قد تبدو "لا" كلمة صغيرة، لكنها ثقيلة جداً على لسان الموظف حينما يخشى أن يُساء الفهم. فكم مرة قلت "عذراً، لا أستطيع" وقلبك يتمزق بين حاجتك للراحة وخوفك من أن تُوصف بالأنانية؟ تقدّم الخبيرة في مجال التنمية البشرية، والصحفية رنيم الصقر، 3 لحظات صامتة، قد تبدو عادية، لكنها تحمل معركة لا يراها أحد.
هل كنتُ مشغولاً أم أهرب من المواجهة؟
في بيئة العمل، تظهر بعض التحديات على هيئة رسائل أو طلبات من الزملاء. أحياناً، لا تأتي المشاكل الكبرى في شكل اجتماعات حادة أو نقاشات صريحة؛ بل تأتي في صورة طلب بسيط. تخيّل أن أحد زملائك في العمل يرسل لك رسالة تقول: "هل يمكننا التحدُّث؟ لديّ بعض الملاحظات حول مشروعنا." في تلك اللحظة، تشعر بشيء ثقيل في قلبك. تساؤلات تبدأ في الظهور: "هل أخطأتُ في شيء؟ هل سيكون هذا حديثَ عتاب؟ هل سأضطر لشرح أخطاء قد تكون قد فاتتني؟ ثم تبدأ في التفكير في مخرج؛ فتكتب بسرعة: "عذراً، لا أستطيع الآن. مشغول جداً".
هل كنتَ حقاً مشغولاً؟ ربما، لكن الحقيقة أنك كنتَ تحاول الهروب من مواجهة المشكلة. كان لديك خوف من أن تكشف صورة لم تكن تريد أن تراها في مرآة الواقع. فكلمة "لا أستطيع" لم تكن مجرد اعتذار؛ بل كانت درعاً هشّاً تحاول أن تحمي به نفسك. لذلك فكّرْ: هل كنتَ تحمي صورتك في العمل؟ أم أنك حرمتَ نفسك من فرصة التعلُّم والنموّ من هذه المواجهة؟
الحل بين يديك: ماذا تفعل إذا كانت التوجيهات في العمل غير واضحة وغير قابلة للتنفيذ؟
هل رفضتَ المشروع أم هربتَ من اختبار قدراتك؟
في مجال العمل، تظهر الفرص العظيمة في لحظات غير متوقَّعة، وأحياناً تأتي هذه الفرص مع ضغط واختبارات حقيقية. يطلب منك مديرُك تولّي مشروع كبير يتطلب منك مجهوداً إضافياً، وهو فرصة لك لتتألق أمام فريقك وتُثبِت قدراتك. "نعتقد أنك الشخص الأنسب لقيادة هذا المشروع"، يقولها المدير بثقة. لكن بدلاً من أن تشعر بالحماسة، يبدأ قلبك بالخفقان بشدة. هل أنا جاهز لهذا التحدي؟ هل سأتمكن من إدارة المشروع؟ ثم تأتي الإجابة منك، غيرَ مستعد للمواجهة: "عذراً، لا أستطيع تولّي هذه المهمة الآن، لديّ الكثير من الالتزامات".
ولكن الحقيقة؟ كان بإمكانك المحاولة. كانت فرصة لاختبار قدراتك وتطوير مهاراتك، لكن الخوف من الفشل كان أقوى من حماسك. فالرفض لم يكن بسبب حجم العمل؛ بل لأنك كنت تخشى أن تفشل أمام الجميع، وأن تفقد صورتك المهنية. هل كنت تقدّر قدراتك بشكل واقعي؟ أم أنك انسحبت من اختبار حقيقي لكفاءتك المهنية قبل حتى أن تبدأ؟
هل تهرّبتَ من اللقاء أم من الشعور الذي يوقظه؟
في العمل، قد تكون هناك اجتماعات أو فعاليات اجتماعية مع الفريق؛ حيث تتجمعون لمناقشة الأعمال أو للراحة. لكن أحياناً، قد لا تشعر بنفس الراحة التي كنت تشعر بها سابقاً. قد يوجّه إليك أحد الزملاء دعوة لحضور اجتماع أو جلسة نقاشية، وتجد نفسك متردداً. "هل يجب أن أذهب؟ هل سأتواصل مع الجميع كما في السابق؟". هذه التساؤلات تبدأ بالتسلل إلى ذهنك. وعندما تقرر أخيراً الرد، تقول: "آسف، لا أستطيع الحضور اليوم، لديّ ظرف طارئ". ولكن الحقيقة هي أنه لا ظرف طارئاً لديك؛ بل هو شعور داخلي بعدم الراحة. ربما كان هناك تحوُّل في العلاقة بينك وبين فريقك، أو ربما أن بيئة العمل تغيّرت، وأنت لم تعُد تشعر بالراحة كما كنت في السابق. فالاجتماع نفسه لم يكن هو المشكلة؛ بل ما قد يثيره داخلك من مشاعر وأفكار عن تغيّرات غير مريحة. فهل كنت تتهرب من مواجهة الحقيقة؟ أم كنتَ تحاول الحفاظ على صورتك المهنية؛ حتى وإن كانت العلاقات داخل العمل قد بدأت تتغيّر؟
كيف تتعامل مع المواقف الصعبة؟
كيف أتعامل مع طلبٍ من زميل يتطلب المواجهة أو الحوار الصريح؟
في حال تلقيتَ طلباً من زميل يطلب منك التحدث أو مناقشة موضوع حساس، حاول أن تكون مستعداً نفسياً واحترافياً للمحادثة. بدلاً عن الهروب بتعلّة مشغول، حدِّد وقتاً مناسباً للحديث. إن الاعتراف بأنك على استعداد للاستماع بصدق، يمكن أن يعزز من علاقات العمل ويُظهر نضجك المهني. إذا كنت تخشى الحقيقة أو المواجهة، ضع خطة واضحة لما ستقوله، وحاول أن تكون شفافاً في ردك؛ حتى وإن كان ذلك محرجاً في البداية.
كيف أتعامل مع فرصة مشروع كبيرة قد تتطلب تحدياً مهنياً؟
عند تلقي فرصة لتولي مشروع جديد، من المهم أن تكون صريحاً مع نفسك أولاً. إذا كنتَ تشعر بعدم جاهزيتك، أو خائفاً من الفشل، حاول تقييم ما إذا كان الرفض ناتجاً عن قلة الثقة، أم لأنك فعلاً غيرُ قادر على تحمُّل المسؤولية في الوقت الحالي. إذا كنتَ على استعداد للمخاطرة ولكن لديك شكوك، فكِّر في كيفية تقسيم المشروع إلى أجزاء أصغر، أو اطلب دعماً من الزملاء. من الأفضل أن تتعامل مع تحديات جديدة على أنها فرص للتطوُّر بدلاً عن الهروب منها؛ مما يعزز من مكانتك المهنية ويُسهم في بناء ثقتك بنفسك.
كيف أتعامل مع موقف اجتماعي أو اجتماع مع الزملاء لا أريد المشاركة فيه؟
عندما تواجه دعوة لحضور اجتماع أو حدثٍ اجتماعي تشعر بعدم الراحة تجاهه، من المهم أن تكون صادقاً ولكن محترماً. بدلاً عن اختلاق أعذار كاذبة، يمكنك ببساطة توضيح أسبابك. مثلاً، قد تقول: "شكراً على الدعوة، ولكنني مشغول بمشروعات أخرى في هذا الوقت". إذا كانت هناك تغييرات في علاقاتك مع الفريق أو بيئة العمل قد تؤثر على مشاركتك، فكِّر في توجيه المحادثة نحو تحسين تواصلك مع الزملاء بشكل أكثر احترافية. يمكنك أيضاً تحديد وقت مناسب للمشاركة مستقبلاً، إذا كنت تشعر بأنك بحاجة للمزيد من التحضير لمواجهة هذه المواقف.
تعرّف إلى الإجابة: كيف تتوقف عن مقارنة نفسك بالآخرين؟ أكثر من 10 إستراتيجيات بسيطة