هل تساءلتِ يوماً عن رحلة تأخذكِ بعيداً عن ضجيج الحياة اليومية، إلى عالم يدمج بين عبق التاريخ وروعة الثقافةة؟ هل ترغبين في اكتشاف مدينة تجمع بين الحضارة العريقة والطبيعة الخلابة وتمنحكِ فرصة للتنقل بين معالم أثرية تحكي قصص آلاف السنين؟ هل تودين أن تكوني جزءاً من تجربة سياحية تأخذكِ عبر الزمن؛ لتعيشي أجواء الإمبراطورية الرومانية وسط الشرق الأوسط؟ وإذا كنتِ من محبات الفنون والمهرجانات، هل حلمتِ بحضور مهرجان يجمع بين الموسيقى والغناء والرقص والفلكلور في أجواء مفتوحة تحيط بها الأعمدة الرومانية الأثرية؟ إذا كانت إجابتكِ بنعم، فإن مدينة جرش في الأردن تنتظركِ لتأخذكِ في رحلة لا تُنسى.
جرش ليست مجرد موقع أثري عادي، بل هي واحدة من أقدم المدن المأهولة في العالم، ذات تاريخ يمتد لأكثر من 6500 عام، حيث تتداخل الثقافات الشرقية والغربية في سيمفونية حضارية ساحرة. هل ترغبين في أن تكتشفي بنفسكِ كيف يمكن لمدينة رومانية قديمة أن تحتفظ بسحرها وأناقتها عبر العصور، مع شوارع مرصوفة، مسارح ضخمة، معابد شاهقة، وأسواق نابضة بالحياة؟ كيف سيكون شعوركِ وأنتِ تتجولين في أزقة وأروقة تحمل بصمات حضارات متعددة؟ إضافة إلى الجمال الأثري، هل ترغبين في أن تعيشي تجربة ثقافية غنية من خلال مهرجان جرش للثقافة والفنون، الذي يجمع بين عروض موسيقية، ورقصات فولكلورية، ومسرحيات تجمع بين الشرق والغرب؟ وهل تخططين لاستكشاف الحرف اليدوية التي يصنعها الحرفيون المهرة أمام عينيكِ مباشرةً؟ في هذه الرحلة، سنصحبكِ لاكتشاف أسرار وأجمل معالم مدينة جرش، ونعرفكِ إلى النصائح التي ستجعل زيارتكِ مميزة ومريحة، فتستمتعين بكل لحظة في هذه المدينة التي تجمع بين التاريخ والحاضر. هل أنتِ مستعدة لبدء هذه المغامرة؟
مدينة جرش الأثرية

تأتي مدينة جرش القديمة في المرتبة الثانية بعد البتراء ضمن قائمة الوجهات المفضلة في الأردن، حيث تتميز بسلسلة متواصلة من السكن البشري تمتد لأكثر من 6,500 سنة. تقع جرش على سهل تحيط به مناطق تلالية مشجّرة وأحواض خصبة. وقد تم غزوها من قبل القائد الروماني بومبيوس عام 63 قبل الميلاد، فأصبحت تحت الحكم الروماني، وكانت واحدة من عشر مدن رومانية كبرى ضمن حلف الديكابولس. شهدت المدينة عصرها الذهبي خلال الحكم الروماني، وكانت تُعرف حينها باسم جراسا Gerasa، ويُعترف بها اليوم على نطاق واسع بأنها واحدة من أفضل المدن الإقليمية الرومانية المحفوظة في العالم.
الوصول إلى جرش
يمكنكِ الوصول إلى جرش بسهولة من عمّان، سواء بسيارة أجرة خاصة أو عبر الحافلات السياحية المنظمة، حيث تبعد نحو ساعة فقط. ينصح بالتخطيط المسبق للزيارة والتأكد من أوقات عمل المواقع الأثرية والمراكز السياحية للاستفادة القصوى من رحلتكِ.
مركز زوّار جرش
تأسس مركز زوّار جرش في أوائل السبعينيات، على مساحة تبلغ 1000 متر مربع. وقد تم تأهيله في عام 2015 بالتعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID، ويقدّم معلومات وإرشادات حول المواقع التاريخية في جرش.
متحف جرش الأثري
لا تفوتي زيارة متحف جرش الأثري الذي يقع داخل إحدى قاعات معبد أرتميس. المتحف يعرض كنوزاً وآثاراً تعود إلى فترات متعددة من التاريخ، بدءاً من العصر الحجري الحديث وحتى فترة المماليك. هناك، يمكنكِ متابعة تطور الحياة والثقافة في المنطقة من خلال معروضات منظمة بعناية، توضح لكِ تاريخ جرش من زوايا متعددة بطريقة تسهل فهمها والاستمتاع بها.
المسرح الجنوبي

بُني المسرح الجنوبي خلال عهد الإمبراطور دوميتيان، بين عامي 90 و92 ميلادياً، ويتّسع لأكثر من 3,000 متفرّج. تم إعادة بناء المستوى الأول من خشبة المسرح المزخرفة، والتي كانت في الأصل مكوّنة من طابقين، ولا يزال المسرح يُستخدم حتى اليوم للعروض والفعاليات. يتميّز المسرح بصوتيات مذهلة، حيث يمكن لأي متحدث يقف في منتصف ساحة الأوركسترا أن يُسمع بوضوح في جميع أنحاء المدرج من دون الحاجة لرفع صوته. يؤدي ممران مقنطران إلى الأوركسترا، في حين توفّر أربعة ممرات خلفية الوصول إلى الصفوف العليا من المقاعد. لا تزال بعض المقاعد تحمل حروفاً يونانية كانت تُستخدم لتحديد الأماكن المحجوزة، ويمكن رؤيتها حتى اليوم.
المسرح الشمالي
بُني المسرح الشمالي في عام 165 ميلادياً. ويقع أمامه ساحة محاطة بالأعمدة، تؤدي إليها سُلّم حجري يُوصِل إلى مدخل المسرح. في بدايته، كان المسرح يحتوي على 14 صفاً فقط من المقاعد، وكان يُستخدم للعروض الفنية واجتماعات مجلس المدينة وغيرها من الفعاليات. وفي عام 235 ميلادياً، تم توسيع المسرح ليضاعف حجمه ويصل إلى سعته الحالية البالغة نحو 1,600 مقعد. بحلول القرن الخامس الميلادي، توقف استخدام المسرح، وتم تفكيك العديد من حجارته واستخدامها في مبانٍ أخرى.
نافورة النمفاويوم
في قلب المدينة، تقع نافورة النمفاويوم التي تعود للقرن الثاني الميلادي، وهي تحفة فنية مزينة برؤوس الأسود المنحوتة وتُظهر فن العمارة الرومانية في أبهى صوره. المياه تتدفق بهدوء بين الأحواض الصغيرة، ما يضفي أجواء منعشة في حرارة الصيف الأردني، مما يجعلها مكاناً رائعاً للاستراحة والتقاط الصور.
الهيبودروم

كانت هذه الساحة الضخمة بطول 245 متراً وعرض 52 متراً، وتتسع لنحو 15,000 متفرج؛ لمشاهدة سباقات العربات الرياضية وغيرها من الفعاليات. التاريخ الدقيق لبنائه غير واضح، ولكن يُقدّر أنه بُني بين منتصف القرن الثاني ومنتصف القرن الثالث الميلادي. يمكن اليوم استعادة أجواء تلك الأيام التي كان يظهر فيها المصارعون وسائقو العربات أمام الجماهير؛ من خلال إعادة تمثيل منتظمة تنفذها فرقة الجيش الروماني، وتجربة العربات RACE.
الشارع المعمد

لا يزال هذا الشارع مرصوفاً بالحجارة الأصلية، وتُرى عليه بوضوح آثار عجلات العربات التي حفرت أخاديدها في الأرض. يبلغ طوله 800 متر، وكان يُعد العمود الفقري المعماري والنقطة المحورية لمدينة جرش. كما كان يمتد تحته نظام صرف صحي تحت الأرض على طول الشارع، وتوجد على الجانبين فتحات منتظمة لتصريف مياه الأمطار إلى شبكة المجاري.
احتفالات ومهرجانات جرش
إذا خططتِ لزيارة جرش في نهاية يوليو أو بداية أغسطس، ستكونين محظوظة بحضور مهرجان جرش للثقافة والفنون. هذا الحدث السنوي الكبير يقدم عروضاً موسيقية وغنائية، فرَق فولكلورية، قراءات شعرية، عروض باليه ومسرحيات شكسبير، كل ذلك في أجواء مسرحية فريدة بين أعمدة المدينة وساحاتها المفتوحة. إضافة لذلك، يعرض الحرفيون مهاراتهم في صناعة السجاد والمجوهرات والتطريز، مما يتيح لكِ فرصة لاقتناء هدايا مميزة.
نصائح للسيدات المسافرات إلى جرش
قبل أن تبدئي جولتك في مدينة جرش العريقة، هناك بعض النصائح البسيطة التي يمكن أن تجعل رحلتك أكثر راحة ومتعة.
- ارتدي ملابس مريحة ومناسبة للمشي، خاصة مع أرضية الحجارة القديمة.
- احملي معكِ قبعة ونظارات شمسية وزجاجة ماء؛ للحفاظ على نشاطك طوال الجولة.
- لا تترددي في التوقف للتسوق من الحرف اليدوية الأصيلة كهدايا تذكارية.
- استمتعي بالتقاط الصور في المواقع الأثرية، فكل زاوية تحكي قصة تاريخية.
- إذا كنتِ تزورين في فترة المهرجان، احجزي تذاكرك مسبقاً؛ لتضمني حضور العروض المميزة.