بيوت العنَاكِب

شهرزاد


هناك علاقات هَشّة ووهنة كأنها بيوت العنَاكِب، نرْسم على جدرانها خارِطة أحلامنا، ونخْفي في زواياها الكثير من أَسْرارِ أعمارنا، ونغمض أعيننا تحت أسْقُفها بأمان ظناً منا أنها سُفن الَنجاة التي سنلجأ إليها حين تشْتد أمواج الحياة حولنا، أو أنها أراضٍ صلبة سنحتمي فيها حين نتعرض لهزيمة نفسيّة تدفعنا للبحث عن مساحة أمان تؤوي أرواحنا الخائِفة
لكننا نكتشف مدى هشاشتها حين نبدأ بالاسْتِناد عليها في لحظات ضعفنا، أو حين نمد لها أيادينا في لحظة السُقوط كي نتمسّك بها، ونسْتمد منها قوة تساعدنا على النهوض مرة أخرى، لكننا كلما تمسَّكنا بها عاودنا السقوط مَرّات عديدة..
فنكْتشف عندها اتساع مساحات الوهن فيها، وندرك كم أضعنا من سنوات ومن أحلام ثِمينة في عَلاقات شبيهة ببيوت العَناكِب..
فعلاقات العنَاكِب تبدو واضحة جداً في المواقف الكبرى، وتتضح ملامحها في الشِدّةِ أكثر منها في الِرخاءِ..


فهي تلك العلاقات التي لاتحمي من شيْءٍ، ولاتصمد أمام شيء، فكل العوائِق التي تعترض طريقها تُنهيها، وكل الرياح التي تمرُّ بها تحولها إلى رُكام، وكل الأمْواج التي تَعْلو عليها تغرقها بسُهولةٍ..
فهل عشت يوماً عَلاقة شبيهة ببيوت العَناكِب؟
وبحثت عنها عند الغرق فلم تصْمد خيوطها في يدك طويلاً؟ وتألَّمت بشِدّةٍ لاكْتشافك حجم الوهم في يدك؟ واسْتسلمت للغرق في الوقت الذي كنت تنتظر فيه أن تتحوَّل تلك العلاقة إلى سفينة نَجاة، تنتشلك من الغرق، ومن فم الخِذْلان، لكنك كنت وحيداً جداً؟


فإن كنت قد تعرّضت لهذا الشعور في علاقةٍ ما، فلا تكْمل دورك فيها، ولا تمارس البطولة في حكاية لا تفتح لك أبوابها عند اللُجوءِ إليها، ولا تتمسك في عَلاقةٍ خيوطها لا تنْسج لروحك أثواب الأمان عند اشْتداد بردك الداخلي.
وغادر بلا تردُّد كل عَلاقة لاتؤدي في حياتك دور الوطن الحقيقي..
فالحكاية التي لا تدافع عنك.. لن تحميك!

قبل النهاية بقليل:
لا تخْفِ أحلامك في بيوت العنَاكِب، كي لا تفْقدها عند اشْتداد عواصف الحياة..