سريع الانفعال، أو مكتئبًا.
تؤدي لمشاكل صحية: الحرمان المزمن من النوم يزيد من خطر السمنة، ارتفاع ضغط الدم في المراهقين، وضعف جهاز المناعة.
تحفز على سلوك مفرط النشاط: على عكس ما يتوقع البعض، الطفل قليل النوم قد يبدو مفرط الحركة، بدلًا من أن يكون خاملاً.
الأثر الاجتماعي لقلة النوم: صعوبات النوم قد تؤثر أيضًا على العلاقات الاجتماعية للطفل، إذ يصبح أقل قدرة على التفاعل الإيجابي مع أقرانه.
كيف نساعد أطفالنا على النوم بشكل أفضل؟
هناك مجموعة من النصائح العملية التي أثبتت فعاليتها في تحسين نوم الأطفال
الروتين اليومي: تثبيت مواعيد النوم والاستيقاظ حتى في عطلة نهاية الأسبوع، يساعد جسم الطفل على ضبط ساعته البيولوجية.
إيقاف الشاشات: الهواتف والأجهزة اللوحية والتلفاز تبعث ضوءًا أزرق يعطل إفراز الميلاتونين، وهو هرمون النوم، يفضل إيقاف جميع الشاشات ساعة قبل النوم.
تهيئة غرفة النوم: يجب أن تكون الغرفة مظلمة، هادئة، ودرجة حرارتها معتدلة.
نشاطات مهدئة: قراءة قصة قصيرة، الاستماع لموسيقى هادئة، أو أخذ حمام دافئ قبل النوم.
تجنب المنبهات: حتى بعض الأطعمة مثل الشوكولا والمشروبات الغازية قد تحتوي على الكافيين الذي يؤثر على نوم الطفل.
النوم كقدوة: عندما يرى الطفل أن والديه يحترمان مواعيد النوم، يتشجع على الالتزام بها أيضًا.
دور الأهل في معركة الأرق

الأطفال لا يولدون وهم يعرفون كيف ينظمون نومهم، بل يتعلمون ذلك من خلال الروتين الذي يضعه الأهل، وهنا تبرز أهمية الصبر والاستمرارية على تنفيذ القرارات بشأن النوم.
- التفهم بدلًا من العقاب؛ إذا قاوم الطفل وقت النوم، من الأفضل التحاور معه بلطف بدلًا من فرض العقاب، لأن النوم يجب أن يرتبط في ذهنه بالراحة لا بالعقوبة.
- الاستماع لإشارات الطفل؛ التثاؤب، فرك العينين، أو التململ علامات على أن الطفل بحاجة للنوم، تجاهل هذه الإشارات يجعل النوم أصعب لاحقًا.
- التحلي بالمرونة، في بعض المراحل العمرية مثل التسنين أو المراهقة، قد يحتاج الطفل إلى تعديل في جدوله.
- الدعم النفسي، الأطفال الذين يعانون قلقًا أو توترًا قد يواجهون صعوبة أكبر في النوم، الأهل هنا يلعبون دورًا في توفير بيئة آمنة ومطمئنة.